أحزاب اليوم والأمس.
عاصم بن محمد الغامدي
1438/02/10 - 2016/11/10 21:19PM
[align=justify]أحزاب اليوم والأمس.
الخطبة الأولى:
الحمد لله قاهر المتجبر ومذلِّه، ورافع المتواضع ومجلِّه، لا يعزب عن سمعه وقع القطر في أضعف طَلِّه، ولا يغيب عن بصره في الدجى دبيب نملِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة معترف بفضله، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه، صلى الله وسلم عليه وعلى صحبه وأهله، ومن تمسك إلى يوم الدين بحبلِه، أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فخير الزاد التقوى، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
يا من تُكْتب لَحَظاتُه، وتُجْمَعُ لفَظاتُه، وتُعلَمُ عَزَمَاتُه، وتُحْسَبُ عليه حركاتُه، إن راحَ أو غَدَا {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً}.
كأنك ببساطِ العمرِ قد انطوى، وَبِعودِ الصحةِ قَدْ ذَوى، وبسلك الإمهالِ قد قُطِعَ فَهَوَى، اسمع يا من قَتَلهُ الهوى وَمَا وَدَى {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً}.
عباد الله:
في السنةِ الخامسةِ من الهجرةِ، انطلق وفدٌ من ساداتِ يهودَ، إلى كفارِ قريشٍ بمكة، يحرضونهم على غزو المدينة، وقتالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، ويَعِدُونَهمْ بالنَّصْرِ والمعونة.
وبعد نجاحهم مع قريشٍ، توجهوا لغَطَفَانَ، ثم لغيرها من قبائل العرب، واستطاعوا تأليب عدد كبير منهم على المسلمين، الذين لم يكن لهم قوةٌ وقتَها في غيرِ المدينة.
وكان الموقف رهيبًا، الأحزاب بِعُدَّتِهمْ وَعَتَادِهمْ قَادِمُون، والمنافِقُونَ بين الصحابةِ مُخَذِّلُونَ مُتَخَاذِلون، ويهودُ من حولِ المدينة مُتَرَبِّصُون.
وعَقدَ النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم اجتماعًا عاجلاً، كان من أهم نتائجِه حفرُ الخندقِ شَمال المدينَةِ.
خندقٌ طولُه بأطوالِ عصْرِنَا خمسة كيلو مترات ونصف، وعرضُه أربعة أمتار، وعمقُه ثلاثة أمتار، حفره المسلمون في وقتٍ وجيز، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم -بنفسي هو وأبي وأمي-، يشارك في الحفر، ونقلِ التراب، ويشجَّع أصحابه، ويرتجز تخفيفًا عليهم، «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ». [رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري].
وقابلَتْ أصحابَه صخرةٌ كؤود، فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم، فقام وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَوَضَعَ رِدَاءَهُ نَاحِيَةَ الْخَنْدَقِ وَقَالَ: «{تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}». وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَبَرَقَ بَرْقَةً، وَنَدَرَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَائِمٌ يَنْظُرُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ وَقَالَ: «{تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}». فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ رَآهَا سَلْمَانُ وَنَدَرَ الثُّلُثُ الآخَرُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ وَقَال:َ «{تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}». فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَجَلَسَ. فَأتَاهُ سَلْمَانُ وقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ، مَا تَضْرِبُ ضَرْبَةً إِلاَّ كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ.
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا سَلْمَانُ رَأَيْتَ ذَلِكَ». فَقَالَ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الأُولَى، رُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَا حَوْلَهَا، وَمَدَائِنُ كَثِيرَةٌ حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ، ثُمَّ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الثَّانِيَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ قَيْصَرَ وَمَا حَوْلَهَا، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ». فَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلاَدَهُمْ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ، وقال: «ثُمَّ ضَرَبْتُ الثَّالِثَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ الْحَبَشَةِ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ». ثُمَّ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ». [رواه النسائي، وحسنه الألباني].
ولما وصل الأحزابُ كانت مفاجأتُهم كبيرةً، فليس للعرب بمثل هذا الخندقِ عهدٌ.
أما المؤمنون فقد {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.
وبقي المشركون عدة أيام، وهم يحاولون محاولة بليغة لاقتحام الخندق، أو لردم جزء منه، والسير عليه، ولكن المسلمين كافحوا مكافحة مجيدة، ورشقوهم بالنبال، وناضلوهم أشد النضال، ولأجل ذلك فاتتهم بعضُ الصلوات، ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه: أنَّ عُمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه جاءَ يومَ الخندقِ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا صَلَّيْتُ العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ» قَالَ: فَنَزَلَ إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ بَعْدَهَا، ثم دعا عليهم قائلاً: «مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ».
وفي هذه المعمعة، غدرت يهودُ بني قريظة، وقد كان أحرجَ موقفٍ يقفُه المسلمون، فبنو قريظةَ خلفَهُم، ولا شيء يمنعهم من ضرب المسلمين في ظهورِهم، وجيشُ الأحزاب العرمرمِ أمامَهم، لا يستطيعون الانصراف عنه، وأطفالُهم ونساؤهم بمقربةٍ من هؤلاء الغادرين في حصن لا حراسة عليه، حتى قال بعض المنافقين: كان محمدٌ يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدُنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.
ويصور الله تعالى هذا الموقف الرهيب فيقول جل جلاله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا (12)}.
أيها المسلمون:
في هذا الكربِ العظيمِ، اتخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأسبابَ، فكان يبعث الحرسَ إلى الحصن الذي فيه الأطفالُ والنساءُ؛ لئلا يُؤتَوا على غِرَّةٍ، والتجأ إلى ربه قائلاً: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». [رواه البخاري ومسلم].
ولم يخذل الله تعالى نبيه وعباده، وله الحمد والمنة، فهيأ لهم من أسباب النصر ما لم يخطر بذهن أحد، فخالف بين قلوب المشركين، بمكيدة عملها نُعَيْمُ بنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، ثم أرسل سبحانه عليهم ريحًا قوضَّت خيامهم، ولم تدع لهم قِدْرًا إلا كَفَأَتْهَا، ولا طُنُبًا إلا قلعته، وأرسل جندًا من الملائكة يُزلزلونهم، ويُلقونَ الرُّعبَ والخوفَ في قلوبِهم، فلما ولَّوا مدبرين، قال عليه الصلاة والسلام: «الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ». [رواه البخاري].
عباد الله:
ما أشبه أحزاب اليوم بأحزاب الأمس، فاليهودُ هم اليهود، في تأليبهم ونكثهم وعدوانهم، والمشركون لا زالوا يهاجمون المسلمين، ولا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة، والمنافقون مرجفون مثبطون، يحسبون كل صيحة عليهم.
وفي كل بلد للمسلمين حرب ضروس، بعضها بالأسلحة والتروس، وأخرى بأفكار الرؤوس، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
ومن أهم دروس هذه الغزوة العظيمة، أن يقتدي المسلمون بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن الظن بالله، فرغم شدة الكرب، وعِظم البلاء، لم تهتزَّ ثقتهم بالله تبارك وتعالى، بل كانوا واثقين بنصره، مستيقنين أن الغلبة والفلاح لهم، حتى طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لهم بفتح بلاد الفرس والروم.
والله سبحانه يُمَحِّصُ عباده، ويبتليهم بما يشاءُ من السَّرَّاءِ والضَّرَّاء، ومن ظن أنه خاذلٌ دينَه وأهلَه، فقد أساء به الظن، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي". [رواه مسلم]. والمعنى: أُعَامِلُهُ عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِ بِي، وَأَفْعَلُ بِهِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنِّي مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. [تحفة الأحوذي].
وكم لله من لطف خَفِيِّ *** يدِقُّ خفَاهُ عن فهْمِ الذكيِّ
وكم يُسرٍ أتى من بعدِ عُسْرٍ *** ففرّجَ كربةَ القلبِ الشجيِّ
وكم أمرٍ تُساءُ بهِ صباحًا *** وتأتيكَ المسرَّةُ في العشيِّ
إذا ضاقت بكَ الأحوالُ يومًا *** فثق بالواحِدِ الصَّمد العليِّ
ولا تجزع إذا ما نابَ خطبٌ *** فكم لله من لطفٍ خفيِّ
ومن الدروس: أهمية الأخذ بالأسباب المادية، مع صدق اللجوء إلى الله تعالى، فلو لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم عيون تخبره بتحركات الكفار، لما شعر المسلمون إلا وهم على أبواب المدينة، والحذر الحذر من حيل الشيطان وأعوانه، فهم حريصون على عزل المسلمين عن إيمانهم، حتى يركنوا إلى عدتهم وعتادهم، ولا يتعلَّقوا بربِّهم.
ومن الدروس: التنبه لإرجاف المنافقين، الذين ما فتئوا يعظمون قدر الأحزاب في القلوب، ويسعون لتشكيك المسلمين في صدق وعدِ علام الغيوب، {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
فاحذَروا سبيلَ أهل العقول التائِهَة الحائِرَة الغافِلَة، وتشبَّهوا بأصحابِ العقول التامَّة الزكيَّة، التي تُدرِكُ الأشياءَ بحقائِقِها على جلِيَّاتها، فتأتي محاسِنَها، وتجتنِبُ مساوِئَها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، بالهدى ودين الحق أرسلَه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
عباد الله، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم صلُّوا وسلِّموا على الهادي البشير، والسراج المنير، فمن صلى عليه صلاة، صلى الله عليه بها عشرًا، فاللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والآل، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وجُودِك وإحسانِك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين يا رب العالمين.
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعزَّها واستِقرارَها، ووفِّق قادتَها لما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المُسلمين، اللهم من أرادنا وديننا وأمننا واستقرارنا والمسلمين بسوء فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، جدها وهزلها، علانيتها وسرها.
اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وبلادنا بالأمطار، يا رب العالمين.
اللهم انصر عبادك المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم ثبت أقدامهم، وسدد سهامهم، واجمع على الحق كلمتهم.
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في بلاد الشام، وفي العراق، وفي اليمن وبورما، وفي كل مكان، اللهم انصرهم على القوم الظالمين، وعجل لهم بالفرج يا رب العالمين.
[/align]
الخطبة الأولى:
الحمد لله قاهر المتجبر ومذلِّه، ورافع المتواضع ومجلِّه، لا يعزب عن سمعه وقع القطر في أضعف طَلِّه، ولا يغيب عن بصره في الدجى دبيب نملِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة معترف بفضله، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه، صلى الله وسلم عليه وعلى صحبه وأهله، ومن تمسك إلى يوم الدين بحبلِه، أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فخير الزاد التقوى، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
يا من تُكْتب لَحَظاتُه، وتُجْمَعُ لفَظاتُه، وتُعلَمُ عَزَمَاتُه، وتُحْسَبُ عليه حركاتُه، إن راحَ أو غَدَا {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً}.
كأنك ببساطِ العمرِ قد انطوى، وَبِعودِ الصحةِ قَدْ ذَوى، وبسلك الإمهالِ قد قُطِعَ فَهَوَى، اسمع يا من قَتَلهُ الهوى وَمَا وَدَى {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً}.
عباد الله:
في السنةِ الخامسةِ من الهجرةِ، انطلق وفدٌ من ساداتِ يهودَ، إلى كفارِ قريشٍ بمكة، يحرضونهم على غزو المدينة، وقتالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، ويَعِدُونَهمْ بالنَّصْرِ والمعونة.
وبعد نجاحهم مع قريشٍ، توجهوا لغَطَفَانَ، ثم لغيرها من قبائل العرب، واستطاعوا تأليب عدد كبير منهم على المسلمين، الذين لم يكن لهم قوةٌ وقتَها في غيرِ المدينة.
وكان الموقف رهيبًا، الأحزاب بِعُدَّتِهمْ وَعَتَادِهمْ قَادِمُون، والمنافِقُونَ بين الصحابةِ مُخَذِّلُونَ مُتَخَاذِلون، ويهودُ من حولِ المدينة مُتَرَبِّصُون.
وعَقدَ النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم اجتماعًا عاجلاً، كان من أهم نتائجِه حفرُ الخندقِ شَمال المدينَةِ.
خندقٌ طولُه بأطوالِ عصْرِنَا خمسة كيلو مترات ونصف، وعرضُه أربعة أمتار، وعمقُه ثلاثة أمتار، حفره المسلمون في وقتٍ وجيز، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم -بنفسي هو وأبي وأمي-، يشارك في الحفر، ونقلِ التراب، ويشجَّع أصحابه، ويرتجز تخفيفًا عليهم، «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ». [رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري].
وقابلَتْ أصحابَه صخرةٌ كؤود، فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم، فقام وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَوَضَعَ رِدَاءَهُ نَاحِيَةَ الْخَنْدَقِ وَقَالَ: «{تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}». وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَبَرَقَ بَرْقَةً، وَنَدَرَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَائِمٌ يَنْظُرُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ وَقَالَ: «{تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}». فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ رَآهَا سَلْمَانُ وَنَدَرَ الثُّلُثُ الآخَرُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ وَقَال:َ «{تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}». فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَجَلَسَ. فَأتَاهُ سَلْمَانُ وقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ، مَا تَضْرِبُ ضَرْبَةً إِلاَّ كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ.
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا سَلْمَانُ رَأَيْتَ ذَلِكَ». فَقَالَ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الأُولَى، رُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَا حَوْلَهَا، وَمَدَائِنُ كَثِيرَةٌ حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ، ثُمَّ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الثَّانِيَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ قَيْصَرَ وَمَا حَوْلَهَا، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ». فَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلاَدَهُمْ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ، وقال: «ثُمَّ ضَرَبْتُ الثَّالِثَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ الْحَبَشَةِ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ». ثُمَّ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ». [رواه النسائي، وحسنه الألباني].
ولما وصل الأحزابُ كانت مفاجأتُهم كبيرةً، فليس للعرب بمثل هذا الخندقِ عهدٌ.
أما المؤمنون فقد {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.
وبقي المشركون عدة أيام، وهم يحاولون محاولة بليغة لاقتحام الخندق، أو لردم جزء منه، والسير عليه، ولكن المسلمين كافحوا مكافحة مجيدة، ورشقوهم بالنبال، وناضلوهم أشد النضال، ولأجل ذلك فاتتهم بعضُ الصلوات، ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه: أنَّ عُمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه جاءَ يومَ الخندقِ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا صَلَّيْتُ العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ» قَالَ: فَنَزَلَ إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ بَعْدَهَا، ثم دعا عليهم قائلاً: «مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ».
وفي هذه المعمعة، غدرت يهودُ بني قريظة، وقد كان أحرجَ موقفٍ يقفُه المسلمون، فبنو قريظةَ خلفَهُم، ولا شيء يمنعهم من ضرب المسلمين في ظهورِهم، وجيشُ الأحزاب العرمرمِ أمامَهم، لا يستطيعون الانصراف عنه، وأطفالُهم ونساؤهم بمقربةٍ من هؤلاء الغادرين في حصن لا حراسة عليه، حتى قال بعض المنافقين: كان محمدٌ يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدُنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.
ويصور الله تعالى هذا الموقف الرهيب فيقول جل جلاله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا (12)}.
أيها المسلمون:
في هذا الكربِ العظيمِ، اتخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأسبابَ، فكان يبعث الحرسَ إلى الحصن الذي فيه الأطفالُ والنساءُ؛ لئلا يُؤتَوا على غِرَّةٍ، والتجأ إلى ربه قائلاً: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». [رواه البخاري ومسلم].
ولم يخذل الله تعالى نبيه وعباده، وله الحمد والمنة، فهيأ لهم من أسباب النصر ما لم يخطر بذهن أحد، فخالف بين قلوب المشركين، بمكيدة عملها نُعَيْمُ بنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، ثم أرسل سبحانه عليهم ريحًا قوضَّت خيامهم، ولم تدع لهم قِدْرًا إلا كَفَأَتْهَا، ولا طُنُبًا إلا قلعته، وأرسل جندًا من الملائكة يُزلزلونهم، ويُلقونَ الرُّعبَ والخوفَ في قلوبِهم، فلما ولَّوا مدبرين، قال عليه الصلاة والسلام: «الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ». [رواه البخاري].
عباد الله:
ما أشبه أحزاب اليوم بأحزاب الأمس، فاليهودُ هم اليهود، في تأليبهم ونكثهم وعدوانهم، والمشركون لا زالوا يهاجمون المسلمين، ولا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة، والمنافقون مرجفون مثبطون، يحسبون كل صيحة عليهم.
وفي كل بلد للمسلمين حرب ضروس، بعضها بالأسلحة والتروس، وأخرى بأفكار الرؤوس، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
ومن أهم دروس هذه الغزوة العظيمة، أن يقتدي المسلمون بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن الظن بالله، فرغم شدة الكرب، وعِظم البلاء، لم تهتزَّ ثقتهم بالله تبارك وتعالى، بل كانوا واثقين بنصره، مستيقنين أن الغلبة والفلاح لهم، حتى طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لهم بفتح بلاد الفرس والروم.
والله سبحانه يُمَحِّصُ عباده، ويبتليهم بما يشاءُ من السَّرَّاءِ والضَّرَّاء، ومن ظن أنه خاذلٌ دينَه وأهلَه، فقد أساء به الظن، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي". [رواه مسلم]. والمعنى: أُعَامِلُهُ عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِ بِي، وَأَفْعَلُ بِهِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنِّي مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. [تحفة الأحوذي].
وكم لله من لطف خَفِيِّ *** يدِقُّ خفَاهُ عن فهْمِ الذكيِّ
وكم يُسرٍ أتى من بعدِ عُسْرٍ *** ففرّجَ كربةَ القلبِ الشجيِّ
وكم أمرٍ تُساءُ بهِ صباحًا *** وتأتيكَ المسرَّةُ في العشيِّ
إذا ضاقت بكَ الأحوالُ يومًا *** فثق بالواحِدِ الصَّمد العليِّ
ولا تجزع إذا ما نابَ خطبٌ *** فكم لله من لطفٍ خفيِّ
ومن الدروس: أهمية الأخذ بالأسباب المادية، مع صدق اللجوء إلى الله تعالى، فلو لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم عيون تخبره بتحركات الكفار، لما شعر المسلمون إلا وهم على أبواب المدينة، والحذر الحذر من حيل الشيطان وأعوانه، فهم حريصون على عزل المسلمين عن إيمانهم، حتى يركنوا إلى عدتهم وعتادهم، ولا يتعلَّقوا بربِّهم.
ومن الدروس: التنبه لإرجاف المنافقين، الذين ما فتئوا يعظمون قدر الأحزاب في القلوب، ويسعون لتشكيك المسلمين في صدق وعدِ علام الغيوب، {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
فاحذَروا سبيلَ أهل العقول التائِهَة الحائِرَة الغافِلَة، وتشبَّهوا بأصحابِ العقول التامَّة الزكيَّة، التي تُدرِكُ الأشياءَ بحقائِقِها على جلِيَّاتها، فتأتي محاسِنَها، وتجتنِبُ مساوِئَها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، بالهدى ودين الحق أرسلَه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
عباد الله، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم صلُّوا وسلِّموا على الهادي البشير، والسراج المنير، فمن صلى عليه صلاة، صلى الله عليه بها عشرًا، فاللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والآل، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وجُودِك وإحسانِك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين يا رب العالمين.
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعزَّها واستِقرارَها، ووفِّق قادتَها لما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المُسلمين، اللهم من أرادنا وديننا وأمننا واستقرارنا والمسلمين بسوء فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، جدها وهزلها، علانيتها وسرها.
اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وبلادنا بالأمطار، يا رب العالمين.
اللهم انصر عبادك المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم ثبت أقدامهم، وسدد سهامهم، واجمع على الحق كلمتهم.
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في بلاد الشام، وفي العراق، وفي اليمن وبورما، وفي كل مكان، اللهم انصرهم على القوم الظالمين، وعجل لهم بالفرج يا رب العالمين.
[/align]