أجمل الأخلاق

أجمل الأخلاق! 
خطبة جمعة. 
***** الخطبة الأولى *****
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْأَخْلَاقَ مِنَ الدِّينِ، وَأَعْلَى بِهَا شَأْنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ بِمَكَارِمِهَا أَقْوَامًا فَكَانُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْخُلُقِ الْقَوِيمِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
 
أَمَّا بَعْدُ:
 
فَأُوصِيكُمْ - أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ - بِأَعْظَمِ الْوَصَايَا، وَهِيَ تَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، فَلَا فَلَاحَ وَلَا صَلَاحَ لِلنَّاسِ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
 
أيها المسلمون: إن الناس متنوعون في تزودهم من مكارم الأخلاق، فهذا متميز في الكرم، وذاك في الحلم، وآخر في الشجاعة أو الوفاء، وكلها أخلاق يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا أن أرسخ أخلاق الإسلام، وأرجاها في القرب من الإيمان خلق عظيم إذا تحلى العبد به أحبه الناس؛ وأصبح مقبولا بينهم؛ وإذا تركه بغضه الله قبل أن يبغضه الناس، 
هل عرفتم ذلك الخلق العظيم؟ 
إنه خُلق الحياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن لكل دين خَلقا، وخُلُق الإسلام الحياء» والحياء من خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها.
وقد حثنا الإسلام على التزام الحياء في نصوص متعددة، وبأساليب متنوعة، ومن ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الحياء شعبة من الإيمان، فقال :« الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
وقال الشاعر:
فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ 
ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ 
إذا لم تخشَ عاقبة َ الليالي 
ولمْ تستَحْي فافعَلْ ما تَشاءُ.
 
قال ابن حجر: (الحَياء خُلُقٌ يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحقِّ)
وأما يجتنبه المرء من الخير خوفا من ردة فعل الناس كمن يستحي من سؤال معلمه رغم أنه لم يفهم؛ أو يجتنب إلقاء كلمة طيبة أو إرسال رسالة مفيدة خجلا من الناس؛ فهذا ليس من الحياء بل هو خجل مذموم. 
أما الحياء فهوا طريق المرء إلى الطاعات وسبب لجني الخيرات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الحياء لا يأتى إلا بخير». ومن تحلى بالحياء ارتقى في الإيمان وزاد في الإحسان، وسلك طرق الجنان، ومن تخلى عن الحياء فقد أساء وظلم، وناله الخسران والندم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء فى النار».
لأن كلا منهما يدعو إلى الخير، ويصرف الشر ويبعده، فالإيمان يحث المؤمن على فعل الطاعات، والحياء يمنع صاحبه من المعاصي والزلات ، قال صلى الله عليه وسلم :« الحياءُ والإيمانُ قرناءُ جميعًا فإذا رُفِع أحدُهما رُفِع الآخرُ»
 
عباد الله: وأفضل الحياء ما كان من الله تعالى، فإن الله عز وجل حيي يحب أهل الحياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله عز وجل حيى ستير، يحب الحياء والستر»
ويتحقق الحياء من الله تعالى بحفظ الجوارح عما نهى عنه خاصة في الخلوات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء".
ومن لم يكن له حياء يحجزه عن محارم الله تعالى سهل عليه الوقوع في المعصية، قال النبى صلى الله عليه وسلم :« إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت».
فالحياء حصانة للمسلمة، وحصن للمسلم من المعاصي، فمن استحيا من الله عز وجل غض بصره، وحفظ جوارحه، وعف لسانه، وطهر قلبه، وارتقت أخلاقه، وسما تعامله مع الناس.
فاللهم ارزقنا التقوى، وجملنا بالحياء، ووفقنا جميعا لطاعتك، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
***** الخطبة الثانية *****
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن الحياء من أجمع شعب الإيمان، فإذا تحلى الإنسان بالحياء من الله تعالى الذي يراه ويسمعه ويعلم ما يكنه حرص على فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات، وإذا استحيا من الناس لم يواجههم بما يكرهون، وإذا استحيا من نفسه حاسبها على ما يصدر منها من الأقوال والأفعال، فإن فعل ذلك فهو نقي المعدن، زكي النفس، حي الضمير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ما كان الحياء في شيء إلا زانه، ولا كان الفحش في شيء إلا شانه»
عباد الله! 
ألا وإن من الحياء أن تستحي ممن لهم فضل عليك كوالديك.. 
فإذا هممت بتقصير في حقهما
فاستحي وتذكر أنهما سبب وجودك في الحياة بعد الله عز وجل..
استحي من والديك ببرهم والتذلل لهم.. 
واستحي من أرحامك بصلتهم
واستحي من أقاربك بالإحسان لهم 
واستحي من أصحابك بالوفاء لهم.. 
واستحي من وطنك بالمحافظة عليه وطاعة ولاة أمره. 
 
إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤهُ 
فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ
حياءَك زينة عليك فاحفظْهُ
فدليل فضلِ الكريمِ حياؤهُ
 
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالىإن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا» 
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم ارزقنا الحياء في كل حال، واهدنا لصالح الأخلاق والأعمال، واجعلنا من الذين يخشونك في السر والعلانية يا كبير يا متعال، يا علام الغيوب.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا يارب العالمين.
اللهم وفق خادم الحرمين وولي عهده لكل خير وسددهم يارب العالمين واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل شر وسوء. 
اللهم وصل وسلم وبارك على نبينا محمد وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات

1727869128_أجمل الأخلاق_241002_143531.pdf

المشاهدات 684 | التعليقات 0