أثر أكل الحلال في قبول الأعمال ليلة النصف من شعبان

الشيخ السيد مراد سلامة
1442/08/08 - 2021/03/21 19:17PM
أثر أكل الحلال في قبول الأعمال ليلة النصف من شعبان
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد: أيها الأحباب كل عام أنتم بخير فها هي مواسم الخيرات التي تتنزل فيها الرحمات و تقال فيها العثرات و ترفع فيها الأعمال اللي رب الأرض و السماوات  ،هلت علينا فوجد المحبون نسيمها و استبشر المشمرون لاستقبالها رجاء خيرها ....... نتكلم اليوم أيها الأحباب عن (أثر أكل الحلال في قبول الأعمال ليلة النصف من شعبان) فأعيروني القلوب والأسماع :
الأول فضائل ليلة النصف من شعبان
أيها الإخوة الأحباب: لقد ورد في ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة منها الصحيح ومنها الضعيف ولكنها في مجملها يدل على فضلها ومنزلتها عند الله تعالى نذكركم بطرف منها عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم. عن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خلقة إلا لِمُشْرِكٍ أو مُشَاحِنٍ» ([1]) عن أبي ثعلبة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه".([2])
الأثار الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان:
إخوة الإسلام: ولقد ودرت آثار عن أصحاب النبي المختار صلى الله عليه و سلم و عن التابعين الكرام تدل على فضلها نذكر منها : قال ابن عباس رضي الله عنهم: (في النصف من شعبان): (إنَّ الرجلَ ليمشي في الأسواق، وإن اسمه لفي الموتى). ([3])
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: (خمس ليال لا تردُّ فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتيِ العيدين). ([4])
وقال عطاء بن يسار رحمه الله: (تنسخ في النصف من شعبان الآجال، حتى أنَّ الرجلَ ليخرجُ مسافراً وقد نسخ من الأحياء إلى الأمواتِ، ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات). ([5])
وقال الشافعي رحمه الله: (بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلةَ جمعٍ، وليلةُ جمع هي ليلة العيد لأن في صبحها النحر... ثم قال (أي الشافعيّ): وأنا أستحبُّ كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا) ([6]).   
قال النوويُّ رحمه الله: (واستحبَّ الشافعيُّ والأصحابُ الإحياء المذكور مع أنَّ الحديث ضعيف لما سبق في أول الكتاب أن أحاديث الفضائل يتسامح فيها ويعمل على وفق ضعفيها). ([7])
  قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضلٌ، وكان في السلف من يصلي فيها، لكنَّ الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعةٌ، وكذلك الصلاة الألفية) ([8])   وقال: (وأما ليلةُ النصف من شعبان ففيها فضل، وكان من السلف من يصليها، لكنَّ اجتماع الناس فيها لإحيائها في المساجد بدعة والله أعلم) ([9]).
الخطبة الثانية  
ثالثا: أكل الحرام يمنع من قبول ورفع الأعمال:
إخوة الإسلام :اعلموا ان قبول الأعمال مرتبط بلقم الحلال فالله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قاَل رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّبًا، وإنَّ الله أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ به المُرْسَلينَ فقال تعالى: ﴿ يا أَيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيَّباتِ واعمَلُوا صالحًا ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: ﴿ يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُل يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْربُهُ حَرَامٌ، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأَنَّى يُسْتَجَابُ لهُ"؛ رَوَاهُ مُسْلمٌ.
كسب الحرام سبب من أسباب عدم قبول العمل. عن ابن عباس والذي نفس محمد بيده، إن الرجل ليَقْذفُ اللقمة الحرام في جَوْفه ما يُتَقبَّل منه أربعين يومًا، وأيّما عبد نبت لحمه من السُّحْت والربا فالنار أولى به" ([10]).
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " قتل نفر يوم خيبر فقالوا فلان شهيد حتى ذكروا رجلا فقالوا فلان شهيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا إني رأيته في النار في عباءة أو في بردة غلها، ثم قال لي يا بن الخطاب قم فناد في الناس انه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون فقمت فناديت في الناس" ([11]). قال أحدهم:
رأيتُ حَلالَ المالِ خيرَ مغَبةٍ     وأجدرَ أن يبقى على الحدَثَانِ
وإِياكَ والمالَ الحرامَ فإِنه      وبالٌ إِذا ما قدّم الكفنانِ
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالأوتار لم يقبل ذلك منكم إلا بورع حاجز
وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله ما أدرك من أدرك إلا من كان يعقل ما يدخل جوفه وقال الفضيل من عرف ما يدخل جوفه كتبه الله صديقا فانظر عند من تفطر يا مسكين. وقال يحيى بن معاذ الطاعة خزانة من خزائن الله إلا أن مفتاحها الدعاء وأسنانه لقم الحلال وقال ابن عباس رضي الله عنهما لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام ([12]) وقال عبد الله بن المبارك رضي الله عنه: «لئن أرد درهمًا من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بستمائة ألف».
ولقد حذر السلف الصالح من اكل الحرام
قال ابن المبارك: "لأنْ أرُدَّ دِرْهمًا من شُبْهَةٍ؛ أحبّ إليَّ من أن أتصدَّق بمائة ألفٍ". قال عمر رضي الله عنه: ((كنَّا نَدَعُ تسعةَ أعشار الحلال؛ مخافةَ الوقوع في الحرام)).  
قال سفيان الثوري: "مَنْ أنفق الحرام في الطاعة، فهو كمَنْ طهَّر الثوبَ بالبَوْل، والثوب لا يَطْهُر إلا بالماء، والذنب لا يكفِّره إلا الحلال". أيا من عاش في الدّنيا طويلا   وأفنى العمر في قيل وقالِ وأتعب نفسه فيما سيفنى     وجمعٍ من حرام أو حلال هب الدّنيا تقاد إليك عفوا     أليس مصير ذلك للزّوال وأكل الحرام يجرأ صاحبه على المعاصي والحرمات والموبقات، وهذا ثمرة فساد قلبه بأكل الحرام و
أشبه من يتوب على حرام     كبيض فاسد تحت الحمام
يطول عناؤه في غير شغل      وآخره يقوم بلا تمام
إذا كان المقام على حرام      فلا معنى لتطويل المقام
فلا بارك الله في مال أورث ذُلاً، وفي تجارة أعقبت همًّا وغمًّا.  

[1] -سنن ابن ماجه ج1/ص445، رقم: 1390، قال السندي: وفي الزوائد: إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، وتدليس الوليد بن مسلم، وقال الألباني (حسن ) انظر حديث رقم : 1819 في صحيح الجامع ..
[2] - صحيح الجامع حديث رقم (771)
[3] -مصنف عبد الرزاق: ج4/ص317.
[4] -مصنف عبد الرزاق: ج4/ص317.
[5] -مصنف عبد الرزاق: ج4/ص317.
[6] -الام: ج 1/ ص 364، معرفة السنن والآثار ج3/ص67.
[7] -المجموع: (5/43).
[8] -الفتاوى الكبرى: ج4/ص428
[9] -الفتاوى الكبرى: ج4/ص428
[10] -المعجم الأوسط للطبراني برقم (5026).
[11] -رواه ابن حبان في صحيحه 11/ ص 186 حديث رقم: 4849.
[12] -إحياء علوم الدين ومعه تخريج الحافظ العراقي (2/ 404).
المرفقات

1616354267_أثر أكل الحلال في قبول الأعمال ليلة النصف من شعبان.pdf

المشاهدات 1941 | التعليقات 0