أبشر بحافز ,, لكنه مات ! بقلم / ليلى الشهراني

أبشر بحافز ,, لكنه مات ! بقلم / ليلى الشهراني


قبل ما يقارب الـ 9 أشهر أصدر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله عدة قرارات كان من ضمنها صرف إعانة للعاطلين عن العمل لمدة سنة كاملة , وقد صرح وقتها الدكتور عادل الصالح نائب مدير صندوق تنمية الموارد البشرية لشؤون التدريب، فقال: "لا شك أن القرار سيصب في رفاهية ورخاء المواطن، ونطمح إلى أن يكون محفزا للشباب في تطوير أنفسهم ومهاراتهم في الحصول على الوظيفة التي تناسب قدراتهم وإمكاناتهم"، وأضاف قائلا: "الحقيقة لم تصلنا أي تفاصيل حول من هم الأفراد الذين سيشملهم القرار أو الذين يمكن أن يستفيدوا من الإعانة، كما لم تصلنا أي معلومات حول حجم الإعانة أو قيمتها" .
لم تكن وقتها محصورة في فئة عمرية معينة , وليس لها شروط تعجيزية بل كانت التوصية أن تدرس وزارة العمل القرار في مدة أقصاها 3 أشهر ومن ثم تحال للجنة الدائمة في المجلس الإقتصادي لدراستها في مدة أقصاها 4 أشهر والرفع بالتوصيات حيالها .


وبعد دراسة وبحث وجهد جهيد قررت وزارة العمل أن تطلق اسم حافز على المولود المنتظر , وفتحت موقعاً للعاطلين والعاطلات لتسجيل بياناتهم لكنها لم تحدد وقتها الفئة العمرية ولا من يشمله القرار , فأزدحم الموقع بأعداد كبيرة من الباحثين عن الإعانة , نساءً ورجالاً , شيباً وشباباً .


انتهت مرحلة التسجيل وأعقبتها مرحلة رسائل الجوال التي يتم إرسالها على هواتف المسجلين في هذا البرنامج لتحثهم على إكمال تسجيل بيانتهم , مما أعطاهم بارقة أمل .
بعد أن أكملوها بدأت شروط وزارة العمل التعجيزية تظهر شيئاً فشيئاً .
كان أولها أن يكون للمسجلين حسابات بنكية باسمائهم وإلا لن يستفيد أو تستفيد من سجلوا بياناتهم من هذه الإعانة, فما كان من البنوك إلا أن أزدحمت خصوصاً الأقسام النسائية وحصل حالات إغماء وتدافع وزحام نشرته صحفنا السعودية وقتها. في موقف يثبت حاجة الناس لهذه الإعانة حتى لو كانت بسيطة .


ثم جاء الشرط الثاني الأكثر تحطيماً وهو حصر الفئة العمرية بين 20-35 سنة , وكأن العاطلين هم من هذه الفئة فقط , ثم أستبعدت من يملك سجل تجاري حتى لو كان هذا السجل مجرد منظر .
ومن ضمن قرارتهم الغريبة أن اسماء المستحقين لحافز ستنشر في الصحافة وكأنه تشهير وليس تحفيز , تبعها إحالة من يثبت تلاعبه في بياناته إلى المحاكم المختصة لينال الجزاء الرادع وهو تصرف سليم ولو طبق على من يتلاعب لحللنا منذ أزمان مشكلة الوظائف الوهمية أو من يشاركون طلاب وطالبات الجامعات مكافأتهم بتسجيلهم أسماء وهمية وتضيع سنوياً ملايين الريالات في بطون الجشعين والمتلاعبين والمقاسمين الفقراء لقمتهم, وأخيراً وليس آخراً اشتراط دورة تدريبية لمدة 4 أشهر حتى يتسلموا هذه الإعانة.


هذه الدراسة وما خرج عنها من توصيات وشروط تشبه حال زوجين طال عقمهما , ولما رزق الله الزوجة بالحمل أكثرت من زيارة الأطباء وغيرهم لتحافظ على هذا الجنين الذي في احشاءها , وكثرت الوصفات الشعبية والطبية حتى أصيب هذا الحمل بالتسمم نتيجة كثرة الدارسين لحالتها , وفي يوم الولادة المنتظر يخرج الطبيب للزوج فيقول له بكل برود "أبشرك جالك ولد بس مات" .


هذا ما خرجت به وزارة العمل من دراستها التي أستغرقت 9 أشهر , حمل ثقيل , وولادة متعسرة, وجنين مشوه.


من المعيب أن تقف امرأة سعودية على أبواب المساجد لتمد يدها للمواطن والمقيم لأنها لا تملك شهادة ولا تجارة وعمرها قارب الخمسين وراتب الضمان الضئيل لا يكفي لدفع إيجار أو تعليم صغار , أو دواء أو غذاء أو غطاء .


من المعيب أن يكون هناك يتيم في 14 من عمره يعيل أسرته ويؤمل على هذه الإعانة الكثير ليشتري سيارة بالتقسيط تعينه وأسرته على التنقل وتوفر ما كان يتم صرفه على التكسي .


من المعيب أن يطرق أربعيني أو خمسيني "لا يقرأ ولا يكتب" أبواب الوظائف فيفاجأ بطلب المؤهل التعليمي والخبرة وغيرها من الشروط التي تعيق عمله , فإما أن يمد يده لسؤال الناس أو يستعفف فلا يجد ما يأكله هو وأسرته .


كيف تفعل العاطلة التي تعيش على الأطراف في قرى لم يصلها الكهرباء , وأقرب سوق تبيع فيه يبعد عن قريتها 100 كيلو؟


كيف يتدرب شاب 4 أشهر ومراكز التدريب ليست قريبة من منزله وليس لديه سيارة هل يطير على بساط السندباد ؟


الحديث عن العمل والتدريب ممتع جداً خصوصاً عند من يتقاضون الرواتب العالية , ممن يقضون يومهم خلف مكاتب وثيرة. لديهم مساكنهم وتجارتهم ومصانعهم ثم يقولون أذهبوا أيها الكسالى فأبحثوا في خشاش الأرض ما يسد الرمق. وأعملوا فسيرى الله عملكم والمؤمنين .


أحد الإعلاميين الذين دافعوا بشدة عن هذا الحافز والذي لا يمل عن ذكر أهل مدينته وامتداح تجارها , وكيف أنهم عملوا في التجارة ولم يستعيروا من مهنهم وأصبحوا من أثرى أثرياء البلد , وكلامه لا غبار عليه ولا نريد أن يكون حافز مخدر وقتي , لكن مقارنة البلد قبل 50 عام بالبلد اليوم فيه ظلم كبير , لسبب أن مطالب الناس وقتها لم تكن مثلها اليوم .


البيوت كانت بسيطة وممتلئة بأفراد العائلة من الجد إلى الأحفاد , والأسعار لم تكن بهذا الغلاء الفاحش الذي يجعل قلبك يمتلئ غصة وأنت ترى أصحاب الرواتب المتدنية لا يستطيعون شراء أبسط الحاجيات .


قد يكون هذا الإعلامي محق في كلامه إن كان الراتب الذي يتقاضاه عندما كان رئيساً للتحرير مبلغ وقدره 120000 ريال نظير كتابة وقراءة أحداث وتحليل وتطبيل , حتى أنه يحصل على علاج مجاني له ولأسرته ويسافر على حساب جريدته لذلك لا يشعر بمعاناة رواتب 1200 و3000 ريال التي قد تكون مصروف يومي لأحد ابناءه .


كل مواطن يحب أن يعمل فليس هناك أنفس تتقبل بأن يكون عالة على والده أو دولته , ولدينا شباب وشابات يعشقون تراب هذا الوطن ويريدون أن يخدموه ويخدمهم ويحقق طموحاتهم , وتوفير الأعمال المناسبة والرواتب المجزية هو عامل إغراء , فلا يمكن أن نردد دائماً أن العامل الأجنبي يعمل والسعودي كسول , لأن العامل الأجنبي الذي يعمل في مصنع أو بقالة أو عاملاً للنظافة , ليس له التزامات أسرية هنا فكل ما يفعله هو العمل فقط فلا يوجد عنده إلتزامات أجتماعية ولا أسرية بل ما يجمعه يحافظ عليه, ويحوله نهاية الشهر لدولته الفقيرة التي تبني بيوتها من أخشاب الغابات وتصنع طعامها مما تزرعه في البر وما تصطاده من البحر فالألف هنا يصبح مليون هناك , لكن الألف هنا يتبخر بعد ثلاثة أيام من تقاضيه فضرائب التليفون والكهرباء وساهر تقف بالدور لاقتسام هذا الراتب وكأنه لم يكن .


شكر الله سعيكم يا وزارة العمل اتعبتم أنفسكم بهذه الدراسات وأحبطتم الناس بحافزكم .
المشاهدات 1329 | التعليقات 0