أبشركم

فلاح حجي
1441/03/11 - 2019/11/08 06:24AM

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ، ونَستعينُه ، ونَستغفرُه, ونستهديه ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا ، ومنْ سيئاتِ أَعمالِنا، مَنْ يَهدِه اللهُ فلا مضلَّ له ، ومنَ يُضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً ..

 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً). أما بعدُ :

فإن التبشير بالخير وبما يشرح الصدر ويبعث على الاطمئنان والتفاؤل منهج رباني ونهج نبوي، أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (فَبَشِّرْ عِبَادِ) وقال سبحانه ( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) , بل إن الله أنزل هذا القرآن بشرى، ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) ، والتبشير بالخير وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأتابعه، فكان عليه الصلاة والسلام إذا بعث أحد من أصحابه في بعض أمره قال: (بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا)

عباد الله .. أُبشرُكم .. أنَّ من قال لا إله الله خالصا من قلبه دخل الجنة ، أبشركم أنه حق على الله من لقيه وهو محافظ على هذه الصلوات دخل الجنة ، أُبشرُكم.. أنَّ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الله الصمد لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ له كفواً أحد) تعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ، ومَنْ أحبَّها دخلَّ الجنَّةَ؛ قالَ رجلٌ من الأنصارِ: يا رسولَ اللهِ! إنِّي أُحِبُّها. فقالَ: «حُبُّكَ إيَّاها أدخَلَكَ الجنةَ».

أُبشرُكم.. أنَّه «يُقالُ يومَ القيامةِ لقارئِ القرآنِ: اقرأْ وارتَقِ ورتِّلْ كما كنتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا؛ فإنَّ منزِلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تَقرؤُها».

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ توضَّأَ فأحسنَ الوُضوءَ خرجَتْ خطاياهُ من جَسدِهِ حتى تخرُجَ مِنْ تحتِ أَظفارِه! أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ فرَغَ من الوَضوءِ وقالَ: «أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه؛ إلا فُتِحَتْ له أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ يَدخُلُ مِن أيِّها شاءَ».

أُبشرُكم.. أنَّ «مَنْ توضَّأَ فأحسَنَ الوُضوءَ، ثم صلَّى ركعتينِ يُقبِلُ عليهما بقلبِهِ ووجهِهِ وَجبَتْ له الجَنَّةُ».

أُبشرُكم.. أنَّ خُطواتِ الماشِي إلى الصَّلاةِ إحدَاهُما تحُطُّ خطيئةً، والأُخرى ترفَعُ درجةً! وأنَّ مَنْ غَدَا إلى المسجدِ أو راحَ أعدَّ اللهُ له في الجنَّةِ نُزُلاً كلَّما غدَا أو راحَ!

أُبشرُكم.. أنَّ المُنادِي بالأذانِ يُغفَرُ له مَدُّ صَوتِه ويَشهدُ له كلُّ رَطبٍ ويابِسٍ، ومَنْ سمِعَ المُؤذِّنَ وقالَ مِثلَ قولِه كان لهُ كأَجرِه، «وإذا قالَ المُؤذِّنُ: أَشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، فقالَ مَنْ سمِعَه: وأنا أشهدُ، رضِيتُ بالله ربًّا، وبمُحمَّدٍ رسولاً، وبالإسلامِ دِينًا؛ غُفِرَ له ذَنبُه».

أُبشرُكم.. أنَّ (مَنْ وَافقَ تَأمينُه تَأمينَ الملائكةِ غُفرَ له ما تَقدَّمَ مِنْ ذَنبِه) أيْ إذا قَالَ الإمامُ في الأرضٍ: آمينَ، قالتِ الملائكةُ في السَّماءِ: آمينَ، ومَنْ وَافقَ تَأمينُه تأمينَ الملائكةِ –مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا تَأخُّرٍ- غُفرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه.

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ صلَّى الصُّبحَ فهو في ذِمَّةِ الله وحِفظِهِ حتى يُمسِي! .. وأنَّ مَنْ حافَظَ على صَلاةِ العَصرِ ضُوعِفَ له أجرُه مرَّتينِ فقد قال r : «إنَّ هذهِ الصَّلاةَ عُرِضَتْ على مَنْ كان قَبلَكم فضيَّعُوها، فمَنْ حافَظَ عليْها كانَ له أَجرُه مرَّتينِ».

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ صلَّى العِشاءَ في جماعةٍ فكأنَّما قامَ نِصفَ الليلِ، ومَنْ صلَّى الصُّبحَ في جَماعةٍ فكأنَّما صلَّى الليلَ كلَّه.

أُبشرُكم.. أنَّ ركعتينِ قبلَ الفَجرِ خَيرٌ من الدُّنيا وما فيها! .. وأنَّ مَنْ صلَّى اثنتَيْ عشرةَ ركعةً في يومٍ وليلةٍ من غير الفريضة بنَى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ.

أُبشرُكم.. أنَّ ركعتينِ في الضُّحَى تَعدِلُ ثَلاثَمائةٍ وسِتينَ صَدقةً وتُؤدِّي شُكرَ نعمةِ جميعِ مَفاصِلِ الإنسانِ!

أُبشرُكم أنَّ رَجلاً صلى خَلفَ النبيَّ r فلمَّا رفعَ رأسَه من الرُّكوعِ قالَ: ربَّنا ولكَ الحَمدُ، حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيهِ، فقالَ - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ -: «رأيتُ بِضعةً وثلاثين مَلَكًا يبتدِرُونها أيُّهم يكتُبُها أولُ».

أُبشرُكم.. أنَّ الطُّهورَ شَطْرُ الإيمانِ!  .. وأنَّ السِّواكَ مَرضاةٌ للرَّبِ! ..

أُبشرُكم.. أن «مَنْ قرأَ آيةَ الكُرسي عقِبَ كلِّ صلاةٍ لم يمنَعْهُ من دَخول الجَنةِ إلا أنْ يموتَ».

أُبشرُكم..أنَّه ما مِنْ مُسلِمَينِ يلتقِيَانِ فيَتصافَحَانِ إلا غُفِرَ لهما!..و«إذا عادَ المُسلمُ أخاهُ المُسلمَ-أي زياره-لم يزَلْ في خُرْفَةِ الجنَّةِ أيْ جَنَاها»   .. وأنَّ الكلمةَ الطَّيبةَ صَدقةٌ!

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ شهِدَ جَنازةً حتى يُصلَّى عليْها فلَه قِيراطٌ. والقِيراطُ مِثلُ جَبلِ أُحُدٍ، ومَنْ شهِدَها حتَّى تُدفَنَ فلَه قِيراطانِ.

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ بنَى للهِ مَسجِدًا بَنى اللهُ لهُ بيتًا في الجَنةِ، ومَنْ كفَلَ يتيمًا كانَ مَعَ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - في الجَنةِ، «والسَّاعِي على الأرملَةِ والمِسكينِ كالقَائمِ الذي لا يَفتُر، وكالصَّائمِ الذي لا يُفطِرُ».

أُبشرُكم.. أنَّ الـمـُتصدِّقَ تَعظُمُ صَدقتُه عندَ اللهِ؛ فالتَّمرةُ يأخُذُها - سبحانَه - ويُربِّيها حتَّى تَكونَ مِثلَ الجَبلِ، ومَنْ أخفَى صَدقتَه ولو قلَّتْ أظلَّه اللهُ تَحتَ ظِلِّ عَرشِه.

أُبشرُكم.. أنَّ إصلاحَ ذاتِ البَيْنِ مِن الرَّحِمِ وغَيرِها أفضلُ من دَرجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدقةِ.

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ أبعدَ عن إِخوانِه المسلمينَ ما يُؤذِيهم أدخلَه اللهُ الجَنةَ:«لقدْ رأيتُ رَجلاً يَتقلَّبُ في الجَنةِ في شَجرةٍ قطَعَها مِن ظَهرِ الطَّريقِ كانتْ تُؤذِي النَّاسَ» ، بلْ مَنْ أحسَنَ إلى البَهائمِ فإنَّ اللهَ يَشكُرُه؛ «رأى رَجلٌ كَلبًا يَلهَثُ من العَطَشِ فسَقاهُ ماءً، فشَكرَ اللهُ له فغفَرَ له».

أُبشرُكم.. أنَّ (الحمدُ لله) تَملأُ المِيزانَ، ومَنْ قالَ: (سبحانَ اللهِ العَظيمِ وبِحَمدِه)؛ غُرِسَتْ له نَخلةٌ في الجَنةِ. .. وأنَّ (سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه، سُبحانَ اللهِ العَظيمِ) خَفيفتانِ على اللسانِ، ثقيلتانِ في المِيزانِ، حَبيبتانِ إلى الرَّحمنِ.

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ قالَ: (سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه) في يَومٍ مائةَ مرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ، و«مَنْ قالَ: سُبحانَ اللهِ مِائةَ مرَّةٍ؛ كُتِبَتْ له ألفُ حَسنةٍ، أو حُطَّتْ عنه أَلفُ خَطيئةٍ».

أُبشرُكم.. أنَّ ( لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ) كنزٌ من كُنوزِ الجَنةِ، (وسُبحانَ اللهِ، والحَمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أَكبرُ) أَحبُّ الكَلامِ إلى اللهِ.

أُبشرُكم.. أنَّ الـمـُعوِّذتينِ ما تَحصَّنَ مُتحصِّنٌ بمثلِهِما في صَباحِهِ ومَسائِه، ومَنْ قَرأَ الآيتينِ مِنْ أواخرِ سُورةِ البَقرةِ كَفَتَاهُ مِنْ كلِّ شرٍّ، ومَنْ قرأَ آيةَ الكُرسيِّ قَبلَ نَومِهِ؛ لم يزَلْ عليْه مِن اللهِ حَافِظٌ حتَّى يُصبِحَ.

أُبشرُكم.. أنَّ مَنْ جَلَسَ في مَجلسٍ كثُرَ فيه لَغَطُهُ، فقالَ قَبلَ أنْ يَقومَ مِن مَجلسِهِ ذلك: سُبحانَكَ اللهمَّ وبِحَمدِك، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنتَ، أَستغفِرُك وأتوبُ إليكَ؛ إلا غُفِرَ له ما كانَ في مَجلِسِه ذلك.

أُبشرُكم.. أنَّ في آخرِ كلِّ ليلةٍ يَنزِلُ ربُّنا إلى السِّماءِ الدُّنيا، فيَقولُ: مَنْ يَدعُوني فأَستجيبَ له، ومَنْ يَسألُني فأُعطِيَه، مَنْ يَستغفِرُني فأغفِرَ له».

أُبشرُكم.. أنَّ الَجنةَ تَحتَ أَقدامِ الأُمَّهاتِ، وأنَّ مَنْ عَالَ جَاريتينِ فأَحسنَ إليهنَّ كُنَّ له حِجاباً من النَّارِ، ومَنْ مَاتَ وَلدُه فصَبرَ واحتَسبَه عِندَ اللهِ بَنى اللهُ له بَيتَ الحَمْدِ في الجنَّةِ، ومَنْ أَخذَ اللهُ حَبيْبتَيه –أيْ عَينَيْه- فصَبرَ عوّضَهُ اللهُ منْهما الجنَّةَ.

سبحانك ربنا ما أعظمك وما أكرمك

أقولُ ما تَسمعونَ وأَستغفرُ اللهَ ليْ ولَكُم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان تواباً.

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وليِّ الصالحين، وأشهد ألا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد الخلق أجمعين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:

عباد الله : لا عَجبَ مِنْ هَذهِ الفَضائلِ العَظيمةِ المتَرتبِ عليْها أعمالٌ يَسيرةٌ

فإنَّنا أُمَّةٌ مَرحومةٌ.. أُمَّةٌ مُباركةٌ.. أُمَّةٌ تَشرَّفتْ بأنْ تَكونَ خَيرَ أُمَّةٍ أُخرجَتْ للنَّاسِ؛ بفِضلٍ كبيرٍ من اللهِ علينا، ثمَّ بِبَركةِ نَبيِّنا العظيمِ، وكِتابِنا المجيد!!

نحنُ الآخِرونَ الأَوَّلونَ يَومَ القِيامةِ؛ ولـمَّا كانتْ أَعمارُنا قَصيرةً بالنِّسبةِ للأُممِ السَّابقةِ عَوَّضَنا اللهُ بكَرمِهِ وفَضلِه مَضاعفةَ الحَسناتِ، وتَرتيبَ الأُجورِ العَظيمةِ على الأَعمالِ اليَسيرةِ.. فباللهِ عَليْكم أيُّ حِرمانٍ مَنْ حُرمَ أجور هذهِ الأَعمالِ اليَسيرةِ؟! وأيُّ حَسرةٍ سيتَحسَّرُها المقَصِّرُ يَومَ العَرضِ على اللهِ، يَومَ أنْ يَتمنَّى الَحسنةَ الواحدة ولو أَنفقَ كلَّ ما يَملكُ فَقدْ تَكونُ هيَ نَجاتَه وهيَ المرَجِّحةَ لِكفَّةِ حَسناتِه، ولكنْ هَيهاتَ هَيهاتَ فيَومُ القِيامةِ يَومُ جَزاءٍ وليسَ يَومَ عَملٍ.. وأبشركم بكَمالِ فَضلِ اللهِ عَليْنا فإن مَنْ عَجَزَ عَنْ عَملٍ صالح لعُذرٍ وهوَ صَادقُ النيَّةِ في ذلكَ أَعطاهُ اللهُ بكَرمِهِ أجرَ العَاملِينَ وإنْ لم يَعمَلْه؛ «فمَنْ سألَ اللهَ الشَّهادةَ بصِدقٍ بلَّغَهُ اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ مَاتَ على فِراشِهِ».

وأُبشرُكم.. أنَّ مَنْ صلَّى على النَّبيِّصلى الله عليه وسلم  صلاة واحدة صلَّى اللهُ عليْه بها عَشْرًا

فأكثروا من الصلاة والسلام عليه فـ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ...)

اللهم صل وسلم ...

المشاهدات 3106 | التعليقات 1

أحسنَ اللهُ إليك ، ما أروعها من خُطبةٍ تسوق البشائر الجليلة لِتُلامِسَ قلوبًا عطشى !

سلِمت يمينُك يا شيخ فلاح فقد أجدت واللهِ وأفدت ..