آخر جمعة في رمضان - شاملة -

د. ماجد بلال
1435/09/27 - 2014/07/24 16:05PM
خطبة آخر جمعة من رمضان 27/9/1435هـ
ماجد بلال شربه جامع الغامدي بتبوك
وهي خطبة الشيخ أحمد الطيار مع تعديل كبير عليها
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذا بالله.
فاتقوا الله عباد الهه، وتدبروا كتابَه، وتفكروا في مخلوقاتِه.
بالأمس القريب كُنَّا نستقبل شهر رمضان، وها هو قد أزف رحيله، وحان وداعه, فماذا أودعناه من العمل؟ فهنيئاً لمن كان من المقبولين فغُفر له، وويل لمن كان من المفرطين المسيئين.
صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر يوماً فقال: «آمين» ثم قال: «أتاني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين، فقلت: آمين».
فيا من فرَّطتَ في هذا الشهر العظيم المبارك, وتكاسلت عن القيام وقراءة القرآن, أحسن فيما بقي من الشهر, فالعبرة بكمال النهايات, لا بنقص البدايات, فاجتهد فيما بقي من رمضان, فلا تدري متى تُدْرِكُكَ رحمةُ الله.

أورد الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/ 1160) حديثاً أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط عن أبي ذر  أن النبي  قال : (مَن أحسن فيما بقِيَ؛ غُفرَ له ما مضَى، ومن أَساءَ فيما بقيَ؛ أُخِذَ بما مضَى وما بقيَ) .
استدرك ساعاته الباقيه وانطرح بين يدي الغفور الكريم، وابك على خطيئتك،
واغتنِم آخرَ ساعاتِه بالدّعاء، ففي رمضانَ كنوزٌ غالية، وسلِ الكريمَ فخزائِنه ملأى ويداه سحَّاء الليل والنّهار،
واعلم أن الله يقول: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70] فالأعمال بالخواتيم،

أمة الإسلام: أكثرنا يتعجب من سرعة انقضاء هذا الشهر, فما إنْ دخل وفرحنا به, حتى شارفنا على انتهائه, وهذه السرعةُ ما كانت لولا تيسير الله لنا, وإنعامه علينا بالأمن ورغد العيش, فهل مرّ شهر رمضان سريعاً على من يعيش تحت وطأة الحروب؟ وهم يسمعون أصوات المدافع والطائرات ليل نهار, ويُصبحون ويُمسون على فَقْدِ حبيب, أو إصابة قريب؟, هل مرّ شهر رمضان سريعاً على مَن لا يكاد يجد قوت يومه؟, ويحتار هل يجد ما يسدّ جوعه وجوع أبنائه؟.
ونحن نحتار أيُّ الطعام نأكل وقت الإفطار, وبأيِّ الأصناف نبدأ.
اللهم كن لإخواننا في غزة وفي بلاد الشام وفي كل مكان يا رب العالمين.

إن هذه النعم التي نتقلب بها يجب علينا أنْ لا نكون سبباً في زوالها, ولا يكون ذلك إلا بشكر المنعم علينا بها, وطاعةِ مَن تفضل علينا بها, {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.

ثم تأملوا أيضاً: أنَّ هذه السرعة إنما هي سرعةٌ تُقَرِّبنا إلى آجالنا, وتُدنينا من لقاء ربنا, فينبغي للعاقل أنْ يعتبر ويدَّكر, فإنه لا يعلم متى يكون انقضاءُ أجله, وموعد رحيله, فلا تُنسيه دنياه أُخراه, ولا يجترأ على ما يُغضب مولاه.

عباد الله: هاهو الشهر قد تصرم وانقضى، واعتُبر في عِداد الماضي وانْطوى, وهو شاهد علينا بما أودعناه من خير أو شر، فمن أحسن فليزدد من الحسنات، ومن أساء فليتدارك ما بقي من عمره بالأعمال الصالحات، وإن من علامة قبول الحسنة الحسنةُ بعدها.
وقد شرع الله لنا في ختام الشهر أعمالاً صالحة, نَجبر بها نقص صيامنا، ونزداد بها قرباً إلى ربنا.
فأول ما شَرع لنا: التكبيرَ من غروب الشمس ليلةَ العيد إلى الصلاة, يجهر بها الرجال في المساجد والبيوت والأسواق، وتُسر بها النساء، نُكبر الله على ما هدانا ووفقنا له من الصيام والقيام, وغيرها من الطاعات.
والتكبير في عيد الفطر آكد من التكبير في عيد الأضحى؛ لأن الله نص عليه في القرآن فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
فيسن التكبير المطلق, من غروب الشمس آخرِ يوم من رمضان, إلى أن يكبر الإمام للصلاة. وصفته: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

وثانيها: زكاة الفطر:
والحكمة من وجوب زكاة الفطر, ما ذَكره ابن عباس رضي الله عنها قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ, طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.
فهي شكرٌ لله عز وجل على إتمام الشهر، وطُعمةٌ للمساكين في هذا اليوم, الذي هو يوم عيد وفرح وسرور, فكان من الحكمة أن يُعطَوا هذه الزكاة؛ من أجل أن يشاركوا غيرهم في الفرح والسرور.
فيجب على كل مسلم, أن يُخرج يوم العيد وليلتَه صاعاً من طعام, بشرط أن يكون هذا الصاع, زائداً عن حاجته وحاجة عياله وحوائجه الأصلية.
ولا يجوز إخراجها من النقود بحجة أن الفقير بحاجة إلى النقود، أو أنه يرجع فيبيع الزكاة بخسارة!!! سبحان الله !! وهل نحن المشرّعون؟ وهل الدين بالذكاء؟
ألم تكن النقود موجودة في عهد الرسول ؟
- ألم يعلم الرسول  أن الفقراء بحاجة إلى النقود؟
- وهل يوجد فقير ﻻ يحتاج إلى النقود؟
- ولماذا سمي الفقير فقيراً، إﻻ ﻷنه يحتاج إلى النقود.
- ومع هذا كله، فرض رسول الله  زكاة الفطر صاعاً من طعام، شاء من شاء وأبى من أبى.
وزكاة الفطر تعبدية كلاة المغرب، ليس لنا أن نزيد فيها أو ننقص من تلقاء أنفسنا.
والفقير بعد ذلك حر في ماله يفعل فيه ما يشاء، إن شاء أخرجها مرة أخرى زكاة عن نفسه، أو باعها أو أكلها كل ذلك جائز.
ولله في كل شيء حكمة، حتى وإن انتفع التاجر، فهذا رزق من الله وقدره وحكمته، ليس لأحد أن يتدخل فيه.
ويكون الطعام من طعام البلد المعتاد، فقد ثبت عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ, وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى, وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ.
فزكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه, فتجب على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الأبناء البالغين بأنفسهم، ولا يجب عليك أن تؤديها عن غيرك, إلا عن أولادك الصغار.
وهي صاع من طعام فقط، وكلما كان الطعام أطيب كان أفضل وأعظم أجراً لقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}.
ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين, لفعل عثمان  .
ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط, لما ثبت في صحيح البخاري أن الصحابة رضي الله عنهم, كَانُوا يُعْطُونَها قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.

وأفضل وقتٍ لإخراجها: يوم العيد قبل صلاة العيد, لقول ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ.
ويحرم ولا يُجزئ إخراجها بعد صلاة العيد.

وإذا أخرها لعذر، كما لو وكَّل أحداً في إخراجها عنه ولم يفعل, أو نسي إخراجها بنفسه، فهذا يقضيها غيرَ آثم، ولو بعد فوات أيام العيد، وذلك قياسا على الصلاة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها».

و الأصل أن تخرج الزكاة في نفس البلد، لكن لا بأس أن يوكل من يخرج زكاة الفطر في بلده صاعا من طعام لفقراء بلده وأقاربه، خاصة إذا كانوا أشد حاجة من فقراء البلد الذي صام فيه، فالأقربون أولى بالمعروف، لكن يرسلها مالا، وتخرج طعاما.
وينبغي التنبيه على خطأ يقع فيه كثيرٌ من الآباء, حيثُ يُخرجون زكاة الفطر عن أبنائهم، ومن تحت ولايتهم من خدم أو سائقين دون علمهم، فينبغي اخبارهم حتى يستحضروا نية أداء الزكة فتسقط عنهم.
أعوذ بالله من الشيطان: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول هذا القول, وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشانه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه, وسلم تسليما كثيرا. أما بعد...

سئل الشيخ محمد العثيمين رحمه الله تعالى عن حكم بيع وشراء الألعاب النارية؟
فقال رحمه الله : الذي أرى أن بيعها وشراءها حرام ، وذلك لوجهين :
الوجه الأول : أنها إضاعة للمال ، وإضاعة المال محرمة، ولنهي النبي عن ذلك .
والثاني : أن فيها أذية للناس بأصواتها المزعجة، وربما يحدث منها حرائق فهي حرام، وأنه لا يجوز بيعها ولا شراؤها .انتهى . الشيخ محمد بن صالح العثيمين في 5/10/1413
المرجع : مجموع الفتاوى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الصادرة من مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة 3/3
بالإضافة ينتج عنها تلفيات وخسائر في الممتلكات واحراق للسيارات وفقد للأرواح وما تسببه من عاهات فهي تفقأ العين وتصم الآذان وتشوه الوجه وتبتر الأصابع، وترويع وازعاج للآمنين، وافزاع لكبار السن والنساء والأطفال، ولربما أزعجوا امرأة بالكاد نام طفلها المريض فما راعه إلا أصوات الانفجارات والمفرقعات عند النوافذ والبيوت، وعندها قد يدعون على أبناء فتوافق ساعة إجابة، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

أيها المسلمون: ومما شُرع لنا في ختام الشهر صلاةُ العيد، فقد أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته رجالاً ونساءً، وأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد حتى الحُيَّض، ويعتزلن المصلى, مع أن البيوت للنساء خير فيما عدا هذه الصلاة، مما يدل على تأكد هذه الصلاة، بل لقد قال كثيرٌ من العلماء: إن صلاة العيد فرض عين يجب الخروج إليها.

ويسن أن يأكل الإنسان قبل الخروج إليها تمرات وتراً, ثلاثاً أو خمساً أو أكثر, يقطعها على وتر، لقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، يأكلهن وتراً.
ويخرج إلى المصلى ماشياً لا راكباً إن تيسر، لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً، وليلبس المسلم أحسن ثيابه، وليكثر من ذكر الله ودعائه، ويؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب، وليتذكر الموقف أمام الله حين يجمع الأولين والآخرين.
واعلموا أنه ستُقام صلاة العيد في هذا الجامع، وستكون في تمام الساعة السادسة والربع، بمشيئة الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا, وأن يتجاوز عن تقصيرنا, إنه سميع مجيب.
صلو وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...
المرفقات

خطبة آخر جمعة من رمضان -شاملة - ماجد شربه.docx

خطبة آخر جمعة من رمضان -شاملة - ماجد شربه.docx

المشاهدات 3048 | التعليقات 0