عناصر الخطبة
1/أصناف الناس في الإجازة 2/وجوب محاسبة النفس بعد انتهاء الإجازة 3/استعداد الناس لاستقبال عام جديد وبعض الدروس التي ينبغي تعلهما من ذلك 4/دور المعلمين والآباء في النهوض بالتعليم وبعض ما يجب عليهم تجاه الأجيالاقتباس
أيها المسلمون: مضت الإجازة، وفيها عمل أناس، ونام آخرون، فماذا بقي من عناء العاملين؟ وماذا بقي من لذة النائمين ؟ مضت الإجازة وقد قضاها أناس لحاجة نفسه سفراً ومتعةً، وسياحةً وتنزهاً، والأعظم شأناً والأرفع قدراً فئة من العاملين الغيورين قضوا الإجازة في...
الخطبة الأولى:
إن الحمد ...
أما بعد:
أيها المسلمون: بقي ساعات معدودة على انتهاء الإجازة الصيفية، والجميع يستعد لاستقبال عام دراسي جديد -نسأل الله تعالى العون والسداد-.
وهكذا طويت صفحة من صفحات الزمن، وتساقطت ورقات من شجرة العمر، وذبلت زهرات في بستان الحياة، فبمغيب شمس هذا اليوم تودع الإجازة عشاقها، وتقوض خيامها بعد أن انفرط نظامها، وتصرمت أيامها.
مضت الإجازة بخيرها وشرها، وحلوها ومرها، مضت أشهر تشكل فصلاً من فصول حياتنا، وكل يوم مضى يدني من الأجل.
مضت الإجازة، ومضت معها أيام لم نحسب حسابها، ولم نقدر لها قدرها، واليقين أنها محسوبة من أعمارنا مقربة لآجالنا، وسنسأل عنها أمام ربنا، فالذي لا ينطق عن الهوى قال: "لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع" ومنها: "عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه".
مضت الإجازة والناس في استغلالها أصناف شتى، قد علم كل أناس مشربهم، فمنهم من رأى فيها قعوداً عن الجد، وهروباً من الإنتاج والإيجابية.
وآخرون جعلوا منها موسماً للتحلل من آداب الإسلام وأحكامه، فملؤها لهواً ولعباً، وغناءً وصخباً، بمهرجانات غنائية، وحفلات سياحية، كانت مفتاحا لباب شرور، ومستنقعاً لكل منكر من القول وزوراً.
وطائفة قد غلت عليهم أنفسهم، وعلت هممهم، فسموا بها إلى معالي الأمور، فجعلوا من الإجازة ظرفاً لعملٍ آخر مثمر، وانتقلوا فيها من إيجابية إلى إيجابية جاعلين نصب أعينهم قول الحق: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) [الشرح: 7].
وكل أولئك طويت صفحاتهم ليوم بما تحمل، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
فكم يا ترى في هذه الإجازة من مثاقيل الذر من خير وشر، وتبقى الصحف مطوية حتى ينشر يوم الحساب، فماذا يا ترى سيكون الحال يومئذ ؟
مضت الإجازة، وقد شهدت تصارع الهمم، فقوم همتهم في الثريا، وآخرون هممهم في الثرى.
مضت الإجازة، وفيها شهدت أروقة بيت الله الحرام أسمى وأروع صور التنافس في بلوغ الهمة العالية، والغاية النبيلة، تمثل ذلك في ثلة من شباب المسلمين ممن رفعوا شعار: "لا مستحيل مع العزم والإصرار".
فأثمرت همتهم، حفظاً لكتاب الله -تعالى- كاملاً في زمن أشبه ما يكون بالخيال، وفئة شغلت بحفظ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحفظت الصحيحين في فترة لم تتجاوز الشهرين.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم
مضت الإجازة وقد حوت أحداثاً وعبراً.
فتأمل -أخي المسلم-: كم ودعت فيها من حبيب ؟ وكم فارقت من قريب ؟ مات أقوام وولد آخرون ؟ شفي أناس ومرض أناس ؟ واغتنى قوم وافتقر أقوام ؟ وربنا كل يوم هو في شأن.
ونحن نودع الإجازة التي تشكل جزءاً من حياتنا، فما أحرانا أن نتحسر على أيامٍ أضعناها، وأوقات تركناها، ذهبت بما حملت.
ولنرَ في حال السابقين من أسلافنا كيف ينظرون إلى هذه الأوقات ؟ وماذا عملوا فيها ؟
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "ما ندمت عل شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي".
أيها المسلمون: مضت الإجازة، وفيها عمل أناس، ونام آخرون، فماذا بقي من عناء العاملين؟ وماذا بقي من لذة النائمين ؟.
مضت الإجازة وقد قضاها أناس لحاجة نفسه سفراً ومتعةً، وسياحةً وتنزهاً، والأعظم شأناً والأرفع قدراً فئة من العاملين الغيورين قضوا الإجازة في حمل هم الإسلام، وأبناء المسلمين، كنت تراهم في المراكز الصيفية، وفي المخيمات التربوية، وفي الدورات العلمية، والحلقات القرآنية.
يسافرون، ولكن بأبناء المسلمين ليربوهم على آداب الإسلام وقيمه.
يبذلون، ولكن في سبيل تربية الجيل وصلاحه.
يفكرون، ولكن بما يخدم المجتمع، ويحافظ على أجياله.
يقضون أوقاتهم، ولكن بتعليم القرآن، وتربية الشباب، والمساهمة في الأعمال الخيرية، فلا حرمهم الله أجر العاملين، وعوضهم عن بذلهم (جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) [القمر: 54 - 55].
أيها المسلمون: لا بد وفي ختام هذه الإجازة من وقفة محاسبة وتذكر، وما يتذكر إلا من ينيب، فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، واشتدت عليه حسراته.
لا بد من وقفةٍ صادقةٍ مع النفس في محاسبةٍ جادةٍ، ومساءلةٍ دقيقةٍ، فو الله لتموتن كما تنامون، ولتبعثنَّ كما تستيقظون، ولتجزون بما كنتم تعملون.
هل الأعمار إلا أعوام ؟ وهل الأعوام إلا أيام ؟ وهل الأيام إلا أنفاس ؟
وإن عمراً ينقضي مع الأنفاس لسريع الانصرام، أفلا معتبر بما طوت الأيام من صحائف الماضين ؟ وقلَّبت الليالي من سجلات السابقين ؟ وما أذهبت المنايا من أماني المسرفين ؟
كل نفس من أنفاس العمر معدود، وإضاعة هذا ليس بعده خسارة في الوجود: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) [آل عمران: 30].
أيها المسلمون: إن الله -عز وجل- قدر لنا عدداً محدداً من الأنفاس، فكلما تنفس العبد نفساً سُجّل عليه، حتى يصل العبد إلى آخر العدد المقدر له، عند ذلك يكون خروج الروح، وفراق الأهل، ودخول القبر، وينتقل العبد من دار العمل ولا حساب، إلى دار الحساب ولا عمل.
وإنما يدرك العبد أهمية محاسبة النفس، وخطر الوقت والعمر، إذا فقد هذه النعمة، فعند ذلك يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لا من أجل أن يجمع حطامها وشهواتها، بل من أجل أن يجتهد في طاعة الله -عز وجل-، وتتجدد له هذه الأمنية، وهذا الطلب، كلما عاين أمراً من أمور الآخرة، قال الله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 99 - 100].
إنما الإجازات والعمر والوقت نعمة من الله -عز وجل-، فمن شكرها بطاعة الله -عز وجل-، وأنفقها في سبيل الله، تقول له الملائكة يوم القيامة: (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل: 32].
وتقول له في الجنة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) [الحاقة: 24].
ومن كفر هذه النعمة، وبذلها في معصية الله -عز وجل-، تقول له الزبانية: (ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [غافر: 75 - 76].
فينبغي على العبد أن يعرف خطر الأوقات واللحظات والإجازات، فأهل الجنة لا يتحسرون على شيء، إلا على ساعة مرت عليهم لم يذكروا الله -عز وجل- فيها.
قال رجل لعامر بن عبد قيس: قف أكلمك ؟ فقال: "أوقف الشمس".
كانوا يبخلون بأوقاتهم وأنفاسهم أن تنفق في غير طاعة الله -عز وجل-، وكانوا أحرص على أوقاتهم من حرصنا على دنانيرنا ودراهمنا.
أين وصفك من هذه الأوصاف، لقد قام القوم وقعدنا، وجدوا في الجدّ ونمنا، ما بيننا وبين القوم إلا كما بين اليقظة والنوم.
لا تعرضن بذكرنا في ذكرهم *** ليس السليم إذا مشى كالمقعد
فانظر -أيها الحبيب- في صحائف أيام الإجازة التي خلت ماذا ادخرت فيها لآخرتك؟
واخل بنفسك وخاطبها: ماذا تكلم هذا اللسان؟ وماذا رأت العين؟ وماذا سمعت هذه الأذن؟ أين مشت هذه القدم؟ وماذا بطشت اليد؟
وأنت مطلوب منك أن تأخذ بزمام نفسك وتحاسبها.
فاجتهدوا -أيها الأحبة- من هذه اللحظة، فإنما الأعمال بالخواتيم، ولن ينفع قوله: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 99 - 100].
إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، كما قال عمر بن عبد العزيز: "إن الليل والنهار مطيتان يباعدانك من الدنيا، ويقربانك من الآخرة، فطوبى لعبد انتفع بعمره".
(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) [النور: 44].
تتجدد الأعوام، فنقول: إن أمامنا عاماً جديداً، نراه طويلاً لكن سرعان ما ينقضي، قال عبد الله بن عمر: أخذ رسول الله بمنكبي، فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
فلا يركن المؤمن إلى الدنيا، ولا يطمئن إليها، فهو على جناح سفر يهيئ نفسه للرحيل.
أيها المسلمون: إذا كان لنا بالأمس موعد وداع لعام دراسي راحل، فلنا غدًا موعد آخر لاستقبال عام دراسي حالّ، وإن غربت بالأمس شمس نهاية المودَّع، ففي الغد تشرق شمس بداية الآتي، وهكذا تمضي بنا الحياة، ونبقى بين موقفَي وداع الزمان واستقباله، وشروقه وغروبه، وبدايته ونهايته، نبقى أغراضًا لسهام المنايا، وما كثرة صرعى المنايا عن اليمين منا والشمال، ومن الأمام والخلف، إلا دليل صدق على قرب إصابتها المقتل منا.
ألا أيها الغرَض المصاب، أيها المرمَى الذي أصبح سؤالَ سهامِ المنية: أدرك نفسك قبل أن يكون موتك الجواب، وقبل مفارقة الأحباب، ومعاينة الحساب، وسكنى التراب: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجمعة: 8].
أيها المسلمون: إن الاستعدادَ الكبير من أغلب الناس لاستقبال أول أيام الدراسة، وما يصحبه من تغيير في جداول، وأنماط حياة كثير من الأسر، ليدعونا بلسان الصدق إلى أن نتعلم: كيف نستعدّ صادقين للآخرة.
وكيف نجتهد لتذليل كافة العقبات والصعاب، في سبيل بلوغ الغاية السعيدة التي يريدها لنا الله.
يعلّمنا كيف يجب أن يكون استعدادنا جازمًا للتغلّب على كل نوازع الشرّ.
ويعلمنا كيف يجب أن ننظر إلى أحوالنا بإنصاف، وكيف نصحّح أخطاءنا، وكيف نضع حدًا لكل تافه، ومحتقر في حياتنا.
إذا كان أول أيام الدراسة هو الصفحة النقية الأولى من كتاب العام يهتمّ النجباء؛ لأن يسجّلوا فيها ما ينفعهم ويفيدهم، وما يُعلي منازلَهم ودرجاتِهم في النهاية: ألا يليق بنا أن نمحو بالتوبة إلى الله ما سوّدت المعاصي من صفحات أعمارنا ؟! ألا يليق بنا أن نبدأ حياتَنا صفحاتٍ بيضاءَ نقيةً في سجلات أعمارنا ؟! ألا يليق بنا أن نكون ذلك النجيب الذي لا يسجّل إلا ما ينفعه، ويعلي مكانته، ويرفع درجاته، لنلقى الله بيض الوجوه ؟! (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [آل عمران: 106].
بارك الله ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله ...
أيها المسلمون: وغدًا تستأنف الطرقات سيرها بأكبادنا إلى المدارس، وغدًا تسيل الطرقات بأبنائنا إلى دور العلم، وغدًا تسيل الطرقات بأمل أمة الإسلام ومستقبلها المشرق -إن شاء الله- إلى دور التربية، وغدًا تسيل الطرقات بأبطال الغد، بكبار الغد، بحلم الغد، إلى دور المعرفة.
فيا أيها المعلمون والمربون: تيقنوا وأنتم تستقبلون الطلاب كلّ يوم أنكم تُحَيُّونَ أملَ أمتنا، وفجرَها الوضاء، ووجه صباحها المنير، ومستقبلها الحافل بالبناء والعطاء.
وإنه ليكفيكم شرفًا: أن تدرك طبقات المجتمع، وأن تدركوا أنّ على أيديكم تنال الأمة مناها، وتبلغ من العزّ ذروته، وفي كلّ خير قمته، إذا صدقتم أمانةً في الأمانة، ورعايةً في الرعاية.
من يصنع الجيل إلا أنتم ؟! ومن يبني الحضارةَ إلا أنتم ؟!
فهنيئًا لكم.
بصدقكم ينال الجيل منكم مبتغاه، ويبلغ بنيان الحضارة أعلاه، وَلِمَ لا والطالب في الحصة الثانية أكثر غنى منه في الأولى، وفي الثالثة أكثر غنى منه في الثانية، وهو في الغد أكثر غنى منه اليوم.
وأنتم -أيها الآباء-: تذكروا وأنتم تزوّدون أولادكم إلى المدارس زادًا حسِّيا طعامًا وشرابًا، وكسوة ووسيلة أن عليكم أيضًا أن تزوّدوهم زادًا معنويا، توجيهًا إلى الخير، ودعوة إليه، وحثًا لهم على كل أسباب البر، ليشبوا على مكارم الأخلاق، وجميل الصفات، مطيعين لله ولرسوله، متقربين إلى الله.
أيها الآباء وأيها المعلّمون: إن العناية برياحين القلوب والأكباد مسئولية جسيمة، وإن الرعاية لأحفاد الحبيب محمد أمانة عظيمة، وأنتم جميعًا مشتركون في المسئولية، أنتم جميعًا على قمة هرم الرعاية للجيل، وأنتم جميعًا على قمة هرم المسئولية عنه، يقول : "ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته".
احسنوا البذر في حقول قلوب وعقولِ الناشئة، لتحسن الثمرة وتطيب، ليكن أولادكم وطلابكم الصورة الحسنة لاهتمامكم، اجعلوا استثمار الجيل في الخير همكم الأول، تذكروا أن صدق رعايتكم للجيل تنجب النصر والظفر للأمة، احرصوا على صلاحهم، فإن العضوَ الصالح في ذاته، صالح في مجتمعه وفي صفوف أمته، وسبب حيّ في إصلاح سواه، واعلموا أنه ما قام بنيان نفس إلا على عمود نصح وتوجيه ووصية، فأين منكم ذلك ؟!
وعندما يصبح الولد أو الطالب ضحية سوء التربية والإهمال تعظم جريمةُ الأب والمعلم.
ما تزال أمتنا الإسلامية في انتظار أجيالها البانية المؤمنة الصادقة عامًا إثر عام، ولقد طالت بها سنوات الانتظار حتى ملّها الانتظار وملّته، وحتى أصبحت حديث السخرية من أعدائها.
أفما آن للآباء والمعلمين وكافة المربين: أن يضعوا حدًّا لطول انتظار الأمة، وسخرية أعدائها بها ؟! هل يعلم هؤلاء جميعًا أنَّ عليهم أولاً أن يشعِلوا فتيل الحِرص في قلوبهم استثمارًا لطاقات الناشئة، وتنميةً لمواهبهم، وشحذًا لهممهم، وغيرةً على أجيال المسلمين وتاريخهم؟ ألا يدركُ المربّون جميعًا أن حضارتنا كمسلمين قائمة على العلم، وأن كلمة الوحي الأولى نزولاً على النبي محمد هي اقْرَأْ؟! فهل ندرك سر هذا الافتتاح القرآني، والتوجيه الرباني؟!.
ألا فاتقوا الله -أيها المسلمون- فنحن جميعًا في دائرة التربية والتعليم نسير.
وصلوا وسلموا على المعلم الأول مخرج الأمة من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم