عناصر الخطبة
1/ تكريم الإسلام للمرأة 2/ عبث الجاهليات المعاصرة بالمرأة 3/ صور من ابتعاد المرأة عن دينها وعزتها 4/ الحث على الرفق بالنساء وتعليمهن وإرشادهن.اقتباس
ليست المسألة نزعاً للحجاب ولا رياضةً مزعومة ولا قيادةً للسيارة بقدر ما أن تلك الدعوات تحملُ في طيَّاتها برنامجَ إفسادٍ متكاملٍ مرتبطٌ بالغير لحرْف هويّة المرأة وإفساد خلقها ودينها وإلغاء دورها في بيتها.. فالألبسة والأزياء تغيّرت وانحرفت.. والمعاني العاطفية تشوهت عبر المسلسلات.. ضاعت قوامة الرجل.. وتشبّه الرجلُ المرأة وتشبهت المرأةُ بالرجل.. وأصبح عملُ المرأةِ في البيت عبثاً وقيامُها بالحقوق عبئاً!! ونسي البعض أن استقرارَ المرأة في بيتها خيرٌ لها، ووظيفتُها في بيتِهَا من أشرفِ الوظائفِ في الوجودِ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ كرَّم المرأةَ بمنهجٍ قويم، وأَشهَد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له هدانا للصراط المستقيم وأشهَد أنّ محَمّدًا عبده ورَسوله بالمؤمنين رَءوف رحيمٌ، صلّى الله عليه وعَلى آلِه وصحبِه أفضل صلاةً وأزكى تَسليم.
أما بعد فاتقوا الله عباد الله..
أيها المؤمنون، أُهينت كرامتها، وهضمت حقوقها، كانت تُباع وتُشترى ويُتشاءمُ منها وتُزدَرى ليس لها حق الإرث. وليس لطلاقها عدد. ولا لتعدد الزوجات حد، تُورث وتُباع كالبهيمة والمتاع. وتُكره على الزواج والبغاء بأنواعه المتعددة.. وتعدّدت الجاهليات والنهاية واحدة.. جاهليةٌ تُبيح للوالد بيع ابنتهِ ووأدها حيةٌ في مهدِها (وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِالأْنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) [النحل: 58- 59].
أجمعَ الجاهليون القدماء على إهانتها.. امتداداً لجاهلياتٍ كانت تُهين المرأة كالرومان واليونان؛ كما أثبت ذلك التاريخُ. فأصبحت المرأة في غالب الجاهلية.. ممزقةَ النفس.. واهيةَ الجسد والروح.. لا رأي لها ولا كرامة.. فجاء الإسلامُ مخلصاً للبشريةِ بتعاليمه الساميةِ.. وأكرم المرأة وجعل لها المكانة الخاصةَ والرعايةَ الكريمةَ.. وأعطى للمرأةِ حقوقاً حمتها ورعى منزلتها وأعلى مكانتها،فهي إلى جانب الرجل تكلَّف كما يتكلّف الرجلُ إلا فيما اختصَّ به (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 79]، وفاوت بين الرجال والنساء في الخُلِق والخِلْقة وما تقضيه الأحكام والشرع الإسلامي وسطٌ بين من أهانوا المرأة وبين من تظاهروا بإكرامها فساووها بالرجل في كل شيء..
المرأة في الإسلام عزيزةٌ كريمةٌ أمّاً أو زوجة أو أختاً أو بنتاً، تقوم بدورها إلى جانب الرجل، تؤازره وتشدُّ من عزمِه، تناصره وتقوي همَّته، تحفظُه إن غاب وتسّره إن حضرَ إليها، وتُضحِّي بدورها لأجل دين الله، وتُساهمُ في نصرة الدين.. فسميَّةُ -رضي الله عنها- أول شهيدةٍ في الإسلام، وخديجةُ بنت خويلدٍ زوجةٌ شجَّعت رسول الله على دعوته..
وعائشةُ وأسماءُ وأم سليم وأمُّ عِمَارة كلهن سطَّرن تاريخاً حافلاً في نصرةِ الإسلام وسجَّل لهنَّ التاريخ ولغيرهن أروعَ المواقف في نصرتِه وتأييدِه.. وإعداد الأبطال الذين صنعوا فتوح الإسلام وتاريخه..
وربّت تعاليمُ الإسلام المرأةَ وحرَّرتها من رقِّ الجاهلية وصانت حقوقها، وخصتها بما يُناسب فطرتها.. وكفَلت حقوقها بالرعاية والقوامة الواجبة على الرجل لها..
ولما ضعُف الإسلام في نفوسِ أهله، وذلَّوا وصلت المرأة في زمننا وعالمنا العربي والإسلاميِّ إلى جاهليةٍ معاصرةٍ أخرجَت المرأةِ عن دورها الحقيقيَّ، تعقد لها المؤتمرات أو قُل المؤامرات. وأنشئت لها منظماتُ الحريةِ المزعومة والتحرير الموهوم، فوأدتها ليس وأداً بالتراب كالجاهلية لكنه وأدٌ لرسالتِها، وفكرِها، وأدٌ لأخلاقها ووظيفتها الحقيقيّة.
فتأثرت المرأة المسلمةُ وغيرها بهذه الهجماتِ الشرسة وانحرف دورها عن تربية الأسرة والمنزل إلى منافسة الرجل في مهامه.. فالبعض لا يرى المرأة زوجةً ولا أماً ولا بنتاً، وإنما يقدرونها عاملةً وموظفةً، واستُهلكت في العمل وأصبحت رمزاً للذة والمتعة باسم حريتها المزعومة..
وهكذا ضاعت المرأة وتشتت الأسرةُ وهُدم المجتمع وهُزِمَتْ الأمة وذلَّت لأن الأمَّ مربيةَ الأجيال أُهمل إعدادها فأهمَلت دورَها..
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
تحلّلت بعض النساء من الروابط والقيم الأسرية. من جرّاء دعوات تحرير مزعومة وحرية موهومة التي يزعمونها للمرأة ويسوّق لها العالَم والإعلام اليوم بتشويه تعاليم الأديان بل وقيم المجتمع وأخلاقه، فليس المقصودُ إلغاءَ حجابها وتميُّزَها بقدر إلغاء هوية المرأة وتغيير طبيعتها التي خلقها الله عليها.. وعاشت عليها مجتمعاتُنا المُحافظة..
لقد غاظهم حال المرأة المسلمة لدينا، وكيف حافظت رغم التغيُّرات والهجمات على عفافها، غَاظَهم أنها استجابت لرَّبها، وأقامت دينَها وأكملَت تعليمها مستقلةً عن الرجالِ، جمعَتَ بين تعاليم الإسلام وآداب الدين، واستوعبت ما يفيدها من علوم العصر، فساهمت بدورها أماً ومربيةً وعالمة ومثقفة ومدرسة وساهمت بعطائها في المجتمع والوطن فحافظت على ما حباها الله إياه من طبع وطبيعة..
يأتون بمناسبة يومٍ عالميٍّ للمرأة يختصر حقوقها في سفورها وتداعي أخلاقها وكأن حجابَها أو تمسُّكَها بدينها عائقٌ عن تطويرها وأداء رسالتها.. وحدّوا جهودهم وشحذوا ألسنتَهم وبَرَوا أقلامهم، وعقدُوا المؤتمرات والندوات وسطَّروا المقالات.. لتحقيق مآربهم.
اختصروا المرأة في مظاهر يُطالبون بها وأهملوا وظيفتها وحقوقها.. وغالب من يتولى ذلك إما أناسٌ لهم أهداف تهدم المجتمعات وإما من غُرِّر به ليركب موجةً ستغرقه هو قبل غيره وانظروا لتاريخ قديم وحديث لقومٍ تبنّوا تحرير المرأة في مصر وتونس والشام وغيرها من مثقفين تأثروا بدعوات الحرية المزعومة التي رأوها في الغرب فما لبثوا زمناً حتى أدركوا الغايةَ منها في تشويه دور المرأة فتراجعوا كما كتبوا بعد فوات الأوان ولات حين مندم!!
هُزموا في نفوسِهم وأعجبوا بما رأوه من غثاء ففقدوا القدرةَ على التمييزِ بين الحقِ والباطلِ، وسعَوْا بكلِّ ما أُوتوا لتنفيذِ خطَطِهم.. ولبَّسوا الحقّ وغشُّوا الناسَ باسم الإصلاح والحرية،في حيِن أنَّهم مفسدونَ ولكن لا يشعرون يدعَّون الوطنيَّةَ وهم يسعْون لخراب الوطنِ. يخفون كيدهم تارةً ثم يظهرونه تارات، حسب الأجواء ويستقوون بالأجنبي وسفاراته وهم رغم إعلامهم وطرحهم خاسرون -بإذن الله- أمام سياجاتٍ متينةٍ من إيمان المجتمعِات وأخلاقها وغيَرِتهم على نسائِهم وتعاونهم فيما بينهم على مقاومةِ ذلك..
إن آمالهم في تغريبِ المجتمعِات وصرفِ المرأة عن مهمّتها الأساس ببناءِ بيتَهِا على الإيمانِ والتقوى، لن تتحقّق فالفطرةُ للدين والقيم غالبة.. فبعد تاريخٍ من التغريب وإجبار المرأة في عددٍ من مجتمعاتنا العربية في تونس ومصر والشام وغيرها؛ عادت المرأةُ لحجابها وحافظت على دينها رغم التقصير، فالله غالب على أمره ولو كره المشركون والمنافقون.
وهنا تأتي أهميةُ تحصين الأسرة ضد المتغيرات والتأثيرات الضارة والهجمات المفسدة،والمساهمة في حفظ الأسرة وتربيتها أمام هذا المكر والكيدِ، ونحن ولله الحمد نفاخر بنسائنا في بيوتنا من أمهاتٍ وزوجاتٍ وبناتٍ وأخواتٍ متميزات بدينهن وأخلاقهن.. ولذلك فإننا نطالب بحفظ حقوق المرأة بإكرامها وبعدم إهانتها، وترك تلك النظرة الجاهلية باحتقارها وهضم حقوقها وممارسة العنف الأسري معها؛ فذلك ما يستغلّه دعاةُ الفتنة وتحريف الدين.
إن تربية المرأة يكون في بيوتٍ عُمرت بالإيمان وطاعة الرحمن لتتحصّن المرأة بدين يحميها من كل شر فالحرب عليها لن تُحَقِّقَ أهدافَها وتنالَ مرادَها إلا حينَ نغفلُ عن بيوتِنا ونُهملُ التواصي فيما بينَنا على الحقِّ والصبِر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
نحفظ المرأة ونجعلها عُضواً فاعلاً ومؤثراً في المجتمعِ والوطن بتأسيس أجيالٍ تُؤثِرُ الحقَّ والخيِرَ والفضيلةَ وتحُبُّ العلمَ ومآثر الأخلاق ومعالي الأمورِ ونعدّ أماً تعرف قدْرَ نفسها وتعي دورَها ورسالتَها، فهي المدَرًّسةُ الأولى والمعلّمةُ الرءوم، يستمدُّ منها الطفلُ -بتوفيق الله- مفرداتِ اللسانِ وأركانَ الإيمانِ ومعالَم الإسلامِ ومناهجَ السلوكِ.
هذا دور عظيم يُوازي كلَّ وظيفة.. بل هو مهمةٌ كُبرى وجهادٌ مستمرٌ يبدأُ بإعداد المنزلِ والبيئةِ الصالحةِ التي تترَّبى فيها البنتُ من صِغَرِها على لوحاتِ الفضيلةِ ومناظرِ العفافِ والتفاهم لا التخاصم فيما بين الأبِ والأمِّ، بتربية الأولادِ على الخيِر، حينَ تتْلى في المنزلِ آياتُ القرآنِ الكريم والسنة النبوية وتعيشُ سيرتَه -صلى الله عليه وسلم- وقَصصَ صحابته.. يخفق قلبُ المرأة منذ نشأتها.. بحبِّ الله -تعالى- وحبِّ الأنبياء والصالحين والمسلمين لا بحبِّ فنٍ هابطٍ ولا التعلق بالتوافه.. ولا تتأثر بالتطرف والغلو.. بل تحمل هماً للدين والأمة تتخذ من خلاله دوراً لها في نصرة الدين والوطن..
وهي كما تُحب جمال الحياة فإنها تتهّيأُ لبيتِ الزوجيةِ التي تُؤدِّي فيه دورها وتربي أولادها.. وهذا دور عظيم للآباء والأولياء إذا أحسنوا في تربية بناتِهم استحقُّوا مرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة..
وإن المرأة حين تُحصّنُ نفسها بالإيمان بالله فإن الهجمات عليها سترتد عنها بطرف حسير. ولن تُحقِّق شيئاً في بنائها المتين، ونحن أحبتي مُستَهدفون بيوتاً وأسراً ونساءً.
إذا لم نحصن بيوتنا علميّاً وعمليّاً وعقليّاً وخُلقيّاً؛ بحيثُ لا نترك لباغٍ متطرفٍ مَنْفَذَاً، ولا لداعٍ للشهوات والشبهات مَدخلاً، لاسيما مع تسارع الوسائل اليوم وكون العالم أصبح قريةً واحدةً..
فحذار أيها الأحبة من أن تُقدّموا على صلاحِ بيوتكم وبناتِكم همَّاً آخر مهما كانُ مُلحّاً، فالمتربصون بالمرصاد وهم من سيُربِّي على الفساد وضياع القيم.. وكما أن الوالديْن مسئولان فالمجتمع مُشارك حكومةً وشعباً ونظاماً وأمناً وتعليماً وإعلاماً بحفظ بيوتنا وأُسرنا إذا كان الوعُي حاضراً والحذرُ موجوداً والحرصُ مُشتركاً.
إن علينَا جميعاً التنبه للفساد وأهلهِ تطرّفاً وغلواً وضرراً وانحرافاً بكل الطرقِ المشروعةِ والمتاحةِ والمباحة، كما علينا مصارحَة كُلِّ مسئول ومناصحته من منطلقِ الحرصِ وحبِّ الخيِر لا الحقد.. ورغبة المصلحة وتجنب المفسدة فليست المسألة نزعاً للحجاب ولا رياضةً مزعومة ولا قيادةً للسيارة بقدر ما أن تلك الدعوات تحملُ في طيَّاتها برنامجَ إفسادٍ متكاملٍ مرتبطٌ بالغير لحرْف هويّة المرأة وإفساد خلقها ودينها وإلغاء دورها في بيتها.. فالألبسة والأزياء تغيّرت وانحرفت.. والمعاني العاطفية تشوهت عبر المسلسلات.. ضاعت قوامة الرجل.. وتشبّه الرجلُ المرأة وتشبهت المرأةُ بالرجل.. وأصبح عملُ المرأةِ في البيت عبثاً وقيامُها بالحقوق عبئاً!!
ونسي البعض أن استقرارَ المرأة في بيتها خيرٌ لها، ووظيفتُها في بيتِهَا من أشرفِ الوظائفِ في الوجودِ، ومن الخطأ في الرأي وفسادِ التصوُّر الزعمُ بأن المرأةَ في بيتِها قعيدةٌ لا عملَ لها، أو أنَّها عالَةٌ على أهلها كما يراه البعضُ، والأشدُّ من ذلك الظنُ بأن وظيفة المرأة قاصرةٌ على الطهي والخدمةِ، بينما مهمَّتها الأساسُ تربيةُ الأجيالِ والقيام عليها،وهي مهمةٌ تعدِلَ في الإسلامِ أعظم العبادات..
جاءت أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "يا رسول الله! إن الله بعثك للرجالِ والنساءِ كافَّةً، فآمنّا بك وبإلهك، وإنا معشرَ النساءِ محصوراتٌ، مقصوراتٌ، قواعدُ بيوتِكم، وحاملاتُ أولادِكم، وإنكم معشرَ الرجالِ فُضِّلْتُم علينا بالجمعِ والجماعاتِ، وشهودُ الجنائزِ وفُضَّلْتُم علينا بالحجَّ بعدَ الحجِّ،في سبيل الله، وإن الرجلَ منكم إذا خرجَ لحجٍ أو عمرةٍ أو جهادٍ، جلسْنا في بيوتِكم نحفظُ أموالكم، ونربِّي أولادَكم، ونغزلُ ثيابكم، فهل نشاركُكْم فيما أعطاكم اللهُ من الخيِر والأجرِ؟! فالتفت -صلى الله عليه وسلم- وقال: "هل تعلَمون امرأةً أحسنَ سؤالاً عن أمور دينِها من هذه المرأة؟!" فقالوا: لا يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: "يا أسماء.. أخبري من ورائك من النساء أن حسن تبعُّل المرأة لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لرغباته يعدلُ ذلك كلَّه"، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر. وتقول: يعدل ذلك كله (أخرجه البيهقي، وله شواهد عدّة).
إن تاريخ أمتنا مليء بنساءٍ فضليات جمعن في الإسلام آداباً وستراً ووقاراً دون أن يتعثرن بفضول حجابهن، أو يقبلن دعاوى الماكرين والماكرات. وإن من شواهد عصرنا في فتياتنا المؤمنات.. متحجباتٍ بحجابِ الإسلامِ، مستمسكاتٍ بهدي السنةِ والكتابِ، قائماتٍ بمسؤولياتهنَّ خير قيام، فالله الله أيها الأولياء. "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته".
أخاطبُ فيكم مسئوليتكم، أناجي قوامتَكم ورعايتَكم، يجب أن نسعى لإعداد المرأة وتربيتها وإعادة مكانتها.. فأمتنا مع هذه الهجمات من كل مكان أحوج ما تكون للعودة للبيت والأسرة وإعدادها للمنافسة وحمايتها من الفساد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6]. أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
قد يستغرب البعض الحديث عن المرأة، والتحذير من تحريف دورها، ويتهم من يتكلم بالمبالغة والتهويل، وما علم أولئك أن البيوت تبدأ بامرأة إما أنّها فهمت دورها أو أهملته، وكذلك ربما لا يعلمون حجم الهجمات التي تُراد بالمرأةِ في العالم أجمع لاسيما مع تجارب تاريخية أثَّرت في المرأة والمجتمعات..
ولذلك فالقلق العاقل والفاعل لحماية الأسرة والمرأة مهم، ونحن كمسلمين مستهدفون، فالكيد للأسر والبيوت اليوم يتخذ وسائل شتى قد تكون بدايته للتسلية والترفيه، لكن نهايته على المجتمع مريرة..
وقد يكون بدعوى الحرية والحقوق وهو يريد الفساد والفجور!!وإذا كنا لا نرضى المبالغةَ والتهويل واتهام نيات الناس والتكفير بل فإننا ندعو العقلاء والخيرين، وأهل الغيرة والدين،وكلنا كذلك لأن يكون لنا النصيب الراجح والسهم الوافر في الحفاظ على الأسرة والمرأة فهذا همّ ديني ووطني مشترك (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال: 36]، فلقد وضح عليه الصلاة والسلام وهو الذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحيٌ يوحى فقال: "اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت بالنساء"، ويقول كذلك: "ما تركت فتنةً أضر على الرجال من النساء"، فلا مجال إذاً للتراخي والإهمال كما أننا نكره المبالغةَ والتهويل.. أو من الشدة الذميمة في التربية أو من يتطاول على حقوق المرأة ويهينها؛ فرفقاً بالقوارير فليساهم كلٌ منا بدوره في الحفاظ على المجتمع بالحفاظ على المرأة وتربيتها وتعليمها والتزامها بالحجاب مظهراً ومخبراً.. عفافاً وستراً..
نسأل الله جل وعلا أن يحمي مجتمعنا ونساءَنا غوائل السوء ومن مكر الكيد والفسوق ومن غوائل التطرف والغلو.. وأن يجعلنا جميعاً رجالاً ونساءً حماةً للدين والأوطان متكاتفين على الخير والصلاح .. اللهم أعز الإسلام والمسلمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم