نار الغيرة من زوجتي تشتعل في قلب أمي

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

نار الغيرة من زوجتي تشتعل في قلب أمي

 

الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل

 

السؤال:

 

الملخص:

 

رجل متزوج حديثًا، يسكن في بلد، وأمه في بلد آخر، لاحظ كثرة اتصالات أمه في المساء بعد زواجه، بحيث إنه لا يستطيع الجلوس مع زوجته، ويسأل: ما الحل؟

 

التفاصيل:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أنا متزوج منذ سنة تقريبًا، أنا وأمي في بلدين مختلفين، منذ بداية زواجي بدأت أمي تُكثر الاتصال بي، ولم تكن كذلك قبل زواجي؛ إذ كانت تتصل وتطمئن عليَّ، ولكن ليس بشكل يومي، وربما كنتُ أتصل بها أنا أكثر من اتصالها بي، ولكنها بعد زواجي بدأت تتصل بشكل يومي، وحصرًا في المساء؛ لأنها - كما تقول – تكون مشغولة في النهار، وتستمر لأكثر من ساعة، وفي الوقت الذي أكون من المفترض جالسًا مع زوجتي، طوال تلك السنة وأنا أقول في نفسي: ربما تَمَلُّ بعد فترة، وتقلِّل الاتصال بي، والحمد لله زوجتي متفهمة ولم يغضبها الأمر في البداية، ولكنَّ الأمر أصبح مبالغًا به؛ بحيث إننا لا نستطيع أن نسهر معًا؛ لأنه لا بد أن تتصل أمي مساءً، وقد حاولت أن أُغلِقَ الإنترنت في بعض الأيام؛ لعلها تتصل يومًا ولا تتصل في اليوم الآخر، ولكن هذا الحل لم يُجدِ نفعًا؛ لأنها كانت تعاتبني وتسألني: لِمَ لم تردَّ عليَّ البارحة؟ وأنا لا أريد أن أعقَّها أو أُغضبها، ولا أستطيع أن أتفاهم معها في هذا الأمر؛ لأنها حتمًا ستحزن وأنا لا أريد هذا، وفي نفس الوقت أشعر بتأنيب الضمير تجاه زوجتي؛ لأنه من حقها أن نجلس معًا، وأشعر أن أمي بهذا الفعل تأخذ حق زوجتي، ما رأيكم؟ وما الحل الناجع لهذا الأمر؟

 

الجواب:

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

 

فيبدو واضحًا جدًّا من مشكلتك أن هناك سببًا خفيًّا لكثرة اتصالات والدتك حفظها الله عليك بعد الزواج، وفي المساء بالذات، بينما كانت اتصالاتها بك قبل الزواج عادية ومعقولة، وربما قليلة، ولكن بعد الزواج تجاوزت الحد المعقول، فلماذا؟

 

أقول: قد يكون السر هو غيرة أمك حفظها الله من زوجتك، فبعد أن كنتَ أنت ملءَ عينها وسمعها، ولو من بعيد، جاءت بنت الناس لتأخذ قلبك وسمعك وبصرك منها، كما تتوهم، وهذه الغَيرة منتشرة، ومع الأسف تسبب مشاكلَ كثيرة ومزعجة جدًّا، خاصة لمن يسكنون مع الأم في بيت واحد.

 

وهي لا تدل على سوء الأم، ولكنها غيرة تشتعل في قلوب بعض الأمهات؛ فتأكل الأخضر واليابس، وتُزعج الزوجين أيَّما إزعاج، ويبقى السؤال المهم: ما الحل؟

 

فأقول مستعينًا بالله سبحانه ومتوكلًا عليه:

 

لعل الحل في الآتي:

 

أولًا: لا بد أن تعلم علمًا يقينًا أن لكلٍّ من أمك وزوجتك حقوقًا خاصة بكل منهما، ولا يجوز أن تطغى حقوق إحداهما على الأخرى.

 

ثانيًا: الوالدة لها حقُّ البر وحسن الصلة والكلام الطيب، بشرط ألَّا تقع في تجاوز الحدود المعقولة معها إلى ظلم زوجتك؛ قال سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].

 

ثالثًا: والزوجة أيضًا لها حقُّ حسن العشرة؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19].

 

رابعًا: وما ذكرته من كثرة اتصال والدتك بك مساءً، وإطالتها الكلام، مما ينتج عنه مضايقة لك ولزوجتك في وقت خاصٍّ لكما - فبالإمكان حلُّه بالآتي:

 

أن تبدأ أنت بالاتصال بها يوميًّا في أوقات مختلفة من النهار والليل؛ بحيث لا تشعر بأنك هجرتها، ولا تشعر بأن زوجتك أثَّرت عليك، ومنعتك منها.

 

وفي الليل بعد العشاء اقفل جوَّالك ومواقع التواصل معك، ويمكن أن تعتذر لها بأنك تنام مبكرًا، وتقفل جميع أجهزتك عن كل الناس، وليس عنها فقط؛ وذلك حتى لا تتأخر على العمل، فيغضبون عليك، ويخصمون من راتبك أو يفصلونك.

 

خامسًا: وهناك سبب عظيم جدًّا هو أقوى وأهم من هذه الأسباب كلها؛ ما هو؟ هو الدعاء للوالدة بحسن الخلق وتهذيب الغَيرة، وكثرة الاستغفار، وكثرة الاسترجاع، والصدقة؛ فلربما أن تصرفات الوالدة بسبب ذنوب ارتكبتها، أو أخطاء معها.

 

سادسًا: انتبه؛ لعلك سابقًا أشعلت غيرة أمك من حيث لا تشعر، وذلك بالكلام معها عن ارتياحك مع زوجتك، وبالكلام عن مميزاتها، ومن الآن فصاعدًا، اجتهد ألَّا تُعلِمَ أمَّك عن أي شيء من أخباركما الخاصة، ولا عن هداياك لزوجتك، ولا عن أسفاركما، ولا عن أي شيء يخصكما؛ فهذه الأخبار مثل البنزين الذي يُصَبُّ على النار، فيزيدها اشتعالًا وإحراقًا لكل ما فيها.

 

سابعًا: توجد لي في شبكة الألوكة مقالة بعنوان: (تدخلات أمِّ الزوج في حياة الزوجة)، فلعلك ترجع لها؛ ففيها إشارات مهمة جدًّا لنقاط تهمُّك.

 

ويرجى قراءة هذا المقال لزيادة المعرفة وعلاقته بمشكلتك: تدخل أم الزوج في حياة الزوجة

 

حفظك الله، وهذَّب غَيرة أمك، ورزقك برَّها وحسن العشرة مع زوجتك.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات