إيمان بنت محمد القثامي
من هو المجتهد؟ الناظر في النازلة (المجتهدين)، التعريف، الأنواع، الشروط، نماذج من الاجتهادات.
الجهد في اللغة: الجَهْدُ والجُهْدُ: الطاقة، تقول: اجهد جهدك؛ وقيل: الجهد المشقة والجهد الطاقة.
والجُهْدُ بالضم في الحجاز وبالفتح في غيرهم الوسع والطاقة وقيل المضموم الطاقة والمفتوح المشقة والجهد بالفتح لا غير النهاية والغاية وهو مصدرٌ من جهد في الأمر جهداً من باب نفع إذا طلب حتى بلغ غايته في الطلب وجهده الأمر والمرض جهداً أيضاً إذا بلغ منه المشقة ومنه جهد البلاء ويقال جهدت فلاناً جهداً إذا بلغت مشقته. وجهدت الدابة وأجهدتها حملت عليها في السير فوق طاقتها. وجاهد في سبيل الله جهاداً، واجتهد في الأمر بذل وسعه وطاقته في طلبه ليبلغ مجهوده ويصل إلى نهايته[1].
واصطلاحاً: هو استفراغ الفقيه الوسع، بحيث يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه؛ وذلك لتحصيل ظن بحكم شرعي، ولا يكلف المجتهد بنيل الحق وإصابته بالفعل، إذ ليس ذلك في وسعه لغموض وخفاء دليله، بل ببذل الجهد واستفراغ الطاقة في طلبه، وليس فيه تكليف بما لا يطاق أصلا[2].
والاجتهاد هو: (بذل الفقيه وسعه لاكتساب حكم شرعي ظني عملي من أدلته التفصيلية)[3].
أنواع المجتهدين:
أ- مجتهد مطلق وهو العالم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الصحابة، يجتهد في أحكام النوازل يقصد فيها موافقة الأدلة الشرعية حيث كانت فهذا النوع هم الذين يسوغ لهم الإفتاء والاستفتاء، وهم المجددون لهذا الدين القائمون بحجة الله في أرضه.
ب- مجتهد مقيد في مذهب من ائتم به، فهو مجتهد في معرفة فتاويه وأقواله ومأخذه وأصوله، عارف بها، متمكن من التخريج عليها، من غير أن يكون مقلداً لإمامه لا في الحكم ولا في الدليل، لكن سلك طريقه في الاجتهاد والفتيا، ودعا إلى مذهبه ورتبه وقرره، فهو موافق له في مقصده وطريقه معاً.
جـ- مجتهد مقيد في مذهب من انتسب إليه، مقرر له بالدليل، متقن لفتاويه، عالم بها، لا يتعدى أقواله وفتاويه ولا يخالفها، وإذا وجد نص إمامه لم يعدل عنه إلى غيره ألبتة بل نصوص إمامه عنده كنصوص الشارع، قد اكتفى بها من كلفة التعب والمشقة، وقد كفاه إمامه استنباط الأحكام ومؤنة استخراجها من النصوص.
وشأن هؤلاء عجيب؛ إذ كيف أوصلهم اجتهادهم إلى كون إمامهم أعلم من غيره، وأن مذهبه هو الراجح، والصواب دائر معه، وقعد بهم اجتهادهم عن النظر في كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - واستنباط الأحكام منه، وترجيح ما يشهد له النص.
د- مجتهد في مذهب من انتسب إليه، فحفظ فتاوى إمامه، وأقر على نفسه بالتقليد المحض له، من جميع الوجوه، وذكر الكتاب والسنة عنده يكون على وجه التبرك والفضيلة لا على وجه الاحتجاج به والعمل، بل إذا رأى حديثاً صحيحاً مخالفاً لقول من انتسب إليه أخذ بقوله وترك الحديث، فليس عند هؤلاء سوى التقليد المذموم.
[1] لسان العرب (3/133). مادة (جهد)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/112). مادة (جهد).
[2] الكليات (1/44).
[3] المعتصر من شرح مختصر الأصول من علم الأصول (1/242).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم