عناصر الخطبة
1/الدّجّال من أشراط الساعة الكبرى 2/نهاية الدجال 3/التوجيه النبوي في الوقاية من فتنته.اقتباس
من أشراط الساعة الكبرى ذات الحدث الجسيم خروج الدّجال، وهو أمر ثابت صحيح صريح في نصوص السنة النبوية. وخروج الدجال يعد من أعظم أشراط الساعة وأخطرها على الناس وعقائدهم وثباتهم وتبدلّ مواقفهم، ولا أدل على...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، وبعد:
أيها المؤمنون: من أشراط الساعة الكبرى ذات الحدث الجسيم خروج الدّجال، وهو أمر ثابت صحيح صريح في نصوص السنة النبوية، وخروج الدجال يعد من أعظم أشراط الساعة وأخطرها على الناس وعقائدهم وثباتهم وتبدلّ مواقفهم، ولا أدل على هذا من كون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستعيذ بالله من فتنة الدجال في كل صلاة؛ ففي صحيح البخاري، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ"، والدجال المذكور في روايات أشراط الساعة الكبرى هو الدجال الذي يكون خروجه مع وقوع أشراط الساعة الكبرى مثل ظهور المهدي ونزول عيسى -عليه السلام-، وأنه سمي بالدجال لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم.
أيها المؤمنون: إن مما يجب معرفته فيما يتعلق بالدجال، أن الأحاديث الصحيحة الواردة فيه هي متواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا خلاف في ورود هذه العلامة من علامات الساعة الكبرى.
وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من فتنة الدجال، وأضاف لهم معلومة عزيزة لم يقدمها نبي سبق لأمته رغم إنذارهم إياه. ففي صحيح البخاري، أن النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: "إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ"، وفي رواية: "إِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ"؛ ففي الحديث بيان لصفة حسية في شخص الدجال وشكله وهو أنه أعور، وأنه مع ذلك يدعي الألوهية ولذلك جاء في الحديث قوله وان الله ليس بأعور. والقصد من ذلك دلالة الأمة على ما فيه تحقق النجاة من فتنة الدجال بمعرفة النقص الإنساني في صفاته التي تؤكد إنسانيته وتجعله أبعد ما يكون من الربوبية والألوهية.
ومما جاء كذلك في بيان الصفات الكاشفة لحقيقته التي جعلها الله سببا لنجاة عباده المؤمنين من فتنة الدجال هذا، ما جاء في صحيح البخاري من قول النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ"، قال النووي: "والصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته، ولا امتناع في ذلك".
أيها المؤمنون: إن خروج الدجال فتنة عظيمة للناس يفتنهم في دينهم وعقيدتهم وإيمانهم بالله، يدعي لنفسه الألوهية، ويمكنه الله من امتلاك أسلحة الفتنة العظيمة التي لا يثبت أمامه أحد إلا من ثبته الله؛ ففي صحيح البخاري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ النَّارُ"، وفي صحيح مسلم ما يبين قوة فتنته، بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فيأتي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ-ماشيتهم- أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا -سناماً- وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يأتي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شيء مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِى كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا".
وفي مسلم قالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ"، وفي مسلم كذلك أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، سَبْعُونَ أَلْفًا"، وفي مسلم قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ- لا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا".
وفي مسلم، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابِهَا إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهَا، فَيَنْزِلُ بِالسِّبْخَةِ، فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْهَا كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ"، قال ابن حجر: "قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال" هو على ظاهره وعمومه عند الجمهور".
أيها المؤمنون: قال الخطابي ملخصا فتنة الدجال والموقف الحق منه: "هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى، من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا، والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ويثبت الله الذين آمنوا، ولا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه؛ لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأرض فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله".
أيها المؤمنون: ولا بد لنا من بيان أمر مشكل وهو ورود أحاديث نبوية ومواقف للصحابة حول شخصية ابن الصيّاد وهل هو الدجّال، ففي صحيح البخاري، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ صَيَّادٍ: "تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟"، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَرَفَضَهُ وَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ" فَقَالَ لَهُ: "مَاذَا تَرَى؟" قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ".
وفي صحيح مسلم، وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، النَّخْلَ طَفِقَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا، قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشٍ فِي قَطِيفَةٍ، لَهُ فِيهَا زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: يَا صَافِ- وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ- هَذَا مُحَمَّدٌ فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ".
أيها المؤمنون: لقد وقع خلاف قوي بين العلماء حول شخصية ابن الصياد؛ فمن قائل هو الدجال نفسه المذكور من علامات الساعة الكبرى ومن قائل ليس هو الدجال.
والراجح من الأقوال أن ابن صياد هو دجال من الدجاجلة ولكنه ليس هو الدجال المراد في أشراط الساعة الكبرى.
قال النووي: "قال العلماء: وقصته مشكلة وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة".
وقال البيهقي: "أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين".
وقال ابن تيمية: " وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية مثل حال عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال، وتوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمره حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، لكنه من جنس الكهان ".
وقال ابن كثير: "وقد قدمنا أن الصحيح أن الدجال غير ابن صياد وأن ابن صياد كان دجالا من الدجاجلة ثم تاب بعد ذلك فأظهر الإسلام، والله أعلم بضميره وسيرته".
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيها المؤمنون: مهما كانت فتنة المخلوق وبطشه فإن الله تعالى لا بد أن يضع حدا لذلك؛ فالدجال رغم فتنته العظيمة يقدر الله له موقفا يظهر فيه عجزه، هناك حدود لفتنته ونهاية لها؛ ففي البخاري قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي المَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ -أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ- فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ".
أيها المؤمنون: مهما ادعى الطغاة القوة والجبروت والتخليد في الأرض فإنه لا بد أن تسحقهم سنن الله في الإحياء والإماتة؛ فهذا الدجال الذي زعم الألوهية وامتلك خوارق للعادة ما رأى الناس مثيلا لها، تأتي سنن الله لتجهز عليه، وتبين له قدره، وأنه مخلوق لا بد له أن يموت، ويرجع إلى الواحد الديان، في مسلم قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي...، فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ".
وفي مسلم، "فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ".
أيها المؤمنون: من حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته أنه أرشدهم إلى ما فيه عصمتهم من فتنة الدجال الرهيبة؛ ففي صحيح مسلم، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ".
اللهم اجعل أعمالنا صالحة واجعلها لوجهك خالصة.
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم