عناصر الخطبة
1/ أهمية العلم بأسماء الله الحسنى والتعبد بها 2/ فضل ذلك العلم الشريف وآثاره على العبد 3/ وقفات مع بعض أسماء الله الحسنىاقتباس
تحدثنا في الجمعة الماضية عن بعض أسماء الله الحسنى، وحيث إن معرفة ما لله -عز وجل- من الأسماء الحسنى والصفات العلى يزيد في الإيمان، ويعين على الثبات على الحق، ويجعل عبادة العبد لله على بصيرة، فسوف تكون لنا اليوم بعض الوقفات مع أسماء أخرى من أسماء الله الحسنى.
الخطبة الأولى:
الحمد لله المتفرد بأحسن الأسماء وأكمل الصفات، المتنزه عن العيوب والنقائص والآفات، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اصطفاه الله على جميع البريات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1-2].
عباد الله: إن العلم بالله أحَد أركانِ الإيمان، بل هو أصلُها، ومعرِفَة أسماء الله وصفاتِه أفضلُ وأوجَب ما اكتسبَته القلوب، وحصَّلته النفوسُ، وأدركته العقول، يقول ابن القيّم -رحمه الله-: "أطيَبُ ما في الدنيا معرفتُه -سبحانه- ومحبَّته".
والقرآنُ كلّه يدعو الناسَ إلى النظر في صفات الله وأفعالِه وأسمائه، والله يحبّ من يحبّ ذكرَ صفاته، وقد بشَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يقرَأ سورةَ الإخلاص بأنَّ الله يحبّه لما قال: "إني لأحِبّها لأنها صِفةُ الرحمن".
أيها الأحبة: تحدثنا في الجمعة الماضية عن بعض أسماء الله الحسنى، وحيث إن معرفة ما لله -عز وجل- من الأسماء الحسنى والصفات العلى يزيد في الإيمان، ويعين على الثبات على الحق، ويجعل عبادة العبد لله على بصيرة، فسوف تكون لنا اليوم بعض الوقفات مع أسماء أخرى من أسماء الله الحسنى.
فمن أسماء الله -تعالى-: (الملك)، ومعناه أنه ذو السلطان الكامل، والملك الشامل، وهو المتصرف بخلقه كما يشاء من غير ممانع ولا مدافع، (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود:56]، له الملك المطلق: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء:23]، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
بيده ملكوت السماوات والأرض، يحيي ويميت، يغني فقيراً ويفقر غنياً، ويضع شريفاً ويرفع وضيعاً، ويُوجِدُ معدوماً ويُعدِمُ موجوداً، يبتلي بالنعم، ويبتلي بالمصائب، ليبلو عباده: أيشكرون النعمة أم يكفرون؟ وهل يصبرون على المصائب أو يجزعون؟ يقلب الله الليل والنهار بالرخاء والشدة، والأمن والمخافة، كل يوم في شأن.
مُلكُه ظاهر في السماوات وفي الأرض، ويظهر تماماً حينما يتلاشى الملك عن كل أحد، حينما يُعرَضُ الخلائق عليه فرادى كما خُلقوا أول مرة، (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر:16].
ومن أسمائه -جل وعلا-: (الجبار) وللجبار ثلاثة معان: جبر القوة، وجبر الرحمة، وجبر العلو.
فأما جبر القوة: فهو -تعالى- الجبار الذي يقهر الجبابرة ويغلبهم بجبروته وعظمته، فكل جبار -وإن عظم- فهو تحت قهر الله وجبروته، وفي يده وقبضته.
وأما جبر الرحمة: فإنه -سبحانه- يجبر الضعيف بالغنى والقوة، ويجبر الكسير بالسلامة، ويجبر المنكسرةَ قلوبهم بإزالة كسرها وإحلال الفرج والطمأنينة فيها، وما يحصل لهم من الثواب والعاقبة الحميدة إذا صبروا على ذلك من أجله.
وأما جبر العلو فإنه -سبحانه- فوق خلقه عال عليهم، وهو مع علوه عليهم قريب منهم يسمع أقوالهم ويرى أفعالهم، ويعلم ما توسوس به نفوسهم.
ومن أسمائه -تعالى- (القدوس): والقدوس هو الذي تقدس وتعالى عن كل نقص وعيب، فالنقص لا يجوز عليه ولا يمكن في حقه؛ لأنه -تعالى- الرب الكامل المستحق للعبادة.
ومن أسمائه: (السلام)، والسلام هو السالم من كل نقص وعيب، ومن مشابهة المخلوقين أو مماثلتهم، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى:11].
وروى البخاري وأبو داود وغيرهما أن رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ".
ومن أسماء الله -جل وعلا-: (القوي)، والقوة ضد الضعف، فهو -سبحانه- وتعالى يخلق المخلوقات العظيمة من غير ضعف، فلم يزل ولا يزال قوياً والخلق ضعفاء في ذاتهم وأعمالهم، يقول الله -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) [ق:38].
فهو القوي ذو القوة الكاملة، والخلق ضعفاء مهما بلغت قوتهم: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [الروم:54].
وردَّ على عادٍ الذين قالوا: من أشد منا قوة؟ فقال -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) [فصلت:15]. فكل قوة -مهما عظمت- فهي ضعيفة أمام قوة الخالق -جل وعلا-.
وهو -جل وعلا-: (المؤمِن)، خَلقُه آمِنون من أن يَظلِمَهم أو يَبخَسهم حقَّهم.
وهو (المهَيمِن) على خلقِه، مطَّلِعٌ على خفاياهم وخَبايا صدورِهم، فلا تأمَن مكرَ الله إن عَصَيتَه.
وهو (الشّهيدُ) على أقوالِ وأفعال عِباده، (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
وهو الكبير، كلُّ شيءٍ دونَه، ولا شيءَ أعظم ولا أكبر منه، (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر:67]، عن عبيدة، عن عبد الله -رضي الله عنه- قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك"، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). متفق عليه.
وهو (المتكبِّر) وحدَه، ولا يليق الكِبْرُ إلاّ به، ومن تكبَّر من خلقه فمأواه النار، قال -جل وعلا-: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر:60]. والعبدُ واجبٌ عليه التذلُّل والخضوع لربِّه والتواضعُ لعباده.
وهو (الخالِقُ)، أوجدَ الكونَ وأبدعه، فأبهَر مَن تأمَّله، خلاَّقٌ أتقَنَ ما خلَق، (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون:14].
وهو (البارِئ)، بَرَأ الخلقَ مِن عدَم؛ نجومٌ وشمس وقمَر، وخَلقٌ في الأفُق، كلٌّ في فلَكٍ يَسبحون، أَدهشَت من تفكَّر فيها وتذكَّر.
وهو (المصوِّر)، صوَّر خلقَه على صفاتٍ مختَلفة، وهيئاتٍ متباينة، (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ) [النور:45]، وخلَق الإنسان في أحسنِ صورةٍ، (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]، وحرَّم التصويرَ على خلقه، وتوعَّد المصوِّرينَ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمُصَوِّرُونَ" رواه البخاري، وقال: "كلُّ مصوِّرٍ في النار" متفق عليه.
عباد الله: تعرفوا على أسماء الله وصفاته، واعرفوا معناها، وتفكروا فيها، وتعبَّدوا لله -تعالى- بها، فإن ذلك من أجلّ القربات، ويعين العبد على طاعة الله، والتقرب إليه على علم ويقين وبصيرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف:180].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه...
أما بعد فاتقوا الله حق التقوى.
عباد الله : ومن أسماء الله -جل وعلا-: (الغفور)، فهو يمحو ذنوبَ مَن أنابَ إليه من عبادِه وإن تناهَت خطاياه، فقد غفَر لسحرَةِ فِرعون كُفرَهم وسِحرهم ومُبارَزَتهم لنبيِّهم بسجدةٍ واحِدة لله مقرونةٍ بتَوبة، (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82].
والله -جل وعلا- هو (القهَّار)، فالخلقُ تحت قَهرِه وقَبضته، ينزع روحَ من شاء متى شاء، لا يقع في الكونِ أمرٌ إلا بمشيئتِه ولو سعَى العبد إلى تحقيقه.
وهو (الفتَّاح)، يَفتح أبوابَ الرزق والرحمة وأسبابها لعبادِه، ويفتح عليهم المنغَلِقَ من أمورهم وأَحوالهم.
وهو (الرزَّاق)، يرزُقُ العبدَ من السماء والأرض، (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ) [سبأ:24]، عمَّ برِزقِه كلَّ شيء، فما من دابَّة في الأرض إلاّ على الله رِزقُها، رزَقَ الأجنّةَ في بطونِ الأمّهات، ورزق السِّباع في القِفار، والطيورَ في أعالي الأوكار، والحيتانَ في قعر البِحار.
وهو (الوهَّاب) جل وعلا، يعطِي من أراد ما شاءَ، بِيده خزائن السّموات والأرض، وهَب ذرّيّةً طيّبة لأنبياء بعد بلوغِهم من الكِبَر عِتيًّا، وسأل سليمان ربَّه الوهّاب مُلكًا لا يَنبَغي لأحدٍ مِن بعدِه، فوهبه آياتٍ وعِبرًا مِنَ العطاء؛ رِيحا وجِنّا وعَين قِطرٍ مسخَّرات بأمرِه.
وهو (اللطيف)، يلطف بعباده، ويسوق الرزقَ إليهم وهم لا يشعرون.
وهو (الخبير) بأمورِ العِباد، لا يخفَى عليه شيءٌ، مطَّلِعٌ على حقيقةِ كلِّ أمر، (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [الفرقان:59].
وهو (الحليم)، لا يعجِّل العقوبةَ على عبادِه بِذنوبهم، ولا يحبِس إنعامَه وأفضاله عنهم بخطيئاتهم، يَعصونه ويرزُقهم، يذنِبون ويمهلهم، يجاهِرون ويستر عليهم، (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [يونس:11].
وهو (العظيم)، إذا تكلَّم بالوحي أخذَتِ السموات منه رجفةٌ أو رِعدةٌ شديدة خوفًا من الله -عز وجل-، فإذا سمِع ذلك أهلُ السموات صُعِقوا وخرّوا لله سجَّدًا.
وهو (الشّكور)، يعطي الجزيلَ على اليسيرِ منَ العمل، ويَغفِر الكثيرَ مِنَ الزَّلَل، فلا تحقِر أيَّ عملٍ صالح وإن قلَّ، فالحسنة تتضَاعَف، قال -سبحانه-: (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) [الشورى:23].
وهو (الحفيظ)، يحفَظ أعمالَ العباد ويحصِي أقوالَهم، (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) [طه:52]، ويحفَظ عبادَه من المهالِكِ والمعاطِبِ، حفِظ يونسَ وهو في بطن الحوت في لُجَجِ البِحار، وحفِظ موسى وهو رضيعٌ في اليمّ؛ فتوكَّل على الله في حِفظ نفسك وأولادك، فلا تعاويذَ شركيّة، ولا تمائم ولا سَحَرَة ولا كُهّان.
وهو -سبحانه- (الشافي)، يشفي ويُعافي من الأمراضِ والأسقام، (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء:80]، والأدوية أسبابٌ يجب أن لا يتعلَّقَ القلب بها.
وهو (المنَّان)، يبدأ بالعطاءِ قبلَ السؤال.
والله -سبحانه- هو (المحسِن)، غمَر الخلقَ بإحسانه وفضلِه، (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195].
وهو (الكريم)، يعطي ويجزل في العَطاء، ليس بينه وبين خلقِه حِجاب، وإذا فتَح الرزقَ على عبدِه لم يمنَعه أحدٌ، قال -سبحانه-: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) [فاطر:2]، و"إذا سأَلَه عبدُه عطاءً ورفع إليه يدَيه يستحِي أن يردَّهما صِفرًا" رواه أحمد.
وهو (الرقيب)، لا يغفل عن خَلقِه ولا يضيِّعهم، (وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) [المؤمنون:17]، فهو مطَّلِع على ما أكَّنَته ضمائِرُهم، قال الحسن البصري -رحمه الله-: "رحِم الله عبدًا وقَف عند همِّه، فإن كان للهِ مضَى، وإن كان لغيرِه تأخَّر". فقِف وقفةً عند كلِّ عمَل، فإن كان لله فتقدَّم، وإن كان لغيره فتأخَّر.
وهو (الودود)، يتودَّد إلى عبادِه بالنّعَم وترك العصيانِ، ومن ترَك شيئًا لأجلِه أعطاه المزيدَ. وهو ذو محبَّةٍ لعبادِه الصالحين، يحِبُّ التوابين منهم والمتوكِّلين والصابِرين.
وهو (المجيد)، ذو مَجدٍ ومَدح وثَناء كريمٍ، لا مجدَ إلا مجدُه، وكلُّ مجدٍ لغيره إنما هو عطاءٌ وتفضُّل منه -سبحانه-.
وهو (الحميدُ)، مستَحِقٌّ للحمد والثناءِ بفعالِه، يُحمَد في السراء والضراءِ، وحمدُه من أجلّ الأعمال، قال -صلى الله عليه وسلم-: "والحمدُ لله تملأ الميزانَ، وسبحان الله والحمد للهِ تملآن -أو تملأ- ما بين السمواتِ والأرض" رواه مسلم.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم