عناصر الخطبة
1/عبادات ينبغي الحرص عليها في رمضان 2/من سنن الصيام 3/من أخطاء الصائمين 4/مفطرات الصيام 5/مما يباح للصائماقتباس
فأكثروا -عبادَ الله- من تلاوة القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، والحسنة منه بعشرِ حسنات إلى سبعمائة ضعف، فلو قرأ الإنسان صفحة واحدة -وهي لا تأخذ من وقته دقيقةً واحدة- فيها ما يقارب ستمائة حرف، يعني ما يقارب ستَ آلافِ حسنة...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بعد:
عبادَ الله: احرصوا على اغتنام شهرِ رمضان بالأعمال الصالحة، ومن هذه الأعمال التي فيها فضلٌ عظيم قراءة القرآنِ، فهذا شهرُ القرآن، قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185]، وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ".
فتأملوا -عبادَ الله- كيف يجتمع أفضلُ الرسلِ من البشر مع أفضلِ الرسلِ من الملائكة على كتابِ الله ومدارسته؟ وتأملوا إلى أثر القرآن، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يزداد جوده بسبب مدارسة القرآن، فهو حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخير من الريح المرسلة.
فأكثروا -عبادَ الله- من تلاوة القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، والحسنة منه بعشرِ حسنات إلى سبعمائة ضعف، فلو قرأ الإنسان صفحة واحدة -وهي لا تأخذ من وقته دقيقةً واحدة- فيها ما يقارب ستمائة حرف، يعني ما يقارب ستَ آلافِ حسنة!.
كذلك من العبادات التي يحرص عليها المسلم تفطيرُ الصائمين، فقد جاء في مسند أحمد والترمذي وعند ابن ماجه من حديث زيد بن خالد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من فطّر صائماً كان له مثلُ أجرِه، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً"، ويدخل في الصائمين أهلك في البيت فاحتسب الأجر فيهم.
وكذلك من العبادات العظيمة أداءُ العمرة، فقد جاء الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لامرأة من الأنصار اسمها أمُ سِنَان: "فإذا جاء رمضان فاعتمري؛ فإن عمرةً فيه تَعدِل حجة"، وفي لفظ: "حجة معي"، فمن كان حجزُ العمرة متيسراً له فليبارد لأداء العمرة.
كذلك من العبادات العظيمةِ صلاةُ التراويح، وصلاةُ التراويح سُميت بذلك لأنهم كانوا يصلون أربعَ ركعات، ركعتين ركعتين ثم يستريحون، ثم يصلون أربعاً، ركعتين ركعتين ثم يستريحون، ثم يصلون ثلاثاً، وتُسمى قيامُ رمضان، جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدمَ من ذنبه".
والأفضل الاقتصار على إحدى عشرة ركعة؛ لما جاء في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة"، والأفضلُ في صلاةِ التراويح أن يصليها الإنسانُ مع الجماعةِ؛ لأن هذا هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعل الصحابة -رضي الله عنهم-، وإن صلاها لوحده فلا بأس.
فيحرصُ المسلمُ على أداء هذه الصلاة مع الإمام والوترِ معه، فقد جاء عند الترمذي وفي سنن أبي داود من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام مع الإمام حتى ينصرفَ كُتب له قيامُ ليلة"(صححه الترمذي)، فإذا فرغ الإنسان من صلاة الوتر فإنه يقول: "سبحان الملك القدوس ثلاثاً".
وليحرص المسلم على تطبيق السنن، ومن ذلك السحور في آخر الليل، وتعجيل الفطر من حين غروب الشمس، ويبدأ المسلم على الرطب، فإن لم يتيسر يبدأ بالتمر، ويقول إذا أحس بجريان الطعام والماء في عروقه: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر -إن شاء الله-".
وأوصي إخواني في الاجتهاد في الدعاء بحضور قلب، فالدعاء له مزيةٌ في رمضان، فيدعو المسلم عند فطره، وفي آخر الليل، وأثناء صيامه، يجتهد بالدعاء؛ فللصائم دعوةٌ لا ترد.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا ممن وفقوا لاغتنام شهر رمضان بالأعمال الصالحة، فنالوا العتق من النار ومغفرة الذنوب، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
عباد الله: إن الصيام هو الإمساك عن المفطرات من طوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله، فإذا كان المؤذن يؤذن على الوقت فيجب الإمساك من بداية الآذان، وبعض الناس يقول: كل واشرب حتى يهلل، يعني حتى يقولَ المؤذن: "لا إله إلا الله"، وهذا خطأ، فقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كلوا واشربوا حتى يؤذن"، أي: حتى بداية الآذان بقوله: "الله أكبر".
ولنعلم -عبادَ الله- أن المفطرات التي يجب الإمساك عنها ستة:
المفطر الأول والثاني: الأكل والشرب، وهذا بإجماع العلماء، قال -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)[البقرة: 187]، ويلحق بالأكل والشرب ما يقوم مقام الأكل والشرب كالإبر المغذية، فإنها تُفطر الصائم، أما الإبر العلاجية كإبر السكر أو إبر تسكين الحرارة أو إبر لقاح كورونا فلا تفطر؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً، ولا تقوم مقام الأكل والشرب.
والمفطر الثالث: الجماع وهو أشد المفطرات، وفيه الكفارة المغلظة، وهي عتق رقبة، وإذا لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين، وإذا لم يستطع فإنه يطعم ستين مسكينا.
والمفطر الثالث: تعمد إخراج القيء، فإذا لم يتعمد إخراج الطعام من المعدة فصيامه صحيح.
والمفطر الرابع: إنزال المني، فإذا تعمد إخراج المني بيده أو بمباشرة أو بأي طريقة فإنه يفطر بذلك.
والمفطر الخامس: الحجامة، وعليه فلا يجوز للصائم التبرع بالدم في نهار رمضان إلا لضرورة كإنقاذ نفس، وبالنسبة لخروج الدم اليسير كتحليل الدم فإنه لا يُفطر.
والمفطر السادس: الحيض والنفاس.
فإذا وقع في شيء من المفطرات وهو عالمٌ ذاكرٌ مختار فإنه يفطر، وأما الجاهل والناسي والمكره فصيامه صحيح.
ويجوز للصائم أن يستعملَ السواك في نهار رمضان ولا يكره ذلك، ويجوز له أن يضع قطرة العين وقطرة الأذن، أما قطرة الأنف فلا يستخدمها في نهار رمضان؛ لأن الأنف منفذ للمعدة، ويجوز له استخدام بخاخ الربو كذلك في نهار رمضان فإنه لا يفطر.
واللهَ اللهَ -عبادَ الله- في الاجتهاد في ما بقي من هذا الشهر في كثرة الأعمال الصالحة، والحذر من الملهيات ودعاتها، ومن ذلك تلك القنوات السيئة التي تنشر الرذيلة وتحارب الفضيلة، بل وصل الأمر إلى الاستهزاء بالقرآن وبدين الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والاستهزاء بالدين كفرٌ أكبر يخرج من الإسلام، فاحذر -أيها المسلم- من متابعة ذلك؛ فإنك قد تشاركهم، الإثم يقول -تعالى-: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)[النساء: 140].
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكفينا شر هؤلاء المستهزئين، وأن يجعلهم عظة وعبرة، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا ممن يصومون رمضان إيماناً واحتساباً، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه وفي قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم