منافع الأرض وزلزالها

صالح بن عبد الرحمن الخضيري

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: الخلق والآفاق
عناصر الخطبة
1/أهمية التفكر في الكون 2/بعض آيات الله في الأرض 3/كثرة الزلازل وبعض دلالاتها وأسبابها 4/وسائل دفع النوازل والعقوبات الإلهية 5/شكر النعم وخطر جحودها 6/الاربتاط بين الذنوب والعقوبات الإلهية

اقتباس

هذه الزلازل لها أسباب كونية أوجدها العلي القدير -جل جلاله-، وهدى بعض العقول إلى اكتشاف بعض هذه الأسباب، ولكن هيهات أن يستطيع أحد من البشر أن يؤخرها عن موعدها فضلا عن إيقافها وإلغائها. فمن يستطيع أن يمنع الأرض عن زلزالها، أو تفجر بركانها، أو إغراق فيضانها، أو رد إعصارها، أو رفع وبائها، بل...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأراضين، ومالك يوم الدين، سبحانه من إله عظيم، شهدت له بالربوبية جميع مخلوقاته، وأقرت له بالإلهية جميع مصنوعاته، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[الإسراء:44].

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه.

اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

 

أما بعد:

 

فاتقوا الله -يا عباد الله-: وتفكروا في ملكوت في ملكوت السماوات والأرض، وانظروا بقلوبكم وأبصاركم إلى عظمة ما خلق الله في الكون، ففي ذلك زيادة الإيمان، وخشوع القلب، وتعظيم الرب، قال تعالى: (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)[يونس: 101].

 

تأملوا خلق الأرض على ما هي عليه حين خلقت واقفة ساكنة، لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والأمتعة، وليتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحتهم، والنوم لهدوئهم من أعمالهم.

 

ولو كانت رجراجاة منكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارا ولا هدوءا، ولا ثبت لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعة ولا تجارة ولا حراثة، ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنون العيش والأرض ترتج من تحتهم.

 

واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة مكثها، كيف تصيرهم إلى ترك منازلهم، والهرب عنها، وقد نبه الله -جل جلاله- على ذلك بقوله: (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ)[النحل: 15].

 

وقال سبحانه: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا)[غافر: 64].

 

وقال سبحانه: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا)[طه: 53].

 

أيها المسلمون: آيات هذه الأرض التي تعيشون عليها كثيرة، قال ربنا -سبحانه- وبحمده: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ)[الذاريات: 20].

 

فمن ذلك: خلقها وحدوثها بعد عدمها، وهو دليل على عظمة الخالق القوي.

 

ومن ذلك: بروز هذا الجانب من الأرض من الجانب فيها عن الماء مع كون مقتضى الطبيعة أن يكون مغمورا به.

 

ومن هذه الآيات: سعة الأرض، وكبر خلقها.

 

ومنها تسطيحها: (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية: 20].

 

ومنها: جعلها فراشا لتكون مقرا للحيوان، ومساكنه.

 

وجعلها مهادا ذلولا توطئ بالأقدام، وتضرب بالمعاول والفؤوس، وتحمل على ظهرها الأبنية، والأشياء الثقال، فهي ذلول مسخرة للعباد.

 

وجعلها الخالق القادر -سبحانه وتعالى- بساطا.

 

وجعلها كفاتا للأحياء تضمهم على ظهرها، وللأموات تضمهم في بطنها، قال سبحانه وبحمده: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا * وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ)[المرسلات: 25-28].

 

لقد جعل الخالق القوي الجبال الراسيات سببا في استقرار الأرض وثباتها، فهي أوتاد الأرض، فسبحان الخلاق العليم الذي أحسن كل شيء خلقه.

 

ومن آيات الله في الأرض: أن جعلها مختلفة الأجناس والصفات والمنافع، مع أنها قطع متجاورات متلاصقة، فهذه سهلة، وهذه طيبة تنبت، وهذه خفيفة لا تنبت، وهذه تربة، وهذه صلبة، وتأمل قول الله: (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ)[الرعد: 4].

 

فالمطر ينزل عليها جميعا، فتنبت الأرض الأنواع المختلفة، والأزواج المتباينة الشكل واللون والرائحة، والطعم والمنفعة: (يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ).

 

(وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً) أي ميتة: (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ) أي تحركت: (وَرَبَتْ) أي ارتفعت واخضرت: (وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)[الحج: 5].

 

فمن الذي جعل فيها الجنات والحدائق؟ من الذي فجر فيها من العيون؟

 

(أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[النمل: 61].

 

أيها المسلمون: كثرة الزلازل من أشراط الساعة، وقد روى الإمام أحمد بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بين يدي الساعة مَوَتان شديد، وبعده سنوات الزلازل".

 

وفي صحيح البخاري: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج" وهو القتل: "حتى يكثر فيكم المال ويفيض".

 

وروى ابن ماجة والحاكم عن أبي الزبير عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله عليه وسلم: "يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف".

 

إن هذه الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات وغيرها مما ينزل بالناس تدل على عظيم الله الواحد القهار: (وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)[الرعد: 11].

 

فوقوعها بقدر الله القدير، ولحكم وأسرار يعمى عن ذلك أكثر البشر، ولذنوب العباد ومعاصيهم دور كبير في نزول هذه العقوبات، وحصول هذه الآيات، ولكن قل من يعتبر، قال تعالى: (وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)[يونس: 101].

 

إن البشر في غاية الضعف والعجز أمام أقدار الله التي تنزل، وعقوباته التي تحل، قال تعالى: (أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ)[فاطر: 15-17].

 

وقال سبحانه: (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)[الشورى: 31].

 

هذه الزلازل لها أسباب كونية أوجدها العلي القدير -جل جلاله-، وهدى بعض العقول إلى اكتشاف بعض هذه الأسباب، ولكن هيهات أن يستطيع أحد من البشر أن يؤخرها عن موعدها فضلا عن إيقافها وإلغائها.

 

فمن يستطيع أن يمنع الأرض عن زلزالها، أو تفجر بركانها، أو إغراق فيضانها، أو رد إعصارها، أو رفع وبائها، بل جميع ذلك إلى الله القدير، ف(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الملك:1].

 

حق على العباد أن يتوبوا إلى الله ويستغفروه إذا رؤوا هذه الآيات.

 

أن يكثروا من التضرع إلى ربهم ودعائه، قال -تعالى-: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا)[الإسراء: 59].

 

قال ابن رجب -رحمه الله-: "وقد روي عن طائفة من علماء أهل الشام، أنهم كانوا يأمرون عند الزلزلة بالتوبة والاستغفار، ويجتمعون لذلك، وربما وعظهم بعض علمائهم وأمرهم ونهاهم".

 

وروي عن عمر بن عبد العزيز: أنه كتب إلى الأنصار: "إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به عباده، فمن استطاع أن يتصدق فليفعل؛ فإن الله يقول: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى)[الأعلى: 14].

 

وقولوا كما قال نوح -عليه السلام-: (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[هود: 47].

 

وقولوا كما قال إبراهيم -عليه السلام-: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)[الشعراء: 82].

 

وقولوا كما قال موسى -عليه السلام-: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)[القصص: 16].

 

وقولوا كما قال ذو النون -عليه السلام-: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87].

 

جميع ما يحدث من نقص وبلاء، وكوارث وغلاء، من أعظم أسبابه ذنوبنا ومعاصينا، فما وقع بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، والقدر يدفع بالقدر.

 

فعلينا أن ندفع هذه النوازل والعقوبات؛ بالتوبة، والاستغفار، والتضرع، والصدقات، ورفع المظالم، وفعل الواجبات.

 

إننا -يا عباد الله-: نعيش في أمن ورغد من العيش، وصحة في البدن، فإن شكرنا الله زادنا من فضله، وإن أعرضنا عن ديننا، ونبذنا أوامر الله وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فليغيرن الله هذه النعم، قال سبحانه: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)[النحل: 112].

 

وقال سبحانه: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد: 11].

 

وقال سبحانه: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7].

 

وتأملوا في هذه الآية: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الأنعام: 42-45].

 

فنعوذ بالله أن نأخذ بغتة، ونعوذ بالله من بأسه وعقابه، قال تعالى: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا * أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً * أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا)[الإسراء: 67-69].

 

فاتقوا الله -يا عباد الله-: فإن العقوبة إذا نزلت عمت الجميع.

 

أين أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر؟

 

أين العناية بأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين؟

 

أما تخلف عن صلاة الفجر أعداد من المسلمين قد أصح الله أبدانهم وأدر أرزاقهم؟

 

أما أكل الربا، وقد لعن آكله مع كاتبه وشاهديه وعد في كتاب الله من المحاربين لله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ)[البقرة: 278-279].

 

أما وجد من يسخرون من المتمسكين بدينهم؟

 

ماذا فعلت قنوات الفساد والمواقع الإباحية بأخلاق بعض المسلمين هذه القنوات الإبليسية التي أوقفت للشيطان لتنقل وتبعد عن الله لما تنشر من سحر وشرك، ورقص وغناء، وأفكار سيئة، تصاحب ذلك دعاة يدعون إلى اختلاط النساء بالرجال، بأقوالهم وأفعالهم، وأموالهم؟

 

وويل لهم من وعيد شديد، قال القوي العزيز: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النور: 19].

 

لقد أثرت بعض القنوات والمواقع على القلوب، فأفسدتها، أبعدت البعض عن المساجد، وتلاوة القرآن، والتلذذ بمناجاة الله.

 

أبعدتهم عن التذكير بالله، والاستعداد للقائه، حتى أصبح بعض الناس لا يفكر إلا في الدنيا وشهواتها، ثقلت عليهم الفرائض، وحاولوا التفلت من الأوامر والنواهي، بتتبع رخص الفقهاء، وشواذ الأقوال والفتاوى التي لم تبن على أصول متينة.

 

لقد استعمل بعض الناس نعم الله في معاصيه، فجعل من وسائل الاتصال الحديثة؛ كالهاتف والجوال، وغيرهما وسيلة لنيل مآربهم السيئة، معاكسات ومكالمات، وكلمات ونظرات محرمة، أحصاها الله: (وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[المجادلة: 6].

 

ومن ثم وقوع هذه الفاحشة -والعياذ بالله- قال تعالى محذرا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً)[الإسراء: 32].

 

قال أقوام لأم المؤمنين عائشة حدثيني عن الزلزلة، قالت: "إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت ما بينها وبين الله -عز وجل- من حجاب، وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها نارا وشنارا، فإذا استحلوا الزنا وشربوا الخمور بعد هذا وضربوا المعازف غار الله في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا وإلا هدمها عليهم، فقال أنس: عقوبة لهم؟ قالت: رحمة وبركة وموعظة للمؤمنين، ونكالا وسخطة وعذابا للكافرين" [رواه الحاكم].

 

وقد تزلزلت الأرض على عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: "أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه، والذي نفسي بيده إن عادت لا أساكنكم فيها أبدا" [رواه أبو الدنيا].

 

نعم إن ما يحدث الناس من المعاصي والذنوب؛ تسبب عقوبات من الله -عز وجل-؛ روى ابن أبي شيبة وابن جرير عن قتادة قوله تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا)[الإسراء: 59].

 

قال: "يخوّف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال: "يا أيها الناس، إن ربَّكم يستعتبكم فأعتبوه".

 

فتوبوا إلى ربكم -يا عباد الله-: توبوا إلى الله واستغفروه، وردوا المظالم، وأكثروا من التضرع والدعاء والصدقة والصيام والإحسان، عسى ربكم أن يرحمكم.

 

اللهم تب علينا، وأعف عنا.

 

اللهم يا من يمسك السماء والأرض أن تزولا أمسك عنا كل سوء.

 

اللهم اصرف عنا وعن إخواننا كل سوء يا رب العالمين.

 

 

 

 

المرفقات

الأرض وزلزالها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات