عناصر الخطبة
1/ مرض القلوب من الذنوب 2/ أصل عافية العبد أن يتوب 3/ لماذا نتوب؟ 4/ نماذج وصور مضيئة للتائبين 5/ أحلى الأقوال وأجمل الألفاظ في حياة التائبين 6/ وقفة تأمل مع التائبين 7/ صور من قصص التائبين 8/ نصائح لمن أراد السلامة والنجاة في الدنيا والآخرةاقتباس
سبحانه غفورٌ رحيم، من أعظم منه جوداً والخلق له عاصون، وهو يراقبهم ويكلأهم ويحفظهم كأنهم لم يعصوه. من ذا الذي دعاه فلم يجبه، من ذا الذي سأله فلم يعطه، من ذا الذي رجاه فقطع رجاه، هو الفضل ومنه الفضل، وهو الجواد ومنه الجود، وهو الكريم منه الكرم، ومن كرمه أن غفر للعاصين والسائلين وأحب التوابين والمتطهرين ..
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، وأشهد أن لا إلا الله القائل: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) [آل عمران:135].
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله القائل: «أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة» [رواه مسلم، رقم: «2702»].
عباد الله: أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله ومراقبته بالليل والنهار فهو القائل: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].
عباد الله: ماذا بعد الصحة إلا السقم؟! ماذا بعد البقاء إلا الفناء؟! ماذا بعد الشباب إلا الهرم؟! ماذا بعد الحياة إلا الممات؟!
إخوة الإيمان إنما مرض القلوب من الذنوب، وأصل العافية أن تتوب.
التوبة وما أدراكم ما التوبة.. التوبة باب الأمل.. التوبة باب مفتوح.
التوبة دموع حارة.
يقول تعالى: ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [الحجر:49].
سبحانه غفورٌ رحيم، من أعظم منه جوداً والخلق له عاصون وهو يراقبهم ويكلأهم ويحفظهم كأنهم لم يعصوه.
من ذا الذي دعاه فلم يجبه، من ذا الذي سأله فلم يعطه، من ذا الذي رجاه فقطع رجاه، هو الفضل ومنه الفضل، وهو الجواد ومنه الجود.
وهو الكريم منه الكرم ومن كرمه أن غفر للعاصين والسائلين وأحب التوابين والمتطهرين.
عباد الله:..
التوبة أن يقف العبد المذنب المقصر, وكلّنا مذنبون وكلنّا مقصّرون، يقف العبد التائب أمام ربه مُنكسر القلب خاشع الجوارح, ولسان حاله ومقاله يقول يا رب: ليس لي ربّ سواك يقبل توبتي، من يغفر لي إن لم تغفر لي؟! من يرحمني إن لم ترحمني يا رب العالمين؟!.
إلهي لست للفردوس أهلاً *** ولا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبةً واغفر ذنوبي *** فإنك غافر الذنب العظيم
أيها المسلمون:
قد يقول قائل: لماذا نتوب؟ ما هي معاصينا؟ ما هي جرائمنا؟ فأقول:
تتوب يا عبد الله لأنَّ الله أمرك وأمر كل مؤمن معك.
فقال تعالى: ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [النور:31].
تتوب لأن ميزانك سيُنصب أمام عينيك يوم القيامة فتوضع حسناتك في كفة وسيئاتك في كفة، ولا ترجح الحسنات إلا بالتوبة النصوح التي تمحو السيئات.
تتوب يا عبد الله؛ لأن الله يحب التوابين ويحب الأوابين ويحب المستغفرين.
تتوب يا عبد الله حتى يفرح الرب، وتسعد الملائكة، وتغيظ الشيطان، وتُفرح الأخوان، وتُخزي الأعداء، وتُبّيض صحيفتك، وترفع درجتك، وتوسع قبرك، وتُعلي قدرك.
تتوب يا عبد الله لأن الله يقول: ( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [الحجرات:11].
ها هو عبدٌ من عباد الله: أطاع الله أربعين عاماً، وعصاه أربعين، فنظر إلى وجهه في المرآة، وقد كبرت سنه وشاب شعر رأسه، فقال: يا رب أطعتك أربعين وعصيتك أربعين، فهل إذا جئتك قبلتني؟ فسمع منادياً يقول له: أطعتنا فقرّبناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك.
الله أكبر ما أحلم الله بنا! وما أرحمه بنا!
عبد الله! هل أتاك خبر تلك المرأة المؤمنة التي زنت وغفلت عن رقابة الله للحظات، لكن حرارة الإيمان وخوفها من الرحمن أقَضَّت مضجعها فلم يهدأ بالها ولم يقر قرارها قائلةً "عصيت ربي وهو يراني كيف ألقاه وقد نهاني": ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) [الإسراء:32].
والمعصية تتأجج ناراً في قلبها، وقُبح الفاحشة تشتعل في صدرها، لم تقنع بالتوبة بينها وبين ربها، فقالت: يا رسول الله أصبت حداً فطهرني، فينصرف عنها – صلى الله عليه وسلم- يمنة ويسرة ويردها، وفي الغد تأتي وتقول: لِمَ تردني يا رسول الله، لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لحبلى من الزنا, فقال –صلى الله عليه وسلم- لها: «اذهبي حتى تلدي»، فيا عجباً لأمرها تمضي الشهور والأيام وحر المعصية يتأجج في صدرها وتأتي بالصبي في خرقة تتعجل أمرها.
يا رسول الله ها قد ولدته، فطهرني. عجباً لها فقال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه, سنتان ولم يطفئ حرَّها، فلما فطمته أتت بالصبي وفي يده كسرة خبز دليلاً لها، وقالت: «قد فطمته يا رسول الله»، وأكلُ الطعام بُرهانها.
فدفع –صلى الله عليه وسلم- الصبي إلى رجلٍ من المسلمين، ثم أُمر بها فحفُر لها إلى صدرها وأُمر بها فرجمت، فيُقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فينضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع النبي – صلى الله عليه وسلم- سبّه إياها, فقال: «مهلاً يا خالد، فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو وُزعت على أهل المدينة لكفتهم».
لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكسٍ لغُفر له، فصلّى عليها النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم - ودعا لها.
عباد الله: هل من توبة؟! هل من أوبة؟! هل من عودة؟! فالله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار وليتوب مُسيء الليل.
وليست التوبة لأصحاب الفواحش والمنكرات فقط، بل هي لكل مؤمن.
قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) [التحريم:8].
ونبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - كان «يتوب إلى الله ويستغفره في اليوم أكثر من سبعين مرة، وفي رواية أكثر من مائة مرة» [رواه البخاري].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نعد للنبي – صلى الله عليه وسلم - في المجلس الواحد: «رب اغفر لي وتب عليَّ؛ إنك أنت التواب الرحيم» [رواه البخاري في الأدب المفرد: «618» وأخرجه أحمد: «4726»].
والله جل وعلا ينزل إلى سماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله كل ليلة، فيقول: «هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من صاحب حاجة فأقضيها له ؟ هل من مستغفر فأغفر له»؟.
فيا عبد الله، فارق المعصية وأهل المعصية ومكان المعصية. وكل ما يُذكّرك بالمعصية، وأكثر من قوله تعالى: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:23].
ارفع صوتك بالنداء..
يا رب إن ذنوبي قد كثرت.. وليس لي بعذاب النار من قِبَل.. ولا أطيق لها صبراً ولا جلَداً.. فانظر إلهي إلى ضعفي ومسكنتي.. ولا تذقني حراً لجهنم غداً.
عبد الله:
يا من عوّدت لسانك على الغيبة والنميمة وقول الزور؛ تب إلى الله.
يا من أهملت أولادك وتركتهم لقرناء السوء، تُب إلى الله.
يا من تعودت على تأخير الصلاة، بادر من الآن وتب إلى الله.
عبد الله يا من تعوّدت على أكل الحرام تب إلى الله وعد إلى الحلال قبل أن يهجم عليك ملك الموت.
عبد الله لا تؤخر توبتك، كيف بك لو نزل بك الموت وأنت على غير توبة، أعقدت مع ملك الموت عقداً بعدم مجيئه؟ أم اتخذت عند الرحمن عهداً أن لا يقبض روحك حتى تتوب؟
عباد الله: ما أكثر نعم الله علينا وما أجلّها وما أشد تقصيرنا في شكرها ومع ذلك لم يحرمنا وما أكثر ما عصيناه ومع هذا لم يمنعنا.
عباد الله: نحن مع من تتعامل نحن نتعامل مع الذي عرض التوبة على الكفار وفتح طريق الرجعة أمام الفجار.
نحن نتعامل مع من لو عفا عن الخلق كل الخلق ما نقص من ملكه شيء، وهو القائل: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) [فاطر:15].
نحن نتعامل مع من رحمته سبقت غضبه، نحن نتعامل مع من اسمه التواب الغفار.
عباد الله: أحلى الأقوال وأجمل الألفاظ يوم يقول العبد: "يا رب أذنبت، يا رب أخطأت، يا رب أسأت, فيأتي الرد سريعاً من التواب الرحيم: عبدي غفرت، عبدي سامحت، عبدي عفوت".
يا رب..
إن الملوك إذا شابت عبيدهم *** في رقّهم عتقوهم عتق أبرار
وأنت يا سيدي أولى بذي كرم *** قد شبنا في الرق فأعتقنا من النار
عباد الله: دعونا نقف وقفة تأمل مع التائبين ونعيش معهم:
1- دينار العيار:
روي أن رجلاً كان يُعرف بدينار العيار كانت له والدة تعظه ولا يتعظ، فمر في بعض الأيام بمقبرة كثيرة العظام فأخذ منها عظماً فتفتت في يده، ففكر في نفسه، وقال لنفسه: ويحك يا دينار! كأني بك غداً قد صار عظمك هكذا رفاتاً، والجسم تراباً، وأنا اليوم أُقدم على المعاصي فندم وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء، وقال: " إلهي إليك ألقيت مقاليد أمري فاقبلني وارحمني"، ثم مضى نحو أمه متغير اللون مُنكسر القلب، فقال: يا أماه ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده؟ فقالت: يُخشِّن ملبسه ومطعمه ويغل يده وقدمه، فقال: أريد جبة من صوف وأقراصاً من شعير، وتفعلين بي كما يفعل بالعبد الآبق، لعل مولاي يرى ذُلي فيرحمني، ففعلت ما طلب، فكان إذا جنَّه الليل أخذ في بالبكاء والعويل.
ويقول لنفسه: "ويحك يا دينار ألك قوةٌ على النار كيف تعرضت لغضب الجبار"؟ وكذلك إلى الصباح، فقالت له أمه في بعض الليالي: "ارفق بنفسك"، فقال: دعيني أتعب قليلاً لعلي أستريح طويلاً ؟ يا أمي، إن لي موقفاً طويلاً بين يدي رب جليل، ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل أو إلى شر مقيل، إني أخاف عناء لا راحة بعده، وتوبيخاً لا عفو معه، قالت: فاسترح قليلاً فقال: الراحة أطلب؟ أتضمنين لي الخلاص؟ قالت فمن يضمنه لي؟ قال فدعيني وما أنا عليه، كأنك يا أماه غداً بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار، فمرت به في بعض الليالي وهو يقرأ قوله تعالى: ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) [الحجر:92] يتأمل فيها يرددها، فقالت: قُرّة عيني أين الملتقى؟
فقال بصوتٍ ضعيف: "إن لم تجديني في عرصات القيامة، فاسألي مالكاً خازن النار عني"، ثم شهق شهقة مات فيها, فجهزته وغسلته، وخرجت تنادي: أيها الناس هلموا إلى الصلاة على قتيل النار، فجـاء الناس، فلم يُر أكثر جمعاً ولا أغزر دمعاً من ذلك اليوم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
لا زلنا وإياكم في رحاب التائبين:
2- توبة امرأة بارعة الجمال أرادت أن تفتن الربيع بن خثيم أحد التابعين.
أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن خثيم لعلها تفتنه، وجعلوا لها، إن فعلت ذلك، ألف درهم، فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه، ثم تعرضت له حين خرج من مسجده فنظر إليها فراعه أمرها، فأقبلت عليه وهي سافرة، فقال لها الربيع : "كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟ أم كيف بك لو سألك منكر ونكير؟ أم كيف بك إن لم تتوبي يوم ترمين في الجحيم"؟ فصرخت وولت هاربة تائبة عابدة عائدة إلى الله، قائمة لليل صائمة للنهار، حتى لُقبت بعابدة الكوفة.
3- توبة شاب مُسرف على نفسه على يد إبراهيم بن أدهم.
روي أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له: يا أبا إسحاق إني مُسرفٌ على نفسي بالمعاصي، فأعرض علي ما يكون لها زاجراً ومستنقذاً لقلبي، قال: "إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة "قال: هات يا أبا إسحاق!
قال: أما الأولى: فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل من رزقه، قال: فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه؟ قال: يا هذا! أفَيَحْسُن أن تأكل رزقه وتعصيه؟
قال: لا، هات الثانية.
قال: إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده. قال الرجل: هذه أعظم من الأولى! يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن؟ قال: يا هذا! أفيَحسُن أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟
قال: لا، هات الثالثة.
قال: إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعاً لا يراك فيه مبارزاً له، فاعصه فيه. قال: يا إبراهيم! كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر؟ قال: يا هذا أفيَحْسُن أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهر به؟
قال: لا، هات الرابعة.
قال: إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك، فقل له: أخِّرني حتى أتوب توبة نصوحاً، وأعمل لله عملاً صالحاً. قال: لا يقبل مني! قال يا هذا، فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير، فكيف ترجو الخلاص؟
قال: هات الخامسة: قال: إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم. قال: لا يتركونني ولا يقبلون مني، قال: فكيف ترجو النجاة إذاً؟ قال له: يا إبراهيم حسبي، حسبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه، ولزمه في العبادة حتى فرَّق الموت بينهما.
عبد الله:
1- جدد توبتك كل ليلة قبل أن تنام، وحقّق شروطها فلعلها تكون آخر نومة.
2- رُد الحقوق المغتصبة إلى أصحابها، فهذا من تمام التوبة.
3- من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
4- أتبع السيئة الحسنة تمحها، فالحسنات يذهبن السيئات.
5- صاحب التائبين، وجالس الصالحين يذكرونك بالله، فالمرء على دين خليله.
6- لا تنس سيد الاستغفار صباحاً ومساء، قل: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» [رواه البخاري في صحيحه من حديث شداد بن أوس].
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا *** واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا
في كل يوم لنا ميت نشيّعه *** نحيي بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي وللأموال أجمعها خلفي *** وأخرج من دنياي عُريانا
هذا وصلوا - عباد الله- على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم