اقتباس
معركة البويب كانت تستحق لقب أعظم معارك العراق لولا القادسية والتي استحوذت على الشهرة كلها، ولكن رغم شهرة القادسية إلا أن انتصار البويب كان له مذاق آخر، فقد أدرك المسلمون ثأرهم في شهر رمضان المبارك، وعلى ضفاف النهر الذي غرق فيه معظم شهداء يوم الجسر، فكان الانتصار الأروع رغم عدم الشهرة والمجهولية عند كثير من الناس.
رمضان شهر مبارك حافل بالانتصارات والمشاهد الكبرى في حياة المسلمين، زاخر بالأحداث الهامة التي مثلت للأمة نقاطاً مضيئة في تاريخها، وإن كانت شهرة بعض الأحداث والوقائع قد غطت على غيرها، وطار لها الذيوع والشيوع بين المسلمين، مثل بدر وفتح مكة وعمورية وعين جالوت، إلا أن بعض هذه المواقف والوقائع كان لا يقل أهمية وعظمة من الوقائع التي طارت لها الشهرة والقبول بين الناس، وهذه المعركة التي سوف نتحدث عنها كانت واحدة من أهم الوقائع المجهولة في تاريخ المسلمين على الرغم من روعة الانتصار فيها، وأسطورية البطولة الإسلامية فيها والتي لا تساميها ولا تدانيها أي بطولة أخرى، وكيف لا إنها بطولات الصحابة وتابعيهم ممن كان الواحد منهم بألف، ولا يعلم عدو ثبت أمامهم فواق ناقة في القتال. إنها معركة البويب بأرض العراق، على ضفاف الفرات، في 12 رمضان سنة 13هـ / 9 نوفمبر 634 م.
تغيير استراتيجية الجهاد بالعراق:
منذ أن رفعت راية الجهاد على الجبهة العراقية في بداية السنة الثانية عشرة من الهجرة على يد القائد المظفر "خالد بن الوليد"، وخاض المسلمون معارك طاحنة هائلة، وكلها متقاربة في التوقيت، ومع ذلك حققوا انتصارات كبيرة، أبهرت المنطقة بأسرها، وأرعبت الفرس الذين ظلوا لقرون يحتقرون العرب ويتعاملون معهم بازدراء وإهانة، وظل المسلمون ينتقلون من نصر لآخر، ويمزقون الجيوش الفارسية الواحد تلو الآخر، حتى جاء يوم الجسر حيث وقعت القيادة العامة للجيوش الإسلامية في غلطة عسكرية كبيرة أثناء معركة الجسر في 13 هـ ، وقد أدت لهزيمة المسلمين لأول مرة من الفرس، وتعرض المسلمون لخسارة قاسية راح ضحيتها 4 آلاف مسلم، وهو عدد ضخم وكبير لم يعرفه المسلمون طوال حياتهم منذ بدر حتى الجسر.
كان لوقع هذه الهزيمة الطارئة على المسلمين أثر بالغ في سياسة الخليفة "عمر بن الخطاب" من حيث إرسال الإمدادات، وتجهيز الجيوش المسلمة، خاصة بعد أن فر كثير من الجنود من أرض معركة الجسر، وهاموا على وجوههم خجلاً وحزناً من مصابهم، ولم يبق مع القائد الجديد "المثنى بن حارثة" -رضي الله عنه- سوى ثلاثة آلاف فقط، فسمح الخليفة -ولأول مرة- لمن سبقت ردته بالاشتراك مجاهداً في سبيل الله، وذلك بعد أن حظر عليهم الاشتراك في الفتوحات، خوفاً من خيانتهم للمسلمين، وحتى يحسن إسلامهم وتوبتهم، وكان كثير منهم يتحرق شوقاً لذلك تكفيراً عن خطيئته السابقة، وقام الفاروق أيضاً لأول مرة بسياسة "التحشيد القبلي" بإرسال مقاتلي القبيلة بأكملها، وكانت البداية مع قبيلة "بجيلة" -وكانت متفرقة بين القبائل- وذلك بناء على طلب كبيرهم الصحابي الجليل "جرير بن عبد الله البجلي"، وصارت تلك القبيلة عماد الجيوش الإسلامية بالعراق، وبذلك استطاع الخليفة "عمر بن الخطاب" أن يسد الفراغ الناشئ بعد الهزيمة الطارئة بمعركة الجسر، وفي نفس الوقت ابتكر سياسة جديدة حمست سائر القبائل من أجل المشاركة في القتال .
الفرس وسياسة ضرب الحديد بالحديد:
كان القائد الكبير "رستم" بحكم خبرته العسكرية الكبيرة والطويلة يعلم أن الهزيمة الطارئة يوم الجسر لا تمثل تغييراً كبيراً في ميدان القتال، فقرر التجهيز والتحضير لمعركة فاصلة يتم حشد قوات ضخمة من أجل إنهاء الوجود الإسلامي الطارئ بأرض العراق، واستعادة كرامة الفرس التي تمرغت في الوحل بسبب هزائم المسلمين، ومن أجل إعداد هذا الجيش الجرار طلب الاجتماع مع ملكة الفرس "بوران بنت كسرى"، وكانت ذات حكمة مشهورة، ومن أذكى النساء وأدهاهن، وأعلمهن بشئون الحرب، اجتمع بها كي يطلب منها اعتمادات مالية ضخمة؛ لتجهيز جيش جديد.
قرر "رستم" أن يعد جيشاً جديداً يحشد فيه أقوى الأسلحة الفارسية ألا وهو سلاح الفرسان، والفيلة، وأن يسند قيادته إلى شخص ذي مواصفات خاصة، شخص يعلم العرب جيداً، تربى وسطهم ويعرف عاداتهم وأخلاقهم، هذا الشخص هو "مهران بن باذان "، وكان من أمهر قادة الفرس، والعجيب أن مهران هذا هو ابن رجل مسلم ويعتبر من جملة الصحابة، وهو "باذان" الفارسي وكان عاملاً لكسرى على اليمن، ودخل في الإسلام بعدما تيقن من نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأبلى باذان في حروب الردة بلاءً حسناً حتى مات مسلماً في جملة الصحابة، فكان هذا القائد الجديد "مهران " يستحق وصف الكافر بن المؤمن، فالأب مؤمن يحارب في سبيل الله ونصرة الإسلام والابن كافر، قائد لجيوش الكفر، يحارب في سبيل المجوسية وعبادة النار.
التحرك الذكي:
اتبع المسلمون منذ بداية حركة الفتح الإسلامي بالعراق سياسة بث العيون ورفع الأخبار، وهو ما يعرف حديثاً بسلاح الاستطلاع وسلاح المخابرات، فقد كان المسلمون يتابعون التحركات الفارسية باستمرار، ويتابعون تطور الأوضاع في معسكر العدو، حتى لا يجدوا أنفسهم فجأة أمام متغيرات لم يحسب حسابها.
لذلك لم تخفى أخبار التطور الميداني في معسكر الفرس عن القائد "المثنى بن حارثة" الذي كان يعلم جيداً طبائع النفسية الفارسية بحكم كونه من قبيلة " شيبان " العراقية القريبة من الحدود الفارسية والمحتكة معهم في التجارة والسفر، لذلك عندما جاءته أخبار الجيش العرمرم الذي أعده رستم، تحرك سريعاً نحو منطقة أخرى غير تلك التي كان يعسكر فيها بالحيرة بعد هزيمة "الجسر" الطارئة، وقد اختار منطقة "البويب"؛ لتكون معسكره الجديد حتى يتمكن من الدفاع والمناورة، وأرسل رسالة إلى جرير بن عبد الله، ورسائل أخرى إلى أمراء القوات الإسلامية القادمة من المدينة بأن يتوجهوا إلى البُوَيب؛ لأنه قد عجل له أمر لا يستطيع معه البقاء في مكانه القريب من الحيرة، وتقدّم المثنى واختار المكان قبل أن يأتي الجيش الفارسي وعسكر في المكان، وكان المكان الذي اختاره في البويب غرب نهر الفرات.
المؤمن لا يلدغ مرتين:
وبعد فترة جاء المدد الإسلامي وانضم إلى جيش المثنى، وجاء الجيش الفارسي، وأصبح قوام الجيش الإسلامي ثمانية آلاف، وقوام الجيش الفارسي أكثر من مائة ألف مقاتل على الضفة الأخرى لنهر الفرات، وعلى نهر الفرات يوجد جسر، وكأن الأحداث تتكرر مرة أخرى، ومشهد يوم الجسر يتراءى للفريقين مرة أخرى، ولنا أن نتخيل هذا اللقاء الدامي بين جيش الفرس الذى يقدر بمائة ألف من الفرسان والمشاة، جاءوا في أفضل تسليح، وكانوا في غاية الحنق والغيظ ضد المسلمين، مشحونين بجرعات عالية من الكبر والتيه لانتصارهم الطارئ في معركة الجسر، وجيش المسلمين المكون من اثني عشر ألفاً من المقاتلين الأشداء الذين يتحرقون شوقاً للشهادة في سبيل الله، وللانتقام لقتلاهم يوم الجسر، والتكفير عن ذنب الفرار من المعركة يومها، وهى معادلة من وجهة النظر المادية المجردة من أسباب السماء محسومة لصالح الفرس المتفوقين في كل شيء إلا الإيمان، والذى لا ترجح معه أعظم قوة في العالم .
حاول القائد الفارسي "مهران" استدراج القائد المسلم "المثنى" حتى يقع في نفس الخطأ الذى وقع فيه قائد معركة الجسر "أبو عبيد الثقفي"، وعرض عليه أن يعبر المسلمون النهر "الفرات"؛ لتكون أرض المعركة في الضفة الشرقية، وبالتالي يكون المسلمون محاصرون بين الضغط الفارسي أمامهم ومياه النهر في ظهورهم، وكان الخليفة الراشد "عمر بن الخطاب " بعد يوم الجسر قد أوصى قادة الفتح بوصية نافعة ، فقال: (لا يعبر المسلمون بحراً ولا جسراً إلا بعد ظفر)، فامتنع "المثنى" من تكرار غلطة "أبي عبيد"، وعمل بنصيحة أمير المؤمنين، ورفض أن يعبر النهر، وطلب من الفرس أن يعبروا هم النهر إلى " البويب".
طلب القائد "المثنى بن حارثة" من جيش المسلمين أن يفطروا؛ لأن المعركة كانت في شهر رمضان، والصوم يضعف قوة المقاتل في المعركة، فنادى في الجند: "إنكم صوام، والصوم مرهقة مضعفة، وإني أرى من الرأي أن تفطروا، ثم تقووا بالطعام على قتال عدوكم"، فأطاع الجند وأفطروا جميعاً. وهكذا تكون الجندية طاعة كاملة لأوامر القائد الحكيم الفقيه، إذ ربما يعترض البعض ويؤثر الصيام على الفطر، فيضعف عن القتال، وربما يكون سبباً للهزيمة، وحالهم يشبه من قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما رفضوا الفطر، وأصروا على الصيام فأضعفهم: "أولئك العصاة"، وقال صلى الله عليه وسلم: " ليس من البر الصيام في السفر".
يوم الثأر والانتقام:
نظّم المثنى جيشه جيدًا، فجعل على الميمنة بشير بن الخصاصية -رضي الله عنه- وعلى الميسرة بُسر بن أبي رُهم -رضي الله عنه-، وكان المثنى في مقدمة الجيش، وجعل فرقة في الجيش باسم فرقة الاحتياط، كانت في المؤخرة لا تشترك في القتال وعلى رأس هذه الفرقة مذعور بن عدي وكان بطلاً شجاعاً يعدل خالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو -رضي الله عنهما-، وفرقة للخيول على رأسها أخوه مسعود بن حارثة، وعلى فرقة المشاة المُعَنَّى بن حارثة، وبدأ يحفِّز الجيش للقتال، ويمرُّ على كل قبيلة بمفردها قائلاً لأهلها: والله لا نحب أن نُؤْتَى من قِبَلِكُم اليوم، ولا أكره شيئًا لي إلا أكرهه لكم. ولم يذكِّر المسلمين على الإطلاق بموقعة الجسر، وذلك حتى لا يتذكروا الهزيمة في هذا الموقف الذي يحتاجون فيه إلى قوة عزيمة، وبأس شديد. وأمر الشعراء، فقام كل الشعراء يحمسون الناس بأشعارهم للقتال، ويذكرونهم بالله –تعالى-، وبموعوده الجنة أو النصر، رتَّب المثنى الجيش بصورة دقيقة ومنظمة للغاية، حتى قال المؤرخون: "إن صفوف المقاتلين كانت كصفوف المصَلِّين". ورأى المثنى رجلاً متقدمًا من مكانه في الصف فسأل عنه، فقال الناس: إنه كان ممن فروا يوم الجسر، وهو الآن يستقتل. فضربه المثنى على صدره، وقال له: أتستقتل وتهلك المسلمين؟ والله إنه إما النصر أو الشهادة.
دخل الجيش الفارسي المصيدة، والجيش الإسلامي في المنطقة الأمامية، وعلى مقدمة جيش الفرس ثلاثة أفيال، ويتبعها الجيش الذي لم يكن فيه أي مشاة، وإنما كانوا جميعًا من الفرسان، وتقدم الفرس وهم يصيحون صيحات مزعجة حتى يُوقِعُوا الرعب في جيوش المسلمين، وبهدوء عجيب يقول المثنى لجيشه: عليكم بالصمت والزموا أماكنكم؛ فإن ما يفعلون إنما هو فشل منهم، وَأْتَمِروا بهمس.
كان دخول الفرس إلى هذه المنطقة الضيقة خطأ عسكرياً بالغاً، فعندما يعبر الفرس يكونون شرق نهر الفرات، وفي غربهم البحيرة وفي شمالهم نهر البُوَيب، والجيش الإسلامي في المنطقة يحصر المنطقة بكاملها، وتدخل القوات الفارسية الضخمة في هذه المنطقة الضيقة، ويفتقد جيش الفرس عنصر الكثرة؛ لأن المساحة التي تركها المسلمون للفرس ضيقة، ويقف جيشهم بكامله صفوفًا خلف بعضهم، ويقابل صفهم الأول فقط صفَّ المسلمين الأول، ولا يستطيع أحد الدخول في المعركة غير الصف الأول من كلا الجيشين، فلا قيمة لعدد الجيش إذن، وإنما يُبْنى النصر أو الهزيمة على مدى قوة الصف المحارب من كلا الفريقين، وإن كان على المسلمين أن يحاربوا وقتًا طويلاً نظرًا لكثرة الجيش الفارسي، وكان هذا اختيارًا موفقًا من المثنى ، وتعويضًا لما حدث في معركة الجسر من اختيار سيئ لأرض المعركة.
بدأت المعركة الطاحنة، واليوم المشهود في 12 رمضان، وقد هبت نسائم النصر على الفئة القليلة المؤمنة، وبدأ الفرس يهجمون على ميمنة الجيش الإسلامي بقيادة بشير بن الخصاصية، وكان المثنى وهو في المقدمة قد رأى اعوجاجًا في صف البشير، فأشار إلى أحد الرسل أن يذهب إليهم ويقول لهم: الأمير يُقرِئُكُم السلام، ويقول لكم: لا تفضحوا المسلمين اليوم، فاعتدلت هذه الصفوف، ونظروا إلى المثنى فوجدوه يضحك، فازدادت معنوياتهم كثيرًا، خالط المسلمون الفرس، والتحم القلبان، واشتد القتال بصورة لم ير المسلمون والفرس مثلها، وكان "مسعود بن حارثة" أخو "المثنى" هو قائد الفرسان، وكان من أشجع الناس في القتال، فنادى في الناس -وكأنه شعر بدنو أجله-، واشتم رائحة الجنة، ورآها رأى العين –فقال: "إن رأيتموني قتلت فلا تدعوا ما أنتم فيه فالزموا مصافكم، وأغنوا غناء من يليكم" وفعلاً نال ما طلبه، وفاز بما سعى إليه، وسقط شهيداً، ولما رأى أخوه "المثنى" مصرعه، وتضعضع المسلمين نادى فيهم بأعلى صوته: "يا معشر المسلمين لا يرعكم مصرع أخي، فإن مصارع خياركم هكذا .
-وفكر المثنى بعد أن رأى صفوف الفرس الكثيرة متلاحمة تلاحمًا قويًّا، ويصعب السيطرة عليها وهي بهذا الوضع، فقرر أن يفرقها؛ لينتصر عليها، فنادى على جرير بن عبد الله وقبيلته بجيلة وكلفهم بضرب وسط الجيش الفارسي، وبدأ يضاعف الضربات على وسط الجيش الفارسي، واستطاع الجيش الإسلامي بالفعل أن يفصل الجيش الفارسي إلى جزأَيْن: أحدهما على اليمين والآخر على اليسار، وكلا الجزأين يفتقد الاتصال بالآخر، وازداد ضغط القوات الإسلامية حتى فُصِلَ الجيش الفارسي عن بعضه تمامًا، ووفَّق الله جرير بن عبد الله البجلي فقتل مهران بن باذان قائد الفرس، وكان لقتله أثر كبيرٌ على الفرس، حتى إن المسلمين اختلفوا بعد المعركة فيمن قتله، فقال جرير بن عبد الله: والله أنا قتلته. وقال منذر بن حسان: والله أنا قتلته. لكن معظم الأقوال: إن جريرًا هو الذي قتله، وبدأت قوى الجيش الفارسي تنهار أمام الضغط الإسلامي على جزأي الجيش المنقسم، وهذا كله يحدث دون أن تشترك المجموعة الاحتياطية بقيادة مذعور بن عدي؛ حتى تحمي ظهر المسلمين من أي التفاف ربما يحدث من الجيش الفارسي حول الجيش الإسلامي.
وعندها جاءت لحظة الثأر والانتقام لشهداء يوم الجسر، فعندما وقعت الهزيمة على الفرس وأرادوا الفرار من أرض المعركة، وكانوا قد عقدوا جسراً على النهر للعبور، فلما رأى القائد المثنى بن حارثة هزيمة الفرس انطلق كالسهم مخترقاً صفوف الفرس المنهزمة حتى وصل إلى الجسر، وقام بقطعة، ذلك ليقطع خط الرجعة على الفرس، وبالفعل وقع الفرس بين كماشة المسلمين، ودب الفزع والذعر في قلوب الفرس، وأصابهم ما يشبه الهستيريا، وفقدوا صوابهم بعدما رأوا أنفسهم لا ملجأ لهم ولا مفر من سيوف المسلمين التي حصدتهم حصداً تاماً، واعتورتهم سيوف ورماح المسلمين حتى أبادتهم تماماً، وقتل منهم أكثر من ثمانين ألف، واستمر المسلمون في أعمال مطاردة فلول المنهزمين من الفرس يوماً وليلة، حتى أبادوا البقية الباقية، وانتقم المسلمون لمصابهم في يوم الجسر وبنفس الطريقة، ولكن بعد أن قتلوا من الفرس أكثر من مائة ألفٍ فداءً للأربعة آلاف شهيد يوم الجسر.
معركة البويب كانت تستحق لقب أعظم معارك العراق لولا القادسية والتي استحوذت على الشهرة كلها، ولكن رغم شهرة القادسية إلا أن انتصار البويب كان له مذاق آخر، فقد أدرك المسلمون ثأرهم في شهر رمضان المبارك، وعلى ضفاف النهر الذي غرق فيه معظم شهداء يوم الجسر، فكان الانتصار الأروع رغم عدم الشهرة والمجهولية عند كثير من الناس.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم