عناصر الخطبة
1/الأصناف الذين تصرف لهم الزكاة 2/من تحرم عليهم الزكاة.اقتباس
احرصوا يا -عباد الله- على التحرّي في دفعها كي لا تُدفع في غير مَحِلها، واحرصوا على تفقّد الأُسَرِ الفقيرة، ومِن هؤلاء الأُسَر: أُسَرُ السجناءِ التي لا عائلَ لها، إلا سجينها وليس لها بعد الله إلا مَنْ يتابع أحوالها ويتفقّد حاجاتهم ومَنْ لم يتمكن من ذلك فبإمكانه معرفة أحوالهم عن طريق...
الخطبة الأولى:
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً، أمّا بعد:
عباد الله: اتقوا الله -تعالى- واعلموا أن في أموالكم حقوقاً كثيرة, أَعْظَمُها الزكاة؛ فهي الركن الثاني من أركان الإسلام, وهي قرينةُ الصلاةِ في مواضِعَ كثيرةٍ من كتاب الله -عزَّ وجلَّ-، وقد أجْمعَ المسلمونَ على فرْضِيَّتها إجماعاً قَطْعِيَّاً؛ فمنْ أنْكَر وجوبَها مع عِلْمِه به؛ فهو كافرٌ خارجٌ عن الإِسْلامِ، ومن بخِلَ بها أو انْتَقصَ منها شيئاً فهو من الظَّالمينَ المتَعرضينَ للعقوبةِ والنَّكالِ.
وأهل الزكاة هم المذكورون في قول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60]؛ ففي هذه الآيةِ الكريمةِ بيان مَصارفَ الزكاةِ، وحَصَرها في هؤلاءِ الأصناف الثمانيةِ.
فالصنف الأولُ والثاني: الفقراء والمساكين؛ وهم الذين لا يجدون كِفَايتَهم، وكفايةَ عائلتهم حتى ولو كانوا موظفين أو لهم أعمالا يقتاتون منها, لأن العبرة بالوصف وذلك بأن يكون فقيرا أو مسكينا. أما إذا لم يكن كذلك فلا تبرأ الذمة بإعطائه حتى ولو سألها. بل يجب أن يُنصح ويُذكّر بأن من سأل أموال الناس تكثّراً فإنما يسأل جمراً.
الصنفُ الثالثُ مِنْ أهلِ الزكاةِ: العامِلُون عليها؛ وهم الذينَ ينصِّبُهم وُلاَةُ الأمورِ لِجبايةِ الزكاةِ من أهلها وحِفْظِها وتصريفِها، فيُعْطَون منها.
الصنفُ الرابعُ: المؤلَّفَةُ قلوبُهم؛ وهم ضعفاءُ الإِيْمانِ أو مَنْ يُخْشَى شَرُّهُمْ؛ فيُعْطَونَ مِن الزكاةِ ما يكونُ به تقوية إيمانهم أوْ دفعُ شرهم إذا لم يندفع إلاَّ بإعطائِهِمْ.
الصنفُ الخامسُ: الرقَابُ وهم الأرقاء المكاتُبون الَّذِين اشْتَروا أنْفُسَهُم لِيُحَرِّروا بذلك أنْفُسَهم، ويجوزُ أنْ يُشْترى عَبْدٌ فيُعْتَق وأنْ يُفَكَّ بها مُسْلِمٌ من الأسْرِ لأنَّ هذا داخلٌ في عموم الرِّقَاب.
الصنفُ السادسُ: الغارِمُون الَّذِين يَتَحَمَّلُون غَرَامةً وهم نوعانِ:
الأول: مَنْ تَحمَّلَ دينا أو بذل ماله لإِصْلاحِ ذاتِ الْبَيْنِ وإطْفَاءِ فتنةِ؛ فيُعْطَى من الزكاةِ بقَدْرِ حَمَالتِه تشجيعاً له على هذا العملِ النَّبيْلِ الَّذِي به تأليفُ المسلمين وإصلاحُ ذاتِ بَيْنِهم وإطفاءُ الفتنةِ وإزالة الأحْقَادِ والتنافرِ.
الثاني: مَنِ تَحمَّل دينا في ذمتِه لنَفْسِه وليس عنده وفَاءٌ فيُعْطَى من الزكاةِ ما يُوفي به دينَه وإنْ كَثُر.
وأما من كان عليه دية قتل خطأ، كمن تسبب في موت أحد بحادث سيارة وما شابهه؛ فالأصل أن دية قتل الخطأ ليست عليه وإنما على عاقلته وهم عصبته، هم الذين يتحملونها، وهم الأب، والأجداد من جهة الأب، والإخوة الأشقاء والإخوة لأب، وأبناؤهم، والأعمام وأبناؤهم؛ فيقسم القاضي الدية على هؤلاء على حسب القرابة والغِنى؛ فالأقرب يتحمل أكثر من البعيد، والأكثر غنى يتحمل أكثر، والفقير لا شيء عليه، وهذه مسألة يجهلها الناس ولا يُعْمَلُ بها مع الأسف. فإذا لم تدفع عصبة الدية وليس عنده شيء فإنه يُعطى من الزكاة لأنه في هذه الحال يكون غارماً.
السابعُ من أهل الزكاة: في سبيلِ الله؛ وهو الجهادُ في سبيل الله الَّذِي يُقْصَدُ به أنْ تكون كلمةُ الله هي العُلْيا لا لحميَّةٍ ولا لعصبيَّةٍ، فيُعْطَى المجاهدُ بهذه النِّيَّةِ ما يكْفِيهِ لِجِهادِهِ من الزكاةِ. ويدخل في ذلك دفعها لطالب العلم، ويدخل في ذلك دفعها لمن أراد أن يحج الفريضة وليس عنده ما يحج به.
الثامنُ من أهل الزكاة: ابنُ السَّبِيْل وهو المسافُرِ الَّذِي انقطع به السَّفرُ ونَفَد مَا في يَدِه فيُعْطَى مِن الزكاةِ ما يُوصَلَه إلى بلدهِ وإنْ كان غنياً فيها.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم؛ وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم؛ أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِين, وَالعَاقِبةُ للمُتّقِين, وَلا عُدوانَ إِلا عَلَى الظَّالِمين, وَأَشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشهدُ أَنَّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تَسلِيماً كَثِيراً، أما بعد:
أيها المسلمون: اعلموا أن الزكاةَ لا تُدْفَع لكافر إلا أن يكونَ من المؤلَّفةِ قلوبهم، ولا لمن تجب نفقتُهُ ممن تحت ولايته في بيته من زوجةٍ وأولاد، لكن إذا كان ولدك في بيت مستقل وله أسرة، وهو فقير أو غارم فإنك تعطيه من الزكاة، وهكذا لو كان أبوك في بيت مستقل عنك وهو فقير أو غارم فإنك تعطيه من الزكاة، وَيُعْطَى الأخ والأخت من الزكاة من باب أولى، وتُعْطِي المرأةُ زوجَها من الزكاة إذا كان فقيرا أو غارما.
ولا يجوز لك أن تُسْقِطَ الدَّيْنَ عن الفقير الذي لك عنده مال وتنْويهُ عن الزكاةِ. ولا يجوز دفع الزكاة للمخيمات التي تعتني بتفطير الصائم لأنه يأتيها الفقير وغيره.
واحرصوا يا -عباد الله- على التحرّي في دفعها كي لا تُدفع في غير مَحِلها، واحرصوا على تفقّد الأُسَرِ الفقيرة، ومِن هؤلاء الأُسَر: أُسَرُ السجناءِ التي لا عائلَ لها، إلا سجينها وليس لها بعد الله إلا مَنْ يتابع أحوالها ويتفقّد حاجاتهم ومَنْ لم يتمكن من ذلك فبإمكانه معرفة أحوالهم عن طريق الجمعيات التي تعتني برعاية السجناء وتفقّد أسرهم؛ فإن ذلك من أعظم صنائع المعروف وتنفيس الكُرُبات.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ولا تردنا خائبين.
اللهم اجعلنا في هذا الشهر من عتقائك من النار اللهم أعتق رقابنا من النار يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين وانصر عبادك المؤمنين.
اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين.
اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان.
اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان.
اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين.
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.
اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم.
اللهم سلط عليهم منْ يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين.
اللهم من أراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء.
اللهم احفظ لهذه البلاد دينها وعقيدتها وعزتها وسيادتها.
اللهم احفظها ممن يكيد لها يا رب العالمين.
اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وبصّرهم بأعدائهم يا حيّ يا قيوم.
اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك.
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم ووسع مدخلهم وأكرم نزلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم