عناصر الخطبة
1/الطيب يأكل طيبا 2/خطر المخدرات وضررها 3/الوعيد الشديد لشارب الخمر 4/وجوب تحصين الشباب من هذه الآفةاقتباس
إذا علمنا وأيقنا بخطورة المخدرات ومقدماتها, كان لزاما أن نعمل على تحصين بيوتنا من أن يتسورها لصوص العقول والأخلاق, فلا يغرنكم بريق أماكن يكون فيها اختلاط يجتمع فيها الغث والسمين, قد تكون بوابة لهذا الوباء أو التلوث به...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عظيم في ربوبيته، عظيم في ألوهيته، عظيم في أسمائه وصفاته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:
أَيُّهَا النَّاسُ: "إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[المؤمنون: 51]".
تصح الأجساد بالطيبات من الطعام، وتحيى القلوب بالطيبات من الأعمال، وتستقيم السلوك بالطيبات من الأخلاق.
ديناً قويماً أحلَّ الطيباتِ لنا *** لا دينَ منْ سيبَ الأنعامَ أو بحرا
الطيبون لا يأكلون إلا طيبا، ولا يصاحبون إلا طيبا؛ (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)[النور: 26], من طاب نفسًا طاب أكلا.
ومنْ يكنْ طيباً فلا عجبٌ *** أَنْ يأْكُلَ النَّاسُ مِنْ أَطَايِبهِ
الطيبون والطيبات لا يرتادون إلا أماكن الطيب، يأنفون ويترفعون عن مواطن يختلط في الغث بالسمين، ويشوب طيبات الطعام فيها سلوك مشين.
جاء من جراء اختلاط البنات بالبنين مجالس, يبث فيها بعض السافلين سموما من مخدرات العقول والأخلاق، مخدرات أفسدت العقول، وحرفت السلوك، تقوض بنيان البيوت، وتزلزل سلوك المجتمع، وتهد اقتصاد وأمن البلد.
من أصابه غباره شرق بإدمانه، فإذا دخل بوابته فرق أسرته، ويتم أطفاله، وأصبح السجن داره؛ (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ)[النور: 40].
لو كانتِ الخمرُ حِلاًّ ما سمَحتُ بها *** لنَفسيَ الدّهرَ، لا سِرّاً ولا عَلَنا
فليَغفِرِ اللَّهُ كم تَطغَى مآرِبُنـــــــا *** وربُّنا قد أحَلّ الطيّباتِ لَنا
من تعاطاها حُرم إجابة الدعاء؛ "ذَكَرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ!، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟"(أخرجه مسلم).
لا تفسد العقول بالمخدرات إلا بعد فساد الأخلاق والسلوك؛ فيرى الباطل حقا والمنكر معروفا، فيمتزج أصحاب السوء وأرباب الشهوات بضعاف النفوس، ومن خلالها تُستدرج فلذات الأكباد, وتُغرى بالمال والمظهر والمركب، فما يفيق المسكين والمسكينة إلا وهم في شباك اللصوص، ويصبحون سلعة يبتزون بها ويتاجرون من خلالهم، وقد كانت البداية عبث وتهاون واختلاط، وعدم احتراز من قرناء السوء، وأقلها أن تجد منه ريحا وصفات خبيثة.
الدخان المخدر الأصغر والمؤثر الأكبر, والموبقات تتكون من خطوات يزينها الشيطان؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)[النور: 21], وفي صحيح مسلم قَالَ -عليه الصلاة والسلام-: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ, أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ", قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟, قَالَ: "عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ", أَوْ "عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ", أجارنا الله وإياكم منها.
كانت العرب في الجاهلية تسمي المسكرات بأنواعها أم الخبائث، فلا يشربها عقلائهم ولا يتعاطاها رؤساؤهم.
والمسكرات والمخدرات تفسد العقل، وتفتك بالبدن، وتصيب متعاطيها بالتبلد وعدم الغيرة، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتمنعه من أداء الواجبات الشرعية، وفي ذلك اعتداء على الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها, وهي الدين والعقل والنفس والمال والعرض؛ ولذا سميت بأم الخبائث.
ترويجها وعدم محاربتها معناه: أن نعيش بين عصابات إرهابية, لا نهدأ بنوم ولا راحة, عدم اهتمامنا له وتحصين البيوت والأجيال منها معناه: أن نقدم عشرات من شبابنا للنار والدمار والعار, عدم الحزم مع مروجيها, أو التساهل بأماكن يصطاد فيها فلذات الأكباد معناه: هدم المجتمع من أوسع أبوابه، وهد اقتصاده، وزعزعة أمنه، وهتك عرضه.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا)[المائدة: 90 - 92].
أستغفر الله لي ولكم, وللمسلمين والمسلمات, فاستغفروه إن ربي رحيم ودود.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وأصحابه.
أما بعد: إذا علمنا وأيقنا بخطورة المخدرات ومقدماتها, كان لزاما أن نعمل على تحصين بيوتنا من أن يتسورها لصوص العقول والأخلاق, فلا يغرنكم بريق أماكن يكون فيها اختلاط يجتمع فيها الغث والسمين, قد تكون بوابة لهذا الوباء أو التلوث به!.
إن جعل الحبل على الغارب للولد والبنت يذهبون كيف شاؤوا ومع من شاؤوا؟؛ تضييع للأمانة, وضعف في القوامة، والمسلم مسؤول عن رعيته، وتضييعهم وعدم نصحهم غش لهم، وفي صحيح البخاري قال مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ -رضي الله عنه-: سَمِعْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ؛ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ", وفي لفظ لمسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ؛ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".
فالله الله في لبنات المجتمع, وأبناؤنا غراس بأيدينا، وبالمتابعة والملاحظة يطيب ثمر الغراس, ويتفيء البيت والمجتمع من نفعهم وحسن عطائهم؛ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان: 74], اللهم احفظنا وذرياتنا من كل سوء ومكروه.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم