محرم
2022-10-06 - 1444/03/10اقتباس
المحرم
التعريف
قال الجوهري في الصحاح: "حَرَمَهُ الشَّيءَ يَحْرِمُهُ حَرِماً وحِرْمَةً وحَريمة وحِرْماناً، وأَحْرَمَهُ أيضاً، إذا منعَه إيَّاه". (مادة: ح ر م).
ومن ذلك قوله تعالى: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ)؛ أي منعناه منهن، وقال: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ)، وقال: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) والآيات في هذا المعنى كثيرة.
الاصطلاح: هو شهرُ اللهِ المحرَّمُ وهو أوَّلُ شهرٍ من الأشهُرِ الهِجريَّةِ، وأحدُ الأربعةِ الأشهُرِ الحُرُمِ، وقد بيَّن لنا نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحكامَ هذا الشَّهرِ الواردةَ في كتابِ الله تعالى، أو في السُّنَّةِ المطَهَّرةِ
العناصر
1- فضل الأشهر الحرم
2- من فضائل شهر الله المحرم
3- أهم الأعمال المسنونة في شهر الله المحرم
4- بداية التاريخ الهجري
5- الاعتزاز بالتاريخ الهجري
6- بدع شهر الله المحرم
الايات
1- قال الله تعالى: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ)[البقرة:194].
2- قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)[الْبَقَرَةِ:217].
3- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)[المائدة:2].
4- قال تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[المائدة: 97].
5- قال تعالى: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[التوبة:5].
6- قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[التَّوْبَةِ:36-37].
الاحاديث
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ"(رواه مسلم:1982).
2- عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالَ: أيُّ الصِّيامِ أفضلُ بعدَ شَهْرِ رمضانَ؟ قالَ: "شَهْرُ اللَّهِ الَّذي تدعونَهُ المُحرَّمَ"(رواه ابن ماجه:١٤٢٧).
3- عن عبدالله بن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قال: حِينَ صامَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَومَ عاشُوراءَ وَأَمَرَ بصِيامِهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ والنَّصارى فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَإِذا كانَ العامُ المُقْبِلُ إنْ شاءَ اللَّهُ صُمْنا اليومَ التّاسِعَ قالَ: فَلَمْ يَأْتِ العامُ المُقْبِلُ، حتّى تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رواه مسلم:١١٣٤)
الاثار
1- قال ابن عباس في قوله تعالى : (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) "في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرامًا وعظّم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم"(تفسير ابن كثير).
2- قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في قوله تعالى : (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ): "يحتمل أن الضمير يعود إلى الإثنى عشر شهرًا، وأن الله تعالى بين أنه جعلها مقادير للعباد، وأن تُعمر بطاعته، ويُشكر الله تعالى على مِنتِه بها وتقييضها لصالح العباد، فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها. ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحُرم، وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها، خصوصًا مع النهي عن الظلم كل وقت، لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد من غيرها"(تفسير الكريم الرحمن).
3- قال الحسن البصري: "إن الله افتتح السنة بشهر حرام وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم، وكان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه"(لطائف المعارف؛ ص: 34).
4- قال قتادة: "إن الله اصطفى صفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكره واصطفى من الأرض المساجد واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم واصطفى من الأيام يوم الجمعة واصطفى من الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظّم الله؛ فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل"(تفسير ابن كثير؛ سورة التوبة آية 36).
الاشعار
1- قال أحدهم:
شهرُ الحرام مباركٌ ميمونُ *** والصوم فيه مضاعفٌ مسنون
وثوابُ صائمهِ لوجه إلههِ *** في الخُلدِ عند مليكهِ مخزُونُ
(لطائف المعارف :91).
2- قال الحافظ أبو الفضل زين الدين العراقي:
استفتح العام بالصيامِ *** لله في شهر الحرامْ
وعاشر المحرم صم يكفرْ *** عنك ذنوبا مضت لعامْ
وارجع إلى الله من قريبٍ *** فإنه غافر الآثامْ
واغتنمِ العمر فإنه ضيفٌ *** لا مطمع منه في المقامْ
ولا تكن آيسا قنوطًا *** فالعفو من شيمة الكرامْ"
(الأمالي المطلقة).
متفرقات
1- قال ابنُ رجب: "وقد اختلف العلماءُ في: أيُّ الأشهُرِ الحُرُمِ أفضَلُ؟ فقال الحسَنُ وغيرُه: أفضلُها شهرُ اللهِ المُحَرَّمُ، ورجَّحه طائفةٌ من المتأخِّرين"(لطائف المعارف:70).
2- قال قتادة في قوله (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ): "إن الظّلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها. وإن كان الظلم على كل حال عظيما ولكن الله يعظّم من أمره ما يشاء"(تفسير ابن كثير؛ التوبة آية 36).
3- قال أبو عثمان النهدي: "كانوا يعظمون -أي: السلف- ثلاث عشرات: العرش الأخير من رمضان، والعرش الأول من ذي الحجة، والعرش الأول من محرم"(لطائف المعارف؛ ص: 35).
4- قال النووي: "فإن قيل: في الحديث إن أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم، فكيف أكثر الصيام في شعبان دون المحرم؟ فالجواب: لعله لم يعلم فضل المحرم إلا في آخر الحياة قبل التمكن من صومه، أو لعله كان يعرض فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه؛ كسفر ومرض وغيرهما"(شرح مسلم للنووي:8-37).
5- قال ابنُ رجب: "ولما كان هذا الشهر مختصًا بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافًا إلى الله تعالى، فإنه له سبحانه من بين الأعمال، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام، وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله عز وجل، إنه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله عز وجل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صفرًا، فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره"(لطائف المعارف:90).
6- قال ابن قاسم: "أي أفضل شهر تطوع به كاملاً بعد شهر رمضان شهر الله المحرم؛ لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة وعشر ذي الحجة، فالتطوع المطلق أفضله المحرم، كما أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل"(شرح أصول الأحكام لابن قاسم2-276).
7- قال القرطبي في قوله (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ): "خص الله تعالى الأشهر الْحُرُمَ بالذِّكْرِ ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وإن كان منهيًّا عنه في كل الزمان، كما قال تعالى: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[البقرة:197](تفسير القرطبي).
8- قال الحافظ ابن كثير في قوله (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ): "وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة: ثلاثة سَرْدٌ. وواحد فَرْدٌ؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة فحرم قبل الحج شهراً وهو ذو القعدة، يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة؛ لأنهم يوقعون فيه الحج، ويشتغلون بأداء المناسك، وحرم بعده شهرًا آخر وهو المحرم، ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرم شهر رجب في وسط الْحَوْلِ لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يَقْدُمُ إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثم يعود إلى وطنه آمنًا"(تفسير ابن كثير).
9- قال ابن رجب: "وقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله -تعالى- لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته، ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله -تعالى-، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله -تعالى-، فإنه له -سبحانه- من بين الأعمال، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام، وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله -عز وجل-، إنه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله -عز وجل- ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صَفَراً، فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره"(لطائف المعارف؛ ص: 36).
10- قال العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "وتفضيل الأماكن والأزمان ضربان أحدهما دنيوي.. والضرب الثاني تفضيل ديني راجع إلى أن الله يجود على عباده فيها بتفضيل أجر العاملين، كتفضيل صوم رمضان على صوم سائر الشهور وكذلك يوم عاشوراء.. ففضلها راجع إلى جود الله وإحسانه إلى عباده فيها.."(قواعد الأحكام:1-38).
11- قال ابن رجب -رحمه الله- على حديث: "وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم" قال: "وإطلاقه في هذا الحديث أفضل الأشهر محمول على ما بعد رمضان كما في رواية الحسن المرسلة"(لطائف المعارف؛ ص: 34).
12- قال القرطبي: "إنما كان صوم المحرم أفضل الصيام من أجل أنه أول السنة المستأنفة، فكان استفتاحها بالصوم الذي هو أفضل الأعمال"(الديباج في شرح مسلم بن الحجاج:2-499).
13- قال ابن رجب -رحمه الله-: "من صام من ذي الحجة، وصام من المحرم، خَتَم السنة بالطاعة، وافتتحها بالطاعة، فيُرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة، فإنَّ من كان أول عمله طاعة، وآخره طاعة، فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين".
14- قال العلامة أبو شامة: "ولم يأت شيء في أول ليلة المحرَّم، وقد فتشت فيما نُقِل من الآثار صحيحاً و ضعيفاً، وفي الأحاديث الموضوعة فلم أر أحداً ذكر فيها شيئاً، وإني لأتخوّف والعياذ بالله من مفترٍ يختلق فيها حديثًا".
الإحالات
1- رسالة في أحاديث شهر الله المحرم؛ للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان.
2- شهر الله المحرم.. فضائل وأحكام؛ للشيخ سليمان بن جاسر بن عبدالكريم الجاسر.
3- أسرار شَهرُ الله المُحَّرم؛ د. حازم شومان.
4- فضل شهر الله المحرم وصوم عاشوراء؛ للشيخ عبدالله رسلان.