اقتباس
إن يوم عاشوراء يوم من أيام الله الخالدة؛ فيه أنجى الله موسى وقومه من فرعون وقومه، عرف ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكر الله على تلك النعمة، فصامه وأمر بصيامه، وأخبر أن صومه يكفر سنة ماضية، وبهذه السُّنَّة يَعرف أهل السنة هذا اليوم ويصومونه؛ اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، واحتسابًا لما فيه من تكفير الذنوب. هذا كل ما يتدارسه ويتناقله أهل السنة عن يوم عاشوراء..
إن هذا الحدث يوم عظيم من أيام الله -تعالى- ينبغي علينا أن نتذكره ونتأمل فيه، قال -سبحانه-: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ)[إبراهيم:5]، وإن من يتأمل الوقائع والأحداث عبر السنين والأعوام، تيقن أن الله -تعالى- يداول الأيام بين الناس، فقد ظن جبابرة كثيرون أن الدنيا قد استسلمت لهم، وأنهم عليها غالبون، وأن القرار لهم، والغلبة والسيطرة لهم، فهذا فرعون علا في الأرض وأفسد فيها، يستحي النساء، ويقتل الرجال، ويشرد ويدمر، ويقتل، ورفع نفسه فوق منزلته، وظن أنه ربّ يعطي ويمنع، ويحيي ويميت، ويفعل ما يحلو له، غير آبهٍ بأحد، فلما استكبر وطغى، وفجر وبغى، أخذه الله نكال الآخرة والأولى، وأهلكه ودمره ودمّر جنده.
إن في إهلاك الله للظالمين والطغاة آية كونية، وراحة للبلاد والعباد، وإظهارًا لقدرة الرب سبحانه في خلقه، وعظمته وجلاله وكبريائه؛ يملي للظالمين والطغاة، فتعلو كلمتهم، وتفشو قوتهم، وتعظم سطوتهم، حتى يظنوا في أنفسهم السيادة والعلو والرفعة والعزة والمنَعَة، وأنهم في ممالكهم مُمَكَّنُون، وفي عسكرهم وحرسهم آمنون، يأمرون وينهون، ويقربون ويعزلون، الخير ما استحسنوه، والشر ما عادوه، آراؤهم في الاقتصاد سديدة، وفي العلوم والفنون غير مسبوقة، .. وخلفهم همج رعاع يجيدون صناعة الطواغيت، فيؤلهون هؤلاء الطغاة، ويرفعونهم فوق قدرهم.. وعندها تحق عليهم كلمة الرب العظيم -سبحانه-، فيهلكهم ويجعل إهلاكهم من محامده وفضله -سبحانه- على خلقه، (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الأنعام:45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم