عناصر الخطبة
1/ منشأ لعبة كرة القدم 2/ دور اليهود وأهدافهم من هذه اللعبة 3/ حكم اللعب في الإسلام 4/ اشتغال الناس بهذه المباريات 5/ من مفاسد وأضرار كرة القدم 6/ خصائص الأمة الإسلامية 7/ مفهوم الفوز والخسارةاقتباس
ومن أضراراها: أن كرة القدم اليوم أصبحت وسيلة لقلب الموازين، حيث أن البطل في هذا الوقت هو لاعب الكرة، لا المجاهد المدافع عن كرامة الأمة وعزتها، ونسيت أو أُنسيت أجيال الأمة الناشئة اليوم أبطالها الحقيقيين، أمثال خالد وسعد والمثنى وشيخ الإسلام وغيرهم، وصار تعلقهم بفلان وفلان، وإذا أردت صدق مقالتي فتتبع قصات الشعر عند بعض الشباب، تجدها قصات لاعبي كرة القدم
أما بعد: لقد بدأ يوم الأربعاء الماضي مباريات كأس العالم لكرة القدم، والتي تقام الآن هذه المرة في فرنسا.
هذا الحدث يشغل العالم كلّه هذه الأيام؛ فالجميع يتابعون نتائج هذه الدورة، وممن شُغل به -أيضًا- المسلمون كبقية شعوب العالم، ولي مع هذه الدورة عدة وقفات:
أولاً: منشأ هذه اللعبة -كما يقال- كان في بلاد الصين في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، وأول ما لعبت في أوربا في إيطاليا سنة 1410م تحت اسم: "كالسيو"، وكانت أولى الإشارات الواضحة لممارسة كرة القدم في إنكلترا، ففي عام 1863م تأسست في بريطانيا جمعية كرة القدم البريطانية، ثمّ طورّ الإنجليز هذه اللعبة، وانتقلت خلال قرن من قارة إلى قارة أخرى، ومع ذلك ظلّ الإنكليز زهاء 70 عامًا حتى عام 1930م هم سادة هذه اللعبة.
واليوم هناك أكثر من 130 دولة أعضاء في الاتحاد العالمي لفرق كرة القدم الذي تأسّس في باريس عام 1904م، وبرعايته وإشرافه أنشئت مباريات كأس العالم الذي كان أولها بالأرغواي في 13 تموز 1930م.
ثانيًا: أصبح من المسلّمات ومن المعلوم عند الجميع بل ومما ينشر علنًا أن اليهود هم وراء إلهاء الشعوب بشكل عام والشعوب الإسلامية بشكل خاص عن التفكير في قضاياهم المصيرية الكبرى، فقد نصّوا فيما يسمّى ببروتوكولات حكماء صهيون بقولهم: "ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها وما أمامها ولا ما يراد بها فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانهم بإنشاء وسائل المباهج والمسليات والألعاب الفكهة وضروب أشكال الرياضة واللهو وما به الغذاء لملذاتها وشهواتها والإكثار من القصور المزوّقة والمباني المزركشة، ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنية ورياضية".
ثالثًا: الأصل في الألعاب الإباحة ما لم ينص الشرع على تحريم لعبة معينة، كالنرد والشطرنج، أو ما كان مباحًا يترجح ضررهُ ومفاسده، فعندئذٍ يُحرّم من هذا الباب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولعب الكرة إذا كان قصد صاحبه المنفعة للخيل والرجال بحيث يستعان بها على الكرّ والفر والدخول والخروج ونحوه في الجهاد، وغرضه الاستعانة على الجهاد الذي أمر الله به ورسوله فهو حسن، وإن كان في ذلك مضرة بالخيل والرجال فإنه ينهى عنه".
رابعًا: تعلّقت قلوب وعقول الشعوب الإسلامية بلعبة كرة القدم منذ زمن، وانطلى عليهم حيل اليهود كغيرهم، وأصبح هذا الهوس الكرويّ متسلطًا على عقول الأجيال في العصر الحاضر إلا من رحم الله. وحصل بسبب مباريات كرة القدم تطليق لزوجات وتقطع لأواصر القربات، فما أن يعلن عن إقامة مباراة بين ناديين إلا وتستعد لها الرايات وتنبري لها الإذاعات وتهيئ لها الشاشات ويعدّ المشجعون لها الطبول والمزامير. وما أن تنتهي المباراة حتى تنتقل من ساحة الملعب ليكون ميدانها في البيوت والمدارس والدواوين ومكاتب الموظفين، ويستمر النقاش لساعات وأيام، فتعطل بسببها المصالح وتؤخر المعاملات وتترك الواجبات، وما أن تهدأ حدتها وتنجلي غمرتها حتى يعلن عن إقامة مباراة أخرى وهلم جرا.
وإذا رفعت صوت المنطق لتناقش أعقل هؤلاء المصابين بالهوس الكروي لرد عليك بملء فمه: "إنني رياضي".
خامسًا: بعض أضرار كرة القدم وليس كلها، وبحكم أننا مسلمون فإننا نناقش مثل هذا الموضوع من خلال منطلقاتنا الشرعية، ولا ننظر لمثل هذه القضية نظرة مادية أو حتى علمانية.
فمن أضرارها المشاهدةِ -والتي لا ينكرها عاقل-: أنها أصبحت وسيلة لتفريق الأمة وإشاعة العداوة والبغضاء بين أفرادها، حيث أوجدت التعصب المقيت للفرق الرياضية المختلفة، بل إن أهل البيت الواحد ينقسمون على أنفسهم، فهذا يتبع فريقًا وذاك يتبع فريقًا آخر، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومن أضرارها: أنه لما قلنا بأن الأصل في الإسلام أنه أباح الرياضة وحضّ عليها فذلك بأن يباشر المسلم بنفسه أو مع غيره لتحصل له القوة المطلوبة، أما واقع الكرة فإن أهم عنصر مقصود فيها هم المشاهدون والمشجعون، الذين يصل عددهم أحيانًا إلى مئات الآلاف وأكثر. ولا يستفيدون من اللعبة شيئًا إلا بذاءة اللسان ووقاحة العبارة والتخاطب بالفحش ورديء الكلام وسبّ الحكام.
ومن أضرارها: أن كرة القدم اليوم فيها صد للمتفرجين عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذا أمر معروف عن الناس خاصتهم وعامتهم، وباتفاق العلماء بأن كل ما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو حرام، فكم سمعنا عن أناس ممن يتابعون مباريات كأس العالم أنهم يستيقظون في النصف الأخير من الليل والغالب أنهم يواصلون، وهم هم أنفسهم لا يحضرون صلاة الفجر في المساجد، وكم من المصلين تفوته صلاة الجماعة بسبب جلوسه أمام الشاشة، بل هناك من يسافر من قُطر إلى قطر لحضور مباراة، وتصادف وقت صلاة الجمعة ويناديهم منادي السماء وهم جلوس على المدرجات، ولكن أنى لهم أن يستجيبوا وقد تعطلت عقولهم وماتت أحاسيسهم؟!
ومن أضرارها: أن مسابقات كرة القدم أصبحت معاول هدم، استخدمها أعداء الأمة وخصوم الملة، وشجعوا عليها للقضاء على معاني العزة والكرامة في الأمة، حيث بددت الأمة أموالاً طائلة وأضاعت أوقاتًا طويلة، لو استغلتها الأمة فيما ينفعها لتحسّن حال كثير من شوارعها ومدارسها ومستشفياتها.
أما إذا أردت أن تعرف حجم عمر الأمة الضائع فطريقة حسابها أن تضرب عدد المشاهدين في مدة المباراة، فيظهر لك الساعات المهدرة من عمر الأمة، وهذه الساعات هي ساعات حياة المسلمين، وهي بالضبط ساعات تأخرهم وتقهقرهم، وساعات تأخر نصر الله عنهم.
ومن أضرارها: كشف العورات؛ إذ فيها كشف الأفخاذ ونظر الناس إليها ونظر بعضهم أفخاذ بعض؛ روى الإمام أحمد وأبو داود والحاكم عن جُرهد الأسلمي -رضي الله عنه- أن النبي مر به وهو كاشف عن فخذه فقال النبي: "غط فخذك؛ فإنها من العورة".
وقد تهون هذه المصيبة في مقابل ما إذا كان اللاعبون والرياضيون من النساء الكافرات في بعض الألعاب، والمشاهدون من المسلمين المصلين.
ومن أضراراها: أن كرة القدم اليوم أصبحت وسيلة لقلب الموازين، حيث أن البطل في هذا الوقت هو لاعب الكرة، لا المجاهد المدافع عن كرامة الأمة وعزتها، ونسيت أو أُنسيت أجيال الأمة الناشئة اليوم أبطالها الحقيقيين، أمثال خالد وسعد والمثنى وشيخ الإسلام وغيرهم، وصار تعلقهم بفلان وفلان، وإذا أردت صدق مقالتي فتتبع قصات الشعر عند بعض الشباب، تجدها قصات لاعبي كرة القدم.
ومن أضرارها: دخول المراهنات وانتشارها على مباريات كرة القدم، وهذا ينتشر في أوربا، وطريقته أن يقتصر المراهن على تعبئة بطاقة بأسماء الفرق الرياضية التي يتوقع فوزها، فإن فازت ربح المبلغ المستحق، وإلا فإنه يخسر المبلغ المراهن به، وهذا ضرب من ضروب القمار المحرم لا شك فيه. وهم كفار، وليس بعد الكفر ذنب، وفي بريطانيا حوالي 40 في المائة من الرجال يراهنون بشكل منتظم مرة في الشهر.
أما البلاد الإسلامية فلم تدخلها أنظمة المراهنات إلى الآن والحمد لله، غير أن هناك بعض الأصوات في مصر بدأت تطالب بإدخال نظام المراهنات على كرة القدم كحل لظاهرة الإفلاس المادي لبعض الأندية. أفلسها الله إذا كانت تسعى لترويج القمار المحرم بين المسلمين.
الوقفة السادسة: ما هي خصائص هذه الأمة؟ إننا -أيها الأحبة- أمّة جهاد، أمة علم، أمة عبادة، أمة دعوة، أمة أمر بمعروف ونهي عن منكر، بهذا مُيّزنا، وبهذا فضلنا الله على غيرنا، لسنا أمة لعب ولهو ورقص وغناء، لم يخلقنا الله لهذا ولم يوجدنا لهذا، بل أوجدنا الله لنكون شهداء على الناس.
فعجبًا لجيل يأبى إلا السفول، ولا يريد إلا الدنو، والأمرّ من هذا أن أراضينا مغصوبة وكرامتنا مهانة وعزنا مفقود وعقيدتنا وتصوراتنا ينخرها الخلل والضعف والقصور، ومع ذلك ما زلنا نرقص ونغني ونتابع هذا الهوس الكروي، وكأن الأمر لا يعنينا، وكأننا قد أدّينا كل الحقوق والواجبات.
والأعجب أنك ترى الرجل الرزين والعاقل فيما يبدو للناس وربما من حملة الشهادات العالية، لكن أمام مشاهدة المباراة أو عند لحظة دخول الكرة شباك الخصم، فلا تسأل وقتها عن العقل ولا عن الرزانة، بل ربما قام ورقص مع الراقصين وتمايل مع المتمايلين، وفي لحظتها يكون عقله في رجله لا في رأسه.
فنسأل الله جل وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبقي عقول أبنائنا في رؤوسهم خصوصًا في هذه الأيام وهي أيام امتحانات، نسأل الله جل وتعالى أن نعود إلى رشدنا، وأن نعي واقعنا، كما أسأله جل وتعالى أن يهيئ لهذه الأمة من أمرها رشدا.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
الوقفة السابعة: مع مفهوم الفوز والخسارة، هذا المفهوم الشرعي الذي صار لا يفهمه كثير من الناس اليوم إلا من خلال فوز فريق وخسارة نادي، وغاب عن الذهن الفوز الحقيقي الذي علمنا ربنا في كتابه في قوله سبحانه: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، هذا هو الفوز؛ أن تزحزح عن النار وأن تكون من أهل الجنة، وما عداه فقد تراه فوزًا، وهو في المقابل يزيدك إثمًا ومعصية وخسرانا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة ..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم