عناصر الخطبة
1/ الرجال أمنية عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- 2/ أهمية الرجل في الإسلام ومكانته 3/ حقيقة الرجولة وماهيتها 4/ أروع صورة للرجولة الحقة 5/ ميوعة الشباب في الوقت الحاضر 6/ وسائل تنمية الرجولة لدى الطّفلاقتباس
إن الرجولة ليست بالسنِ المتقدمة، فكم من شيخٍ في سن السبعين وقلبُه في سنِّ السابعةِ، يفرحُ بالتافه، ويبكي على الحقيرِ، ويتطلعُ إلى ما ليس له، طفلٌ صغير، ولكنه ذو لحيةٍ وشارب، وكم من غلام في مقتبلِ العمر ولكنك...
الخطبة الأولى:
الحمد لله عليِّ الذاتِ جليلِ القدر، عظيمِ الصفات رفيعِ الذكر، أحمده سبحانه وأشكره، وهو كريمُ العطاء، جزيلُ الأجر.
وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له تبارك وتعالى له الخلقُ والأمر، وأشهد أنّ سيدَنا ونبيّنا محمدًا عبد الله ورسولُه، حاز مراتبَ الشرف ومنازل الفخر، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه السادةِ الغرر، والأنجمِ الزُهْر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، ما تعاقب ليل ونهار وما نزل قطر.
أمّا بعد:
معاشر المسلمين: في دارٍ من دور المدينةِ المباركةِ جلس عمرُ إلى جماعةٍ من أصحابه، فقال لهم: "تمنوا؟ فقال أحدُهم: أتمنى لو أن هذه الدارْ مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجلٌ آخر: أتمنى لو أنها مملوءةٌ لؤلؤاً وزُبُرْجُداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا؟ فقالوا: ما ندري ما نقولُ يا أميرَ المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدةَ بنِ الجراح ومعاذِ بنِ جبلٍ وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعينُ بهم على إعلاء كلمة الله".
رحم الله عمرَ الملهم، لقد كان خبيراً بما تقومُ به الحضاراتُ الحقة، وتنهض به الرسالاتُ الكبيرة، وتحيا به الأممُ الهامدة.
إن الأممَ والرسالاتْ تحتاج إلى المعادنِ المذخورة، والثرواتِ المنشورة، ولكنها تحتاجُ قبل ذلك إلى الرؤوسِ المفكرةِ التي تستغلها، والقلوبِ الكبيرةِ التي ترعاها والعزائمِ القويةِ التي تنفذها؛ إنها تحتاجُ إلى الرجال.
أيها المسلمون: الرجلُ أعزُ من كل معدَنٍ نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين، ولذلك كان وجودُه عزيزاً في دنيا الناس، حتى قال رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-: "إنما الناس كإبلِ المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة" (رواه البخاري) الرجلُ الكُفءُ الصالحُ هو عماد الرسالات، وروح النهْضات، ومحورُ الإصلاح، أعِدَّ ما شئتَ من معاملَ السلاحِ والذخيرة، فلن تقتلَ الأسلحةُ إلا بالرجل المحارب، وضع ما شئتَ من مناهجَ للتعليم والتربية فلن يقومَ المنهج إلا بالرجل الذي يقومُ بتدريسه، وأنشئْ ما شئت من لجانٍ فلن تُنجزَ مشروعاً إذا حُرمتَ الرجلَ الغيور! ذلك ما يقوله الواقعُ الذي لا ريب فيه.
إن القوةَ ليست بحدِ السلاحِ بقدر ما هي في قلبِ الجندي، والتربيةَ ليست في صفحاتِ الكتابِ بقدرِ ما هي في روحِ المعلم، وإنجازَ المشروعاتِ ليس في تكوينِ اللجانِ بقدر ما هو في حماسةِ القائمين عليها، فلله ما أحكمَ عمرْ حين لم يتمن فضةً ولا ذهباً، ولا لؤلؤاً ولا جوهراً، ولكنه تمنى رجالاً من الطراز الممتازِ الذين تتفتح على أيديهم كنوزُ الأرض وأبوابُ السماء.
معاشر المسلمين: إن رجلاً واحداً قد يساوي مائة، ورجلاً قد يوازي ألفاً، ورجلاً قد يزن شعباً بأسره، وقد قيل: رجلٌ ذو همة يُحيي أمة.
حاصر خالدُ بنُ الوليد "الحيرة" فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحدٍ هو القعقاعُ بنُ عمرو التميمي وقال: "لا يُهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوتُ القعقاعِ في الجيش خيرٌ من ألف مقاتل!".
ولما طلب عمرُو بن العاص المددَ من أمير المؤمنين عمرَ بنِ الخطاب في فتح مِصر كتب إليه "أما بعد: فإني أمددتك بأربعةِ آلافِ رجل، على كلِ ألف رجلٌ منهم مقامُ الألف: الزبيرُ بن العوام، والمقدادُ بن عمرو، وعبادةُ بن الصامت، ومسلمةُ بن مَخْلَد".
معاشر المسلمين: ولكن ما الرجلُ الذي نريد؟ هل هو كل من طَرَّ شاربه ونبتت لحيته من بني الإنسان؟
إذًا، فما أكثرَ الرجال!
إن الرجولة ليست بالسنِ المتقدمة، فكم من شيخٍ في سن السبعين وقلبُه في سنِّ السابعةِ، يفرحُ بالتافه، ويبكي على الحقيرِ، ويتطلعُ إلى ما ليس له، طفلٌ صغير، ولكنه ذو لحيةٍ وشارب، وكم من غلام في مقتبلِ العمر، ولكنك ترى الرجولةَ المبكرةَ في قوله وعمله وتفكيرِه وخُلُقِه، مرّ عمر على ثلةٍ من الصبيان يلعبون فهرولوا، وبقي صبٌي مفردٌ في مكانه، هو عبد اللهِ بنِ الزبير، فسأله عمر: لِمَ لَمْ تَعْدُ مع أصحابك؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين لم أقترف ذنباً فأخافَك، ولم تكن الطريقُ ضيقةً فأوسعَهَا لك! ودخلَ غلامٌ عربي على خليفة أموي يتحدث باسم قومه، فقال له: ليتقدم من هو أسنُّ منك، فقال: يا أمير المؤمنين، لو كان التقدمُ بالسنِّ لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة، فعجب منه الأمير وقدمه.
أولئك لعمري هم الصغارُ الكبار، وفي دنيانا ما أكثرَ الكبارَ الصغار؟ وليستِ الرجولةُ ببسطةِ الجسم وطولِ القامة وقوةِ البنية، فقد قال الله عن طائفة من المنافقين: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4].
وفي الحديث الصحيح: "يأتي الرجلُ العظيمُ السمينُ يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرءوا إن شئتم قوله تعالى: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) [الكهف: 105] كان عبد الله بن مسعود نحيفاً نحيلاً، فانكشفت ساقاه يوماً (وهما دقيقتان هزيلتان) فضحك بعض الصحابة: فقال الرسول: "أتضحكون من دقة ساقيه؟ والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد".
ليست الرجولة بالسن ولا بالجسم ولا بالمال ولا بالجاه، وإنما الرجولةُ قوةٌ نفسية تحمل صاحبها على معالي الأمور، وتبعده عن سفسافها، قوةٌ تجعله كبيراً في صغره، غنياً في فقره، قوياً في ضعفه، قوةٌ تحمله على أن يعطي قبل أن يأخذ، وأن يؤدي واجبه قبل أن يطلب حقه: يعرف واجبه نحو نفسه ونحو ربه ونحو بيته ودينه وأمته، الرجولة بإيجاز هي: قوة الخُلُق وخُلُقٌ القوة.
لن تترعرع الرجولةُ الفارعة ويتربى الرجال الصالحون إلا في ظلال العقائد الراسخة والفضائل الثابتة والمعايير الأصيلة والتقاليد المرعية والحقوق المكفولة، أما في ظلام الشك المحطم والإلحاد الكافر والانحلال السافر والحرمان القاتل فلن توجدَ رجولة صحيحة، كما لا ينمو الغرس إذا حُرم الماءُ والهواء والضياء.
عباد الله: لم تر الدنيا الرجولةَ في أجلى صورها وأكملَ معانيها كما رأتها في تلك النماذجِ الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسوله العظيم من رجال يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع، لا يغريهم الوعد ولا يُلينهم الوعيد، لا يغرُّهم النصر ولا تحطمهم الهزيمة، وإلا فماذا يُغني عن الإسلام رجالٌ أهمتهم أنفسهم وحكمتهم شهواتهم وسيّرتهم مصالحهم، فلا وثقوا بأنفسهم ولا اعتمدوا على ربهم، رجال يجمعهم الطمعَ ويفرقهم الخوف، أما والله لو ظفِر الإسلام اليوم في كل ألفٍ من أبنائه برجل واحد فيه خصائص الرجولة، لكان ذلك خيراً له وأجدى عليه من هذه الجماهير المكدسةِ التي لا يهابها عدو ولا ينتصرُ بها صديق.
أيها المسلمون: إنّ مما يعاني منه كثيرٌ من الناس: ظهورَ الميوعةِ وآثار التّرفِ في شخصيات أولادهم، ولمعرفة حلِّ هذه المشكلة وتداركِ الأجيالِ القادمة التي تعْقِدُ الأمةُ عليهم آمالها لابد من الإجابة عن السّؤال التالي: كيف نُنَمي عواملَ الرّجولةِ في شخصياتِ أولادنا؟
إن موضوعَ هذا السؤالِ هو من المشكلاتِ التّربوية الكبيرة في هذا العصر، وهناك عددٌ من الحلولِ الإسلاميةِ والعواملِ الشرعية لتنمية الرّجولةِ في شخصية الطّفلِ، ومن ذلك ما يلي: التكنية، أي مناداةُ الصغيرِ بأبي فلانٍ أو الصغيرةِ بأمّ فلان، فهذا ينمّي الإحساسَ بالمسؤولية، ويُشعرُ الطّفلَ بأنّه أكبرُ من سنّه فيزداد نضجُه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولةِ المعتاد، ويحسُّ بمشابهته للكبار.
وقد كان النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلمَ- يكنّي الصّغار؛ فعَنْ أَنَسٍ قَال: "كَانَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلمَ- -صلى الله عليه وسلمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ قالَ: أَحسبُهُ فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟" (رواه البخاري)، وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قالت: "أُتِيَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلمَ- -صلى الله عليه وسلمَ- بثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ (الخميصة ثوب من حرير) فَقَالَ: مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالَ: ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ، فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ (وفيه إشارة إلى صغر سنّها) فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا، وَقَالَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي"، وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ، فَقَالَ: "يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاه" (وَسَنَاه بِالْحَبَشِيَّةِ أي حَسَنٌ) (رواه البخاري).
ومما ينمي الرجولة في شخصية الطفل: أخذه للمجامع العامة وإجلاسُه مع الكبار ؛ وهذا مما يلقّح فهمه ويزيدُ في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة -رضيَ الله عنهم- يصحبون أولادهم إلى مجلس النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلمَ- ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ" الحديث (رواه النسائي وصححه الألباني).
ومما ينمي الرجولةَ في شخصية الأطفال أيضا: تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك الإسلامية وانتصارات المسلمين ؛ لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة، وكان للزبير بن العوام طفلان أشهد أحدهما بعضَ المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروةَ بنَ الزبير وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير: أنه كان مع أبيه يوم اليرموك, فلما انهزم المشركون حمل فجعل يُجهز على جرحاهم (أي يُكمل قتل من وجده مجروحاً) وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره.
ومما ينمي الرجولة في شخصية الطفل: تعليمه الأدب مع الكبار، ومن جملة ذلك ما رواه أَبو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلمَ- -صلى الله عليه وسلمَ- قَالَ: "يُسلِّمُ الصَّغِيرُ على الكبِير، والمارُّ على القاعِدِ، والقليلُ على الكثِيرِ" (رواه البخاري).
ومما ينمي الرجولة في شخصية الطفل: إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجال، ومما يوضّح ذلك الحديث التالي: عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلمَ- -صلى الله عليه وسلمَ- بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟ قَال: "مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ" (رواه البخاري)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة وعصيان فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد الله، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، الحيُ القيومُ مالكُ الملك لم يُشرك في ملكه أحدا، وأشهد أن محمدا رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-، البشيرُ النذير والسراجُ المنير، صلى الله عليه وعلى إخوانه أبدا.
أما بعد:
أيها المسلون: ومما ينمي الرجولة في شخصية الطفل: تعليمهم الرياضات الرجولية؛ كالرماية والسباحة وركوب الخيل، وجاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: "كَتَبَ عُمَر إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ" (رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب).
ومما ينمي الرجولة: تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث، فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء، وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن، ويمنعه من لبس الحرير والذّهب ونحو ذلك مما يخص النساء.
ومما ينمي الرجولة في شخصيته: تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين، وعدمَ احتقار أفكاره، وتشجيعه على المشاركة، وإعطاؤه قدره وإشعاره بأهميته، وذلك يكون بأمور كإلقاء السّلام عليه، وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم (رواه مسلم)، واستشارته وأخذ رأيه وتوليته مسؤوليات تناسب سنّه وقدراته وكذلك استكتامه الأسرار، عن ابْن عَبَّاسٍ قال: "كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّه خَلْفِي مُقْبِلاً، فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلا إِلَيَّ؟ قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار، قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً (ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة) فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ" (رواه الإمام أحمد في المسند).
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال؛ منها: تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة، والاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء، وقصّات الشّعر، والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء، وإبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة، وقد قال عمر: "اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم".
وكذا تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ، هذه طائفة من الوسائل والسّبل التي تزيد الرّجولة وتنميها في نفوس الأطفال وغيرها كثير.
ثم صلوا وسلموا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم