كيف تحظى بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- (3)

محمد بن إبراهيم النعيم

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وشفقته بأمته 2/ أدعية خص بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه واستجابة الله لدعائه 3/ أعمال صالحة دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاعلها وكيف ينال المسلم ذلك؟

اقتباس

لقد بعث الله فينا رسولا من أنفسنا حريص علينا (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128]، هو محمد -صلى الله عليه وسلم-. وكان من شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته: أنه كان يكثر الدعاء للناس بالهداية، ويخص أصحابه بمزيد من الدعاء في أمور دينهم ودنياهم، وقد استجاب الله -عز وجل- لنبيه ما دعاه لهم رضي الله عنهم، فها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله...

 

أيها الإخوة في الله: لقد بعث الله فينا رسولا من أنفسنا حريص علينا (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128]، هو محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

وكان من شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته: أنه كان يكثر الدعاء للناس بالهداية، ويخص أصحابه بمزيد من الدعاء في أمور دينهم ودنياهم، وقد استجاب الله -عز وجل- لنبيه ما دعاه لهم رضي الله عنهم، فها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو لسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن يكون مستجاب الدعوة؛ فعن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم استجب لسعد إذا دعاك" [رواه الترمذي].

 

وقد وردت عدة أخبار عن تحقق دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لسعد -رضي الله عنه-، منها ما رواه جابر بن سمرة أن أهل الكوفة شكوا سعدا إلى عمر -رضي الله عنه- فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجدا من مساجد الكوفة إلا أثنوا عليه خيرا، وقالوا معروفا، حتى أتوا مسجدا من مساجد بني عبس، فقام رجل يقال له: أبو سعدة، فقال: أما إذ ناشدتمونا فإنه كان لا يسير بالسرية، ولا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، فقال سعد: اللهم إن كان كاذبا فأعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، قال عبد الملك: فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك فإذا سألوه: كيف أنت يا أبا سعدة؟ فيقول: كبير ضرير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد" [رواه البخاري].

 

كما دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لشاب أن يعصمه الله من الزنا فعُصم؛ فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: "إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا؟ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: "ادْنُهْ" فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: "أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟" قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ" قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟" قَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ" قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟" قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ" قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟" قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ" قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟" قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ" قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ" فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ" [رواه أحمد].

 

وهمَّ شيبة بن عثمان قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا له صلى الله عليه وسلم، وعفا عنه، فقد حدّث شيبة بن عثمان عن قصة إسلامه، فقال: "لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ عَنْوَةً، قُلْتُ: أَسِيرُ مَعَ قُرَيْشٍ إِلَى هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، فَعَسَى إِنِ اخْتَلَطُوا أَنْ أُصِيبَ مِنْ مُحَمَّدٍ غُرَّةً فَأَثْأَرَ مِنْهُ، فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي قُمْتُ بِثَأْرِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا، وَأَقُولَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَحَدٌ إِلَّا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا مَا تَبِعْتُهُ أَبَدًا، وَكُنْتُ مُرصدًا لِمَا خَرَجْتُ لَهُ، لا يَزْدَادُ الأَمْرُ فِي نَفْسِي إِلَّا قُوَّةً، فَلَمَّا اخْتَلَطَ النَّاسُ، اقْتَحَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَغْلَتِهِ، وَأَصْلَتَ السَّيْفَ، فَدَنَوْتُ أُرِيدُ مَا أُرِيدُ مِنْهُ، وَرَفَعْتُ سَيْفِي حَتَّى كِدْتُ أُسَوِّرُهُ، فَرُفِعَ لِي شَوَاظٌ مِنْ نَارٍ كَالْبَرْقِ كَادَ يَمْحَشَنِي -يحرقني- فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي خَوْفًا عَلَيْهِ، وَالْتَفَتُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَادَانِي: "يَا شَيْبُ ادْنُ" فَدَنَوْتُ، فَمَسَحَ صَدْرِي ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ" قَالَ: فَوَاللَّهِ لَهُوَ كَانَ سَاعَتَئِذٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي وَنَفْسِي، وَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كان فيّ، ثم قال: "ادن فقاتل" فَتَقَدَّمْتُ أَمَامَهُ أَضْرِبُ بِسَيْفِي، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ أَقِيَهُ بِنَفْسِي كُلَّ شَيْءٍ، وَلَوْ لَقِيتُ تِلْكَ السَّاعَةَ أَبِي لَوْ كَانَ حَيًّا لأَوْقَعْتُ بِهِ السَّيْفَ، فَجَعَلْتُ أَلْزَمُهُ فِيمَنْ لَزِمَهُ، حَتَّى تَرَاجَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَكَرُّوا كَرَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَقَرُبَتْ بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَوَى عَلَيْهَا، فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَرَجَعَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، فَدَخَلَ خِبَاءَهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَيْرِي حُبًّا لِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ وَسُرُورًا بِهِ فَقَالَ: "يَا شَيْبُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ بِنَفْسِكَ" ثُمَّ حَدَّثَنِي بِكُلِّ مَا أضمرت في نفسي مما لَمْ أَكُنْ أَذْكُرُهُ لأَحَدٍ قَطُّ، قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي؟ فقال: "غفر الله لك".

 

هذا غيض من فيض من أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه -رضي الله عنهم-، فماذا للأجيال التي لم تر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ هل دعا لهم؟ وهل يمكن أن نحظى جميعا بدعائه صلى الله عليه وسلم؟ وقد أيقنّا بأن دعائه صلى الله عليه وسلم مستجاب عند الله -عز وجل-.

 

إن من فضل الله علينا: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا بدعوات عابرة للقرون والأزمان، وغير مقيدة لبعض الأنام، وإنما ربطها صلى الله عليه وسلم ببعض صالح الأعمال، فكل من تحلى بهذه الأعمال؛ نال هذه الدعوات المباركات المستجابة -بإذن الله تعالى-.

 

فما الأعمال التي يمكن بها أن نحظى على دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أو كيف ندخل في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

 

هناك أعمال عديدة دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابها، وقد ذكرت بعضا منها في خطبتين ماضيتين، وبقي العديد، ومن ذلك: قول الخير والسكوت عن قول السوء، فإن ذلك سبب لنيل دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة؛ فعن خالد بن عمران -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم" [رواه ابن المبارك وحسنه الألباني].

 

لا يدرك كثير من الناس قيمة الكلام الذي يتلفظون به إلا إذا كانوا يدفعون ثمنه في مثل المكالمات الدولية، أو عند كتابة برقية، فترى الواحد يختصر الكلام اختصارا ولا يقول إلا المفيد؛ لأنه يرى النقود المعدنية تتسابق في السقوط في صندوق هاتف العملة، ولو كنا نرى الملائكة الكاتبين وهم يسجلون علينا ما نتكلم به؛ للزم أكثرنا الصمت عن اللغو، ولأكثرنا من التسبيح، والكلام النافع، لذلك جاء دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة لكل من حفظ لسانه عن قول السوء، ولم يتكلم إلا بما يرضي الله -تعالى-، قال الله -عز وجل-: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) [الإسراء: 53].

 

عوّد نفسك ألا تقول إلا خيرا، ودع عنك اللغو؛ لأن الملائكة الكرام تسجل ما يلفظه لسانك، واعلم بأن معظم خطايانا مصدرها هذا اللسان لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثر خطايا ابن آدم في لسانه" [رواه الطبراني].

 

فكلما هممت بالتكلم تذكر هذا الحديث المبارك ودعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة لمن قال خيرا أو سكت عن سوء، فلو تأمل هذا الحديث معظم الكتاب والصحفيون لتقلص عدد المتهجمين على أهل الإسلام، ولو عمل بهذا الحديث كل الناس لرأيت تحسنا ملحوظا في معظم مجالسهم.

 

لقد أخطأت بعض الصحف المحلية حين بالغت في كتاباتها وكتبت تتهكم على بعض الإرهابيين الذين قتلوا فقالت وبالخط العريض: إلى جهنم وبئس المصير، فعلى الرغم من الجرائم التي ارتكبها أولئك الإرهابيون من سفك للدماء، وترويع الآمنين، وهتك لحرماتهم، إلا أنه لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال أن نشهد لأي مسلم بجنة أو نار، إلا من شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فرحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم.

 

ويستسيغ كثير من الناس الحديث عن الحكام والعلماء، والبحث عن مثالبهم ومعايبهم، خصوصا إذا سمعوا نشرات الأخبار، والتردي الذي يصيب الأمة يوما بعد يوم، وما علموا بأن ذلك غيبة يحاسبون عليه، قال الزبرقان: "كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج، وأذكر مساوئه، فقال: لا تسبه، وما يدريك لعله قال: اللهم اغفر لي، فغفر له".

 

وقال عوف: "دخلت على ابن سيرين فتناولت عنده الحجاج فقال: إن الله حكم عدل، ينتقم للحجاج ممن اغتابه كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه، وإنك إذا لقيت الله -تعالى- غدا، كان أصغرُ ذنب أصبته؛ أشدُ عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج، فرحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم.

 

فخير المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأن أي كلمة طيبة تنطق بها سيكتبها الله -عز وجل- لك صدقة، وما جعل الله -عز وجل- لابن آدم لسانا وأذنين إلا ليسمع أكثر مما يتكلم، وإن حفظ اللسان من الآثام عنوان على استقامة القلب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" [رواه أحمد].

 

فليكن لسانك رطب من ذكر الله، فذلك خير العمل، قال عمر -رضي الله عنه-: "عليكم بذكر الله فإنه دواء، وإياكم وذكر الناس فإنه داء"، فرحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم.

 

واعلم -أخي المسلم- أن سكوتك عن السوء وعدم تلفظك به تكسب من وراءه أيضا دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لك بالرحمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم".

 

فتأمل فضل الله الواسع، واستغله لتربح الكثير بالعمل اليسير، فعود لسانك على قول الخير والإمساك عن الشر، فإن اللسان إن أطلقت له العنان ولم تلجمه بلجام التقوى قد يوردك المهالك، وكم كلمة قالت لصاحبها: دعني، فالمرء ما دام ساكتا فهو سالم، وإذا تكلم فليأخذ حذره فما يقوله إما له أو عليه.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الكريم الوهاب، والصلاة والسلام على خير من صلى وأناب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد:

 

فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن نحظى به إلا بالمبادرة إلى الأعمال التي دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابها، والتي منها: استغلال أول النهار، فاستغلال أول النهار فيما يعود عليك بالنفع تنال به دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبركة؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها" [رواه أحمد والترمذي].

 

فينبغي للمسلم استغلال وقته فيما ينفعه، ومن أفضل الأوقات التي ينبغي عدم التفريط فيها؛ هي: أول النهار لأنه وقت مبارك بفضل دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن استغله، ولما في هذا الوقت من الهدوء ولطف الجو والراحة بعد النوم.

 

كثير من الناس محرومون من بركة هذا الوقت نظرا لطول سهرهم ليلا، وإذا وفقوا للاستيقاظ لصلاة الفجر ثقل عليهم الاستمرار في يقظتهم لاستغلال باكورة يومهم.

 

كان الصحابة -رضي الله عنهم- يعملون بما يقولون وبما يحدّثون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد روى هذا الحديث أيضا صخر الغامدي -رضي الله عنه- فقال البغوي -رحمه الله تعالى- معلقا عن هذا الراوي: "وكان صخر رجلا تاجرا وكان يبعث تجارته من أول النهار فكثر ماله" ا. هـ.

 

قال النووي: "يسن لمن له وظيفة من نحو قراءة، أو علم شرعي، وتسبيح، أو اعتكاف، أو صنعة؛ فعله أول النهار، وكذا نحو سفر، وعقد نكاح، وإنشاء أمر لهذا الحديث" ا. هـ.

 

هكذا كان السلف يحرصون على نيل بركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمل، فهل نعمل مثل عملهم؟

 

أرجو ذلك.

 

أيها الإخوة الكرام: لا تزال هناك أعمال دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابها لعلنا نذكرها في خطب قادمة -إن شاء الله-.

 

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن لا يحرمنا من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يحشرنا في زمرته.

 

اللهم اهدنا لليسرى وجنبنا العسرى.

 

اللهم قنا شر أنفسنا وبصرنا بعيوبنا.

 

اللهم ارفع عن أمتنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

 

اللهم انصرنا على أعدائنا وانصرنا على أهوائنا.

 

اللهم أشهدنا عز الإسلام وذل الكافرين.

 

اللهم دمر أعداء الدين...

 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

 

اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا.

 

اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات.

 

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.

 

اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا، وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين.

 

 

المرفقات

تحظى بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ (3)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات