أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام ، له أن يصلي جالسا ، فإن عجز عن الصلاة جالسا فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه ، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن ، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيان لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: ((صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب))[1] رواه البخاري وزاد النسائي : ((فإن لم تستطع فمستلقيا)) ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام ، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود . لقوله تعالى : وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[2] ولقوله صلى الله عليه وسلم : ((صل قائما)) ولعموم قوله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[3] وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من علماء الطب : إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا ، فله أن يصلي مستلقيا .ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع ، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود ، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته ، إن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلا ، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر من الركوع ما أمكنه ذلك ، وإن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول . ولا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتا بأي حال من الأحوال للأدلة السابقة . ومتى قدر المريض في أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء ، انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته ، وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها ، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه . لقوله صلى الله عليه وسلم : ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك))[4] وتلا قوله تعالى وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي[5]ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال ، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته ، فلا يجوز له ترك المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا ، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته ، فإذا تركها عامدا وهو عاقل عالم بالحكم الشرعي مكلف يقوى على أدائها ولو إيماء فهو عالم ، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))[6] ولقوله عليه الصلاة والسلام : ((رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله))[7] وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير حسبما يتيسر له ، إن شاء قدم العصر مع الظهر وإن شاء أخرالظهر مع العصر ، وإن شاء قدم العشاء مع المغرب ، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء . أما الفجر فلا تجمع مع ما قبلها ولا مع ما بعدها ، لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها . هذا بعض ما يتعلق بأحوال المريض في طهاراته وصلاته .
واسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي مرضى المسلمين ، ويكفر سيئاتهم ، وأن يمن علينا جميعا بالعفو والعافية في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
[1] رواه البخاري في ( الجمعة ) برقم ( 1050 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 815 ) .
[2] سورة البقرة الآية 238 .
[3] سورة التغابن الآية 16 .
[4] رواه البخاري في ( مواقيت الصلاة ) برقم ( 562 ) ، ورواه مسلم في ( المساجد ومواضع الصلاة ) برقم ( 1102 ، 1104 ) .
[5] سورة طه الآية 14 .
[6] رواه ابن ماجه في ( كتاب إقامة الصلاة ) ، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة ، والترمذي في ( الإيمان ) برقم ( 2545 ) .
[7] رواه الترمذي في ( الإيمان ) برقم ( 2541 ) ، وأحمد في ( مسند الأنصار ) برقم ( 21008 ، 21054 ) .
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم