كيـف نصـنع التمـيز في أبنائنا؟

حسان أحمد العماري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ أمة متميزة 2/ أهمية الاعتناء بالأبناء 3/ ضرورة البعد عن الغثائية والتخبط في التربية 4/ سمات التربية الصالحة 5/ التربية الإيمانية 6/ مسئولية الأمة عن شبابها 7/ استغلال الإجازة الصيفية في كل نافع مفيد.

اقتباس

كم أُهينت هذه الأمة في كرامتها! وكم استُبيحت أراضيها ومقدساتها وأعراضها بسبب الضعف الواضح في تربية أبنائها؛ ذلك أن العناية بالنشء مسلك الأخيار وطريق الأبرار، ومصدر كل عزة وطريق كل تقدم وتطور وازدهار، ولا تفسد الأمم إلا حين يفسد أجيالها الناشئة، ولا ينال منها الأعداء إلا حين ينالون من شبابها وصغارها.. إن تربية الأبناء والقيام على توجيههم ورعايتهم...

 

 

 

 

الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى والذي أضحك وأبكى وأمات وأحيى، وخلق الزوجين الذكر والأنثى، أحمده سبحانه على نعمه التي لا تُعد ولا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المرتضى، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعــــــد: عبـــــاد الله: إن من نعم الله تعالى على هذه الأمة أنه سبحانه وتعالى ميّزها عن سائر الأمم.. حتى أصبح التميز سمة من سماتها وصفة بارزة من صفاتها قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: من الآية110]، وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: من الآية143].

إنها أمة الوسط التي تشهد على الناس جميعًا، فتقيم بينهم العدل والقسط، وتضع الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها، وتقول: هذا حق وهذا باطل اعتمادًا على كتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم..

أمة متميزة في شريعتها، فهي الشريعة الخالدة التي لا يمحوها الزمن فهي صالحة لكل زمان ومكان.. لا يحدها جنس فهي للناس كافة.. أمة متميزة في عبادتها وما أكثر ما كان يقول قائدها صلى الله عليه وسلم خالفوا المشركين.. خالفوا اليهود والنصارى لتتميز الأمة عن كل من سواها...

أمة متميزة في مناسباتها وأعيادها.. أمة متميزة في نظرتها للكون والإنسان والدنيا والآخرة.. فإذا كان التميز هو السمة الغالبة في هذه الأمة فإنه يجب عليها أيضًا أن تتميز بتربية أبنائها وإعدادهم للحياة فأولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، وفلذات أكبادنا، وزينة حياتنا، قال تعالى: ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً) [الكهف:46] وهم قرة الأعين، وبهجة الحياة، وأنس العيش، بهم يحلو العمر، وعليهم تعلق الآمال، وببركة تربيتهم يستجلب الرزق، وتنزل الرحمة، ويضاعف الأجر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» [أخرجه مسلم].

وقد أحسن من قال:
إنما أولادنا بيننا *** أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم *** لامتنعت عيني عن الغمض

وهم عماد الأمة، وعزها المجيد، ومجدها التليد، وهم قوة الأمم والشعوب، وحصنها الحصين، ودرعها المتين، وهم سبب التقدم وأساسه وهم حماة الأوطان، المدافعين عن الأعراض، المقاتلين لأعدائهم، المتبعين لسنة نبيهم، المتمسكين بدينهم فلا بد أن يكونوا متميزين وأن تكون تربيتهم متميزة..

هذا زكريا عليه السلام يشرف على الهرم، ويدركه الشيب، ويضمحل جسمه، فيلتفت إلى القبلة, ويرفع أكف الضراعة إلى الحي القيوم، يطلب من الله أن يرزقه الذرية المتميزة والولد الصالح المتميز الذي يكون له الأثر الواضح في بناء الحياة الدنيا وعمارة الآخرة ولم يطلب أي ذرية أو ولد لمجرد متعة الحياة وزينتها قال تعالى على لسانه: ( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) [مريم:4-6] يقول: يا رب! أسألك ابنًا صالحًا يرثني في الخير، يدعو لي وأنا في القبر، يحمل لواء الدعوة وميراث النبوة والعلم والخلق القويم..

وإبراهيم عليه السلام يدعو ربه فيقول ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [إبراهيم:40] بل يتوجه مع ابنه إسماعيل عليهما السلام إلى الله يطلبان منه سبحانه وتعالى الذرية المتميزة بالولاء الخالص له المقيمة لحدوده المتبعة لرسله، قال تعالى (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) [البقرة:127].

وهكذا هم الصالحون في كل زمان ومكان حتى وإن كانت رغبتهم وحبهم للأولاد في نفوسهم كبيرة إلا أنهم لا يرضون بغير التميز في هذه الذرية بديلاً، قال تعالى على لسانهم: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوجِنَا وَذُرّيَّـاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان:74].

عبـــــــاد الله: إنه يجب أن نخرج من هذه الغثائية في تربيتنا لأولادنا فترى الرجل الواحد عنده خمسة إلى ستة من الأولاد والبنات وبعضهم أكثر وبعضهم أقل ومع ذلك يشكو منهم ومن سوء أخلاقهم ومن تفلتهم وعصيانهم لا يحملون مشروع ينفعهم في حياتهم ولا في آخرتهم يعيشون على هامش الحياة وما أكثرهم في هذه الأمة اليوم، وهذا ما حذرنا منه صلى الله عليه وسلم فقد قال كما أخرج الإمام أبو داود في سننه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها»، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «إنكم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل.. وليقذفن الله في قلوبكم الوهن»، قلنا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت»...

يا الله كم أهينت هذه الأمة في كرامتها! وكم استُبيحت أراضيها ومقدساتها وأعراضها بسبب الضعف الواضح في تربية أبنائها ذلك أن العناية بالنشء مسلك الأخيار وطريق الأبرار، ومصدر كل عزة وطريق كل تقدم وتطور وازدهار، ولا تفسد الأمم إلا حين يفسد أجيالها الناشئة، ولا ينال منها الأعداء إلا حين ينالون من شبابها وصغارها.. إن تربية الأبناء والقيام على توجيههم ورعايتهم، أمانة عظمى، ومسئولية كبرى سنسأل عنها بين يدي الله عز وجل كما جاء في الصحيحين في حديث ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته»... وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون) [التحريم: 6].

إن التربية لا تعني كما يظن كثير من الآباء والأمهات توفير الطعام والشراب والملبس والحاجات الضرورية لأولادنا وحسب فهذه رعاية وليست تربية قد تقوم بها مؤسسة أو جمعية خيرية أو مركز اجتماعي خيري.. ولا تعني التربية السب والشتم واللعن والحرمان والتكبيل بالسلاسل، والضرب بالحديد والسجن في الغرف المظلمة، فيخرج لنا جيل تسيل دماؤه، وتنتفخ أوداجه، يخاف من خياله، ويهرب من ظله، ويغضب ويثور لأتفه الأسباب، فيكن العداء لأمته، والبغضاء والكراهية لنفسه ولمجتمع فيعيش محبطًا فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا.

عبـــــــــــاد الله: إن التربية تعني تزكية النفوس وتهذيبها وتعليمها القيم والأخلاق وإكسابها المهارات وإعدادها للحياة وتوجيهها نحو الآخرة... فإذا أردنا أن نجعل من أبنائنا متميزين مبدعين فيكونوا خير أبناء نافعين لدينهم ولأمتهم ولأوطانهم ومجتمعاتهم ويكونوا قرة عين لوالديهم في الدنيا وسببًا لسعادتهم في الآخرة، فعلينا أن نهتم بتربيتهم ورعايتهم والعناية بهم من عدة جوانب فالجانب الأول هو جانب الإيمان وتعميق العقيدة في النفوس فينشأ جيلٌ متسلح بالإيمان معتزٌ بدينه مخلصٌ لربه يدرك حقيقة وجودة ونهاية حياته لا يخاف إلا ممن خلقه ولا يعتريه اليأس ولا القنوط ولا يصيبه الضنك ولا الشقاء هذا لقمان عليه السلام يربي ابنه على هذه القيم الخالدة قال تعالى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) [لقمان:16].

وعلم صلى الله عليه وسلم ابن عباس وهو غلام هذه العقيدة التي تتميز بها هذه الأمة قائلاً له «يا غُلامُ، إنِّي أُعلمُك كلمات: احفظِ الله يحفظكَ، احفظِ الله تجدهُ تُجاهكَ، إذا سألتَ فاسأَلِ الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمَعت على أن ينفَعُوكَ بشيء لم ينفعوكَ بشيء إلاَّ قد كتَبَهُ الله لكَ، وإن اجتمعُوا على أن يضُرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلاَّ بشيء قد كتَبهُ الله عليك، رُفعتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحُفُ» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).

دخل أحد الصحابة مسجد رسول الله صلى عليه وسلم في غير وقت الصلاة فوجد غلامًا لم يبلغ العاشرة من عمره قائمًا يصلى بخشوع فانتظر حتى انتهى من صلاته فجاء إليه وسلم عليه وقال له: يا بني ابن من أنت؟ فطأطأ الغلام رأسه وانحدرت دمعه على خده ثم رفع رأسه وقال: يا عم إني يتيم الأب والأم فرق له الصحابي وقال له: يا بني أترضى أن تكون ابنا لي؟ فقال الغلام: هل إذا جعت تطعمني؟ قال: نعم فقال الغلام: هل إذا عريت تكسوني؟ قال: نعم فقال الغلام: هل إذا مرضت تشفيني؟ قال الصحابي ليس إلى ذلك سبيل يا بني.. قال الغلام: هل إذا مت تحيني؟ قال الصحابي: ليس إلى ذلك سبيل.. قال الغلام: فدعني يا عم للذي (خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء/82 ]... فسكت الصحابي ومضى لحاله وهو يقول آمنت بالله من توكل على الله كفاه...

وقال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يومًا ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت كيف أذكره؟ فقال بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناضري الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال قل كل ليلة سبع مرات فقلت ثم أعلمته فقال قل كل ليلة إحدى عشر مرة فقلته فوقع حلاوته في قلبي، فلما كان بعد سنة قال لي خالي احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك ثم قال لي خالي يومًا يا سهيل: من كان الله معه وناظرًا إليه وشاهده أيعصيه؟ إياك والمعصية..

هذا هو التميز الذي يجعل من أبنائنا عظماء لا ترهبهم قوة عدو ولا مكر ماكر ولا تقلب دهر ولا شدة حياة ولا تلوث حياتهم معصية ولا تستعبدهم دنيا ولا يفتنهم مال.. وعلينا أن نجعل من أبنائنا متميزين في عباداتهم فيدركوا أنهم ما خلقوا إلا للعبادة وأن الحياة لا تستقيم إلا بطاعة الله يقول لقمان عليه السلام لابنه (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان:17].

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع» (رواه أبو داود بإسناد حسن).

وعن سعيد بن عقير حدثنا يعقوب عن أبيه أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده وكان يلزمه الصلوات فأبطأ يوما عن الصلاة فقال له: ما حبسك قال: كانت مرجلتي تسكن شعري فقال: بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة، وكتب بذلك إلى والده فبعث عبد العزيز بن مروان وهو والي مصر في ذلك الزمان رسولا إليه وأمره بأن يحلق شعر عمر حتى لا يتأخر عن الصلاة مرة ثانية...

فالمحافظة على العبادات تصقل شخصية المسلم وتهذّب سلوكه وتنظم حياته وتقربه من ربه ويكتب له القبول في الأرض ولما تركت العبادات وضيعت الطاعات جفت الأرواح وقست القلوب وتحجرت العيون وضاقت الصدور وضاعت البركة وقلت الأرزاق قال تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طـه:132].

علينا أن نربّي أبنائنا على التميز في جانب الخلق والسلوك فلقد بعث رسولهم ليتمم مكارم الأخلاق روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال عليه السلام: «إنّما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق». وفي رواية: «صالح الأخلاق» وقال صلى اللّه عليه وسلم موصيًا أحد أصحابه: «اتق اللّه حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالق الناس بخُلق حسن» [رواه الترمذي]...

وقال الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فالخلق الحسن شامة في جبين صاحبه وبه ينال المرء ثناء الناس ورضا الله والسلامة يوم العرض والوقوف بين يدي الله والفوز بالجنة.. روى الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل ما أكثر ما يُدخل الناس الجنة قال: «تقوى الله وحُسن الخُلُق».

وعلينا أن نتميز في تعليم أبنائنا التعليم الصحيح ونحرص على متابعاتهم واختيار التخصصات المناسبة والنافعة لهم في دينهم ودنياهم وعلينا أن نكسبهم المهارات السلوكية والعملية المختلفة كتعلم اللغة والحاسب الآلي والقدرة على التحدث بطلاقة والبيع والشراء وحسن استقبال الضيف ومساعدة المحتاج واحترام الكبير والعطف على الصغير وحسن التعامل مع الآخرين وتقديم النفع.. وعلينا أن نتميز في اختيار الرفقة الصالحة لهم «فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».

إن التربية وإعداد النشء مسئولية الجميع ابتداءً بالوالدين وإن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة،ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية الأبناء..ولن تترعرع الطفولة أو يتربى الشباب إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والمعايير الأصيلة، والتقاليد المرعية، والحقوق المكفولة..

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه....

 

 

الخطبة الثانية:

عبـــــــاد الله: إن مما نواجه هذه الأيام العطلة الصيفية وفراغ الآلاف من الطلاب مما يسبب الكثير من المشاكل والانحرافات التي يعاني منها الآباء والأمهات والجيران، فعلينا أن نشغل أوقاتهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم فهناك المراكز الصيفية والدورات العلمية التي تعمل على إشغال أوقات الطلاب بما يفيدهم وينفعهم، ففيها الأنشطة الترويحية والتربوية، وفيها الدورات العلمية والثقافية والأنشطة الرياضية.

وعلى الآباء القيام بعمل برامج صيفية لأبنائهم وبناتهم وهذا من باب المسئولية والواجب الشرعي عليهم تجاه أبنائهم قال صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه»، فما تقومون به اليوم من حسن التربية والرعاية والحفظ والصيانة لفلذات أكبادكم تجنونه ثوابًا وأجرًا عند الله في الآخرة، وبرًا وإحسانًا في الدنيا.

فاحرصوا رعاكم الله على استغلال أوقات فراغهم بإرسالهم إلى المراكز الصيفية المتميزة ومراكز التدريب وتعليم الحاسوب واللغات ولنشغل أوقاتهم بحفظ كتاب الله وسنة رسوله وتعلم العلوم الشرعية ففي ذلك الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة..

هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين....

 

 

 

 

 

 

المرفقات

نصـنع التمـيز في أبنائنا؟

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات