عناصر الخطبة
1/بيان فضل دين الإسلام 2/ بيان سبب انتصار المسلمين على أعدائهم 3/ أعداء الإسلام وما يكيدونه له 4/ بيان أن النصر لمن ينصر دين اللهاهداف الخطبة
التحفيز على التمسك بهذا الدينعنوان فرعي أول
دين فيه كل صفات الحسنعنوان فرعي ثاني
( ولينصرن الله من ينصره )اقتباس
هذا الدين الإسلامي لا يطلب أحدٌ سعادةً إلا وجدها فيه، ولا خيراً ورشداً وصلاحاً إلا وجده آمراً به وحاثاً عليه، وعزاً وتمكيناً ورفعةً إلا وجده مشتملاً عليها، ولا يوجد شر وفساد وشرك وإلحاد إلا حذر منه.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبرحمته وبهديه يهتدي المهتدون، وبعدله وحكمته ضل الضالون، لا يُسئَل عمّا يفعل وهم يُسألون، لأنّ شرع الله فيه المصلحة والرحمة ولو جهل ذلك الجاهلون.
أحمده سبحانه على ما هدانا إليه مما صرف عنه الأكثرون، وأشكره جلّ وعلا على نعمه التي يعجز عن حصرها العادون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتعالى وتقدس عما يصفه به المشركون، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي عمت دعوته الثقلين وانتشرت في الآفاق وإن جحدها الحاسدون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم لشرعه متبعون وبهديه متمسكون وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم يبعثون.
أما بعد، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وتمسكوا بدينكم الحنيف المنزل من رب السماء والأرض الذي قال الله فيه (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ) [الزخرف:43 – 44].
فإن السعادة والفلاح في التمسك به، وإن الشقاء و العناء والهلاك في الانحراف عنه، فهو دين العدالة والمساواة، دين من استضاء به اهتدى، ومن تمسك به نجا، ومن عض عليه بالنواجذ وصل إلى الدرجات العُلا، دينٌ أساسه التوحيد و الإخلاص وشعاره الخير النفع والإحسان، دينٌ ضمن لمعتنقيه عزاً وطيداً ومجداً مشيداً وكلمة نافذة، فأصبح أهله ملوك الدنيا بعد أن كانوا أمة مبعثرة مغلوبة على أمرها، لا تعترف بها الأمم المحيطة بها من فارس والروم وغيرها بل يولون عليهم الأمراء فيهم ويأخذون منهم الإتاوة و الضرائب، ومع ذلك غزاهم المسلمون مع قلتهم حتى فتحوا قلوبهم بالإيمان، وفتحوا بلادهم بالقوة والسلطان ونشروا الدين بينهم وكسروا كسرى وقصروا قيصر وأنتشر الإسلام وطمس الطغيان.
فما هو السبب في انتصار المسلمين في ذلك الوقت المليء بالفتن، الذي كانت القوة والمنعة والسلطة والكثرة لغيرهم، لا شك هو الاعتصام بحبل الله جميعاً، والتمسك بهذا الدين الإسلامي الإلهي علماً وعملاً، تصديقاً وتطبيقاً، عقيدة، ومعاملة، امتثالاً لأوامر الله وبعداً عن نواهيه حقاً، بهذا سيطروا على سكان البسيطة وغزوا القلوب قبل البلدان ومكنهم الله في البلاد والعباد، وكان لهم على من سواهم العز الوطيد والشرف الهائل والكرم المشيد.
وخضعت للإسلام رقاب الجبابرة، وانتصر أهله الانتصار الكبير الذي بهر العقول ولم يعهد مثله في التاريخ.
وذلك لأن هذا الدين الإسلامي لا يطلب أحدٌ سعادةً إلا وجدها فيه، ولا خيراً ورشداً وصلاحاً إلا وجده آمراً به وحاثاً عليه، وعزاً وتمكيناً ورفعةً إلا وجده مشتملاً عليها، ولا يوجد شر وفساد وشرك وإلحاد إلا حذر منه.
دين شرع الله لنا فيه من العبادات والطاعات ما ينور القلوب، ومن المعاملات ما يهذب النفوس ويزكي الأخلاق، دين يبعث روح الصدق والإحسان والتعاون والإخاء وروح المحبة والألفة والسخاء، دين منذ طلع نوره وأعداؤه يكيدون له ويسعون في إطفائه من شقائهم طاعة للشيطان وحسداً للمسلمين. ولم يصلوا ولن يصلوا ولله الحمد إلى ذلك لأن الله يقول: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة:32].
ويقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9].
ولكن أعداء الله لمّا عجزوا عن إبادة أهل هذا الدين بالحروب النارية وسفك دماء المسلمين سعوا بالحرب الفكرية والدعايات البراقة المكرية ودس السم مع الدسم يعملون ذلك ليصلوا إلى تدمير الدين والقضاء على باقيه، ولكن سيردهم الله خاسئين ذليلين حقيرين إن شاء الله تعالى كما قال تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [النمل:50-53].
إن الله سينصر هذا الدين وسينصر من نصره، لأنه دينه الذي شرعه وهو أحكم الحاكمين، وقد أيقظ الله بعض شباب المسلمين من غفلتهم فرجعوا إلى تعاليمه فنشروها فليبشروا بالخير إن شاء الله إذا صدقوا مع الله، والله سبحانه يقول: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ) [آل عمران:160]، أي لا يغلبكم أحد من البشر، ويقول تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران:12].
فمن مشى على الطريق الصحيح وصل. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إنّ سلعة الله غالية، ألا إنّ سلعة الله الجنة". أخرجه الترمذي.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يقول الله تعالى في محكم التنزيل: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:40-41]. وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم