كلام الخطيب حال خطبته بغير الخطبة:
اختلف الفقهاء في حكم كلام الخطيب في خطبة الجمعة بغير الخطبة ، وذلك على قولين :
القول الأول : أن ذلك لا يجوز إلا لمصلحة ، فيباح . وبهذا قال المالكية ، وهو المذهب عند الحنابلة .
القول الثاني : أن ذلك يباح مطلقا . وهو مذهب الشافعية .
القول الثالث : أنه يكره إلا لمصلحة . وبهذا قال الحنفية .
ولعل القول بالمنع إلا لحاجة هو الأقرب للصواب لأدلة منها:
أولا : استدل على عدم الجواز إذا لم يكن هناك مصلحة بعموم الأدلة الدالة على تحريم الكلام حال الخطبة، ومن أبرزها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت » .
وجه الدلالة : أنه إذا كان المستمع مأمورا بالإنصات محرم عليه الكلام، فكذلك الخطيب مأمور بمواصلة الخطبة إذا لم تكن هناك حاجة؛ لكيلا يفوت على المستمع فائدة الاستماع .
ثانيا: استدلوا على الإباحة عند الحاجة بما ورد من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والصحابة لذلك ، ومنه : ما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : « جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم الجمعة فقال: أصليت يا فلان ؟ قال : لا ، قال : قم فاركع ركعتين » .
قال النووي عن هذا الحديث برواياته : " وفي هذه الأحاديث أيضا جواز الكلام في الخطبة لحاجة " .
ومنها ما رواه أبو داود عن عبد الله بن بسر قال : « جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : اجلس فقد آذيت » .
قال ابن القيم مبينا ذلك : " وكان يقطع خطبته للحاجة تعرض ، أو السؤال من أحد أصحابه فيجيبه تم يعود إلى خطبته فيتمها ، وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة . . . وكان يدعو الرجل في خطبته : تعال يا فلان ، اجلس يا فلان ، صل يا فلان " .
وبهذه الأدلة استدل القائلون بالجواز مطلقا، أو القائلون لكن نوقش استدلالهم بأن هذه الأدلة ظاهرة في أن الجواز إنما هو عند الحاجة.
أما القائلون بالكراهة فوجه هذا القول عندهم الجمع بين الأدلة المقتضية للمنع والأدلة المقتضية للجواز، لكن يمكن الجمع بقصر الجواز على موطن الحاجة. لتكون الأدلة المقتضية للمنع عامة مخصوصة.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم