عناصر الخطبة
1/ توحيد الربوبية لا ينفي وجود الشرك في العبادة 2/ أقسام التوحيد الثلاثة 3/ مفاهيم الأقسام الثلاثة 4/ تلازم الأقسام الثلاثة 5/ الحكمة من خلق الخلق 6/ حقيقة الطاغوت 7/ حق الله على عبادهاقتباس
أيها المسلمون: خلق الله -عز وجل- الثقلين الجن والإنس لحكمة عظيمة، وهي عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]، أي: يوحِّدون، وفي الآية بيان عظم شأن التوحيد؛ إذ كان الخلق كلهم لم يخلقوا إلا له.
الحمد لله، أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أقدامكم على النار لا تقوى.
أيها المسلمون: قريش أناس يتعبدون، ويحجون، ويعتمرون، ويتصدقون، ويصلون
الرحم، ويكرمون الضيف، ويذكرون الله كثيرًا، ويعترفون أن الله وحده هو المتفرد بالخلق والتدبير، ويخلصون لله العبادة في الشدائد، لكنهم يتخذون وسائط بينهم وبين الله؛ يدعونهم، ويذبحون لهم، وينذرون لهم، ويستغيثون بهم؛ ليشفعوا لهم ويسألوا الله لهم، زعمًا أنهم أقرب منهم إلى الله وسيلة.
فبعث الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- يجدد لهم دين أبيهم إبراهيم –عليه السلام- ويخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله، وأن فعلهم هذا أفسد جميع ما هم عليه من العبادة، وصاروا بذلك كفارًا مرتدين حلال الدم والمال، وقاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليكون الدعاء كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة كلها لله، وجميع أنواع العبادة كلها لله.
أيها المسلمون: قسم العلماء -رحمهم الله- التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيد الربوبية: وهو العلم والإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المدبر لهذا الكون؛ قال -عز وجل-: (اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الرعد: 16]، وقال -سبحانه-: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6]، وقال تعالى: (وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ) [يونس: 31]، وقد نفى -سبحانه- أن يكون له شريك في الخلق والرزق، قال -تعالى-: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ) [لقمان: 11]، وقال: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) [الملك: 21].
وقد فطر الله جميع الخلق على الإقرار بربوبيته؛ حتى إن المشركين الذين جعلوا له شريكًا في العبادة يُقرون بتفرده بالربوبية، قال -تعالى-: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [الزخرف: 9].
الثاني من أقسام التوحيد: توحيد الأسماء والصفات: وهو أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من صفات الكمال ونعوت الجلال، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل؛ قال -عز وجل-: (وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 180]، وقال -تعالى-: (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى) [طه: 8]، وكل اسم من أسماء الله فإنه يتضمن صفة من صفاته، فالعليم يدل على العلم، والحكيم يدل على الحكمة، والسميع البصير يدلان على السمع والبصر، وهكذا كل اسم يدل على صفة من صفات الله تعالى.
وقد أخبر -سبحانه- أن له وجهًا، فقال: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن: 27]، وأن له يدين، قال -تعالى-: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) [المائدة: 64].
وأهل السنة والجماعة من السلف الصالح وأتباعهم يثبتون أسماء الله وصفاته كما وردت في الكتاب والسنة على ظاهرها، وما تدل عليه ألفاظها من المعاني، ولا يؤولونها عن ظاهرها، ولا يحرفون ألفاظها ودلالتها عن مواضعه، وينفون عنها مشابهة صفات المخلوقين، كما قال -تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11].
عباد الله: الثالث من أقسام التوحيد: توحيد الإلهية: وهو إفراد الله بالعبادة؛ ويتعلق بأعمال العبد وأقواله الظاهرة والباطنة، كالدعاء، والنذر، والنحر، والرجاء، والخوف، والتوكل، والرغبة، والرهبة والإنابة، وهذا النوع من التوحيد هو أول دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) [النحل: 36]، وكل رسول يبدأ بالأمر بإفراد الله في ألوهيته، كما قال نوح وهود وصالح وشعيب -عليهم السلام-: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف: 59]، (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ) [العنكبوت: 16]، وأنزل على نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ) [الزمر: 11].
وهذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل؛ لأنه الأساس الذي تُبنى عليه جميع الأعمال، ودون تحققه لا تصح جميع الأعمال؛ فإنه إذا لم يتحقق حصل ضده وهو الشرك، وقد قال الله -عز وجل-: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) [النساء: 48]، وقال -تعالى-: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الزمر: 65].
وأقسام التوحيد الثلاثة متلازمة، كل نوع منها لا ينفك عن الآخر، فمتى أتى المرء بنوع ولم يأت بالآخر لم يكن موحدًا.
أيها المسلمون: خلق الله -عز وجل- الثقلين الجن والإنس لحكمة عظيمة، وهي عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]، أي: يوحِّدون، وفي الآية بيان عظم شأن التوحيد؛ إذ كان الخلق كلهم لم يخلقوا إلا له.
وقال -تعالى-: (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى) [القيامة: 36] لا يؤمر ولا ينهى؛ وقال في الآية الأخرى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ) [البقرة: 21]، أي: وحّدوه؛ فقد أمرهم بما خُلقوا له وأرسل الرسل بذلك.
وقد أخبر أنه -سبحانه- غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحولهم، قال -تعالى-: (مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) [الذاريات: 57].
وأمر الله الناس بعبادته -وحده لا شريك له- وترك ما سواه، قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) [النحل: 36]؛ قال ابن القيم: الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع؛ فالمعبود؛ كالأصنام، والمتبوع كالكهان والسحرة، والمطاع؛ كالأمراء إذا أمروا بمعصية الله.
وأخبر -تعالى- أنه بعث في كل طائفة وقرن وجيل من الناس رسولاً منذ حدث الشرك في قوم نوح، إلى أن ختمهم بمحمد –صلى الله عليه وسلم-، يأمرهم: (أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) أي: وحِّدوا الله بالعبادة واتركوا وفارقوا عبادة ما سواه، ولهذا خُلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب، وفي قوله -تعالى-: (اعْبُدُواْ اللّهَ) الإِثبات، وقوله: (وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) النفي، وهذه طريقة القرآن يقرن النفي بالإِثبات، فينفي ما سوى الله، ويثبت عبادة الله وحده، والنفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنًا للنفي والإثبات، وهذا هو حقيقة التوحيد.
وفي الآية -عباد الله- بيان عظم شأن التوحيد، وإقامة الحجة على العباد، فمن عبد الله ولم يكفر بالطاغوت فليس بموحد، وما أكثر الجهل بذلك في هذا الزمان، فمن يعبد الله وهو لا يعتقد بطلان عبادة القبور فهو غير موحد.
وقال -عز وجل- في الآية الأخرى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا...) [الإسراء: 23] الآية، أي: أمر ووصى وأوجب على ألسنة رسله أن يُعبد وحده دون ما سواه، والمراد بالقضاء هنا القضاء الشرعي الديني، واشتملت هذه الآيات على جُملة الشرائع، وابتدأت بالتوحيد؛ فدل على أنه أوجب الواجبات، إذ لا يبتدأ إلا بالأهم فالمهم، وختمت الآيات بالنهي عن الشرك، فدلَّ على أنه أعظم المحرمات، وثنَّت بالإِحسان إلى الوالدين، فقد قرن الله -سبحانه- الإحسان إليهما بعبادته -جل وعلا-، للتنبيه على فضلهما وتأكيد حقهما، وأنه أوجب الحقوق بعد حق الله -تعالى- فالبر بهما من أسباب دخول الجنة، ولم يخص -سبحانه- نوعًا من أنواع الإِحسان إليهما ليعمّ جميع أنواعه؛ من لين الكلام والدعاء لهما وغير ذلك.
وقال -تعالى- في سورة النساء: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) [النساء: 36]، أمرٌ من الله -سبحانه- لعباده بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنه الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه، وهو المستحق منهم أن يوحِّدوه ولا يشركوا به شيئًا، وقرن الأمر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرّمه، فدلت على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة، فأعمال العبد -من صلاة وزكاة واستغفار وغير ذلك- لا تقبل إلا إذا وحد الله -سبحانه وتعالى- وأفرده بالعبادة، وتُسمى هذه الآية: آية الحقوق العشرة، وذلك لأنها تضمنت عشرة حقوق، وابتدأت بالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، فدلت على أن التوحيد هو أوجب الواجبات، وأن الشرك أعظم المحرمات، وفيها تفسير التوحيد، وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم: 65].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون؛ وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد البشر، أما بعد: أيها المسلمون: قال ابن مسعود –رضي الله عنه-: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد –صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه، فليقرأ قوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام: 151 – 153].
أمر الله نبيه محمدًا –صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله: (تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا).
وقد ذكر -سبحانه- في هذه الآيات جملاً من المحرمات، ابتدأها بالنهي عن الشرك، فدل على أنه أعظم المحرمات؛ ومما يدل على عظم شأن هذه الآيات: أن ابن مسعود –رضي الله عنه- يرى أنها اشتملت على الدين كله، فكأنها الوصية التي ختم عليها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبقاها لأمته.
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل –رضي الله عنه- قال: كنت رديف النبي –صلى الله عليه وسلم- على حمار، فقال لي: "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟! وما حق العباد على الله؟!". قلت: الله ورسوله أعلم. قال –صلى الله عليه وسلم-: "حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا". قلت: يا رسول الله أَفلا أُبشر الناس؟! قال: "لا تبشرهم فيتكلوا".
أيها الناس: حق العباد على الله؛ أن يوحدوه بالعبادة ويفردوه، ويتجردوا من الشرك صغيره وكبيره، ومن لم يتجرد من الشرك لم يكن آتيًا بعبادة الله وحده، بل هو مُشرك قد جعل لله ندًا في عبادته.
وفضل الله على أهل التوحيد عظيم، وعطاؤه جزيل، فقد أراد معاذ –رضي الله عنه- أن يُبشر الناس بفضل التوحيد، وفضل من تمسك به عند الله، فنهاه –صلى الله عليه وسلم- عن إخبارهم مخافة أن يعتمدوا على هذه البشارة، فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة اعتمادًا على ما يتبادر من ظاهر الحديث.
وأفاد الحديث: استحباب بشارة المسلم بما يسره من أمر الدين والدنيا، وجواز كتمان العلم للمصلحة.
فاتقوا الله -عباد الله- وراقبوه وأخلصوا العبادة له وحده دون ما سواه تفلحوا.
هذا، وصلّوا -رحمكم الله- على من بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، فقد أمركم الله بذلك، فقال عز من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعزّ الإِسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.. اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة؛ إنك أنت الوهاب.. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم