عناصر الخطبة
1/بعض الأخبار المتعلقة بأخطار المخدرات 2/مكافحة ولاة أمر المملكة العربية السعودية للمخدرات 3/نصائح وتوجيهات للمواقعين في وحل المخدرات 4/واجب الآباء والمربين تجاه وباء المخدراتاقتباس
فَقَدْ فَقَدُوا عُقُوْلَهُمْ، وَكَانُوا قَبْلَ المُخَدِّرَاتِ مِنْ أَعْقَلِ النَّاسِ، أهْدَرُوا أَمْوَالَهُمْ، وفُصِلُوا مِنْ وَظَائِفِهِمْ وَأَعمَالِهِمْ، وَبَاعُوا مُمْتَلَكَاتِهِمْ، وَمَدُّوا إِلَى النَّاسِ أَيْدِيَهُمْ، وشَتَّتَوا أُسْرَهُمْ، وَعَقُّوا وَالِدَيْهِمْ، وَكَرِهَوا مُجْتَمَعَهُمْ. أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ أَنَّ المُخَدِّرَاتِ تَجُرُّ لِهَذِهِ المُوبِقَاتِ؟! فَلا عَجَبَ -وَاللهِ- مِنْ لَعْنِ اللهِ -تَعَالَى- عشَرَةً بِسَبَبِ هَذِهِ الْخَمْرِةِ، والمُخَدِّرَاتُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، فقد...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أمَّا بَعْدُ: أَمَا بَلَغَكُمْ خَبَرَ الذِي نَحَرَ ثَلاثَةً مِنْ أَطْفَالِهِ؟ أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي الأَخْبَارِ عَمَّنْ رَمَى أُمَّهُ مِنَ الدُّورِ الثَّانِي؟ وَآخَرُ يَقْتُلُ وَالِدَهَ ذَا التِّسْعِينَ مِنْ عُمْرِهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي؟ وَرَابِعٌ وخَامِسٌ وَمِائَةٌ؛ فَمَا الخَبَرُ فِي هَذِهِ الْحَوَادِثِ الْمُفْجِعَةِ التِيْ تَفُتِّتُ الْأَكْبَادَ؟!
الخَبَرُ تَجِدُوْنَهُ عِنْدَ مُسْتَشْفِيَاتِ مُعَالَجَةِ إِدْمَانِ المُخَدِّرَاتِ.
الخَبَرُ -واللهِ- لَدَى إدَارَاتِ مُكَافَحَةِ المُخَدِّراتِ، فإِنَّ مُدْمِنَ الْمُخَدِّرَاتِ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى عِرْضٍ، وَلَا عَلَى مَحَارِمٍ، بَلْ إِنَّه مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَبِيعَ كَرَامَتَهُ وَشَرَفَهُ، لِيَحْصُلَ عَلَى لَذَّةِ سَاعَةٍ، وَرُبَّما يَنْتَحِرُ فَيَلْحَقُهُ غَضَبُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، فَقَدْ فَقَدُوا عُقُوْلَهُمْ، وَكَانُوا قَبْلَ المُخَدِّرَاتِ مِنْ أَعْقَلِ النَّاسِ، أهْدَرُوا أَمْوَالَهُمْ، وفُصِلُوا مِنْ وَظَائِفِهِمْ وَأَعمَالِهِمْ، وَبَاعُوا مُمْتَلَكَاتِهِمْ، وَمَدُّوا إِلَى النَّاسِ أَيْدِيَهُمْ، وشَتَّتَوا أُسْرَهُمْ، وَعَقُّوا وَالِدَيْهِمْ، وَكَرِهَوا مُجْتَمَعَهُمْ.
أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ أَنَّ المُخَدِّرَاتِ تَجُرُّ لِهَذِهِ المُوبِقَاتِ؟!
فَلا عَجَبَ -وَاللهِ- مِنْ لَعْنِ اللهِ -تَعَالَى- عشَرَةً بِسَبَبِ هَذِهِ الْخَمْرِةِ، والمُخَدِّرَاتُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، فقد صَحَّ أنَّ اللهَ "لَعَنَ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ"، والمُفَتِّرَاتُ حُكْمُهَا كَالمُخَدِّراتِ، فَقَدْ نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وصَحَّحَهُ العِرَاقِيُّ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ).
ولِأَجْلِ تَلَافِيْ هَذِهِ الأخْطَارِ المُحْدِقَة بالشَّبابِ، المُذْهِبَةِ للعُقُولِ، فَقَدْ سَعَى وُلَاةُ أَمْرِنَا فِيْ هَذِهِ البِلَادِ المُبَاركَةِ بِكُلِ مَا أُوْتُوا مِنْ جُهْدٍ لِمُكَافَحَةِ هَذَا الوَبَاءِ الَخطِيرِ، ومُلَاحَقَةِ المُهَرِّبِينَ والمُرَوِّجِينَ وَتَطْبِيْقِ أَقْصَىِ العُقُوبَاتِ عَلَيْهِمْ، مِنْ خِلالِ إدَارَاتِ لمُكَافَحَةِ المُخَدِّراتِ، وإدَارَةِ الجَمَارِكِ.
ثُمَّ بِإِقَامةِ المَسْتَشْفَيَاتِ والمَرَاكِزِ النفْسِيَّةِ لعِلاجِ المُدْمِنِينَ وتوجيهِهِمْ وتَأْهِيْلِهِمْ؛ لِيَكُونُوا أفْرَاداً صالِحِيْنَ في المُجْتَمَعِ.
فَشُكْرًا لِأُولَئِكَ الأَبْطَالِ المُرَابِطِيْنَ المُخْلِصِيْنَ وَالمُبَلِّغِيْنَ، لمُحَارَبَةِ هَذِهِ السُّمُوْمِ، وَالذِيْنَ يَتَلَقَّوْنَ العَنَاءَ وَالعَنَتَ؛ وَلْيُبْشِرُوا بِهَذِهِ البِشَارَةِ مِنْ سَمَاحَةِ الشيْخِ ابْنِ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ- حَيْثُ يَقُولُ: "مُكَافَحَةُ المُسْكِرَاتِ والمُخَدِّرَاتِ مِنْ أَعْظَمِ الجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللهِ .. وَمَنْ أَعَانَ عَلَى فَضْحِ هَذِهِ الأَوْكَارِ، وَبَيَانِها لِلمَسْؤُولِيْنَ فَهُوَ مَأْجُورٌ، وَيُعْتَبَرُ مُجَاهِداً فِي سَبِيْلِ الحَقِ".
ويَا مَنِ اِبْتُلِيْتَ بِهَذِهِ السُّمُومِ: نَحْنُ إِخْوَانُكَ نُحِبُّكَ وَنُحِبُّ لَكَ الخَيْرَ، فتَدَارَكْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُطَ الأَمْرُ عَلَيْكَ؛ فَتَنْدَمَ حِيْنَ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ تَدَارَكْ أيُّها المبارَكُ، وَأَشْفِقْ عَلَى دِيْنِكَ وَعَقْلِكَ، وَأَسْعِدْ وَالِدَيْكَ وَأُسْرَتِكَ.
تُبْ إِلَى اللهِ فَإِنَّهُ -تَعَالَى- يُنَادِي مَنْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[الزمر: 53].
فَاللهم فِي هَذِهِ الساعَةِ المُبَارَكَةِ مُنَّ وتَفَضَّلْ عَلَى كُلِ مُتَوَرِّطٍ بِالمُخَدِّرَاتِ بِالتَوْبَةِ إلَيْكَ، وَالأَوْبَةِ لأَهْلِهِ وَعَقْلِهِ رَشِيْدًا سَدِيْدًا.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ الذِيْ هَدَانَا، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ لِلْهُدَىَ دَعَانَا.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الآبَاءُ، أَيُّهَا المُرَبُّونَ، أَيُّهَا المُعَلِّمُونَ، أَيُّهَا النَّاصِحُونَ الذِيْنَ اسْتَرْعَاهُمُ اللهُ شَبَاباً تَتَخَطَّفُهُمْ فِتَنٌ وَشَهَوَاتٌ: إِنَّ الأَمْرَ خَطِيْرٌ، وَإِنَّ المَسْؤُولِيَّةَ عَظِيْمَةٌ، فَتَوَاصَوا -وَفَّقَكُمُ اللهُ- بِالْحَقِّ وبِالصَّبْرِ، وَتَآمَرُوا بِالمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوا عَنِ المُنْكَرِ، وَرَبُّوا مَنْ تَحْتَ أَيْدِيْكُمْ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللهِ -تَعَالَى-، وتَعْظِيْمِ حُرُمَاتِه، حَذِّرُوهُمْ مَجَالِسَ السُّوءِ، وَرُفْقَةَ السُّوءِ وَلَوْ كَانُوا مِنَ الأَقَارِبِ.
جالِسُوا أَوْلادَكُم، وصَاحِبُوهُمْ، وَتَلَمَّسُوا حاجِيَّاتِهِمْ مُعَانَاتِهِمْ، لئَلا يَبْقَوا نَهْبَاً لِلفَرَاغِ القَاتِلِ، وَوَسَائِلِ التَوَاصُلِ، وَالتي قَدْ تُرَوِّجُ لِلْحُبُوبِ المُنَبِّهَةِ.
حَذِّرُوهُمْ بِأُسْلُوْبٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ مِنَ الدُّخَّانِ وَالشِّيْشَةِ؛ بَيِّنُوا لَهُمْ حُرْمَتَهَا وَخَطَرَهَا وَضَرَرَهَا، وَأَنَّهَا مِفْتَاحُ الشَّرِّ؛ مَا إِنْ يُخْدَعَ الشَّابُّ بِهَا، وَيَقَعَ فِيْهَا؛ إِلَّا وَيَقَعَ فِي المُخَدِّرَاتِ. فَالْمُخَدِّرَاتِ آفَةٌ تَبْدَأُ بالإغراء، ثُمَّ بِحُبِ الاسْتِطْلَاعِ، ثُمَّ التَّعَاطِي، ثُمَّ دِّهْلِيْزِ الْإِدمَانِ المُظْلِمِ.
وَرَاقِبُوا مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ بلاءً خَطِيْرًا جِدَّاً، أَلَا وَهُوَ: استِخْدَامُ عُطُورٍ، أَوْ عِلَبِ تَعْبِئَةِ الوَلّاعَاتِ، أَوْ عِلَبِ إَشْعَالِ النَّارِ، عَنْ طَرِيْقِ الشَّفْطِ أَوِ الشَّمِّ، وَثَمَّتَ بَلاءٌ جَدِيْدٌ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالشِّيْشَةِ الالِكْتُرُونِيّةِ، يَتَدَاوَلُهَا خُفْيَةً بَعْضُ فِتْيَانٍ لَا يَمْلِكُونَ المَالَ، وَغَابَ عَنْهُمُ الرَّقِيْبُ، فَلَا يَعْرِفُونَ عَوَاقِبَ أَمْرِهِمُ الفَادِحِ.
فاللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنا، وأصْلِحْ فَلَذاتِنا.
اللهم إنا نعوذُ بِكَ مِنْ عَمَلٍ يُخْزِيْنَا، وَمِنْ صَاحِبٍ يُرْدِيْنَا.
اللَّهُمَّ وفِّقْ واحفظْ رجالَ مكافحةِ المخدِّراتِ، وأطباءَ الإدمانِ، ورجالَ الجمَارِكِ، وأبطالَ الحدودِ.
اللهم صُدَ عنا غاراتِ أعدائِنا المخذولينَ وعصاباتِهِم المتخوِنينَ.
اللهم وفقْ وسدِّدْ وليَ أمرِنا ووليَ عهدِه لهُداكَ، واجعلْ عمَلَهما في رضاكَ.
اللهم صلِ وسلِم على رسولِك القائلِ: "أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً"(حسنهُ المنذريُ وابنُ حجرٍ والعَجلونيُ والألبانيُ).
فاللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُوْلِكَ مُحَمَّدٍ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم