عناصر الخطبة
1/ ابتلاء الأمة بمرض قسوة القلوب 2/ النتائج المترتبة من انتشار هذا المرض 3/ من مظاهر قسوة القلوباقتباس
تعاني الأمة الإسلامية في هذه الأزمنة المتأخرة من مرضٍ خطيرٍ يسمى بمرض "قسوة القلوب"، حتى صارت كالحجارة القاسية أو أشد قسوة من الحجارة، إن هذه القسوة هي التي فتكت بالقلوب ودمرتها، وصار العبد بسببها يتصرف تصرفات خاطئة وبعيدة عن الشّرع الحنيف.
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].
أما بعدُ: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخير الهدي هديُ محمدٍ -r-، وشرّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلّ بدعةٍ ضلالة, وكلّ ضلالةٍ في النار.
أيها المسلمون: تعاني الأمة الإسلامية في هذه الأزمنة المتأخرة من مرضٍ خطيرٍ يسمى بمرض "قسوة القلوب"، حتى صارت كالحجارة القاسية أو أشد قسوة من الحجارة، إن هذه القسوة هي التي فتكت بالقلوب ودمرتها، وصار العبد بسببها يتصرف تصرفات خاطئة وبعيدة عن الشّرع الحنيف.
... واللّه -عز وجل- توعّد أصحاب القلوب القاسية بقوله -عز وجل-: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الزمر:22]، والله -عز وجل- لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم أو أشكالكم أو مكانتكم الاجتماعية، فقراء أم أغنياء، رؤساء أم مرؤوسين، عمّالا أم بطالين، وإنّما ينظر إلى قلوبكم وتقواكم، (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13].
إن قسوة القلوب هي التي أدت بنا إلى هذا الانحطاط الأخلاقي، والتدهور المعيشي، وظهور الآفات الاجتماعية الخطيرة، كالخمر والمخدرات والدعارة وجرائم الخطف والقتل وغيرها من الآفات، والتفكك الأسري في بعض الأحيان، وذهاب الوازع الديني؛ وتقطّعت الأرحام، وذهبت مظاهر الاحترام بين الصغير والكبير، وبين الجاهل والعالم.
وبسبب قسوة القلوب أصبح الواحد منّا لا يشعر بلذة الطاعة أو العبادة كالصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات، ومردّ ذلك كله إلى قسوة القلوب التي عندنا.
وقد كثرت مظاهر قسوة القلوب في واقعنا اليوم، حتى انطبقت علينا الآية الكريمة، وهي قوله -سبحانه وتعالى-: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ?وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ?وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة:74].
فمن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها عدم التأثر عند سماع القرآن الكريم وهو يتلى، أو أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهى تقرأ، نسمعه (أي: القرآن الكريم) والقلب عنه لاهٍ، كأنه أنزل من عند غير الله، والله -عز وجل- يقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال:2].
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها كثرة عقوق الوالدين، إذ صار الكثير من الأبناء لا يتفقدون آباءهم وأمهاتهم، ولا يزورونهم، ولا ينظرون في حاجتهم، يعاملون والديهم وكأنهم أجانب، بل في بعض الأحيان ينهرونهم ويرفعون أصواتهم عليهم، والشّرع الحنيف شدّد على برّهم وطاعتهم مهما كانت الظّروف والأحوال، يقول المولى -تبارك وتعالى-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:23-24].
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها انقطاع صلة الأرحام بين الناس، صار الواحد منّا لا يزور أقاربه ولا ينظر في أحوالهم حتى في المناسبات والأعياد، بل صارت هناك عداوات وخصومات تافهة من أجل حطام الدنيا؛ فبسببها يقطعون العلاقات مع بعضهم البعض ويهجر بعضهم بعضا إلى أن يموت أحدهم...
ومن شدّة قسوة قلوبنا وتحجّرها صار الأخ لا يرحم أخاه ولا يعطف عليه ولو كان في أسوأ الأحوال، ولو كان مريضا محتاجا، ولو كان على شفا حفرة من الهلاك، لا يبالي بأخيه في أي واد هلك. صار هناك جفاء كبير بين القلوب.
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها الجرأة على ارتكاب المعاصي، وخاصة الموبقات، كالزّنا والرّبا والسّلب والنّهب والسّحر والقتل والجرائم المختلفة، واللعب بأعراض الفتيات والنساء ونصب الشباك والأفخاخ لهن، فإذا وقعن في المصيدة لم يرحموا صرخاتهن وتوسلاتهن، وينقضّوا عليهن انقضاض الذئاب الجائعة أو الوحوش المفترسة، أخذوا منهن أعزّ ما يملكن، دمّروا حياتهن وضيعوا مستقبلهن وقضوا على شرفهن، ثم يرمونهن كما ترمى "الزّبالة"، يأخذونهن لحما ثم يرمونهن عظاما! ولو كانت لهؤلاء العباد قلوب لما لعبوا بالنساء والفتيات وضيعوهن، لكن؛ لمّا كانت قلوبهم من حجر فعلوا ما فعلوا.
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها سوء معاشرة الزوجة، والقسوة معها، فهذه الزوجة أفنت شبابها، وذهبت زينة وجهها، وأنجبت الأولاد، وتحمّلت الصّعاب مع زوجها، وذاقت الحلو والمرّ مع هذا الزوج، ثم ترى هذا الزوج يعاملها معاملة قاسية وكأنها حيوان أو خادم! يبخل عليها بأبسط الحقوق، كالنفقة واللباس والعلاج ومتطلبات الحياة، وربما يضربها ويشتمها ويسبّها ويسب أهلها، وإذا خرج بعد صلاة العشاء فلا يعود إلا في ساعات متأخرة من الليل،كان جالسا مع أصحابه في جلسة سمر، تاركا زوجته وحيدة تعاني الوحدة وتتكلم مع الحيطان، وإن نطقت قال لها: اسكتي! ماذا تعرفين؟ ... يجرح مشاعرها ويؤذيها بلسانه وكأنها ليست ببشر! وما هذا بخلق مؤمن، ونبي الرّحمة يقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أن صار الأغنياء في زماننا هذا لا يبالون بالفقراء والمساكين وذوى الحاجات، فلا يزكون ولا يتصدقون، الأغنياء ينفقون أموالهم على الملاهي والفسق والشهوات واللهو والمآكل والمشارب، لا تأخذهم رأفة ولا شفقة ولا رحمة بالمستضعفين ولا الأرامل ولا المطلقات ولا الأيتام ولا ذوي العاهات والمحتاجين، لا تتحرك قلوبهم بشيء من الرحمة، همّهم نفوسهم فقط، ونبي الرّحمة يقول: "الرّاحمون يرحمهم الرّحمن"، "ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء". يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ فِى? أَمْوَلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ) [المعارج:24-25].
إن العبد المؤمن يتملّكه العجب أحيانا عندما يرى أصحاب القلوب القاسية المتحجّرة كيف يكون حالهم وهم يؤدون العبادة، بأي قلب يقول: (الله أكبر) في الصلاة، وقد فعل ما فعل؟! وبأي قلب يقول: (لبيك اللهمّ لبيك)، وهو في الحج أو العمرة، وقد ضيّع على الناس الكثير من الفرص؟! وبأي قلب يقول، وهو في رمضان: (اللهم إني صائم)؟! نسأل الله العافية والستر والسلامة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وهو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أنْ صار الكثير من المسلمين يبغضون سنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغضا شديدا، وكل من يطبّق سنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، رجلا كان أم امرأة، يتهم بالتخلف والرّجعية والزنّدقة والإرهاب، وربما يكفّر ويخرج من ملة الإسلام، كتقصير الثياب عند الرجال، أو إعفاء اللحى عند الرجال، أو استعمال السواك في الوضوء والصلاة، أو الإكثار من النوافل، أو الاكتحال بالإثمد، أو كثرة التردد على المساجد. وإذا تجلببت المرأة وسترت نفسها اتهمت في دينها وعرضها! بغض شديد للسنّة!...
دخل شاب مسبل إزاره على عمر بن الخطاب وهو يحتضر، فقال عمر -رضي الله عنه-: "يا بنيّ، ارفع إزارك! فإنّه أنقى لثوبك، وأتقى لربّك"...
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أن كثرت حوادث التفكك الأسري، فرب الأسرة عندما يقع بينه وبين زوجته سوء تفاهم يقوم بطردها أو تطليقها ويشرّد أبناءه وبناته فلا يبحث عنهم ولا يتفقدهم ولا ينظر في حالهم ولا يبالي بهم في أي واد هلكوا، وكأنه لا يعرفهم، وهذا من قساوة قلبه وتحجّره.
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أن صارت هناك موالاة لأهل الكفر كاليهود والنصارى، صار الواحد منّا يتمنّى أن يكون واحدا منهم! يصحح معتقداتهم، يتكلم بكلامهم، يلبس لباسهم، يستشهد بأقوالهم؛ معجبا بحضارتهم الزائفة، يشدّ الرّحال إلى بلدانهم عندما يحلّ فصل الصيف!... لدرجة أنه يتمنى أن يموت على أرضهم! يقول أحد علماء مصر: "إذا أردت أن تعرف حال أهل الكفر وما هم فيه من مفاسد فانظر في مسلسلاتهم وأفلامهم، فإنها ليست بتمثيل، بل ذاك هو الواقع عندهم، كمشاهد الفساد الأخلاقي، أو مشاهد العنف والجريمة، أو كيفية السطو على الممتلكات، أو القتل بالسلاح الناري، أو الزنا بالمحارم، أو المطاردات البوليسية، فإنها حقيقة عندهم ليست بتمثيل".
يحبون أهل الأوثان كالنصارى وغيرهم ويبغضون أهل الإسلام! يقول سبحانه -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) [الممتحنة:1].
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أن شاع بين المسلمين أبناء العائلة الواحدة أو أبناء الحي الواحد أو أبناء البلد الواحد أو أبناء الوطن الواحد، شاع بينهم الحسد والحقد والبغض والأنانية، يحرم إخوانه وأهل منطقته من فرص هم بحاجة إليها، كالسكن والعمل والاستشفاء وغيرها من الخدمات؛ حسدا وبغضا من عنده! ثم يتحجج بالقانون، وهو جالس فوق القانون! وهو قادر على أن يمدّ يد المساعدة لأبناء منطقته، يحرمهم من كل شيء حسدا وحقدا وبغضا وأنانية وقسوة وتحجرا في قلبه، أين نحن من قول نبي الرحمة: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره. التقوى ها هنا! -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه".
ذهبت كل القيّم الإسلامية التي كنّا نفتخر بها على غيرنا في سنوات خلت، كالنخوة والغيرة والمروءة والرجولة والشهامة والفحولة والكرم والصدق والتديّن والتعاون والوقوف بجانب المستضعفين، وحلّ محلها الرياء والنفاق والتملق والكذب والتخنث و(الديوثة) والحسد والأنانية والبخل وأكل أموال الناس بالباطل وحب الذّات، نسأل الله العافية والستر والسّلامة.
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أنْ صار الكثير من الناس يعبدون الدنيا عبادة شديدة، همهم جمع المال مهما كان مصدره، حراما كان أم حلالا، ومهما كانت طرق كسبه، يستعد بأن يضحي بكل شيء من أجل المال، أن يضحي بزوجته أو أن يضحي بأبنائه أو أن يضحي بأصحابه أو أن يضحي ببلده أو أن يضحي بوطنه، المهم عنده جمع الأموال وتكديسها، والنَّبِي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة! إن أُعطِي رضي، وإن مُنِع سخط، تعس وانتكس! وإذا شيك فلا انتقش!".
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أن أغلب الناس صاروا يحبون الغناء وأهل الغناء، ويتخذون من المغنين والممثلين والداعرين والداعرات قدوات يقتدى بهم في كل شيء، مع العلم أن الغناء أغلبه يدعو للفسق والرذيلة، ويدعو للخروج عن جميع القيم، لكن؛ للأسف! معظم الناس يحبون الغناء وآلات اللهو على مختلف أعمارهم وتوجهاتهم! تسمع الغناء في بيوتهم وفي سيارتهم وفي أماكن عملهم، ينامون على الغناء، ويستيقظون على الغناء، ويزداد حبهم للغناء إذا كانت عندهم أفراح، فإن الغناء تسمعه على بعد آلاف الكيلومترات!.
والغناء يهاجم القلب مباشرة ويقسيه؛ ولهذا، تجد أشدّ القلوب قسوة وتحجّرا قلوب الذين يسمعون الغناء بكثرة.
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أنْ صار الناس لا يعتبرون بالجنائز ولا بحال الأموات، ترى الواحد منّا يمشي في الجنازة أو يزور المقابر فلا يتحرك له شيء، ولا يعتبر، ولا يتذكر الآخرة، ولا يعتقد أنه في يوم من الأيام سيكون مصيره التراب، وربما في بعض الأحيان الورثة يتخاصمون ويتشاجرون على الميراث والميت مازال لم يدفن بعد! فيا لها من قلوب قاسية قساوة الجبال! ويا لها من قلوب متحجرة! فإلى الله المشتكى والمفزع!.
ومن مظاهر قسوة القلوب وتحجّرها أن كثيرا من الناس صاروا لا يتأثرون ولا يتحرك لهم شيء عندما يرون ما حلّ بإخوانهم من القتل والدمار وخراب البيوت، وأعجب من إخواننا المسلمين الذين يتابعون أخبار إخوانهم في القنوات الفضائية، وهم ينظرون إلى القصف الصليبي الذي يفتك بالمسلمين، ويقتل أطفالهم ونساءهم، ويدمر بيوتهم الخربة، وهم مع ذلك في لهوٍ عظيم، فبين مدخنٍ ومختلط مع غير المحارم، بل ومن يتعاهد هذه المناظر بالذهاب إلى قنوات أخرى يشاهد العري ويسمع الغناء ثم يعود بعد ذلك ويتابع الأخبار وكأن الأمر عادي جدا! فإلى الله نشكو قسوة قلوبنا!.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء هذا الدين، من اليهود والنصارى والزنادقة والملحدين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم انصرهم على عدوهم نصرًا مؤزرًا يا رحمن يا رحيم، اللهم اجعل بلادنا هذا بلدًا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم اهد شيبنا وشبابنا، ذكرانا وإناثًا، ردهم إليك يا ربنا ردًا جميلاً، اللهم أصلح لنا ديننا، اللهم لا تجعل فتنتنا ولا مصيبتنا في ديننا يا رب العالمين.
ألا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، فإنه من صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين. وأقم الصلاة.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم