عناصر الخطبة
1/عبادة الذكر 2/عبادة الدعاءاقتباس
لِكُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ في الأَرْضِ الْمُبَارَكَةِ، يُقَابِلُهُ وَاجِبُ النُّصرةِ بِكُلِّ صوَرِهَا وَأَشْكَالِهَا، فَقَضِيَّةُ فِلَسْطِينَ لا تَنْفَصِلُ عن قَضَايَا الإسْلامِ البتَّةِ...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى:
إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فإن الله تعالى شرع لنا عبادتين يسيرتين، خفيفتين في العمل، عظيمتين في الأجر، ثقيلتين في الميزان يوم القيامة، فيهما خيري الدنيا والآخرة، مع ذلك نرى كثيرًا مِن النَّاسِ يتغافلون عنها ويتكاسلون، ويتجاهلونها، ولا يَحْرِصُ علَيْها إِلا الموفقون.
العبادة الأولى: في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
وأثنى الله على المؤمنين العقلاءِ الحُكَماءِ بِأَنَّهم (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ).
وَوَصَمَ المنافِقينَ بِالإِعْرَاضِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ فقال: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)
أَيُّها المؤْمِنُونَ: جَاءَ عَن الحبيب -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: “أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ؟ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ؟ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ؟ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذهبِ والوَرِقِ؟ وخيرٍ لكم مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟” قَالُوا: بَلَى قَالَ: “ذِكْرُ اللَّهِ”(رَوَاهُ َأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وصححه الألباني).
وسأل رجلٌ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قال: “لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذكر اللَّهِ”(رواه الترمذي، وصححه الألباني).
وقال معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: إن آخر كلامٍ فارقتُ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قلتُ: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: “أن تموت ولسانُك رَطبٌ من ذكر الله”(رواه ابن حبان في "صحيحه، وقال الألباني: (حسن صحيح).
وفي حديث السبعة الذين يُظِلُّهم الله في ظِلِّهِ يوم القيامة: “وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ”(متفق عليه).
أحبتي الكرام: الذي يغفل عن ذكر الله يُعَدُّ في الأَموَاتِ، فقد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ”. (متفق عليه).
والمجالس إذا خلت من ذكر الله تعالى، تكون على أصحابها خسارة ونَدَامَة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ، إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ حَسرَةً”(رَوَاهُ أحمدُ وَأَبُو دَاوُد، وصححه الألباني)
أيها المؤمنون: انظروا إلى عظيم الأجر في ذكر الله تعالى مع سهولته ويسره، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ”(رواه الترمذي، وصححه الألباني)
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ”(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
وقال النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: “كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمنِ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ، سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ”(متفق عليه).
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ والسنة، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالحكمة، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فالعبادة الثانية: التي نرى كثيرًا مِن النَّاسِ يتغافلون عنها ويتكاسلون، ويتجاهلونها، قَدْ أَمَرَ الله بِهَا، وحَثَّ عَلَيْها بقوله: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال عزَّ وجَلَّ: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)
وقال الحبيب صلى الله عليه سلم: “الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ” ثُمَّ قَرَأَ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح)
أحبتي الكرام: لابد أن تَلْهَجَ أَلْسِنَتُنَا بدُعَاءِ اللهِ، وأَنْ نُكْثِرَ ونُلِحَّ فِي دُعَائِنَا ولا نَمَلُّ ولا نَكْسَلُ، فإنَّ الحَبيبَ -صلى الله عليه وسلم- قال: “يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي”(متفق عليه)
ولا نَغْفَلْ عن الدُّعَاءِ في جَوْفِ الليلِ، فقد قال الحبيبُ -صلى الله عليه وسلم-: “يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ، يَقولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ”(متفق عليه)
واعلموا أنَّ خزائن المولى لا تنفد بكثرة العطاء، فإِنَّ اللهَ تعالى يقول: “يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ”(رواه مسلم)
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واجعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
اللَّهُمَّ لنا إخوةٌ مُؤمنين، موَحِّدِين، محاصرين، مشرَّدين، جِياعٌ، عِطاشٌ، مُهَجرين، فالطُف بهم يا ربنا، وارحمهم برحمتك، واكشف كربهم، وفكَّ أسرهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
اللَّهُمَّ فَارِجَ الْهَمِّ، كَاشِفَ الْغَمِّ، مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، ارحمهم برحمتك، رحمة تغنيهم عمن سواك.
اللَّهُمَّ عليك بأعداءِ دينك أجمعين، اللهم عليك باليهود الغاصبين، اللَّهُمَّ عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، خذهم أخذ جبار منتقم عاجلا غير آجل، يا ذا الجلال والإكرام.
اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وكُنْ للمستضعَفين منا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللَّهُمَّ وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه وأعوانهما وجميعَ ولاة أمور المسلمين وحُكَّامَهُم لِمَا تُحِبُّ وترضى، خُذ بِنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم اللهم سلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك، ووفِّقْهم لِتحكيم شرعك، والعدل في رعاياهم.
اللَّهُمَّ انصر جنودنا ورجال أمننا واحفظهم بحفظك، يا ذا الجلال والإكرام.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْفِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
الَّلهُمَّ اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
(رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم