فضل الحج ووجوب الالْتزام بالأنظمة الصادرة من ولي الأمر

الشيخ أحمد بن ناصر الطيار

2024-05-17 - 1445/11/09 2024-05-16 - 1445/11/08
التصنيفات: الحج
عناصر الخطبة
1/وجوب الحج على الفور 2/الحج أحد أركان الإسلام ودعائمه 3/فضائل الحج وكيفية تعظيمه 4/التحذير من تأخير أداء فريضة الحج مع القدرة 6/ضرورة الحصول على تصريح الحج 7/مخاطر الحج بلا تصريح.

اقتباس

يا من لم يؤدِّ فريضة الله، يا من أصحَّ الله لك جسمك، ووسّع عليك رزقك، إلى متى يُقْعدك التسويف، وتُلهيك الأماني؟ إلى متى وأنت تؤخر الحج عاماً بعد عام؟ وهل تعلم أين تكون العام القادم؟ فأقْبل رعاك الله، والْتحق بوفود الرحمن، الذين دعاهم فأجابوه، وأمرهم بالحجِّ فلَبَّوه، وأبشر بيومٍ عظيمٍ تُقالُ فيه العثرة، وتُغفَر فيه الزلّة، وهو يوم عرفة.

الخُطْبَة الأُولَى:

 

الحمد لله الذي فضَّل بحكمته البيت الحرام، وفرض حجّه على مَن استطاع من أهل الإسلام، وغَفَرَ لمن حج واعتمر ما اكتسبه من الذنوب والآثام، أحمده وأستغفره، وأعوذ به من الخزي والهوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث بأفضل الأديان، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.

 

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فالْزموها، فإنها خير ذُخْرٍ يُدَّخر فاغتنموها.

 

أيها المؤمنون: لقد اقتربت أيام الفضل والاغتنام، أيام الحج إلى بيت الله الحرام.

والحج واجب على الفور في حقّ من استطاع إليه سبيلاً، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا"(رواه مسلم).

 

وهو أحدُ أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعًا ضروريًّا، وإنما يجب على المكلَّف في العُمْر مَرَّة واحدة.

 

والواجب على كلِّ من كان مستطيعاً بماله وبدنه، أن يحجّ فريضة الإسلام إذا وجبت عليه، فربَّما لو أخَّره حال دون حجّه ما يمنعه منه، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَعَجَّلُوا إلى الحَجِّ، فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرضُ لَهُ"(رواه الإمام أحمد 2867).

 

والحج من أعظم وأحبّ الأعمال عند الله -تعالى-، فهو سببٌ في محْو الذنوب كلّها، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(رواه البخاري 1521، ومسلم 3357). والرفث: الجماع وما يتعلق به، والفسوق: هو الخروج عن الطاعة، والعياذ بالله.

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ"(البخاري 1773، ومسلم 3355)؛ فالحج المبرور -معاشر المسلمين- لا يقتصر ثوابه على تكفير الذنوب فحسب، وإنما يتعدى ذلك إلى إدخال الجنة.

 

وكثيرٌ من الناس وجب عليه الحجُّ واستطاع إليه سبيلاً، لكنْ تركَه وفرّط فيه تساهلاً وتهاوناً، وجعل يخْتلق المعاذير ولن تُغني عنه يوم القيامة شيئًا.

 

فيا من مضت عليك الأيامُ والأعوام، وأنت بعدُ لم ترحل إلى بيت الله الحرام، لتُؤديَ فريضة الإسلام، ما عذرك أمام الله -تعالى-، وكلُّ شيءٍ مُيَسَّرٌ لك، والطُّرق مذلَّلَةٌ آمِنة، ولا تستكثر على ربك بعض مالك، فإنما هو مال الله منَّ به عليك، واسْأل نفسك: كم بذلت وأهدرت من الأموال الطائلة في أشياء لا تنفعك، بل قد تضرُّك! ومع ذلك لم تستكثرها في سبيل راحتك ولذَّتك، فلا ينبغي لك أنْ تتردَّد أبداً في بذل ما عندك من مالٍ لتحج فريضتك.

 

فيا عبد الله، يا من لم يؤدِّ فريضة الله، يا من أصحَّ الله لك جسمك، ووسّع عليك رزقك، إلى متى يُقْعدك التسويف، وتُلهيك الأماني؟ إلى متى وأنت تؤخر الحج عاماً بعد عام؟ وهل تعلم أين تكون العام القادم؟

 

فأقْبل رعاك الله، والْتحق بوفود الرحمن، الذين دعاهم فأجابوه، وأمرهم بالحجِّ فلَبَّوه، وأبشر بيومٍ عظيمٍ تُقالُ فيه العثرة، وتُغفَر فيه الزلّة، وهو يوم عرفة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ"(رواه مسلم 3354).

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: أيها المسلمون: يجب على مَن عزم على الحج أنْ يتقيَّدَ بالأنظمة والتعليمات، التي لم تُوضعْ إلا لتنظيم الحج وتيسيره، وتجنُّبِ أسباب الزحام بين الْمُسلمين.

 

وقد أفتت هيئة كبار العلماء بعدم جواز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح، وأن من حج بلا تصريح فهو آثِم لمخالفته أمر ولي الأمر، ولما في ذلك من الإضرار بعموم الحجاج، والله -عز وجل- يقول في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي ‌الأَمْرِ ‌مِنْكُمْ)[النساء: 59].

 

والمكلّف إذا لم يتمكن من استخراج تصريح الحج لحج الفريضة؛ فإنه في حكم عدم المستطيع؛ لقول الله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)[آل عمران: 97].

 

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا)[الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجُودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

 

اللهم وفِّق إمامنا ووليّ عهده لهداك، واجعل عملهما في رِضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك.

 

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المرفقات

فضل الحج ووجوب الالْتزام بالأنظمة الصادرة من ولي الأمر.doc

فضل الحج ووجوب الالْتزام بالأنظمة الصادرة من ولي الأمر.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات