عناصر الخطبة
1/وجوب أخذ العبرة من حر الصيف 2/رسالة إلى كل من أسرف على نفسه بالمعاصي 3/الفلاح والنجاح في طاعة الله تعالى 4/بعض أحكام العبادات في الحر الشديداقتباس
يا مَنْ أسرَف على نفسه بالعصيان، سارِعْ بتوبة صادقة إلى الرحمن قبلَ فوات الأوان، فتذكَّرْ -أيها الغافل- عن حقوق خالقِكَ، تذكَّرْ باشتدادِ الحرِّ المواقفَ العصيبةَ، والأهوالَ المفزِعةَ عندَ الانتقال من هذه الحياة الزائلة...
الاتعاظ الواجب بحر الصيف اللاهب
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفةً لِمَنْ أراد أن يذَّكَّر أو أراد شكورًا، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له في الآخرة والأُولى، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي فتَح اللهُ به أعيُنًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا، اللهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه وعلى آله وأصحابه، الذين عمَّروا الدنيا بالطاعة والتقوى.
أمَّا بعدُ، فيا أيها المسلمون: أعظم وصية قول الله -جل وعلا-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الْبَقَرَةِ: 203]، وقوله -جل وعلا-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[الْبَقَرَةِ: 223].
أيها المسلمون: إن الإنسان تمرُّ به في هذه الحياة من آيات الله الكونيَّة، ما ينبغي أن يتَّخِذ منها العبرَ والعظاتِ؛ فها هو فصلُ الصيفِ نَمُرُّ به وبحرارتِه الشديدةِ؛ ممَّا يجعل الناسَ يلجؤون لوسائلَ مختلفة تقيهم شدةَ الحرِّ وقسوتَه، هذا وهُمْ في دُنيا زائلة، ودار فانية، فكيف بدارِ القرارِ، مصيرُها إمَّا إلى جنَّة لا تفنى، أو نار تتلظَّى؟!
إنَّ العاقل مَنْ ينتهِز الفرصَ حين تمرُّ به سننُ الله الكونيَّة، وآياته الباهرة، فيستعد لدار الجزاء بكل ما يُرضِي مولاه ويكون سببًا للفَلَاح السرمديّ، والفوز الأبديّ.
إنَّ شدةَ حرارةِ الصيفِ يجب أن تُذَكِّرَنا لِمَا بعدَ النُّقْلَة من هذه الدار، إلى دارٍ فيها الأهوالُ المفزِعة، والمشاهِد المرعبة؛ (وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا في الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)[التَّوْبَةِ: 81].
فيا مَنْ أسرَف على نفسه بالعصيان، سارِعْ بتوبة صادقة إلى الرحمن قبلَ فوات الأوان، فتذكَّرْ -أيها الغافل- عن حقوق خالقِكَ، تذكَّرْ باشتدادِ الحرِّ المواقفَ العصيبةَ، والأهوالَ المفزِعةَ عندَ الانتقال من هذه الحياة الزائلة، يقول جل وعلا: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الْمُطَفِّفِينَ: 4-6]، روى البخاري ومسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "يَعْرَقُ الناسُ يومَ القيامةِ حتى يذهب عرقُهم في الأرض سبعينَ ذراعًا، ويُلجِمُهم حتى يَبلُغ آذانَهم"، وفي حديث عند مسلم: "يكون الناسُ على قدرِ أعمالِهم في العَرَقِ؛ فمنهم مَنْ يكون إلى كعبيه، ومنهم مَنْ يكون إلى ركبتيه، ومنهم مَنْ يكون إلى حقويه، ومنهم مَنْ يُلجِمُه العرقُ إلجامًا".
فيا عبادَ اللهِ: لا فلَاحَ إلا لِمَنْ حافَظ على المفروضات، ولا نجاةَ إلا لِمَنْ خاف مقامَ ربه؛ فاجتنَب الموبقاتِ والسيئاتِ؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)[الْحَجِّ: 1].
اللهُمَّ ارزقنا تقواكَ، واجعلنا من المسارعينَ للخيرات، اللهُمَّ إنَّا نستغفركَ فاغفر لنا جميعًا، اللهُمَّ إنَّا نتوب إليك فتُبْ علينا يا توابُ يا رحيمُ.
وصلِّ اللهُمَّ وسلِّم على نبينا ورسولنا محمد.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحدَه، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعدَه.
أمَّا بعدُ، فيا أيها الناسُ: تذكَّرُوا بِحَرِّ الدنيا حرَّ النار الكُبرى، فخُذُوا حذرَكم بالأعمال الصالحة، والبُعْد عمَّا يُغضِب اللهَ -جل وعلا-، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ"؛ أي: صلاة الظهر، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- معلِّلًا: "فإنَّ شِدةَّ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جهنَّمَ"، و"اشتكتِ النارُ إلى ربها فقالت: يا رب، أكَل بعضي بعضًا، فأَذِنَ لها بنَفَسَيْنِ؛ نَفَسٍ في الشتاءِ، ونَفَسٍ في الصيفِ، فهو أشدُّ ما تَجِدُونَ من الحَرِّ، وأشدِّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمهريرِ"(مُتفَق عليه).
عبادَ اللهِ: اتعِظُوا بالآيات الربانية، الكونيَّة والشرعيَّة، فمَنِ اتعظَ واعتبَر، واستجاب واتَّقى، كان -برحمة الله -جل وعلا- في فلَاح دائم وفوز عظيم، قال الله -جل وعلا-: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 281].
اللهُمَّ صل وسلم على نبينا محمد، ما تعاقب الليل والنهار، اللهُمَّ ارض عن الآل والصحب أجمعين، اللهُمَّ أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، اللهمَّ اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.
اللهمَّ وفِّق وليَّ أمرنا وولي عهده لما تحبه وترضاه، اللهمَّ اجعل عملهما في رضاك، اللهُمَّ من عليهما بالصحة والعافية والتوفيق والسداد، اللهمَّ وفِّقْ جميعَ ولاة أمور المسلمين لِمَا فيه خير رعاياهم.
اللهُمَّ آت نفوسنا تقواها، وزكِّها أنتَ خيرُ مَنْ زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهُمَّ احفظ المسلمين في كل مكان، اللهُمَّ نفس كروبهم، اللهُمَّ فرج هموهم، اللهُمَّ انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهُمَّ احفظهم في كل مكان، من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ونعوذ بك يا ربنا أن يغتالوا من تحتهم.
اللهُمَّ من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه، لا إله إلا الله، والحمد لله وسبحان الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم