عناصر الخطبة
1/ توقع انهيار أمريكا 2/حرب العلمانيين على الإسلام 3/نماذج من جهل العلمانيين بحقيقة الإسلام 4/واجب المسلمين في إقامة الدين والانتصار له 5/الأمل قائم بنصر الإسلام.اقتباس
إن الكثير من الدول الإسلامية تنحي الإسلام جانبًا، وتمكن للمشبوهين في وسائل الإعلام المختلفة، الكثير من الدول الإسلامية يصول ويجول فيها العلمانيون الذين يحاربون الإسلام ويضللون المسلمين. العلمانيون يقولون: نحن مسلمون، ولكن لا شأن للدين بالحياة، وهو لا يناسب هذا العصر كنظام حياة، وإذا سئل أحد منهم عن الإسلام تجد أنه جاهل به تمامًا، لا يعرف عن الإسلام سوى بعض الشبهات التي تلقاها عن أساتذته دون...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فسوف يكون موضوعنا اليوم -إن شاء الله تعالى- حول بعض قضايا المسلمين، وأنا ما أريد أن أثقل كواهلكم بالهموم، لكن ذكر أحوال المسلمين وهمومهم هو عبادة لله تعالى يأمر بها سبحانه ويثيب عليها، وعلينا أن نناصرهم ولو حتى بدعوة صالحة.
ففي مسلسل إذلال وسفك دماء المسلمين ضربت أمريكا السودان وأفغانستان، لقد ضربتهما بلا دليل على تورطهما في عمل ضد مصالحها، فكل ما حدث أن الرئيس الأمريكي أراد أن يعيد الهيبة لحكمه وأن يظهر بمظهر الرجل القوي بعد فضائحه المشينة، فبحث عن شيء يفعله فلم يجد أرخص من دم المسلمين ليسفكه، ثم كذب على العالم كما كذب على شعبه في فضيحته من قبل، والكذب على الغير أيسر من الكذب على شعبه، كذب على العالم وادعى أن لديه معلومات استخبارية تثبت الاتهامات الزائفة. وقد أيده الغرب على الفور، وأخذ يبرر لأمريكا فعلتها الشنعاء وكأنه لا عقل له.
ومبررات أمريكا واهية لكل عاقل، فهي لم تسق أي دليل على ما تقول، ثم إنه لو كان مصنع الأدوية الموجود بالخرطوم ينتج ما يستخدم في الأسلحة الكيماوية فلماذا لم تنتشر السموم في الخرطوم كلها بمجرد ضربه؟ وكيف اجتمع الناس حول المصنع المشتعل دون أن يصابوا بأذى؟ وكيف تقدم أمريكا على ضربه رغم الخطورة الهائلة في ذلك؟.
إن إمريكا واثقة تمامًا من عدم وجود مصنع أسلحة كيماوية، ولكنها الغطرسة البغيضة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) [التوبة: 10]. مما يسخر الإنسان منه أن أمريكا هي التي بنت معظم معسكرات أفغانستان المضروبة.
وإمريكا ذلك البلد العنصري اللئيم، لا يهمه أي قتلى سوى قتلاه، فلا يهمه كم قتل من الأبرياء في أفغانستان والسودان، ولا يعد هذا في نظر العالم إرهابًا.
وحتى أثناء بحث الأمريكيين عن الضحايا تحت أنقاض السفارتين في كينيا وتنزانيا، كانوا لا يهتمون إلا بالأمريكيين مما أثار سخط مواطني البلدين.
وحتى حينما يذم المسئولون الأمريكيون الإرهاب يقولون: الإرهاب الذي قتل اثنا عشر أمريكيًا وعددًا من الأفارقة! أتدرون كم هذا العدد الذي يذكرونه بإهمال؟ إنه مئات القتلى وآلاف الجرحى.
إن الأهداف الأمريكية في المنطقة العربية والإسلامية معلومة، من هذه الأهداف تمزيق المنطقة، وتفتيت دولها، واستغلال ثرواتها، وإذلال أهلها، وفرض الهيمنة الإسرائيلية عليها، وتحطيم أي دولة تفكر ـ مجرد تفكير ـ في رفض هذه الهيمنة.
وقد جاء في صحيفة أخبار اليوم القاهرية ـ وهي صحيفة حكومية ـ في 6/3/ 1998 أثناء أزمة العراق الأخيرة ما يلي:
"إن أمريكا ما جاءت بحشودها وأساطيلها إلى المنطقة في هذه المرة إلا لتضع تصوراتها عن المنطقة في العشرين سنة القادمة موضع التنفيذ، ولتقطع الطريق أمام أي مصالحة عربية أو تفاهم مع إيران أو رفض الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة، وهي وإن فشلت إلى حد ما بعد اتفاق بغداد مع كوفي عنان إلا أنها مصممة على المضي قدمًا في هذا المخطط، وإنما تعتبر نفسها في هدنة فقط.
إن صحوة الشارع العربي الرافض لضرب العراق لا ينبغي أن تموت. إن أمريكا التي تمارس الإذلال ضدنا سيذلها الله، (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد: 7]، فقط ينبغي علينا أن نعمل للخلاص والله المستعان، فخبراء الاقتصاد يقولون أن إمريكا رغم قوة اقتصادها إلا أنها تنتظر الانهيار والتفكك إذا انهارت قيمة العملة الصينية، ساعتها سينهار الاقتصاد ينتفض المقهورون في الشعب الأمريكي من السود والمستعبدين من دول أمريكا اللاتينية داخل الولايات المتحدة، وعندئذ تذوق أمريكا المر كما أذاقت غيرها، وسينهار اقتصاد العالم كله بعدها للأسف.
وحتى نكون منصفين فإن انهيار أمريكا سيكون خسارة كبيرة للعالم كله في شتى ميادين العلم السلمي، ولكنها بطشت وظلمت وحابت وجاملت على حساب الضعفاء، فلتذهب إلى الهاوية غير مأسوف عليها.
لكن وبعد هذا الواقع المرير، ماذا عسانا أن نفعل؟ إنه لا حل أمامنا سوى العودة للإسلام، دين الله الحق الذي لا عز لنا إلا في ظلاله، ولا عون لنا من الله إلا بالتمسك به، حيث يقول تعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) [الحج:40]، ولكن هل عدنا إلى الإسلام؟.
إن الكثير من الدول الإسلامية تنحي الإسلام جانبًا، وتمكن للمشبوهين في وسائل الإعلام المختلفة، الكثير من الدول الإسلامية يصول ويجول فيها العلمانيون الذين يحاربون الإسلام ويضللون المسلمين.
العلمانيون يقولون: نحن مسلمون، ولكن لا شأن للدين بالحياة، وهو لا يناسب هذا العصر كنظام حياة، وإذا سئل أحد منهم عن الإسلام تجد أنه جاهل به تمامًا، لا يعرف عن الإسلام سوى بعض الشبهات التي تلقاها عن أساتذته دون أن يعرف الرد عليها، وقد قال عنهم الدكتور القرضاوي: "إن من جهل شيئًا عاداه؛ لقول الله تعالى: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) [يونس:39].
والدليل على جهل العلمانيين بالإسلام أن إحدى العلمانيات جاءت ببرنامج الاتجاه المعاكس في 31/ 3/98، فقالت -وهي غير محجبة، أي أنها كغيرها من العلمانيين لا يلتزمون حتى بالإسلام الفردي الذي يقولون أنهم يؤيدونه، وهم يخفون بهذا الكلام مروقهم عن الدين لخداع المسلمين- قالت: إن الإسلام كغيره من الأديان جاء لنشر العدل والرحمة، ولكنه لا يصلح لمنع الاستغلال مثلاً.
كيف ينشر العدل ولا يمنع الاستغلال؟!.
كيف وهو يحيي ضمير المؤمن فيمنعه عن أدنى استغلال، ويمنع الغش والاحتكار ويحض على التكافل الاجتماعي ويوجبه وينصر المظلوم ولو كان كافرًا ويرعى النساء والأيتام و يمنع الربا حتى لا تستغل حاجة المحتاجين ويرعى الحقوق ولو كان الحاكم طرفًا، والأمثلة كثيرة جدًا، والإسلام يطلق العنان لكل من يبدع في وسائل منع الاستغلال في إطار الشرع الحنيف، دون أن نجنح إلى الرأسمالية التي تجعل المال إلهًا والتي تطحن الفقراء، أو الاشتراكية التي تطحن الأغنياء.
والعلماني تراه فصيحًا بليغًا في كلام الدنيا، ولكنه عندما يتكلم بالقرآن تجده يتلعثم وكأنه لا يعرف النحو مطلقًا، فقد جاء في نفس البرنامج وفي الأسبوع الذي سبقه علماني آخر أراد أن يستدل على صحة كلامه فاستدل بآية قال إنها من سورة الرمز؟!! يقصد الزمر.
ثم إنه طوال الحلقة لم يقرأ آية واحدة صحيحة رغم أنه رجل فصاحة ومرافعات. وأخذ يؤول الآيات تأويلات فاسدة ويسقطها على الواقع إسقاطًا خائبًا، يدل على أنه يجهل الإسلام.
الإسلام في الكثير من البلاد الإسلامية يروج لأفكار غير إسلامية باسم حرية التفكير وحرية التعبير.
فبعد الاستجواب الذي قدمه الإسلاميون في البرلمان الكويتي لوزير الإعلام في أزمة الحكومة الأخيرة حول السماح ببيع ونشر كتب تطعن في الذات الإلهية والأنبياء والمرسلين، انبرت أقلام في الصحف وفي المجلات تصف الإسلاميين في الكويت بالإفساد والتستر وراء الدين.
انظر كيف أصبح المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، ومن قبلها قالها فرعون لموسى: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر: 26].
ثم قالوا -مؤلبين الحكام كعادتهم في كل بلد ليقتلعوا كل ما هو إسلامي-: إن هذه النبرة بدأت تتعالى في الكويت، هذه النبرة التي أدت إلى صراع مسلح في بلدان أخرى!!.
هم يريدون الحرية لكل ناعق إلا الإسلاميين، فهؤلاء ينبغي أن تطهر البلاد منهم: (أَخْرِجُواْ ءالَ لُوطٍ مّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [النمل:56]، لذلك، إذا كنا نريد أن نفلح وننجو، ينبغي أن تخرس أقلام هؤلاء في بلاد الإسلام حتى لا يطعنوا في الإسلام باسم حرية التعبير.
أما عن دورنا نحن فنتعرض له في الخطبة الثانية.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
ينبغي ألا نبرئ أنفسنا من التقصير نحن المسلمين، فالله تعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11].
ولكن، كيف الخلاص من هذه الهوة السحيقة التي صرنا إلينا؟ وكيف نقاوم هذه المؤامرات التي لا حدود لها في الداخل وفي الخارج، ما هو دورنا نحن؟.
يقول سيد قطب في كتابه (هذا الدين): إن الإسلام لن يتحقق في دنيا الناس ولن ينتصر لمجرد أنه من عند الله عز وجل، ولن يتحقق بمجرد إبلاغه للناس وبيانه، إذن كيف يتحقق لكي نعمل لذلك؟.
إن هذا الدين يتحقق بأن تحمله جماعات من البشر؟ تؤمن به إيمانًا كاملاً، وتستقيم عليه ما استطاعت، وتجتهد لتحقيقه في قلوب الآخرين وفي حياتهم كذلك، وتجاهد لهذه الغاية بكل ما تملك، ثم تنتصر هذه الجماعة على نفسها وعلى نفوس الناس معها تارة، وتنهزم تارة، بقدر ما تبذل من الجهد، وبقدر ما تتخذ من الوسائل، وقبل كل شيء، بمقدار استقامتها هي على هذا المنهج، ومن ترجمته ترجمة عملية في واقعها وسلوكها الذاتي، حيث يقول تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
إذاً ينبغي أن نتكتل لخدمة الإسلام، لا أن نهاجم كل تكتل نشأ لخدمة الإسلام، نتكتل لأنه "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".
وكل من يهاجم أي جماعة أو داعية يخدم الإسلام هو أحد اثنين:
إما أن يكون غير ملتزم أصلاً، فهذا لا يفكّر في كلامه مطلقًا، ودائمًا الشيطان يجري السوء على لسانه، مثل هذا الشخص لا يعمل أي شيء للإسلام، ولو رأى أي داعية يخطئ ولو خطأ صغيرًا يحرص على نشره بين الناس جميعًا ليشنع به فيفقد الناس الثقة به وبالملتزمين، وتكون فتنة أجراها الشيطان على لسان هذا غير الملتزم.
ولكنه في المقابل لو رأى غير ملتزم يشرب الخمر أو يزني فإنه لا يأبه، ولا يراها تستحق التشنيع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالمهاجم إما أن يكون غير ملتزم فيكون حاله كما سبق.
وإما أن يكون ملتزمًا فهذا يخطئ بالهجوم لأنه أولاً لم يخدم الإسلام إلا في نفسه فقط، والأخرى أنه لم يبذل النصيحة بشروطها، والسرية وعدم التشنيع من شروطها، والمريض ينبغي أن يعالج لا أن يقتل.
وغالبًا يكون الهجوم على دعاة الإسلام حتى يبرر المهاجم لنفسه القعود عن التضحية لدينه وقعوده آمنًا ساكنًا دون أن يقول الحق ولو كان مرًا، غالبًا يكون كذلك وإن لم يشعر المهاجم بنفسه، والرسول يقول: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب, يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" أخرجه مسلم.
فلنكن جميعًا على قدر المسئولية ونقدر حجم المؤامرات، لا أن نكون جزءًا من المؤامرات، فهناك من هم أولى بالهجوم، هناك المتفسقون والمنحرفون والتائهون والمتآمرون، والمبتدعون فلنعِ ذلك جيدًا.
وفي النهاية، ورغم ما وصلنا إليه، ورغم الحفرة التي لا قعر لها والتي سقطت فيها أمتنا، فإن الأمل قائم، ونصر الله وتمكينه آت لا محالة، وواجب على كل مسلم أن يوقن بذلك، فذلك وعد الله الذي لا يخلف وعده سبحانه، يقول تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ) [الروم:47]. (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) [القصص:5]. (إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7].
ويقول النبي: "تكون فيكم النبوة ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكًا عاضًا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج نبوة".
فلنستبشر بوعد الله الذي لا يخلف وعده ولا يضيع عبده، ولنعمل لتحقيق هذا الوعد؛ لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وعلينا -ونحن نعمل- أن نعلم أن الله تعالى سيحاسبنا على العمل وليس على النتائج، فيقول تعالى في محكم التنزيل: (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة: 105].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم