عناصر الخطبة
1/ تنويع العبادات 2/ خصائص الصلاة 3/ التفريط في الصلاة 4/ أهمية صلاة الجماعة وأدلة وجوبها 5/ فضائل صلاة الجماعة 6/ حال تاركي صلاة الجماعة 7/حرص السلف على الجماعة.اقتباس
وجعل الله وقت الصلاة وقت تجارة مع الله تعالى يربح فيه ثواب الوضوء ليتطهر من ذنوبه، وتفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، ويربح ثواب الخطا إلى المسجد بكل خطوة درجة ويغفر له سيئة، ويربح ذهابه إلى المسجد وعودته منه، له نزل في الجنة كلما غدا أو راح، ويربح ثواب الجماعة سبعاً وعشرين درجة، وثواب القرآن والدعاء والذكر وغيرها
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه أمرنا بصلاة الجماعة وبسماع الحق وإتباعه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العظيم في سلطانه والمهيمن على جميع مخلوقاته، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الهادي إلى رضوانه بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم كلما حوفظ على الجماعة وحورب الشيطان وأعوانه وعلى آله وأصحابه ومن سلك طريقه إلى يوم القيامة..
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله الذي خلقنا لعبادته فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:56-58]، وحفظنا بها من الشيطان الرجيم فقال: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) [الحجر:42].
وغفر بها الذنب العظيم والإثم الجسيم فقال: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53].
وشرفنا لنكون من المصطفين الأخيار أولي الأيدي والأبصار الذين وفقهم في الطاعة ووظفهم في العبادة وطلبهم للسعادة وهربهم من الشقاوة وبصرهم في الاشتغال بالآخرة، عزفت نفوسهم عن الدنيا فأظماوا نهارهم بالصيام وأسهروا ليلهم بالقيام وكأنهم ينظرون إلى عرش الله بارزاً في عرصات القيامة، وكأنهم ينظرون إلى أهل الجنة وهم فيها يتزاورون، وإلى أهل النار وهم فيها يتعاوون.
وشرفنا بالعبودية لنعمر الدنيا بالعمل الصالح والقول الرابح قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99]، وقال صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" ويقول صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعده خيراً استعمله. قيل: كيف يستعمله يا رسول الله. قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه".
وقد نوع الله العبادة لتشمل النية الحسنة التي يكتب الله بها الثواب يقول الله تعالى: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء: 100]. ويقول صلى الله عليه وسلم: "ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة".
وتشمل الكلمة الطيبة يقول صلى الله عليه وسلم: "والكلمة الطيبة صدقة"، وتشمل العمل الصالح يقول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر:40].
وقد جعل الله من العبادات ما لا يتقيد بزمان ولا مكان مثل الذكر والقرآن فإنهما مطلوبان على الدوام يقول تعالى:(فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [الروم:17-18]، ويقول صلى الله عليه وسلم عن المغبوط: "ورجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار".
ومن العبادات ما يتقيد بزمان ومكان يومي مثل الصلوات الخمس التي هي كنهر غمر جار على باب أحدنا يغتسل منه في اليوم والليلة خمس مرات لا يبقى عليه من الذنوب شيء.
ومنها ما يتقيد بزمان ومكان أسبوعي وهي الجمعة التي يظهر فيها الفائزون والخاسرون ويتميز فيها السابقون من البطالين.
ومنها ما يتقيد بزمان ومكان سنوي وهو الحج الذي من أبره أدخله الله الجنة ومن لم يرفث ولم يفسق فيه رجع كيوم ولدته أمه.
ومن العبادات ما هو مقيد بزمان ولكنه لا يتقيد بمكان بل يفعل في أي مكان مثل الصوم و الزكاة، واختيار الله لزمن العبادة يدل على فضله على غيره، ويدل على عظم أجره، وعلى مغفرة وزره، وعلى رفعة درجته ولذلك أقسم الله بالزمن الفاضل ولا يقسم إلا بعظيم قال تعالى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) [الفجر:1-3]، وقال: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) [الليل:1-4].
وضاعف الأجر فيه ما لا يضاعفه في غيره, وشرع العبادات فيه؛ لأنه أحب الأزمان إليه، واختيار مكان العبادة يدل على فضله؛ لأن الله رضيه لعباده وجعله ملتقى أحبابه، وذكر به عباده وقد اختار الله زمن الصلوات فجعله وقت إجابة الدعاء يقول الله تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) [العلق: 19]، ويقول صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء فيه"، ويقول: " أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم".
وقال مجاهد: " إن الله جعل الصلوات في خير الساعات فأكثروا من الدعاء خلف الصلوات" وجعله وقت مجاهدة للنفس يجاهدها عند اشتداد الحر في الظهر وانشغالها بالراحة، ويجاهدها عند انكسار الحر في العصر والانشغال بالتبرد، ويجاهدها عند غروب الشمس والانشغال بالظلمة، ويجاهدها عند العشاء والانشغال بالعشاء، ويجاهدها عند الفجر والانشغال بالنوم، ويجاهدها على إقامة الصلاة كما أراد الله وكما قال في كتابه في كثير من الآيات: (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) [الأنعام: 72]، ويجاهدها على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في أدائها عملاً بقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ، ويجاهدها على دوامها كما قال تعالى: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) [المعارج:23]، وعلى المحافظة عليها كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) [المعارج:34-35]، ويقول: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة:238]، وعلى الخشوع فيها ليكون من المفلحين يقول تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:1-2].
وجعل الله وقت الصلاة وقت تجارة مع الله تعالى يربح فيه ثواب الوضوء ليتطهر من ذنوبه، وتفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، ويربح ثواب الخطا إلى المسجد بكل خطوة درجة ويغفر له سيئة، ويربح ذهابه إلى المسجد وعودته منه، له نزل في الجنة كلما غدا أو راح، ويربح ثواب الجماعة سبعاً وعشرين درجة، وثواب القرآن والدعاء والذكر وغيرها.
واختار الله مكان الصلاة لتكون في المساجد والمساجد هي أحب البلاد إلى الله تعالى يقول صلى الله علي وسلم: "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" وإذا كانت أحب البلاد إلى الله فأهلها هم أحب الخلق إليه تعالى، والقول فيها أحب القول إليه، والفعل فيها أحب الفعل إليه. والمساجد هي خير البقاع يقول صلى الله عليه وسلم: " خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق"، وأهل المساجد هم الأخيار الذين اختارهم الله على غيرهم وقدمهم على من سواهم.
والمساجد بيوت الله في الأرض وأضيفت إليه لشرفها يقول صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم لا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".
والمساجد مجالس الملائكة يجلسون فيها للذكر وللصلاة وللدعاء وهي مجالس الإيمان يقول تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة: 18]، ويقول صلى الله عليه وسلم: "المسجد بيت كل مؤمن".
وهي أماكن الرباط ورباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط".
وحب المساجد والتعلق بها والتردد عليها حب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحب للصالحين وحب للقرآن وللذكر وللصلاة وللدعاء وحب للعمل الصالح ومداومة عليه وأمن من العذاب وبشارة بالجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم: ورجل قلبه معلق بالمساجد".
ولقد خف ميزان الصلاة في زمنها وفي مكانها وأصبح الكثير من المسلمين لا يصلونها في زمنا إما يؤخرونها فلهم الويل والثبور يقول تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون:4-5]، وإما يتركونها بالكلية فلهم سقر وبئس المقر قال تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر:42-43]، والكثير لا يصلونها في مكانها هجروا المساجد وضيعوا الصلوات واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً.
ومن المعلوم أن الصلاة في المسجد واجبة على الرجال لأن الله شرع بناء المساجد للصلاة فيها. وحث صلى الله عليه وسلم على بناء المساجد للصلاة فيها وما كان ينزل بلداً ويبدأ بالمسجد.
وقد أمر الله الرجال بالصلاة في المسجد والواجب أن نقول سمعنا وأطعنا يقول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة:43]، فإن الله تعالى أمر بالصلاة في قوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وأمر بها في المسجد جماعة في قوله: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ).
وأمر الله تعالى بالصلاة جماعة حتى حال الخوف عند لقاء العدو وعند قتالهم مع أنه عفى عن كثرة الحركة فيها وعفى عن حمل السلاح فيها وعفى عن استقبال القبلة في بعض الأحيان ولكنه لم يعفُ عن صلاة الجماعة لأهميتها فإذا وجبت حال الخوف كان أشد وجوباً حال الأمن بل ولا تسقط عن الرجل حال سفره ولا حال إقامته، وقد توعد صلى الله عليه وسلم من تأخر عنها بحرق بيته بالنار ولا يتوعد بالنار إلا من يستحق النار، ومن استحق النار في الدنيا استحقها في الآخرة يقول صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
ولم يعذر الرسول صلى الله عليه وسلم الأعمى الذي فقد بصره ولا يدري أين يضع قدمه وليس له قائد يقوده وبيته بعيد عن المسجد، وفي طريقه الدواب والهوام والأشواك والشعاب فقد ورد في الحديث: "أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب" فإذا كان هذا في حق الأعمى فكيف بمن كان صحيحاً مبصراً لا عذر له.
وقد بين صلى الله عليه وسلم بأن من ترك الجماعة بلا عذر فلا صلاة له يقول صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر". وكان عمر يتوعد من ترك الجماعة بقطع عنقه فيقول: ما بال أقوام يتخلفون عن الصلاة، فيتخلف لتخلفهم آخرون، لئن يحضروا الصلاة أو لأبعثن عليهم من يجافي رقابهم –أي يقطعها- ويول علي بن أبي طالب "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" وجار المسجد هو الذي يسمع النداء. وقال عتاب ابن أسيد: "يا أهل مكة لا أسمع برجال يتخلفون عن الصلاة جماعة في المسجد إلا ضربت أعناقهم". ويقول عبد الله بن مسعود: "من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بنهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وفي رواية لكفرتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف".
وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولا يشهد جمعة ولا جماعة فقال: هو في النار. فاتقوا الله وأحبوا المساجد وعلقوا قلوبكم بها واستبقوا الخيرات. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وحافظوا على صلاة الجماعة فإن ترك الصلاة في المسجد علامة من علامات النفاق يقول الله تعالى عن المنافقين: (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) [التوبة: 54]، يقول صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً" ويقول ابن عمر: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والفجر أسأنا به الظن أي اتهمناه بالنفاق"، وقال ابن مسعود: "وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق".
وترك الصلاة في المسجد كبر وتعالي؛ والله لا يحب المتكبرين، ولا ينظر إليهم، ولا يكلهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وفي الحديث: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".
وترك الصلاة في المسجد تشبه بالنساء؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء"، فالرجال هم أهل المساجد يقول تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ ) [النور: 36-37]، ويقول صلى الله عليه وسلم: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن".
وترك الصلاة في المسجد استحواذ من الشيطان على العبد يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".
واعلموا -عباد الله- أن أداء الصلاة جماعة استجابة لأمر الله تعالى في قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)، فإذن بمعنى أمر.
واستجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: في قوله "أجب" أي أجب المؤذن، وصلاة الجماعة نور في الدنيا والآخرة يقول صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة" ومن السنة أن يقول العبد عند الخروج إلى المسجد: "اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً ومن أمامي نوراً ومن خلفي نوراً ومن فوقي نوراً ومن تحتي نوراً واجعل لي نوراً".
وصلاة الجماعة سبب من أسباب الرزق يقول الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [النور: 36-38].
وصلاة الجماعة ألفة ومحبة وتعاون بين المجتمع حتى يكون كالجسد الواحد فيها تتحقق الأخوة في الله وبها يبرأ الإنسان من النار ومن النفاق ففي الحديث: "من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النفاق، وبراءة من النار".
ولننظر لحال السلف فها هو الربيع بن خثيم يصلي جماعة وهو مصاب بالفالج وها هو عامر بن عبد الله بن الزبير يصلي جماعة وهو في سياق الموت، وها هو عدي بن حاتم يقول: ما دخل وقت صلاة إلا وقد اشتقت لها وما أذن المؤذن إلا وأنا على وضوء مستعد للصلاة.
وكان السلف يعزون من فاتته تكبيرة الإحرام ثلاثة أيام، ويعزون من فاتته الصلاة جماعة سبعة أيام. قال حاتم الأصم: "فاتتني صلاة الجماعة فعزاني البخاري ولو مات ولدي لعزاني أهل البلد لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا". فاتقوا الله وحافظوا على الصلاة جماعة ترضون ربكم وتقتدون بنبيكم وتسارعون إلى الخيرات وتتضاعف لكم الحسنات وتغفر لكم السيئات.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم