عناصر الخطبة
1/ فضل الصدقة 2/ تنوع الصدقات في الإسلاماقتباس
وإذا ذكرت الصدقة فإن كثيرًا من الناس يظن أن الصدقة لا تكون إلا بالمال, وأنها حكرٌ على الأغنياء, ولاشك -يا عباد الله- أن الصدقة بإنفاق المال من أشرف الصدقات وهي المقصودة عند الإطلاق، ومن الجميل أن يكون للمسلم نصيب منها ولو بالقليل، إلا أنها ليست موضوعنا اليوم، وإنما حديثنا اليوم عن صدقات بالمجان, فما هذه الصدقات؟ هل يمكن أن يتصدق المسلم دون أن ينفق ريالاً واحدًا؟ ..
كم طرقتْ أسماعَنا الآياتُ والأحاديثُ الكثيرة التي وردت في فضائل الصدقة الصدقة برهان، وهي دليل على صدق الإيمان، وسبب لحبِّ الرحمن، كما جاء في البخاري عن أبي هريرة: "وما يزال عبدِي تقرَّب إلي بالنّوافل حتّى أحبَّه" وهي كفّارة للذّنوب والخطايا كما جاء في الصحيحين عن حذيفةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فتنةُ الرّجل في أهله وولدِه وجارِه تكفّرها الصّلاة والصّدقة والمعروف" وفي الجنة باب لأهل الصدقة, وإذا حشِر الناس يوم القيامة واشتدَّ الكرب ودنَت الشّمس من رؤوس الخلائق فإنّ المتصدّقين يتفيّؤونَ في ظلِّ العرش، وتسترُهم صدقاتُهم من لفحِ جهنّم، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: "سبعةٌ يظلّهم الله في ظلّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلّه" وذكر منهم: "ورجلٌ تصدّق بصدقةٍ فأخفاها، حتّى لا تعلمَ شماله ما تنفق يمينه" وعن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة حتى يقضى بين الناس" رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه الألباني.
والصدقة سبب في بسطِ الرّزق وطول العمر، وهي تدفَع البلاءَ والأمراضَ عن المتصدّق وأهلِ بيته، وتمنَع ميتةَ السّوء ومصارعَ السوء، كما جاء عند البيهقي والطبراني وحسنه الألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "داوُوا مرضَاكم بالصّدقة" وروى الحاكم وصححه الألباني عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة " وفي رواية حسنة عند الطبراني عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر".
وإذا ذكرت الصدقة فإن كثيرًا من الناس يظن أن الصدقة لا تكون إلا بالمال, وأنها حكرٌ على الأغنياء, ولاشك -يا عباد الله- أن الصدقة بإنفاق المال من أشرف الصدقات وهي المقصودة عند الإطلاق، ومن الجميل أن يكون للمسلم نصيب منها ولو بالقليل، إلا أنها ليست موضوعنا اليوم، وإنما حديثنا اليوم عن صدقات بالمجان, فما هذه الصدقات؟ هل يمكن أن يتصدق المسلم دون أن ينفق ريالاً واحدًا؟
إن الصّدقة في الإسلام لها معنًى واسع، فهِي تشمَل كلّ عمل خير يقوم به المسلم.
1/ فمن الصدقات المجانية العظيمة: ذكر الله تعالى.
هاهم فقراء الصحابة السباقون إلى البر لكنهم لم يكن عندهم منا المال ما يتصدقون به، فجاؤوا إلى رسول الله فقالوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ -أي الغنى- بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ: "أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا" رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه.
بل إن الصدقة بذكر الله تعالى أفضل من الصدقة بالذهب والفضة فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ, قَالُوا: بَلَى, قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
إذن، يوم أن تلهج بالتسبيح والتحميد والتهليل وتصدع بالذكر والدعاء فذاك صدقة من عظيم الصدقات, تتصدق بها على نفسك، وترفع بها ذكرك عند ربك, وتسعد بها يوم حشرك.
2/ ومن الصدقة المجانية: الإحسان إلى الخلق وقضاء حوائجهم، وهذا باب واسع، يدخل فيه الكثير من أعمال البر, كل معروف تسديه لمخلوق صغُر أو كبر بقول أو فعل فهو صدقة من الصدقات تودع في صحيفة الحسنات, شفاعتك لإخوانك, نصحك للمستنصح, قيامك بحق جيرانك, وسقيك العطشان وإطعامك الجوعان, وإحسان خلقك ومعاملتك مع المسلمين وغير المسلمين، بل إعانتك لكل محتاج من إنسان أو طير أو حيوان، تلك أبواب من الصدقات.
فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ" رواه أحمد والترمذي بسند صحيح.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، قَالَ تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، قَالَ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ" متفق عليه.
3/ ومما تقدم في الحديث من الصدقات المجانية: الكلمَة الطيّبة، وما تصدق رجل على قوم بأفضل من كلمة طيبة أو نصيحة أو موعظة أو فائدة علمية ينتفعون بها.
4/وفيه أيضًا من الصدقات المجانية: المشي إلى المساجد، وكل خطوة إلى الصلاة صدقة.
5/ وفيه من الصدقات المجانية: إماطة الأذى عن الطريق، حجر أو شوك أو زجاج تجده على الطريق فتزيله, فيكون ذلك لك صدقة, بل إن هذا العمل اليسير قد يكون سببًا للمغفرة ودخول الجنة.
ففي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ" وفي لفظ عند مسلم: "فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ".
6/ ومن الصدقات المجانية: ركعتا الضحى, يوم أن يكون الناس في ذروة انشغالهم بأعمالهم, فيقوم المسلم مقبلاً على ربه، راكعًا بين يديه، فإن ذلك من جلائل الصدقات والقربات, بل إن هاتين الركعتين تجزئ عن صدقات اليوم كله, ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى".
7/ ومن الصدقات المجانية الواردة في هذا الحديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فبينما الأمة اليوم تواجه تيارا عنيفًا من المنكرات من شبهات وشهوات، ثمت باب عظيم للصدقة وهو باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله, يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة".
فهنيئا لمن حملوا على عواتقهم واجب الدعوة إلى الله، وإصلاح المجتمع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلهم من الصدقة نصيب وافر إن خلصت نواياهم لله تعالى، وليكن لك -أيها المسلم- نصيب من الصدقة في هذا الباب في الأسواق والطرقات والبيوت بالرفق والحكمة ومحبة الخير للناس.
8/ ومن الصدقات المجانية: يوم أن ترى من فاتته الصلاة ولم يجد من يصلي معه جماعة، فمن الصدقة أن تصلي معه ليكسب أجر الجماعة وهي لك نافلة وصدقة، وهي أعظمُ من كثير من الأموال, فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ قَالَ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا حَبَسَكَ يَا فُلَانُ عَنْ الصَّلَاةِ قَالَ فَذَكَرَ شَيْئًا اعْتَلَّ بِهِ قَالَ فَقَامَ يُصَلِّي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَصَلَّى مَعَهُ" رواه احمد وأبو داود وصححه الألباني.
9/ ومن الصدقات المجانية: إتيان الرجل أهله إذا احتسبه بنية صادقة عند الله -عز وجل- كما جاء في الحديث أهل الدثور المتقدم، قال: "وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ".
10/ ومن الصدقات المجانية: غرس النخيل والأشجار. فشجرةً تغرسها، أو نخلةً تتعاهدها, وثمرة تسقيها, وإن كانت مملوكة لك, فإنه لا يأكل منها إنسان أو طير أو حيوان إلا كان صدقة لك.
ففي الصحيحين عن أَنَسٍ -رضي الله عنه- أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ نَخْلًا لِأُمِّ مُبَشِّرٍ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ؟ قَالُوا مُسْلِمٌ، فقَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ".
11/ ومن الصدقات المجانية: الابتسامة، وهي الكنز الذي لا يكلف ريالاً واحدًا, ومع هذا فهو الطريق إلى القلوب بلا استئذان، وهو صدقة من الصدقات, كما صح عند الترمذي عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة" وقد كان صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تبسمًا، وتراه يلقى أصحابه والابتسامة تعلو وجهه حتى قال جرير رضي الله عنه: "ما رآني رسول الله إلا تبسم في وجهي".
12/ ومن الصدقات المجانية: إقراض المسلم وإنظاره إذا كان معسرًا: يوم أن ترى أخاك أصابته نائبة من نوائب الدنيا فتمد يدك لتقرضه بلا فائدة ولا منّ ولا أذى، وقد صح عند الأمام أحمد وابن ماجه والحاكم من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -رضي الله عنه- يقول: " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثلُه صدقة قبل أن يحلّ الدين، فإذا حل الدين فأنظره، فله بكل يوم مثلاه صدقة".
الله أكبر, إذا أنظرت المعسر وأمهلته، يكتب الله لك أجر الصدقة كل يوم بمقدار الدين، هذا قبل حلول موعد السداد، فإذا حل موعد السداد وأمهلته كتب الله لك أجر الصدقة كل يوم بمقدر الدين مرتين.
ولذا قال ابن مسعود: لأن أقرض مرتين أحب إلي من أن أتصدق به مرة.
نسأل الله تعالى أن يكفينا بحلاله عن حرامه.
الخطبة الثانية
13/ ومن الصدقات المجانية: العفو عن المظالم والتصدق بحقك لدى الآخرين في نفس أو مال أو عرض, فعن حارثة -رضي الله عنه- " أن علبة بن زيد -رضي الله عنه- وهو رجل من الأنصار قال: اللهم إني ليس لي مال أتصدق به، فأيما رجل من المسلمين نال من عرضي شيئا فهو عليه صدقة، فلما كان من غد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين المتصدق بعرضه البارحة؟ فقام علبة فقال: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قبل الله صدقتك".
رواه البيهقي في شعب الإيمان والضياء المقدسي في المختارة وغيرهما وفي سنده اختلاف وقد حسنه بعض العلماء نظرًا لشواهده.
14/ ومن الصدقات المجانية العجيبة: الكفّ عن الشر وإيذاء الآخرين، إن لم تحسن إلى الناس فكف أذاك عنهم فهو صدقة.
ففي الصحيحين عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "على كل مسلم صدقة، قال: أرأيت إن لم يجد، قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قال: أرأيت إن لم يستطع، قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قال: أرأيت إن لم يستطع، قال: يأمر بالمعروف أو الخير، قال: أرأيت إن لم يفعل، قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة".
15/ عباد الله: وفي زمن غلاء المعيشة وتعدد مطالب الحياة, فإن من أبواب الصدقة التي يغفل عنها الناس: الإنفاق على الأهل والقيام على حوائجهم, فإنه وإن كان من الإنفاق الواجب فهو باب من أبواب الصدقة لمن احتسبه، كما في صحيح مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ".
وختاماً, ما ذكرناه هو بعض أبواب الصدقات ومنافذ القربات, الموفقٌ من تلمسها, والمغبون من حُرِمها, والفائزٌ من أحسن النية فيها, والناس اليوم لا يتمايزون في العلم بها، بل هم متفاوتون في العمل بها واحتساب الأجر فيها, ويوم أن يرحل المرء من ديناه، وتكشفَ له صحائف أعماله في أخراه، يتبين له قدرُ هذه الصدقات, فهنيئًا لمن تصدق بماله وفعاله، ونواياه وأقواله, فامتلأت صحائفه بالصدقات، وثقل بها ميزان الحسنات.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم