عناصر الخطبة
1/ حقوق الأبناء على الآباء 2/ تسلط الآباء على الأبناء 3/ ممارسات الآباء الخاطئة تجاه الأبناءاقتباس
الحقيقة أن الكل مطالب بما عليه من الحقوق، ما كان حقا لك هو واجب على أبنائك، وما كان حقا لأبنائك هو واجب عليك، أدِّ ما عليك تجاه أبنائك يؤدوا بدورهم جميع واجباتهم، دون أن يطلب منهم أحد ذلك. عندما ....
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أمر ونهى، وغفر وعفا، لمن تاب واستغفر، نستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنَما يضلَ عليها، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير، جعل البر كل خيرٍ يقرّب إليه، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحقّ، ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون، وأصلّي وأسلّم على المبعوث رحمة للعالمين، فصلّوا عليه وسلّموا تسليما، و(اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أما بعد:
عباد الله: كبيرة من كبائر الذنوب تكلم عنها العلماء والمشايخ والدعاة، يحذرون الأبناء منها، هي عقوق الأبناء للآباء، ونحن آباء نطالب أبناءنا بأن يبروننا، ويعاملوننا بالحسنى، وقد نغفل عن قضية حقوق الأبناء علينا، اليوم معنا: "حقوق الأبناء على الآباء".
السؤال: ترى هل يعي جميع الآباء حقوق أبنائهم؟
من أول الحقوق هذه الآية يقول الله: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ)[النساء: 11].
هذه وصية الله لي ولك في أبنائنا، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "حق الولد على والده أن يحسن اسمه، ويحسن مرضعته، ويحسن أدبه".
فهل تذكرتُ وتذكرتَ أنت حقوق أبنائنا علينا؟
عباد الله: سوء معاملة الآباء للأبناء ظاهرة قديمة، وتأخذ صوراً وأشكالا شتى.
وقد يصرخ العديد من الأبناء، شاكين من سوء معاملة آبائهم لهم، ونتيجة لذلك نسمع بين الفينة والأخرى اعتداء الآباء على الأبناء، بحجة أن أبناءهم يعقونهم، أو أنهم يقومون بتربيتهم، وتقويم اعوجاجهم!.
مع أن إصلاح هذه الأخطاء تكون بالتوجيه دون الضرب، أو التعنيف.
في الإسلام يا عباد الله: للآباء حقوق على أبنائهم، وهي الطاعة في المعروف، والرعاية، والتقدير والاحترام، وكذلك للابن حق على أبيه.
عباد الله: قد يتسلط بعض الآباء على أبنائهم، فيرهبونهم ويؤذونهم ويقهرونهم، ويضطهدونهم بحجة أنهم آباء، والأبناء لا يملكون الحق في محاسبة آبائهم مهما فعلوا، وليس ذلك هو ما أهدف إليه، بل أرجو لو يضع كل أب منا سلوكه ومعاملته لأبنائه تحت المجهر، ويراقب مدى التزامه بالأداء المطلوب المرجو منه، ويحاسب نفسه.
عباد الله: الأبناء لا يملكون تغيير أو تصحيح توجهات الآباء الخاطئة، وبالتالي فإن مشقة العيش مع أب يسيء إلى أبنائه لهي أصعب بكثير من تحمل العيش مع ابن عاق؛ فكم من أب ظلم أبناءه، أو قصر في حقوقهم، أو مارس عليهم أسلوب القمع والتسلط في التربية، دون أن يحاسب نفسه بما فعل، أو يتقي الله فيهم؟
عباد الله: من يرفع شكوى الأبناء من سوء معاملة آبائهم؟! هل من معتبر؟ هل من مستدرك قبل فوات الأوان؟!
إنه لتناقض عجيب أن يتلقى الأبناءُ البرَّ، كلمات وشعارات، وهم يرون مشاهد الإهانة، وسوء الخلق، ليل نهار! فمن أين يأتي البر المنشود؟!
وتعالوا بنا في جولة سريعة نرى بعض ممارستنا الخاطئة مع أبنائنا:
أولا: من الممارسات الخاطئة: بُعْد الأب عن أبنائه، وعدم القرب منهم ومناقشتهم في أمور دينهم، وأمور حياتهم، فإذا كان الأب يقضي أغلب أوقاته مع أصدقائه، وإذا عاد إلى البيت عاد مكفهر الوجه، غضبان، ينهر الكبير والصغير، ثم يدخل غرفة نومه ولا يعلم عن أولاده بحجة أنه وفر لهم كل ما يحتاجونه، من مأكل ومشرب وملبس، ونسي أنهم يحتاجونه هو كأب، وليس كحصالة نقود!.
الابن بالذات يحتاج إلى أبيه، فإذا تخلى الأب عنه، فلماذا يلومه عندما يتخلى عن أبيه فيما بعد؟
ثانيا: من الممارسات الخاطئة: أن يحل الآباء لأنفسهم ما يحرمونه على أبنائهم، مثال: لا تدخن يا بُني وهو يدخن، لا تسهر يا بُني وهو يسهر، لا تكذب يا بُني وهو يكذب، لا تفعل كذا وهو يفعل.
رابعا: من بعض صور إيذاء الآباء للأبناء: الإيذاء البدني والنفسي الذي قد يمارسه بعض الآباء في حق أبنائهم الذين لا حول لهم ولا قوة.
فعندما يخطئ أحد الأبناء، ربما ينهال الأب عليه بالضرب، أو بسيلٍ من الشتائم والإهانة والتنقيص؛ كجملة: "أنت غبي" أو "طول عمرك جاهل" "أنت ما تفهم شيئا"، ومن هذا الكلام المؤذي نفسيّاً.
وإن الذي ينبغي على الوالد أن يوجه ابنه إلى التصرف الصحيح، ولو أخطأ الابن؛ تكون ردة فعل الأب مناسبة لكل موقف.
الذي يحصل أن بعض الآباء يعاقب ولا يوجه، بل ويطلب من الابن أن يعرف كيف يتصرف، وكيف يرد! كيف يعرف هذا الابن ما عليه أن لم تعلمه أنتَ؟
خامسا: من الأخطاء: أن الأب يرى أن من حقه أن يقول لابنه ما شاء، ويجبره على ما يشاء، ونقول هنا: ليس من حق الأب أن يهين ابنه أمام الناس، وليس من حقه أن يجبره على ما لا يشاء، بل إن للابن الحق في اتخاذ الشيء المناسب له هو؛ إذا وافق مرضاة الله.
سادسا: من الأخطاء: رغبة بعض الآباء أن يكون الأبناء نسخة منهم، وهذا محال، فلكل شخص شخصية مستقلة، فالآباء يعتقدون أن ما تربوا عليه يجب أن يطبق على أبنائهم، ونسي الآباء أن الزمان غير الزمان، وأن لكل زمانٍ رجاله، ولقد اكتسبت شباب اليوم علوماً ومعارف ومعاني جديدة لم تكن في زمان الآباء.
أرجئ ما بقي للخطبة الثانية.
الخطبة الثانية
الحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله.
أمّا بعد:
إخوة الإيمان: هذا هو شأن الإسلام في منهج الإصلاح، من أجل تحقيق سعادة الأبناء والآباء في الحياة، وحتّى بعد الممات، فعدل الآباء مطلوب.
من الممارسات الخاطئة من الآباء: تدخلهم في حياة أبنائهم، حتى في القرارات المصيرية، ويفرض عليهم ما يريده هو ليس ما يريده الابن.
أيها الآباء: ألا يجدر بنا احترام أبنائنا، والاعتراف بحقوقهم، وتحمل مسئولية واجباتهم؟
إن للأبناء حقوقا علينا سابقة لحقوقنا الآباء عليهم، ومنها: تربيتهم تربية صالحة، ينجون بها من النار، ويسعدون في الدنيا والآخرة، قال تعالى لرسوله: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طـه: 132].
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ) [التحريم: 6].
أي: مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملا فتأكلهم النار يوم القيامة.
من الحقوق التي لأبنائنا علينا: وجوب النفقة عليهم بالمعروف، وحسب الاستطاعة، قال صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول".
وقد يقول قائل: بأن تقصير الآباء في حقوق الأبناء لا يبرر عقوق وتقصير الأبناء.
والحقيقة أن الكل مطالب بما عليه من الحقوق، ما كان حقا لك هو واجب على أبنائك، وما كان حقا لأبنائك هو واجب عليك، أدِّ ما عليك تجاه أبنائك يؤدوا بدورهم جميع واجباتهم، دون أن يطلب منهم أحد ذلك.
عندما يهين الأب مثلا ابنه في كل وقت؛ سيتولد كره للأب في قلب الولد، وسينفجر في وجه الوالد لا محالة من ذلك.
فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم