عناصر الخطبة
1/ تحديد الكثيرين لرمضان الفضيل ميقاتا لحول زكاتهم 2/ فتنة المال 3/ وجوب الزكاة 4/ مصيبة البخل 5/ العذاب الشديد لمانعي الزكاة 6/ شؤم منع الزكاة على المجتمع 7/ فتوى هيئة كبار العلماء بخصوص مصارف الزكاة 8/ أهمية دور الصدقاتاقتباس
لماذا نتكلم عن فتنة المال في شهر رمضان؟ الجواب: لأن شهر رمضان مرتبط بالزكاة -كما تقدم-، وكلنا يعلم أن الصدقات النافلة إن تقرَّبْتَ بها فهي من سعادتك، وإن لم تتقرب فلا إثم عليك، أما الزكاة فلا مجال فيها للامتناع، فطالما قرنها الله تعالى بالصلاة بصفتها ثاني أركان الإسلام، فقال في المشركين: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
رمضان موسم مبارك يبعث في النفس المؤمنة الإحسان والبذل، هذه هي الفطرة، ولذلك نجد معظم المسلمين يحددونه موعداً لانتهاء الحول الذي يجب فيه اخراج الزكاة حتى تقع زكواتهم في هذا الشهر.
عن أبي هريرة قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفِّدَت الشياطين ومَرَدة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، فينادي منادٍ: يا با غي الخير أقبل! ويا باغي الشر أقصر! ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة" نسأل الله من فضله. أخرجه الترمذي في سننه.
والله تعالى يبتلي عباده بالمال: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ) [آل عمران:186]، (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) [الأنفال:28]، فالمال فتنة، بل هو فتنة عظيمة قلما ينجو منه أحد، بل المال هو فتنة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في المقام الأول. عن سعد بن عياض قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول "لكل أمّة فتنة، وإن فتنة أمتي المال" أخرجه بن حبان. ولابد بالضرورة من عون الله حتى ننجو من فتنة المال، فلا حول لنا ولا قوة بدونه -جل وعلا-.
معاشر المسلمين: لماذا نتكلم عن فتنة المال في شهر رمضان؟ الجواب: لأن شهر رمضان مرتبط بالزكاة كما تقدم، وكلنا يعلم أن الصدقات النافلة إن تقربت بها فهي من سعادتك، وإن لم تتقرب فلا إثم عليك، أما الزكاة فلا مجال فيها للامتناع، فطالما قرنها الله تعالى بالصلاة بصفتها ثاني أركان الإسلام، فقال في المشركين: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة:11]، تابوا، أي: تابوا من شركهم، ووحدوا الله تعالى وهو الركن الأول، وأقاموا الصلاة الركن الثاني، وآتوا الزكاة الركن الثالث، فإخوانكم في الدين.
فالمتساهلون في إخراج الزكاة في خطر كبير، فكيف بمن لا يخرجها مطلقا؟ وقد يتعجب بعض الطيبين ويقولون: وهل هناك من يمتنع من إخراج زكاته من المسلمين؟ فأقول: نعم، وهم كثيرون جدا -مع الأسف الشديد- خاصة إذا كثر المال وعز على صاحبه.
يسأل أحدهم فيقول: أنا أملك 40مليون ريال، كم زكاتي يا شيخ؟ قال: زكاتك مليون، قال : الله! ثم انصرف وهو يتمتم: مليون! كيف أرمي مليون؟ امامي مشاريع والتزامات!.
طبعا آية (وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم:39]، ليست في حسبانه، وحديث: "ما نقص مال عبدا من صدقة" ليس في باله!.
فمفاهيم الدين غائبة، وقيم القرآن والسنة لا تحرك فيه شيئاً، كما قال أحدهم لمن نصحه وذكره بيوم الحساب: روح سلم على أهل الجنة! استهزاءا بقوله، وسخرية به.
فالمال فتنة، ومن كان زكاته مليون ريال ليس كمَن زكاته تقدر بمائة الألاف او ربما عشرات الألاف أو أقل من ذلك، فكيف بمن زكاته أكثر من 650مليون ريال؟ كما هي زكاة واحد فقط من أثرياء هذه البلاد، لأنه يملك 22مليار وستمائة مليون ريال، أترونه يخرجها؟! وإذا أحسنا الظن به خففنا السؤال ونقول: أترون يخرجها كاملة، أم يرمي منها بجزء زهيد ويقول: يكفي هذا!.
ولو أنه أخرجها هو وأقرانه في مصارفها الصحيحة هل يبقى في البلاد فقير أو مَدين؟ حب الإنسان للمال شديد، بشهادة القرآن: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات:8]، (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) [الفجر:20].
بل إن بعضهم لفرط حبهم للمال والخوف عليه، مهما كان تأويلهم وتبريرهم، امتنعوا عن الزكاة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقاتلهم أبوبكر -رضي الله عنه-، ولما قيل له: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمَن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله"؟ قال أبوبكر: والله لأقاتلنّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم علي منعها، إنه قد انقطع الوحي، وتم الدين، أيُنقَص وانا حي؟ قال عمر: فوالله فما هو إلا رأيت أنه قد شرح الله صدر أبوبكر للقتال فعرفت أنه الحق.
إن الزكاة ليست من مال المكلف يتصرف به كيف شاء، وإنما له فقط أن يختار المصرف الذي يريد أن تصل زكاته إليه، والمصارف فرضت ونشرت في القرآن على الحصر: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:60]؛ ولذلك لا يجوز له أن يتصرف فيها بهواه، كأن يشتري بها لمستحقيها ما ينفعهم من مصالح الدنيا، لا يجوز له ذلك إلا بطيب نفس من أولئك المستحقين بعد استئذانهم ورضاهم؛ لأن المال أصبح ملكهم.
هذه النسبة البسيطة التي قررها الإسلام عند نهاية الحول تنفصل عن ملكية صاحبها وتنتقل إلى ملكية مصارفها المشروعة، ينتهي ارتباطها بماله، هذا من عند الله، فإذا أبقاها ضمن ماله ولم ينقلها إلى مصارفها انقلبت سحتا حراما عليه وعلى أهله، ومَحقا يراه في معيشته وفي أهله ودينه، في نفسه، في صحته، غير ما ينتظره يوم القيامة، نسأل الله السلامة.
إن الفلاح مرتبط بوقاية النفس من الشح، (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9، التغابن:16]، وقد صح عند الهيثمي في صحيح الترغيب من حديث ابن عباس: "خلَق الله جنة عدن بيده، ودلى فيها ثمارها، وشَقَّ فيها أنهارها، ثم نظر إليها فقال لها: تكلَّمِي. فقالت: قد أفلح المؤمنون. فقال: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل".
وإن من أشد المصائب التي يبتلى بها الإنسان داء البخل الذي يجعله يظن أن بخله يحفظ له أمواله من الضياع، أو أنه يزيده مالا فوق ماله، مع أنه لو علم ما يصيبه من الخسران في دنياه بانفضاض الناس من حوله وكراهيتهم له، ثم ما يحق به من العذاب في آخرته، إنه لو أدرك ذلك لكانت حسرته على نفسه شديدة وأليمة.
ويكفي أن يقرأ هؤلاء البخلاء ما جاء في كتاب الله العزيز عما أعد لهم من عذاب وهوان، فقد قال -جل وعلا-: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [آل عمران:180].
في مجمع الزوائد بإسناد صحيح أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال في قوله: (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:180]، مَن كان له مال لم يؤدِّ زكاته طوقه يوم القيامة شجاع أقرع، ينقر رأسه ويقول: أنا مالُكَ الذي كنت تبخل به.
ويقول -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة:35].
جاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "ما من صاحب كنز [الكنز هو كل مال وجب فيه الزكاة ولم تؤدَّ] لا يؤدي حقه إلا جعله الله يوم القيامة يُحمَى عليها [أي على الدنانير والدراهم التي هي أصل قيمة الكنز] في نار جهنم، فتُكوَى بها جبهته وجنبه وظهره حتى يقضي الله تعالى بين عباده في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار".
فعذاب الذين لا يؤدون الزكاة يصلاهم عاجلا في عرفات القيامة قبل الحساب وأثناء الحساب، حتى انتهاء الحساب وهم يعذبون، نسأل الله السلامة، فبينما الناس يحاسبون ويقضى بينهم ترى أولئك الممتنعين عن الزكاة في الدنيا تكتوى بها ظهورهم وجنوبهم بأموالهم قبل دخولهم جهنم أو دخولهم الجنة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما نعده من سني الحياة، ثم إذا جاء موعد حسابهم وانتهوا يرى كل واحد منهم سبيله إما إلى الجنة إن لم يكن له ذنب سواه، وكان العذاب السابق كافيا للتكفير عنه، وإما إلى النار إذا كان خلاف ذلك.
إذاً ففي الامتناع عن أداء الزكاة إثم عظيم وشؤم ليس على الممتنع فحسب، الشؤم بل حتى على مجتمعه كله، لأن فيه تعرض لغضب الله وعاجل عذابه الذي لا يصيب الذين ظلموا خاصة، بل يعم جميع الساكتين والعياذ بالله، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:25].
ولذلك الإسلام يشدد على مانع الزكاة، ويأمر بإيقافهم عند حدهم لأنهم يهدمون بناء المجتمع بطمعهم وجشعهم وأنانيتهم المفرطة، فإن كان الممتنع عن أداء الزكاة جماعة لهم سلطان وقوة حق على الإمام أن ينذرهم عاقبة منعها، فإن لم يُجْدِ فيهم الإنذار وجب عليه أن يقاتلهم حتى يؤدوا الزكاة، فإن لم يفعل أثم.
ولقد تقدم أن أبابكر -رضي الله- عنه قاتل مانع الزكاة فيما يسمى بحروب الردة، وكان معه في رأيه الخلفاء الثلاثة، وسائر الصحابة -رضي الله عنهم-، فكان ذلك اجماعاً منهم على قتال مانع الزكاة.
أسأل الله تعالى أن يقينا شح أنفسنا، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى مَن سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فالصدقة النافلة تطوع يرجو به العبد زيادة درجته عند ربه، وهي مما يتسابق في بذله الصالحون المقتدرون، الصدقة مهمة جدا في المجتمع، وهي من أهم ما تحتاجه الدعوة بشتى جوانبها؛ لأن الزكاة لا تدفع في مجال الدعوة على الراجح، وهي فتوى كبار العلماء بالمملكة.
وقد جاء في الفتوى: بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم في بيان المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة (وفي سبيل الله)، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها ولم يحصرها في الغزاة فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه.
ورأى أكثر أعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء أن المراد بقوله تعالى (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) في آية مصارف الزكاة: الغزاة المتطوعون في غزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجد صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء مساجد وقناطر وأمثالها إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة. هيئة كبار العلماء.
الزكاة إذاً لا تتجاوز مصارفها إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة؛ لأنها خاصة بتلك المصارف، وهنا يبرز دور الصدقة، الصدقة هي المتنفس لأنها ضرورية لأعمال البر خارج إطار مصارف الزكاة، وهي كثيرة، العمل الاجتماعي الخيري، بناء المساجد، تأسيس حلقات تحفيظ القرآن، تكاليف إقامة المحاضرات، بناء مدارس تحفيظ القرآن، حفر الآبار، طباعة المصاحف، طباعة وتوزيع الكتب النافعة، الصرف على طلبة العلم، استضافة الدعاة من الخارج، الصرف على حملات الحج الخيرية، وعلى مكتبات الطلاب الخيرية، وعلى المخيمات الدعوية، وعلى مراكز الأحياء، ولجان التنمية، وما شابهها، كلها تنتظر الصدقة. هذه الأعمال المباركة تموت وتندثر إذا عدمت الصدقات.
أيها الإخوة الكرام: إن شهر رمضان فرصة قد لا تُعوَّض لبعضنا، نسأل الله طُول عُمْرٍ على حُسن عمل، فالبِدارَ البِدارَ! فقد قال سبحانه وتعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون:10-11].
اللهم وفِّقْنا للنفقة الصالحة، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم