عناصر الخطبة
1/وجوب التأسي بالنبي عليه الصلاة والتشبه به قولا وعملا 2/حكم التشبه بالمغضوب عليهم والضالين.اقتباس
تَبَرُّجُ اَلنِّسَاءِ، وَتَبَرُّجَهُنَّ سِمَةَ اَلْكُفَّارِ: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ اَلْأُولَى)، وَالْفِتْنَةُ بِهُنَّ سَنَةُ بَنِيْ إِسْرَائِيلَ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِيْ إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي اَلنِّسَاءِ". وَهَذَا اَلسِّبَاقُ اَلْمَحْمُومُ وَاقِعٌ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ اَلنِّسَاءِ؛ لَهَثًا وَرَاءَ تَقْلِيعَاتِ اَلْغَرْب،ِ وَرَكَضَاً لِكَشْفِ مَا أُمِرْنَ بِسَتْرِهِ، رُوَيْدًا رُوَيْدًا حَذْوَ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا، أَمَّا بَعْدُ:
أَرَأَيْتَ لَوْ سَافَرْتَ لِمَدِينَةٍ لَهَا طَرِيقَانِ؛ أَحَدُهُمَا طَرِيقٌ آمِنٌ وَسَرِيعٌ وَوَاسِعٌ. وَالْآخَرُ طَرِيقٌ مُخِيفٌ وَضِيِّقٌ وَوَعِرٌ، وَيَزِيدُ سَاعَتَيْنِ عَنْ وَقْتِ اَلْأَوَّلِ. فَهَلْ يَا تُرَى سَتُفَكِّرُ بِسُلُوكِ هَذَا اَلطَّرِيقِ اَلْمُخِيْفِ اَلضَّيِّقِ؟!
لَكِنْ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ اَلنَّاسِ أَبَى إِلَّا أَضْيَقَ اَلطُّرُقِ، بَلْ سَلَكُوا جُحْرِ اَلضَّبِّ اَلْخَرِبِ، اَلَّذِي لَيْسَ فِيْهِ إِلَّا الضِّيْقُ والتَّعَبُ! إِنَّهُ جُحْرُ التَّبَعِيَّةِ لِلْكُفَّارِ، والدُّخُوْلِ مَعَهُمْ في كُلِّ مَسَارٍ! أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ؛ تَبِعْتُمُوهُمْ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فَكَيْفَ نَسِيرُ وَرَاءَ قَوْمٍ أَفْلَسُوا فِي دِينِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ، وَتَفَكَّكَتْ مُجْتَمَعَاتُهُم، فَلَا رَحِمَ وَلَا رَحْمَةَ، وَلَا تَكَافُلَ وَلَا تَكَاتُفَ، هَمُّهُمَ فُرُوجُهُمْ وَبُطُونُهُمْ! (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا).
وَكَيْفَ يَرْضَى اَلْمُسْلِمُ اَلْعَزِيزُ لِنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ مِقْوَدًا بَعْدَمَا كَانَ قَائِدًا، وَأَنْ يُصْبِحَ ضَالًّا وَقَدْ كَانَ دَالًّا؟! (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
أَلَا إِنْ اِلْتِزَامَنَا بِمَنْهَجِ اَلْإِسْلَامِ هُوَ عِزَّتُنَا وَرِفْعَتُنَا، وَأَمَّا اِتِّبَاعُ سُنَنِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَهُوَ اَلذُّلُّ وَالْغِلُّ: (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا). قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ، فَأَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلاَمِ، فَمَهْمَا نَطْلُبِ الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ".
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا حُكْمُ التَّشَبُّهِ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ والضَّالِّيْنَ؟ فَالجَوَابُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ". وَقَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا".
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَهَذَا اَلْحَدِيثُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ اَلتَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي كُفْرَ اَلْمُتَشَبِّهِ بِهِمْ.
وقَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَنَا لَمْ أَقْصِدِ اَلتَّشَبُّهَ؟ قُلْنَا: إِنَّ اَلتَّشَبُّهَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ؛ لَكِنْ إِنْ نَوَيْتَ صَارَ أَشَدَّ وَأَعْظَمَ.
فَإِنْ قُلْتَ: مَا أَبْرَزُ مَظَاهِرِ اَلتَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ؟ فَيُقَالُ: خُذْ خَمْسَاً مِنْهَا:
1.تَبَرُّجُ اَلنِّسَاءِ، وَتَبَرُّجَهُنَّ سِمَةَ اَلْكُفَّارِ: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ اَلْأُولَى)، وَالْفِتْنَةُ بِهُنَّ سَنَةُ بَنِيْ إِسْرَائِيلَ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِيْ إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي اَلنِّسَاءِ". وَهَذَا اَلسِّبَاقُ اَلْمَحْمُومُ وَاقِعٌ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ اَلنِّسَاءِ؛ لَهَثًا وَرَاءَ تَقْلِيعَاتِ اَلْغَرْب،ِ وَرَكَضَاً لِكَشْفِ مَا أُمِرْنَ بِسَتْرِهِ، رُوَيْدًا رُوَيْدًا حَذْوَ اَلْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ.
2.تَقْلِيدُ الشبَابِ لِلْكُفَّارِ بِلِبَاسِهِمْ، وَقُبَّعَاتِ رُؤُوْسِهِمْ، وَسَلَاسِلِ رِقَابِهِمْ وَمَعَاصِمِهِمْ، فَيَا شَبَابَنا وَشَوَابَّنَا: أَدَخَلْتُمْ جُحْرَ الضَّبِّ؟! وَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اَللَّهِ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَمَا رَأَى عَلَى رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ: إِنَّ هَذِهِ ثِيَابُ اَلْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
3.التَّحَدُّثُ بِغَيْرِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ؛ تَفَاخُراً وَإِعْجَابًا، وَإِظْهَارًا لِمَعْرِفَتِهِ بِهَا.
4.تَقْلِيدُ المَشَاهِيْرِ بِقَصَّاتٍ غَرْبِيَّةٍ غَرِيبَةٍ، تُعَدُّ لَهُنَّ بِمَالٍ كَثِيرٍ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ اَلْبُخْتِ، لَا يَدْخُلْنَ اَلْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحُهَا، نَاهِيكَ عَنْ شَبَابِ اَلْأُمَّةِ اَلَّذِينَ يُفْتَرَضُ فِيهِمُ اَلْخُشُونَةُ والرُّجُوْلَةُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ الذِي وَقَى أَهْلَ التُقَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ على إمَامِ الهُدَى، أمَّا بَعْدُ: فلَوْ أَنَّ رَجُلاً شَتَمَ أَبَاكَ، ثُمَّ احْتَفَلَ بِهَذَا الشَّتْمِ؛ فَهَلْ سَتَرْضَى بِهَذَا الاِحْتِفَالِ؟!
إذَاً: كَيْفَ تَرْضَى بِمَنْ شَتَمَ رَبَّكَ، وَنَسَبَ لَهُ الوَلَد؟! وَهَلْ تَعْلَمْ أَنَّهُ: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا).
فمَنْ هَنَّأَ النَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ، فَقَدْ أَلْقَى بِدِيْنِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ! وَهُوَ -كَمَا قَالَ ابْنُ القَيِّمِ-: بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ.
ومِثْلُهُ مُشَاهَدَةُ تَغْطِيَاتِ وَمَقَاطِعِ أَعْيَادِ رَأْسِ اَلسَّنَةِ اَلْمِيلَادِيَّةِ، أوْ شِرَاءُ وَتَدَاوُلُ صُوَرِ شَجَرَةِ المِيْلَاِد، أَوْ المُرَاسَلَةُ بِشَيْءٍ مِنْ طُقُوسِهِمْ، أَوْ حَتَّى خَتْمُ السَّنَةِ الِميْلَادِيَّةِ بِدُعَاءٍ، فَكُلُّهَا بِدَعٌ وَضَلَالَاتٌ. وَمَنْ رَأَى مُنْشَأَةً تَبِيْعُ أَوْ تُقِيْمُ شَيْئَاً مِنْ طُقُوسِ أَعْيَادِهِمْ، فَلْيَتّصِلْ عَلَى واحدْ تسعةْ صفرْ صفرْ؛ فإنَّ وِزَارَةَ التِّجَارَةِ مَشْكُوْرَةً تَمْنَعُ وَتُعَاقِبُ عَلَيْهَا: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ).
فاللهمَّ احفظْ علينا دينَنا، وارزُقْنَا الاسْتِقَامَةَ عَلَى دِيْنِكَ، وجَنِّبْنَا سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
اللهمَ لكَ الحمدُ على الأمنِ والإيمانِ، وعلى الصحةِ في الأبدانِ.
اللهمَ احفظْ جنودَنا وحدودَنا، وثمراتِنا وثرواتِنا.
اللهمَ انصرْ إخوانَنا بأكنافِ بيتِ المقدسِ، واهزِمْ إخوانَ القردةِ والخنازيرِ.
اللهمَ أيدْ بالحقِ إمامَنا ووليَ عهدِه، اللهمَ افرُجْ لهم في المضائقِ، واكشِفْ لهم وجوهَ الحقائقِ.
لكَ الحمدُ على ما أنزلتَ من خيراتِ السحابِ، وأجريتَ من الوديانِ والشِعابِ.
اللهم تابعْ علينا الخيراتِ، وأحضِرْ معها البركاتْ.
اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً، وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
اللهم صلِ وسلم على عبدِك ورسولِك محمدٍ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم