عناصر الخطبة
1/خطورة السفر إلى بلاد الكفار 2/ حكم السفر إلى بلاد الكفار 3/ الحضارة الزائفة في بلاد الكفاراهداف الخطبة
التحذير من مخاطر السفر إلى بلاد الكفار .عنوان فرعي أول
الهجرة المقلوبة !عنوان فرعي ثاني
وماذا بعد السفرعنوان فرعي ثالث
الحضارة الزائفةاقتباس
إنكم تعلمون اليوم ما تموج به البلاد الخارجية الكافرة من كفر وإلحاد وانحطاط في الأخلاق والسلوك. فالإلحاد فيها ظاهر. والفساد فيها منتشر. فالخمور والزنا والإباحية وسائر المحرمات مبذولة بلا رادع ولا وازع.
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام. وأمرنا بالتمسك به حتى نصل إلى دار السلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. حذرنا عن كل ما يضر بديننا أو يمس كرامته من الأقوال والأفعال. ليكون لنا هذا الدين عزاً في الدنيا وسعادة في الآخرة. فصلى الله وسلم على هذا النبي الكريم الذي لم يترك خيراً إلا دل الأمة عليه. ولا شراً إلا حذرها منه رحمة بها ونصحاً لها.
فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي به نبياً عن أمته ودينه.
أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله واحتفظوا بدينكم. أيها المسلمون: إنكم تعلمون اليوم ما تموج به البلاد الخارجية الكافرة من كفر وإلحاد وانحطاط في الأخلاق والسلوك. فالإلحاد فيها ظاهر. والفساد فيها منتشر. فالخمور والزنا والإباحية وسائر المحرمات مبذولة بلا رادع ولا وازع. وإذا كان الحال كذلك وأكثر منه؛ فالسفر إلى هذه البلاد فيه من الخطورة على الدين ما فيه.
وأعز شيء لدى المسلم دينه، فكيف يعرضه لهذا الخطر الشديد؟ إن الإنسان لو كان معه مال، وسمع أنه سيعترضه خطر يهدده بضياع هذا المال؛ لرأيته يعمل أعظم الاحتياطات لحفظه. فكيف يعظم في عينه المال ويهون عليه الدين؟! قال بعض السلف: إذا عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك. فإن تجاوز البلاء فقدم نفسك دون دينك.. نعم يجب تقديم النفس دون الدين ولذلك شرع الجهاد الذي فيه القتل حفاظاً على الدين. لأن الإنسان إذا فقد الدين فقد كل شيء. وإذا أعطي الدين فقد أعطي السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون: إن السفر إلى بلاد الكفار خصوصاً في هذا الزمان الذي عظمت فيه الفتنة وتنوعت –إن السفر إلى تلك البلاد لا يجوز إلا في حالات محدودة تصل إلى حد الضرورة مع التحفظ والحذر والابتعاد عن مواطن الفساد. وتكون إقامة المسلم هناك بقدر الضرورة مع اعتزازه بدينه وإظهاره. ومحافظته على الصلوات في أوقاتها.. واعتزاله عن مجمعات الفساد. وجلساء السوء فاعتزاز المسلم بدينه يزيده عزاً ورفعة حتى في أعين الكفار. إن المسلم يحمل ديناً عظيماً يشتمل على كل معاني الخير وحميد الخصال. صحةً في الاعتقاد ونزاهةً في العِرض. واستقامةً في السلوك وصدقاً في المعاملة. وترفعاً عن الدنايا. وكمالاً في الأخلاق.
إن المسلم يحمل الدين الكامل الذي اختاره الله لأهل الأرض كلهم إلى أن تقوم الساعة. إن المسلم هو المثال الصحيح للكمال الإنساني.. وإن ما عدا الإسلام فهو انحطاط وهبوط ورجوع بالإنسانية إلى مهاوي الرذيلة ومواطن الهلاك. فيجب على المسلم إذا اضطر إلى السفر إلى تلك البلاد الكافرة أن يحمل هذا الدين بقوة، وأن يظهره بشجاعة أمام أعدائه الذين يجهلون حقيقته بالمظهر اللائق حتى يكون قدوة صالحة لغيره. إن كثيراً ممن يذهبون إلى تلك البلاد يشوهون الإسلام بأفعالهم وتصرفاتهم. يشوهونه عند من لا يعرف حقيقته. ويصدون عنه من يتطلع إليه. ويريد الدخول فيه. فحينما يرى تصرفات هؤلاء ينفر عن الإسلام ظناً منه أنهم يمثلونه.
أيها المسلمون: إن بلاد الكفار فيها من مظاهر الحضارة الزائفة ودواعي الفتنة ما يخدع ضعاف الإيمان فتعظم تلك البلاد وأهلها في صدورهم، وتهون في أنظارهم بلاد الإسلام. ويحتقرون المسلمين. لأنهم ينظرون إلى المظاهر ولا ينظرون إلى الحقائق. فبلاد الكفر وإن كانت تكسي بالمظاهر البراقة الخادعة، إلا أن أهلها يفقدون أعز شيء وهو الدين الصحيح الذي به تطمئن قلوبهم وتزكو به نفوسهم وتصان به أعراضهم وتحقن به دماؤهم وتحفظ به أموالهم. إنهم يفقدون كل تلك المقومات، فماذا تفيدهم تلك المظاهر الخادعة؟ عقائدهم باطلة. وأعراضهم ضائعة. وأسرهم متفككة. فماذا يفد جمال البنيات مع فساد الإنسان؟
أيها المسلمون: إن أعداءكم يخططون الخطط لسلب أموالكم وإفساد دينكم والقضاء عليكم. قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ). وقال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وقال تعالى: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) وقال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)..
إنكم إذا سافرتم إليهم في بلادهم تمكنوا من إغوائكم وإغرائكم بشتى الوسائل حتى يسلبوكم دينكم أو يضعفوه في نفوسكم. إنهم بثوا دعوة لشباب المسلمين في الصحف أعلنوا لهم فيها عن تسهيل رحلات سياحية إلى بلادهم، ووعدوهم أن يبذلوا لهم كثيراً من المغريات.. وغرضهم من ذلك إفساد هؤلاء الشباب وإغراقهم في بحار الشهوات البهيمية حتى يرجعوا إلى بلاد المسلمين معاول هدم وتخريب فيتمكن هؤلاء الكفار من القضاء على المسلمين بأيدي أولادهم.
أيها المسلمون: إنه لمن المحزن أصبح السفر إلى بلاد الكفار موضع افتخار بعض المخدوعين من المسلمين، فيفتخر أحدهم بأنه ابتعث أو سيبتعث إلى أمريكا أو أن له ولداً يدرس في أمريكا أو في لندن أو فرنسا. إنه يفتخر بذلك دون تفكير في العواقب أو تقدير للنتائج. ودون تحسب لتلك الأخطار التي تهدد دينه.. وبعض المسلمين يسافرون بعوائلهم للمصيف هناك أو للسياحة. دون اعتبار لحكم الشرع في ذلك السفر: هل يجوز أو لا؟.
ثم إذا ذهبوا هناك ذابت شخصيتهم مع الكفار، فلبسوا لباسهم واقتدوا بأخلاقهم حتى نساؤهم يخلعن لباس الستر ويلبسن لباس الكافرات.. وإذا كان هذا تحول الظاهر فما بالك بتحول الباطن. إن المسلم مطلوب منه أن يتقي الله في أي مكان. وأن يتمسك بدينه ولا يخاف في الله لومة لائم. لماذا يعطي الدنَّية في دينه؟ إنه دين العز والكرامة والشرف في الدنيا والآخرة.
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) وإن أخلاق الكفار وتقاليدهم ذلة ومهانة ونقص. فكيف يستبدل المسلم الذي هو أدنى بالذي هو خير. كيف يتنازل من عليائه إلى الحضيض.. ومن العجيب أن الكفار إذا جاؤوا إلى بلاد المسلمين لا يغيرون أزياءهم ولا يتحولون عما هم عليه. ونحن على العكس إذا ذهبنا إليهم فالكثير منا يتحول إلى عاداتهم في لباسهم وغيره..
والبعض يتعلل بأنه لو لم يفعل ذلك لخشي على نفسه أو ماله أن يُتَعدى عليه. وهذا اعتذار غير مقبول. لأننا نرى الذين يبقون بلباسهم ويعتزون بدينهم يرجعون وهم موفوروا الكرامة لا ينالهم أي أذى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) ولئن قبلت هذه المعذرة من بعض الأفراد الذين لا يحسب لهم حساب. فلن تقبل ممن هم على مستوى المسؤولية ومن يكونون محل اهتمام الدول التي يقدمون عليها، ومع هذا يغيرون لباسهم من غير مبرر.. إنه التقليد الأعمى وعدم المبالاة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أيها المسلمون: إن خطر السفر إلى بلاد الكافر عظيم وضرره جسيم، وإن من سافر إلى تلك البلاد من غير ضرورة. بل يدافع الهوى وميل النفس الأمارة بالسوء. واقتداء بمن لا يصلحون للقدوة؛ فهذا حريٌّ أن يعاقب وأن يصاب في دينه. وبعض الناس يرسل أولاده الصغار أو بعضهم يسمح بابتعاثهم إلى بلاد الكفار ليتعلموا اللغة أو غيرها هناك دون تفكير في العواقب ولا تقدير للنتائج ودون خوف من الله الذي حمله مسؤولية هؤلاء الأولاد.
وإذا كان الأولاد الصغار على خطر وهم في بلادنا وبين المسلمين فكيف إذا أرسلوا إلى بلاد كافرة منحلة وعاشوا في أوكار الفساد. ومواطن الإلحاد؟ إن الشاب من أولادنا المبتعثين يغمس في وسط عائلة كافرة ليعيش معهم طيلة بقائه هناك. فماذا تتصورون من شاب غريب في وسط كافر منحل؟ ماذا سيبقى معه من الدين والخلق؟ فاتقوا الله في أولادكم لا تهلكوهم بحجة أنهم سيتعلمون. إن التعلم ميسور هنا. فاللغة يمكن تعلمها هنا بدون مخاطر. وبقية التخصصات لا يبتعث لها إلا من كبار السن ومن الذين رسخت عقيدتهم وقويت عقليتهم. مع الرقابة الشديدة عليهم. فالدين رأس المال. وماذا بعد ذهاب الدين. واتقوا الله أيها المسلمون واشكروه على ما أعطاكم من النعم العظيمة التي أجلها نعمة الإسلام فلا تعرضوا هذه النعمة للزوال.
حافظوا على دينكم الذي هو عصمة أمركم (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم