عناصر الخطبة
1/ موسم مبارك ونفحات ربانية 2/ من الأعطيات التي ينالها مَن لم يحج 3/ صور من التشبه بالحجاج 4/ من أفضل الأعمال في هذه العشر 5/ بعض المخالفات التي تقع في أيام العشر 6/ شروط الأضحية وسننها وآدابها 7/ كيفية تقسيم الأضحية 8/ ثلاث صفات تُدخل النساءَ النار.اقتباس
نحن في أيام مباركات، يتسابق فيها الموفقون للخيرات، ويتنافس فيها المتنافسون، أيام بارك الله فيها، وضاعف فيها الأجور، وجعلها محلاً للعبادات كلها، فلا تجتمع العبادات كلها كما تجتمع في هذه الأيام.. الناس في هذه الأيام على قسمين؛ حجاج لبيت الله، وآخرون لم يُكتب لهم الحج، فأما الحجاج فلهم السبق بما وهبهم الله من الأعطيات، وأما أمثالنا ممن لم يكتب له الحج، فلقد جعل الله لنا عوضًا عن تلك الأجور التي تفوت بترك الحج، ولو لم نبلغ أجر الحجاج، ولكن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد فيا أيها الناس: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: نحن في أيام مباركات، يتسابق فيها الموفقون للخيرات، ويتنافس فيها المتنافسون، أيام بارك الله فيها، وضاعف فيها الأجور، وجعلها محلاً للعبادات كلها، فلا تجتمع العبادات كلها كما تجتمع في هذه الأيام.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المسلمين: الناس في هذه الأيام على قسمين؛ حجاج لبيت الله، وآخرون لم يُكتب لهم الحج، فأما الحجاج فلهم السبق بما وهبهم الله من الأعطيات، وأما أمثالنا ممن لم يكتب له الحج، فلقد جعل الله لنا عوضًا عن تلك الأجور التي تفوت بترك الحج، ولو لم نبلغ أجر الحجاج، ولكن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم***إن التشبه بالكرام فلاحُ
أيها المؤمنون: لعل البعض يتساءل في نفسه، وما هذه التعويضات التي تعني؟ فأقول: إنها كثيرة، ومن ذلك: التشبه بالحجاج في ذبح الأضحية، فالحاج يذبح هديه، وأنت تذبح أضحيتك، والحاج يمسك عن محظورات الإحرام، ومنها عدم قص الشعر والظفر والبشرة، وهذا يفعله المضحي، فهو يمسك عن ذلك من دخول عشر ذي الحجة.
أيها المؤمنون: ومن الأعطيات التي ينالها مَن لم يحج: صيام يوم عرفة الذي يكفّر السنة الماضية والحاضرة.
ومنها التكبير؛ فالحاج يلبي ويكبّر، وكذا مَن لم يحج يُسن له التكبير من دخول العشر وحتى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
ومنها كذلك التهليل والتحميد والتكبير، فهي من أفضل الأعمال في هذه العشر، ولا تكلف العبد شيئًا، والكل يستطيعها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المؤمنين: يوجد بعض المخالفات على البعض منا هذه الأيام، فالبعض من باب محبة الخير، يصوم الأيام البيض في شهر ذي الحجة، وهذا خطأ، فالثالث عشر من الشهر يومٌ من أيام العيد، فأيام العيد في عيد الأضحية أربعة أيام، ويوم العيد يحرم صومه، ولم يبح صيام أيام التشريق إلا للحاج الذي لم يجد الهدي.
وكذلك يخطئ البعض فلا يضحي؛ لأنه أخذ من شعره وظفره، ولا علاقة بصحة الأضحية بالأخذ من الشعر والظفر، مع وجوب الإمساك عنها لمن أراد الأضحية، غير أنه لا علاقة لها بالقبول والصحة.
ومن المخالفات: المبالغة في الأضاحي، فالبيت الواحد يضحى فيه بعشر أضاحي ونحوها، والسنة أن يذبح الرجل أضحية واحدة عنه وعن أهل بيته، روى ابن ماجه والترمذي وصححه عن عطاء بن يسار قال: "سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته".. الحديث.
عباد الله: الأصل في الأضاحي أنها للأحياء، فلا تُذبح عن الموتى استقلالاً، إلا أن تكون وصية، ويجوز إشراكهم في الأضحية، كمن يضحي عن نفسه وأهل بيته ووالديه المتوفين، وفضل الله واسع.
والأفضل أن يضحي العبد بالضأن كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما".
وفي رواية: "ذبح الأول عنه وعن أهل بيته، والثاني عن من لم يضحِّ من أمته".
عباد الله: إن للأضحية شروط -نَمُرّ عليها بإذن الله-، فمن شروطها: أن تبلغ السنّ المعتبرة شرعًا، فمن الضأن والشياه ما تم له ستة أشهر، ومن المعز سنة، ومن البقر سنتان، ومن الإبل خمس سنين، فمن ضحى بأقل منها لم يجزئ عنه، ووجب عليه الإعادة بما يجزئ.
ومن شروطها: أن تكون خالية من العيوب الأربعة الواردة في الحديث، وما كان مثلها، أو أعظم منها، وهي ما أخرجه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عازب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سئل ماذا يُتقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: «أربعاً: العرجاء البيّن ضلعها، والعوراء البيّن عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي».
وفي رواية في السنن عنه -رضي الله عنه- قال: "قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أربع لا تجوز في الأضاحي»، وذكر نحوه.
كما يجب التقيد بوقت الذبح، فلا يُشرع الذبح إلا بعد صلاة الإمام للعيد، ويمتد حتى غروب الشمس من رابع يوم في العيد، فمن ذبح خارج هذا الوقت، فإنما هي شاة لحم وليست بأضحية.
أيها المسلمون: إن العمل العاري عن الدليل مهلكة ومزلة، فلنلزم السنة؛ فإنها النجاة والفلاح.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم سلم الحجاج والمعتمرين، وردهم إلى أهلهم سالمين يا رب العالمين..
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس: في يوم العيد يفرح المسلمون بعيدهم، ويدعون ربهم بالقبول لما قدموا من صالح عملهم في تلك الأيام الفاضلة، ثم يتقربون لله بذبح الأضاحي، وإراقة دمائها تقربًا لله.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المسلمين: إن ذبح البهائم على اسم الله من حِكم خلقها، قال تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الحج: 36]، وقال: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) [الحج: 34].
والكثير يسأل: كيف نصنع باللحم بعد ذبح الأضاحي؟
وجواب ذلك في القرآن، قال الله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج:28]، وأخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كلوا وادخروا وتصدقوا".
وأخرج البخاري من حديث سلمة بن الأكوع قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كلوا وأطعموا وادخروا"، وهو أعم من الأول؛ لأن الإطعام يشمل الصدقة على الفقراء والهدية للأغنياء.
وقال أبو بردة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني عجّلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري" أي: أهل محلتي.
وليس في هذه الآيات والأحاديث نص في مقدار ما يُؤكل ويُتصدق به ويُهدى، ولذلك اختلف العلماء -رحمهم الله- في مقدار ذلك، فقال الإمام أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله: "يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد الثلث، ويتصدق بالثلث على المساكين"، وقال الشافعي: "أحب أن لا يتجاوز بالأكل والادخار الثلث، وأن يهدي الثلث، ويتصدق بالثلث".
ويعني الإمام أحمد بحديث عبد الله ما ذكره علقمة قال: "بعث معي عبد الله -يعني ابن مسعود- بهدية، فأمرني أن آكل ثلثًا، وأن أرسل إلى أهل أخيه عتبة بثلث، وأن أتصدق بثلث".
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "الضحايا والهدايا: ثلث لك، وثلث لأهلك، وثلث للمساكين". ومراده بالأهل: الأقارب الذين لا تعولهم، نقل هذين الأثرين في المغني، ثم قال: "ولنا ما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في صفة أضحية النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث" (رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في الوظائف، وقال: حديث حسن)؛ ولأنه قول ابن مسعود وابن عمر، ولم نعرف لهما مخالفًا في الصحابة، فكان إجماعًا. اهـ.
معاشر النساء: لقد خصكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالموعظة في الخطبة، فقال: "تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار"، فقلن: لِمَ يا رسول الله؟ فقال: "لأنكن تكثرن اللعن، والشكاية، وتكفرن العشير"، فهذه ثلاث صفات تدخل النساء النار، فالعاقلة الفطنة اللبيبة هي التي تجتنب هذه الصفات، وتكثر من الصدقة؛ لتنال الأجر من الله.
اللهم اغفر للمسلمين..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم