اقتباس
الرصيدُ الجماهيري لخطبة الجمعة ضخمٌ جدًّا لا يُستهانُ به في التشكيلة العامّة للمجتمع، وبما أنّ الجماهيرَ الشعبيّة هي الاحتياطي الاستراتيجي الخَطِر إبّان الفتن العامّة، لما تمتلِكُهُ من عفويّة وعاطفيّة، وقابلية للشحن والاستقطاب والتشكيل، وقابلية للمساومة والإغراء والتوجيه الأعمى؛ فوظيفةُ خطبة الجمعة - بما تمتلكه من رصيد جماهيري كبير، وبما تمتلكه من قداسَةٍ وسلطةٍ معنويّة على العقول والنفوس..
فرغنا في المقال السابقِ من تعميق الوعي بطبيعةِ الفتن وتركيبتِها السُّنَنِيّة، الوعي العميق الذي يُحرّرُ العقول والنفوس، ويجعلُ الجماهير المقبلة على الخطبة والمسجد عاقِلَة واعية، تُدركُ الفتنَ إدراكًا بيّنًا، وتكتمل لديها الرؤية الراشِدَة الواعية بالفتنة وطبيعتها وأسانيدِها، بل تصير لديها بإذنِ الله وتوفيقِهِ كفاءَةُ الاستشعار بالفتن والتنبُّؤ بها !.
ورأينا كيفَ أنّ الفتن على اختلافِ أنواعِها وأزمانِها ترجعُ إلى هيكَلِ إسنادٍ واحد، حلقاتُهُ تكاد تكون ثابتةً متكرّرة، يستدعي بعضُها بعضًا، فإذا بالفتنة قائمةٌ تُهلكُ الحرثَ والنسلَ، وتحصُدُ الأخضر واليابس !.
المطلوبُ الآن: كيف تتمكّنُ خطبة الجمعة في ظلّ المنافَسَة الشّرِسَة (1) من صناعة وبناءِ الموقف الشرعيِّ السليمِ الذي تلتفُّ حولَهُ الأمّة زمن الفتن، بما يجعل الجميعَ يؤثّرُون في الفتنِ تأثيرًا إيجابيًّا صحيحًا، ولا يتأثّرُون بها ؟.
المطلوبُ من الخطباء الذين نجحُوا في برمجة العقول والنفوس بمنظومةِ القواعِد والعقائِد والمبادئ والمفاهيم الصحيحة حول الفتن؛ المطلوبُ منهم الآن: كيفَ يجعلون الجماهيرَ المسلمة تتفاعل مع الفتن موقفًا وسلوكًا بالطريقة الصائبة وبالحكمة المطلوبة، كما تفاعلت معها عقولُهم فهمًا وإدراكًا ؟.
ثم ما هي الوسائل والأساليب والآليّات التي يُصنعُ بها هذا الموقف الصائبُ السليم، والتي هي من صميم عمل المسجِدِ والخطيب ؟، وما هي مفردات هذا الموقفِ السليم، وهل يمكنُ تصوُّرُ هذه المفرداتِ وطرحُها ضمن رؤية منهجيّة فاعلة؛ نستوعبَ بها فعلاً الحراك الجماهيري المتأجّج زمن الفتن والنوازل العامّة، بما يمكّنُنا بإذن الله تعالى وتوفيقِه من القيامِ برسالتنا على أحسن ما يُرام ؟.
حول هذه المفردات المتشابكَة.. يكونُ البيان، ونسأل الله السلامة والعافية، وإصابةَ الحقّ والهدَى، والتوفيقَ إلى ما يحبّ ويرضَى.
يا الله يا كريم أعِنّا وافتح علينا ويسّر لنا بمنّكَ وكرَمِك..
معشر الخطباء الأعزّاء:
الرصيدُ الجماهيري لخطبة الجمعة ضخمٌ جدًّا لا يُستهانُ به في التشكيلة العامّة للمجتمع، وبما أنّ الجماهيرَ الشعبيّة هي الاحتياطي الاستراتيجي الخَطِر إبّان الفتن العامّة، لما تمتلِكُهُ من عفويّة وعاطفيّة، وقابلية للشحن والاستقطاب والتشكيل، وقابلية للمساومة والإغراء والتوجيه الأعمى؛ فوظيفةُ خطبة الجمعة - بما تمتلكه من رصيد جماهيري كبير، وبما تمتلكه من قداسَةٍ وسلطةٍ معنويّة على العقول والنفوس، وبما يجبُ أن تمتلكَهُ من احترافيّة (2) وحُسن خطابٍ وتأثيرٍ وسياسَة - وظيفتُها هِيَ الوصُولُ إلى حدّ استيعابِ هذِهِ القاعدة الجماهيريّة الكبيرة، والنجاحُ أوّلاً في عزلِهَا وتحييدها، وحَمْلِهَا على الانطفاءِ الإيجابي إبّان الفتن، والحيلولَة دون وقوعها ضحيّة الاستغلال والاستدراج، أو المشاركة في بعث أيٍّ من الفتن أو تحريكها، ثمّ ثانيًا بناؤُها بناءً شرعيًّا إيجابيًّا متماسِكًا سليمًا على جميع المستويات العقديّة والمنهجيّة والخلقيّة والتعبُّدِيّة، في الأقوال والأفعال والأحوال.
أعتقدُ أنّنا - معشر الخطباء - إذا نجحنا في تحقيق هذا الهدفِ الكبير؛ نكونُ قد حقّقنا نقطة الارتكازِ في الموضُوع، ونجحنا بالفِعل في سدّ الطريقِ أمامَ منصّات التعبِئَة والحَشد المختلفة، وأمام أصحابِ الشهوات والشُّبُهات والأجنداتِ السّرّيّة، بما يضمنُ إفلاسَ الفِتَنِ وتصفيةِ حساباتِها في مهدِها، وتفكيك جميع أسانيدِها وتَخَطّيها مهما كانت أمواجُها قويّة، ومهما توفّرت فيها بقيّة الحلقات التي غالبًا ما تكونُ خارج نطاق تأثيرنا وسيطرتنا.
هذه الرؤية المنهجيّة الفاعلة هي التي دلّت عليها النصوصُ الشرعيّة وبيّنت مفرداتِها أتمّ بيان، وهي التي يجبُ على خطبة الجمعة(3) أن تدندِنَ حولَها إبّانَ الفتن، وتوزّع حولها الجهودَ التوجيهيّة التربويّة بمختلف الجُرعات والمقاييس والوسائل والأساليب المتاحة لصناعة الموقف الجماهيري السليم، وإليكُم تفصيلُ نتيجة الاستقراء، ونبدأُ بالمفرداتِ العقديّة المنهجيّة ثم التربويّة الخلقيّة ثم السلوكيّة، وكلها منظومةٌ تعبُّديّة واحدة يحبُّها الله ويرضَاها، وقد طرحتها الأحاديثُ مجتمعةً مع بعضِها أحيانًا، وإنّما ميّزنا بينها للتعليم فحسب:
أوّلاً: صبرُ النفوسِ على السمعِ والطاعة للأمير (توحيدُ القيادَة السياسيّة)، وإن ضربَ الظهورَ وأخذَ الأموال ومنع الحقوق، مع استمرار نُصحِهِ والدُّعاءِ له بالصّلاح:
هذا الواجبُ العظيمُ بيّنتهُ نصوصُ شرعيّةٌ كثيرةٌ منها:
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنكم سترون بعدي أَثَرَة (4) وأمورا تنكرونها (5)". قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "أدوا إليهم حَقّهُم وسلوا الله حقكم" (6).
فحقُّهُم هو السمعُ والطاعةُ في المعروف، وهذا حقٌّ أوجبه الدّينُ تنتظمُ به مصالحُ دينِنَا ودنيانَا، سواء قامُوا هم بما أوجبَ اللهُ عليهم تجاهنا من الحقوقِ أم قصّرُوا، فالواجبُ الصبرُ على توحيدِ القيادَة السياسيّة والسمع والطاعة مع استمرار النصحِ والتوقير والدّعاءِ بظهر الغيب، وإلاّ ماتَ الخارِجُ عليهم ميتة جاهليّة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ ماتَ ميتة جاهلية (7)، ومن قاتل تحت راية عُمّيّةٍ (8) يغضَبُ لِعَصَبَةٍ (9) أو يدعو إلى عَصَبَةٍ أو ينصر عصبَةً فقُتِلَ؛ فَقِتْلَةٌ جاهليةٌ ومن خرج على أمّتي بسيفه يضرب بَرّهَا وفاجِرَهَا، ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده؛ فليس مني ولستُ منه" (10).
ونقرأُ أيضًا عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ! إنّا كُنّا بِشَرٍّ فجاءَ الله بخير.. فذكرَ الحديثَ.. إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس". قال حذيفة: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع للأمير وإن ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وأُخِذَ مالُكَ، فاسمع وأطِع" (11).
فتأمّل قوله صلى الله عليه وسلم: "وسيقومُ فيهم -أي الأئِمّة والحُكّام- رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس"، مع الظلمِ والعدوانِ بضربِ الظّهر وأخذ المال والشقّ على الرّعيّة، ومع ذلك أمر صلى الله عليه وسلم بالصبر على توحيدِ القيادَة السياسيّة والسمع والطاعة فقال: "تسمعُ وتطيع للأمير" !.
وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "عليك السمع والطاعة في عُسرك ويُسرك ومنشطك ومكرهك وأثَرة عليك، ولا تُنازعِ الأمرَ أهلَه وإنْ رأيتَ أنَّ لك" (12) أي وإن ثبتت المظلوميّة والاستحقاقُ كما بيّنّا في المقال السابقِ في شرح إسناد الفتنة فهذا لا يكفي ولا يُجيزُ الخروج (13).
ولا شكّ "أنّ حكمةَ الشرعِ أعظم من حكمةِ الإنسان الضعيف، المخلوق الذي يرُدُّ هذا الأمرَ بزعمِ أنّهُ يناقضُ العدلَ والعقل!!، إذِ المفاسِدُ من عدم السمع والطاعةِ أكثرُ منها عند تحقيق السمع والطاعة" (14).
وهذا الموقفُ الجماهيري في الصبر على السمع والطاعةِ وتوحيدِ القيادة السياسيّة مهما حصلَ من ظلم واستئثار دنيوي هو ما دلّ عليه الإجماعُ وارتضَاهُ أفاضل المسلمين:
قال الإمام النووي -رحمه الله- : "وَأَمَّا الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَقِتَالُهُمْ فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالْفِسْق، وَأَمَّا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَحُكِيَ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا؛ فَغَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ، مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاع" (15).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- "وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة؛ كما كان عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين وغيرهم: ينهون عام الحَرّة عن الخروج على يزيد. وكما كان الحسن البصري ومجاهد، وغيرهما: ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث.. "(16).
وقال -رحمه الله-: "ولهذا لما أراد الحسين أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتباً كثيرة: أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: ألاّ يخرج.."(17).
فمقتضى هذه النصوص وما جاء في معناها وجوب توحيد القيادة السياسيّة بطاعة ولاة أمور المسلمين -في غير معصية الله تعالى- مطلقًا فيما وافق الغرض والهوى، وفيما خالفهما، وفيما يشق وتكرهه النفوس، وفيما تحبه النفس وتهواه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمور فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق"(18).
وما أوضحَ قولَ الإمام الشوكاني -رحمه الله-: "وقد قدمنا أنها قد تواترت الأحاديث في النهي عن الخروج على الأئمة ما لم يظهر منهم الكفر البواح أو يتركوا الصلاة؛ فإذا لم يظهر من الإمام الأول أحدُ الأمرين لم يجز الخروجُ عليه وإن بلغ في الظلم أيَّ مبلغ؛ لكنه يجبُ أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بحسب الاستطاعة، وتجب طاعته إلا في معصية الله سبحانه" (19).
هذه هي الإيجابيّةُ على أكملِ وأتمّ ما تكون: السمعُ والطاعةُ في المعروف، مع استمرار أهل العلم والحلّ والعقدِ في النصحِ والبيانِ للأميرِ والأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر، مع الاستكانةِ والتضرّعِ لله في دفع أذاه وتعسّفه وطلب صلاحه حتّى تنجليَ الفتنةُ ويأتيَ اللهُ بالخير:
وقد كان الحسن البصري يقول (20): "إن الحَجّاجَ عذابُ الله، فلا تدافعوا عذاب الله بأيديكم ولكن عليكم الاستكانة والتضرع فإن الله تعالى يقول: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) [المؤمنون: 76]".
والمقصودُ: أنّ على الخطباءِ تكرارُ تأكيدِ هذا المنهجِ السليمِ في العقول والقلوبِ والنفوس حتّى يتأكّدَ في الأوضاع والتصرّفات، وبيان نتائج ما يقابلهُ من الفوضَى والتمرُّد والخروج وشقّ عصا الطاعة، ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد.
ثانيًا: الارتباطُ بالمرجعيّة العلميّة العليا زمن الفتن والنوازل:
العلماءُ الربّانيُّون هم حصنُ العلم الشرعي، والمنارات التي تضيء وتهدي وتعصم من أسباب الضلال والزيغ والشر، ففي المتفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فَضَلّوا وأَضَلوا" فانظُر إلى أثرِ غياب الارتباط بالعلماء الضلالُ والإضلال!.
وليس يخفَى أنّ الأكابِرَ من العلماءِ الربّانيّين خيرٌ كثيرٌ وبَرَكة، كما في حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "البركةُ مع أكابِرِكُم" [صحيح الترغيب والترهيب: ح ( 99 )].
وهؤلاء الأكابرُ هم المرجعيّة المطلوبَة خاصّة زمن الفتن والمصائب، لأنّ الفتنَ خدّاعة لا يسلمُ منها إلا الراسخون ذوو البصيرة بالأدلّة الشرعيّة وتنزيلها، وهذا عبدُ اللهِ بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: "لا يزال الناسُ بخيرٍ ما أخَذُوا العِلمَ عن أكابرهم". هذا في سائر الأوقات والساعات، فكيف بأزمنة الفتن المدلهمّات؟!.
وقد أسند الخطيب البغدادي -رحمه الله- في كتابه "نصيحة أهل الحديث" بسنده إلى ابن قتيبة -رحمه الله- أنه سئل عن معنى أثر ابن مسعود، فأجاب بما نصه: "يريد لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ، ولم يكن علماؤهم الأحداث، -ثم عَلّلَ هذا التـفسير فقال - لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحِدَّتُه وعجلته وسفهه، واستصحب التجربة والخبرة، فلا يدخل عليه في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولا يميل به الطمع، ولا يستزله الشيطان استزلال الحَدَث، ومع السّن الوقار والجلال والهيبة، والحَدَث قد تدخل عليه هذه الأمور التي أُمنت على الشيخ فإذا دخلت عليه وأفتى هلك وأهلك " (21) ا هـ كلامه رحمه الله تعالى.
فالفتن كما رأينَا أمرُها خطير، يحتار فيها الناس، ولا يدركون وجه اليقين والصواب فيها إلا من عصمه الله، وخاصّة ما بطنَ منها كما في الحديث: "تعوّذُوا بالله من الفتن ما ظهرَ منها وما بطن"(22)، فتكثر الآراء، وتتباين المواقف، وقد يتهور بعض طلبة العلم على مشايخهم وأساتذتهم نتيجة عدم الرسوخ فيفرّقُون الأمّةَ في وقتٍ هي أحوجُ ما تكونُ فيه إلى الاجتماع والوَحدَة؛ فهاهنا يكونُ المخرَجُ تربيةَ الجماهيرِ على التزامِ المرجعيّة العلميّة العليا في الأمّة، والحذر من شطحاتِ الصّغارِ والأصاغِرِ والمفتونين والمتحزّبين و"مشايِخِ الفجأَة" الذين لا يُعرفُون ولا يُعرفُ رسوخُهُم في العلم والدّين.
وعلى العلماءِ في المقابِلِ أن يبيّنُوا ويعلنُوا موقفَهم على ما تقتضيه دِرَاستُهُم بكلّ جلاءٍ ووضُوح وصراحَة أحبّ من أحبّ وكره من كره، فقد أخذ اللهُ عليهم العهد بذلك ووصفهم به فقال: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [ المائدة: 44].
المقصودُ: أنّ على الخطباءِ في خُطَبِهِم تأكيدُ هذا الارتباطِ بمختلف الوسائل المتاحة حتّى يرسَخَ ويتأكّدَ ويظهَرَ في مواقفِ وأخلاقِ وتصرّفات الجماهير، وبيان نتائج ما يقابلهُ من الفوضَى والضلالِ والتفرُّق والتحزّب.
ثالثًا: تجميدُ الحراك الجماهيري زمن الفِتَن:
هذا من أعزّ الخصال زمن الفتن العامّة: تربيةُ الجماهيرِ المسلمة على تجميدِ الحراك قولاً وعملاً ليتسنّى لأهل العلم والفضل والحلّ والعقدِ إدارة فصول الفتنة والعبور بالأمّة إلى شاطئ الأمان، وأيضًا من أجل تفويت الفرصَة على منصّات التعبِئَة والحَشد المختلفة، وعلى أصحابِ الشهوات والشُّبُهات والأجنداتِ السّرّيّة، التي تستغلُّ الجماهير وتعتمدُ عليها.
النصوصُ الشرعيّةُ المختلفة وضعت منظومةً منهجيّةً مكتملةَ المفردات يتحقّقُ بها هذا التجميدُ الإيجابي حتى تمرّ رياحُ الفتنة بسلام:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: بينما نحن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ ذكر الفتنة فقال: "إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا" - وشبك بين أصابعه- قال فقمت إليه فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك قال: "الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة"(23) وفي رواية: ".. وتُقبِلُون على خاصّتِكُم، وتذرُونَ أمرَ عَوَامّكُم"(24).
وفي حديثِ حذيفة -رضي الله عنه- قال: ".. قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفِرَقَ كلَّها ولو أن تَعُضّ بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" متفق عليه.
وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم (25)، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قِسِيّكُم (26)، وقطّعُوا أوتاركم (27)، واضربوا سيوفكم بالحجارة(28) فإن دُخِلَ على أحدٍ منكم بيتَهُ فليكن كخيرِ ابْنَيْ آدم (29)"(30).
وفي رواية: "قالوا: فما تأمُرُنا؟ قال: "كونُوا أحلاسَ (31) بيوتِكُم"(32).
وفي رواية: ".. قال رجلٌ: يا رسول الله ما تأمرني؟. قال: "من كانت له إبلٌ فليلحق بإبله، ومن كانت له غنمٌ فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرضٌ فليلحق بأرضه.. "(33).
وفي حديثِ أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ويلٌ للعربِ من شرٍّ قد اقترب، أفلحَ من كفَّ يدَه" (34).
وانظُر أخي الخطيب كم حوت هذه الأحاديثُ العظيمةُ من أصولٍ تربويّة عالية زمن الفتن يجبُ علينا نحن الخطباء أن نوزّعَ حولها الجهودَ التوجيهيّة التربويّة، في عشرات الخُطب والتوجيهات، بمختلف الجُرعات والمقاييس، حتى ترسخَ في نفوسِ وعقول وأخلاقِ الجماهير:
لزومُ البيوتِ إبّان الفتن: لقطع الإمدادات البشريّة والماديّة لمختلف نشاطات وفعاليات الفتنة.
الإقبالُ على خاصّة النفسِ والأهلِ وتركُ أمرِ العامّة: وإذا طُبّقَ هذا الأدبُ من كلّ شخص على حدة؛ أفضَى إلى انفضاض الجموع، وزوال التفرّق والخصومات.
التربية على إمساكِ اللسانِ إبّانَ الفتن: عن الأذَى والفتنةِ والتهييجِ والتحريشِ والقول بدون علم وما من شأنِهِ أن يكسبَهُ اللسانُ زمن الفتن !.
التربيةُ على كفّ اليدِ وعدم اقتناءِ السّلاح إبّان الفتن: كفُّ اليدِ عن الأذَى والضرب والدّماءِ والأعراضِ والأموال والممتلكات والسلاحِ والقلم المفسِدِ والشعارات التي تبعثُ التهييجَ وتجدّدُ التحريش وما من شأنِهِ أن تكسبَهُ اليدُ زمن الفتن !، فإنّ من شرّ خصائصِ الفتنِ كثرة القتل وانتهاك الحقوق باختلاف أنواعها، وهذه تكونُ في الغالبِ باليد، فأرشدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كفّها:
ففي الحديث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "إن بين يدي الساعة الهرج". قالوا: وما الهرج ؟. قال: "القتل، إنه ليس بقتلكم المشركين ولكن قتل بعضكم بعضا" (حتى يقتل الرجل جاره، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه). قالوا: ومعنا عقولنا يومئذ ؟!. قال: "إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء" (35).
اعتزال الفِرق كلّها إن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمام (حالة الفراغ السياسي وسقوطُ الدولة): حيثُ يصيرُ الشارعُ هو القائِدَ وصاحبَ القرار (36)، وهذا خطأ فادح يعرّضُ الوطنَ للتلاشي والانقسام والمصالح للأخطار.
فعلى الخطيب أن يبيّن للناس هذا أتم بيان، ويصبرَ على ذلك في بيانه وتوجيهه، حتى يرسخَ في عقول الجماهير ونفوسِهِم وأخلاقِهم فقهُ التعامل إبّان الفتن.
رابعًا: تربيةُ الجماهير على الحرصِ على العبادَة وحسن الخاتمة إبّان الفتن:
فقد قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم" (37). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "العِبَادَةُ في الهَرجِ كَهِجرَةٍ إِلَيَّ" رَوَاهُ مُسلِم. أي أنَّ لزومَ العِبادةِ في مثلِ تلك الأحوالِ هِجرةٌ حقيقيّةٌ كالهجرة الحاصلة إليهِ صلى الله عليه وسلم حُكمًا وشرفًا وأجرًا.
فينبغي للخطيبِ أن يبيّنَ للناسِ أنّهُ في الفتن تَتَفَرَّقُ القُلُوب، وَتَتَشَتَّتُ النُّفُوس، وَتَذهَلُ العُقُول، وَتَختَلِفُ المَوَازِين، وَيَختَلِطُ الحَقُّ بِالبَاطِلِ وَيَخفَى الصَّوَاب، وَتَضعُفُ الهِمَمُ، وَتَطِيشُ الأَحلامُ وَيَغلِبُ اتِّبَاعُ الهَوَى، وَيَكُونُ النَّاسُ في أَمرٍ مَرِيجٍ وَيُصرَفُونَ عَنِ الهُدَى والتعبُّد، وَيَكثُرُ أَئِمَّةُ الضَّلالِ وَيَبرُزُ رُؤُوسُ الزَّيغِ، وَيُصبِحُ المَعرُوفُ مُنكَرًا وَالمُنكَرُ مَعرُوفًا، وَيَنصَرِفُ النَّاسُ إِلى القيل والقال وترك العمل.. !
في مِثلِ هذه الحال لا أَعَزَّ مِن مُؤمِنٍ يُهَاجِرُ إِلى رَبِّهِ بِقَلبِهِ، وَيُحَلِّقُ بِنَفسِهِ عَمَّا فِيهِ غَيرُهُ مِن اختِلاطٍ وَاضطِرَاب، فيُفارِقُ القيل والقال، والفَسَادَ وَالإِفسَادِ، وَيَكُونُ كَالسَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ إِلى الإِسلامِ، الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم وَأَموَالِهِم وَأَهلِيهِم للهِ فرارًا من الفتن.. !
ينبغي أن يبيّن لهم أنّهُ في أَوقَاتِ الفِتَنِ تَعظُمُ الصَّوَارِفُ وَتَكثُرُ المُلهِيَات، وَتَشتَدُّ غُربَةُ الدِّينِ وَيَغفُلُ النَّاسُ وَيَذهَلُون، وَيُصرَفُونَ عَن رَبِّهِم، وَتَعظُمُ إِذْ ذَاكَ حَاجَتُهُم إِلى مَا يُعِيدُ إِلى قُلُوبِهِم سَكَنَهَا، وَيُضطَرُّونَ إِلى مَا يَمنَحُهَا هُدُوءَهَا وَيجلِبُ إِلَيهَا طُمَأنِينَتَهَا وَرَاحَتَهَا، وَلَيسَ ذَاكَ إِلاَّ في العبادةِ والإقبال على الله.
وَمَا أَقَلَّ الرِّجَالَ العَابِدِينَ حِينَ الفتنِ وَمَا أَعَزَّ وُجُودَهُم !، وَمَا أَمَرَّ تَجَرُّعِهِم لِلصَّبرِ وَأَشَدَّ قَبضِهِم عَلَى الجَمرِ، وَمَن كَانَ مِن أُولَئِكَ القِلَّةِ، فَهُوَ المُبشَرُ بِقَولِ الحَبِيبِ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لأَصحَابِهِ: "إِنَّ مِن وَرَائِكُم أَيَّامًا الصَّبرُ فِيهِنَّ مِثلُ القَبضِ عَلَى الجَمرِ، لِلعَامِلِ فِيهِنَّ مِثلُ أَجرِ خَمسِينَ مِنكُم"، قالوا: يا نبي الله أَوَ منهم؟!، قال:"بل منكم" (38).
معشر الخطباء الأعزّاء:
هذه الرؤية المنهجيّة الفاعلة هي التي دلّت عليها النصوصُ الشرعيّة وبيّنت مفرداتِها أتمّ بيان، وهي التي يجبُ على خطبة الجمعة أن تدندِنَ حولَها إبّانَ الفتن، وتوزّع حولها الجهودَ التوجيهيّة التربويّة بمختلف الجُرعات والمقاييس والوسائل والأساليب المتاحة، فإن فعلنا نكونُ قد وُفّقنا بإذن الله في صناعة الموقف الجماهيري السليم زمن الفتن والنوازل العامّة.
هذا ونسأل الله السلامة والعافية والتوفيق إلى ما يحب ويرضَى
وصلّ اللهم وسلّم وبارك على نبيّك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدّين.
---------------
الهوامش والإحالات:
1- لا تنسى أخي الفاضل أنّ في مجتمعك منصّات خطاب وتوجيه منافسة شرسَة ذات قوة وتكوين ونفوذ وهيمنة، تهدف - وربّما بدون أخلاقيّة ولا مهنيّة - للهيمنة على العقل الجمعي، وتشكيل الأفق والرأي العام للشعوب والجماهير بما يخدم الأجندات والمصالح الخارجية والداخلية المشبوهة !. أنت أخي الكريم تعمل في هذا الوسط وفي مواجهة هذه المنصّات التي تتحدّى الدين والأعراف والثقافات والعادات والقيم، وجمهور مسجدك من هذا الصنف المستهدَف فاستعِن بالله وإيّاك والعفويّة !.
2 - أكرّرُ دائمًا يا إخوتي أنه يجبُ علينا مداومةُ التجديد والإصلاح والتحديث، ومواكبة التطور الحاصل في مجال دراسة اتّجاهات الجماهير، والقواعد الجديدة في بناء وتحليل المحتوى، وفن الإقناع والتأثير وتشكيل الرأي العام انطلاقًا من النُّظُم المعرفيّة الجديدة المنفتحة لدى الجماهير !. تأكّدُوا يا أحبابي أنه هذا ما نجحت فيه وفي توظيفه بالفعل الفضائيّات وأكثر وسائل الإعلام والاتّصال الجماهيري الأخرى فصرفت إليها الجماهيرَ واستعبدَت ميولها وآراءَها، بل وعقائدَها، واستغلّتها أبشع استغلال !.
3- عبرَ خطبة الجمعة أساسًا، ولا شكّ أنّ للجهودِ الأخرى دورٌ مصاحبٌ وتكميليٌّ في هذه الرسالة العظيمة. فيمكن أن يستعين الخطيب ببرامج أخرى مصاحبة تدعّم خطبة الجمعة في تحقيق هذا الهدف السامي: المكتوبة والمسموعة والمرئيّة والإلكترونية، وإقامة دروس ودوَرَات وورشات استماع ونقاش، ومحاضرات وأيام دراسية وندوات، توزيع كتب ونشرات ومطويّات.. بحيثُ يخدمُ الجميعُ رسالةً واحدة.
4- أي استئثارًا بالحكم وتفضيلاً للنفسِ في المنافع والحاجات والثروات، وحاصلها " الاختصاص بالحظوظ الدنيويّة "، وهو الحاصل في بعضِهِم فعلاً نسأل الله السلامة والعافية.
5- أي في الدّين، كالفسقِ والانحراف وما شابه، وهو الحاصل في بعضِهِم فعلاً نسأل الله السلامة والعافية.
6 - متفق عليه: البخاري ( ح 7052 )، ومسلم ( ح 1843 ).
7- قال الإمام النووي: أي على صفةٍ موتِهِم من حيثُ هم فوضَى لا إمام لهم ! ( شرح صحيح مسلم ).
8- عُمّيّة: بضمّ العين وكسرِها، لغتان مشهورتان، والميم مكسورة مشدّدة وكذلك الياء. وهي الأمر الأعمى لا يستبينُ وجهُهُ، كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهورُ ( شرح مسلم للنووي ).
9- قال النووي: لشهوة نفسِهِ وغضبه لها ( شرح صحيح مسلم ).
10- رواه مسلم: ح ( 1848 ).
11 - متفق عليه: البخاري ( ح 3606 )، ومسلم ( ح1847 ) واللفظُ له.
12- صحيح: ظلال الجنّة في تخريج السنّة: ج ( 2 ) ص ( 227 ).
13- انظر المقال الثالث من السلسلة في ملتقى الخطباء.
14- الفتن وسبيلُ النجاة منها: حسين بن عودة العوايشة، ص ( 63 ).
15- شرح صحيح مسلم: ج ( 12 ) ص ( 229 ).
16 - منهاج السنة النبويّة: ج ( 4 ) ص ( 529 ).
17 - منهاج السنة النبويّة: ج ( 4 ) ص ( 530 ).
18- مجموع فتاوى ابن تيمية: ج ( 35 ) ص ( 16-17 ).
19- السيل الجرار: ص ( 940 ).
20 - منهاج السنّة النبويّة: ج ( 1 ) ص ( 241 ).
21- وانظُر: الفقيه والمتفقّه: للخطيب البغدادي، ج ( 2 ) ص ( 372 ).
22 - أخرجه مسلم: ح ( 2867 )، فالفتن الظاهرة تظهر لعموم الناس، وأما ما بطن منها فهو ظاهر للعلماء الربّانيّين خافٍ على عموم الناس، ووجه الإشكال فيها أنها تُبدِي الخيرَ والبِر والصّلاح، وتُخفي الشرّ والهلاك والدّمار، ولكنّه شرُّ وهلاكٌ ودمار لا يظهر إلا بعد فوات الأوان !، كما قال الحسن البصري: " إنّ هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كلّ عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل " ( حلية الأولياء 9/24 )، وانظُر إلى مراتب العلماءِ في الرسوخِ بشهادة الرّجال على الرّجال: قال أيوب السختياني - رحمه الله – وهو من هوَ: " كان الحسنُ يُبصرُ من الفتنة إذا أقبلت كما نُبصِرُ نحنُ منها إذا أدبرت " ! ( المجالسة وجواهر العلم 6/86 ) والكلام قياس !!.
23- صحيح: سنن أبي داود ح ( 4343 ).
24 - صحيح: سنن أبي داود ح ( 4342 )، وانظُر الصحيحة ( 206).
25- أي: في شدّتها وظُلمتها وعدم تبيّن أمرها ( عون المعبود ج ( 11 ) ص ( 226 ) ).
26- الأقواس.
27 - جمعُ وَتَر، وهو الجزء المطّاطُ الذي يُرمَى به السّهم.
28 - وعلى هذا القياس الأرماح وسائر السلاح ( عون المعبود 11/227 ).
29- أي قتيلاً كهابيل، ولا يكون قاتلاً كقابيل ( عون المعبود 11/227 ).
30- صحيح الجامع الصغير: ح ( 2049 ).
31- الأحلاسُ: جمعُ حِلسٍ وهو الكساءُ الذي يلي ظهرَ البعيرِ تحت القتب. والمقصودُ لزومُ البيت كما يلزمُ الحلس ظهر البعير.
32 - صحيح: سنن أبي داود ( 4262 ).
33- صحيح: سنن أبي داود (4256).
34 - صحيح: سنن أبي داود ( 4249 ).
35- السلسلة الصحيحة، ح ( 1682 ).
36- كما حصل في كثيرٍ من الأوطان، حيثُ أسرعت الجماهير إلى الشارع، نسأل الله السلامة والعافية.
37- أخرجه مسلم: ح ( 118 ) وقد تقدّم.
38 - السلسلة الصحيحة: ح ( 494 ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم