عناصر الخطبة
1/ أعداء الداخل أشد من أعداء الخارج 2/صور من مشاريع الثقافة الغربية 3/استغلال العلمانيين محاربة الغلو لنشر أفكارهم 4/تركيز العلمانيين على نشر الثقافة الغربية وإهمال القضايا الرئيسة 5/كيد العلمانيين للمرأة المسلمة 6/التحذير من فتنة النساء 7/الدعوة إلى مساوة المرأة بالرجل فشلت في الغرباقتباس
لقد أدرك هؤلاء أن تغريب المجتمع وإفساده إنما يمر عبر: المرأة والتعليم والإعلام, أما المرأة: فلأنها مربية الأجيال وصانعة الرجال, فإذا فسدت فإن فسادها يعني فساد الجيل بأكمله ومن هنا كانت المخططات التي رسمها الأعداء ترمي إلى ثني المرأة المسلمة عن وظيفتها البناءة, ثم الزج بها إلى مواقع الفتنة وتدمير الأخلاق تحت ستار خدّاع من المصطلحات البراقة كالتحرير والتجديد والتقدم والإصلاح, إن تهميش وظيفة المرأة الأساسية والتزهيد فيها والدعوة إلى فتح جميع مجالات العمل للمرأة هو قفز على ثوابت الشرع وحقائق الواقع وظلم للمرأة نفسها وللمجتمع من ورائها وفتح لأبواب من الفساد لا تحصى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله ...
وبعد :
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضاً، وتجيء فتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة؛ فيقول المؤمن هذه هذه". وإن ما تمر به الأمة اليوم من بلاء ومصائب ومحن وإحن لا يقتصر على كيد أعدائها في الخارج؛ الذين قتلوا الأبرياء وسفكوا الدماء واحتلوا البلاد ونهبوا الثروات, بل إن أعداء الداخل أشد فتكاً بها وأشرس عداوة لها, بعد أن كشفت الحقائق واتضحت الصور وانجلى الغبار عن بعض من يسمون أنفسهم بـالليبراليين كيف أصبحوا الأداة الطيعة التي يستخدمها أعداؤنا لاختراق حصوننا وتسويق مشاريع الثقافة الغربية، وبسط هيمنتها على مراكز الرأي ومصادر التأثير.
فهؤلاء ليس عندهم للدين قيمة؛ لا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً، همهم وغايتهم خلخلة ثوابت المجتمع وضرب وحدته, ووأد شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاربة التدين وتجفيف منابعه ابتداءً من انتقاص العلماء والدعاة ومروراً بالمطالبة بإلغاء حلقات تحفيظ القرآن في المساجد, وتغيير المناهج الدينية وانتهاءً بالدعوة إلى سفور المرأة وإباحة الاختلاط بين الجنسين وتقليد المرأة الوظائف العامة وإلغاء قوامة الرجل عليها . . . .
وهؤلاء يجعلون الدين وتعاليمه سخرية يتلاعب بها كتابهم، بل ولربما أظهروا سنن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- كاللحية وغيرها ـبصورة طرائف بأشكال كاريكاتيرية, لتنفير الناس عن الإسلام وعن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- .
وهؤلاء استغلوا أفعال الفكر المنحرف من تكفير وتفجير وقتل وتدمير فرصةً لتمرير مخططاتهم واتهام الإسلام بالتطرف والإرهاب ومناداتهم بإزالة الفوارق بين المسلمين والكفار باسم حرية الرأي وعدم كره الآخر وعدم تكفير من كفره الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وهؤلاء يتهمون كل من خالف مبادئهم الخبيثة والتزم بالإسلام وأصوله وأحكامه بأنه متشدد, متطرف, تكفيري, حتى تناولوا بهذه الاتهامات أئمة الإسلام ومجدديه كشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب, بل نادى بعضهم بإعادة النظر في كتب العقيدة وإفراغها من كل ما يتعارض مع مخططاتهم وفكرهم.
والأدهى من هذا كله, أنهم يظهرون الحرص على الإسلام ويلبسون لبوس الدين ليكسبوا ثقة الناس, ويصورون طروحاتهم الخبيثة على أنها تطوير وتحديث لا يتعارض مع الدين. ويلبسون لبوس الوطنية, ويظهرون أنفسهم أنهم من أحرص الناس على مصلحة الوطن, وإنما تظهر معادن الناس ويتميز الصادق من الكاذب والمخلص من المنافق في الفترات العصيبة والأزمات. فأهل العلم والعقل والحجى يلتفون حول ولاة أمرهم إذا حزبت الأمور، يشدون أزرهم ويناصحوهم ويبينوا لهم مكامن الخلل ومواطن الزلل بصدق وولاء ومحبة وطاعة امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- . أما أهل العلمنة والتغريب فقد جعلوا منابرهم منصات لإطلاق صواريخ تضرب في كل اتجاه وتستهدف الاستقرار والوحدة والثوابت والطهر والعفاف وكل مظاهر الخير في المجتمع مستغلين الظروف لشن حرب شرسة على الدين والقيم والهوية والخصوصية. دون أن يسخَّروا أقلامهم وثقافتهم للتصدي لفكر التكفيري الذي استهدف أمن ووجود البلاد وأرواح العباد, ودون أن يتصدوا في مقالاتهم وأعمدتهم للمؤامرات الغربية التي تحاك ضد البلاد ووحدتها.
ولو أن تحقيقاً مستقلاً أُجري عن توجه الصحافة والمنابر الإعلامية التي يسيطر عليها هؤلاء ومدى خدمتهم لقضايا الوطن والمجتمع لأدرك الجميع أن التحيز للفكر الغربي يعتبر سمة بارزة في عامة دعوة هؤلاء سواء في المقالات, أو المقابلات, أو التحقيقات الصحفية, بل حتى في صياغة الأخبار المحلية وطريقة عرض الصور، ومتابعة الشؤون الثقافية والفكرية.
ولعل مؤتمر الحوار الوطني شاهد عيان في هذا الصدد, حيث سعى هؤلاء إلى تهميش قضايا المرأة الحقيقية مثل العنوسة, والفقر, وغيرها, وركزوا على مناقشة أمور هامشية كقيادة المرأة للسيارة ومسألة توظيفها, فأي وطنية يدعيها هؤلاء وهم الذين يسعون إلى نحر الوطن وتمزيقه وضرب ثوابته والأساس الذي قام عليه باسم السعي إلى مصلحته, تماماً كما يسعون إلى تنحية الإسلام عن التحكم في الحياة باسم الإسلام نفسه ؟!!.
وبلغ من تهاونهم بمصالح الوطن أن أجروا مقابلات مع بعض الحاقدين على الدولة ووجودها وبعض الدعاة إلى الشرك والوثنية وصوروهم على أنهم مظلومين مفترى عليهم وأنهم يجب أن يعطوا مساحة كافية في الإعلام لنشر أفكارهم ومعتقداتهم وشرح برامجهم التي يدعون إليها. وفي المقابل سعوا إلى ترويج صورة مغلوطة عن العلماء والدعاة وطلبة العلم وأساتذة الجامعات الذين تصدوا للفكر التكفيري الاستئصالي وللفكر العلماني التغريبي بأنهم سطحيون لا يدركون مصلحة الوطن ولا يسعون إلى تحقيقها, ولا يصلحون للفتوى أو التوجيه .
إن معيار الوطنية هو التمسك بالدين, لأن الدين هو الأساس الذي بني عليه الوطن, فإذا كان هؤلاء ضد الدين فإن هذا يعني أنه لا وطنية لديهم, ويعني أيضاً أنهم يجب أن يحذروا من أن يكونوا عملاء للغرب ضد الوطن, سيما وقد تباهى بعضهم بالظهور إلى جانب طواغيت الضلالة الذين لا يهنأ لهم بال إلا بعد أن يروا السعودية كالعراق أو الصومال أو أفغانستان.
ماذا يراد بأمة الإسلام من ثلة مأجورة الأقلام وهبوا الولاء وحبهم لعدوهم وتلطخوا بالحقد والإجرام ما إن تحدق فتنة حتى يروا ما بين رائش سهمه أو رامِ هم أثخنونا من وراء ظهورنا وتكشفوا في أحلك الأيام إن حقيقة دعواهم هي فصل الدين عن الحياة ويرفضون أن يتدخل الدين في تنظيم شؤون الحياة ويردون أحكام الشريعة التي تتعلق بالمعاملات ومسائل الاقتصاد والسياسة ومسائل التربية والتعليم وما يتعلق بالمرأة و الأسرة...
يقول أحدهم: الذنب هو الإصرار على إقحام الدين في شؤون الدنيا. ولتنفيذ مراميهم سعوا إلى تفريغ بعض التشريعات الإسلامية من مضامينها كالتي تتعلق بالمرأة مثلاً كتحريم السفور والاختلاط, فبعد أن يخرجوها من الدين يلحقونها بالعادات والتقاليد التي درج عليها المجتمع, وحينئذ يمكنهم أن يهاجموا هذه الأحكام الشرعية تحت مسمى مهاجمة العادات والتقاليد ويطالبوا بتغييرها بدعوى تطوير المجتمع مواكبةً للعصر ومجاراةً للمدنية الغربية, ويسمون ذلك إصلاحاً للمرأة إمعاناً في الكيد والتضليل (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ), لقد أدرك هؤلاء أن تغريب المجتمع وإفساده إنما يمر عبر: المرأة والتعليم والإعلام, أما المرأة: فلأنها مربية الأجيال وصانعة الرجال, فإذا فسدت فإن فسادها يعني فساد الجيل بأكمله ومن هنا كانت المخططات التي رسمها الأعداء ترمي إلى ثني المرأة المسلمة عن وظيفتها البناءة, ثم الزج بها إلى مواقع الفتنة وتدمير الأخلاق تحت ستار خدّاع من المصطلحات البراقة كالتحرير والتجديد والتقدم والإصلاح, إن تهميش وظيفة المرأة الأساسية والتزهيد فيها والدعوة إلى فتح جميع مجالات العمل للمرأة هو قفز على ثوابت الشرع وحقائق الواقع وظلم للمرأة نفسها وللمجتمع من ورائها وفتح لأبواب من الفساد لا تحصى, ولنا أن نتصور كيف يكون الحال إذا خلعت المرأة حجاب الحشمة والعفاف وخالفت قول ربها (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) [الأحزاب: 33], فخرجت متبرجة تخالط الرجال في ميادين عملهم زميلة عمل للرجل وصديقة له في المتاجر والفنادق والطائرات والوزارات والشركات والمؤسسات, كل ذلك ــــ وغيره كثير ـــ دعت إليه بعض صحفنا تحت مسمى إصلاح وضع المرأة, فمن صور الإصلاح المزعوم إباحة الخلوة بالأجنبية, والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم". ومن صور الإصلاح المزعوم: إباحة سفر المرأة بلا محرم, والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم". ومن صور الإصلاح المزعوم دعوة المرأة إلى إبراز بدنها ومفاتنها للرجال الأجانب عنها, والله تعالى يقول: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) [النور: 31].
وقد انبرى أحدهم ليتهم الحجاب بأنه يسلب المرأة حريتها وشعورها بإنسانيتها, فخاطب صديقاً له يصمم الأزياء ويطالبه بتقديم خدمة كبرى للمجتمع وللتنمية بتصميم أزياء نسوية تتيح للمرأة حرية الحركة والشعور بالإنسانية!, ويدعو آخر الطالبات في المدارس الثانوية إلى السفور ورفع الحجاب وكشف الوجه معللاً ذلك بأنه أنسب للعصر, ومن صور كيدهم للمرأة ما ورد في إحدى الصحف من دعوة إلى إنشاء مدرجات نسائية لتمكين البنات من مشاهدة المباريات في الملاعب وتشجيع اللاعبين مع مراعاة ضوابط الشريعة الإسلامية!!, ولأنهم من أشد الناس حرصاً على المرأة ومصالحها, فقد ساءهم عزوف الفتاة السعودية عن الرياضة المحلية والدولية, فطالبوا بحصة رياضية تقرر في المدارس لجر الفتاة إلى الميدان الرياضي, ولكن أيضاً وفق تعاليم الإسلام !!.
ومن صور كيدهم بالمرأة: دعوتهم إلى الاختلاط بين الجنسين: يقول أحدهم: "كيف قادتنا جاهليتنا الحديثة إلى أن قسمنا وجودنا وكياننا إلى قسمين قليلاً ما التقيا", ويقول أيضاً: "تحدثت في المساء ذاته عن إعجابي بما رأيته في دبي, رأيت مجموعة محترمة من بنات الإمارات يعملن جنباً إلى جنب مع إخوانهن الشباب كن يرتدين حجاباً لا يخفي الوجوه, تساءلت غاضباً: ما الذي يمنع أن يكون لبناتنا الحضور نفسه ؟! ", ويطالب آخر بفرض الاختلاط وترك المرأة تعمل دون عزلها في بنايات منفصلة, بل ويطالب بفرض السفور على العاملات كما في بعض الدول, وسعى ثالث لإباحة الاختلاط زاعماً أنه ليس من الثوابت فقال: "ناقش على ما يبدو مركز الحوار الوطني القضايا المتعلقة بالمرأة, والعمل ولعل أول ما طرح للحوار قضية الثوابت التي لا يجب التطرق إليها, وقد قرأت أن الحوار مع النساء في مركز الحوار يتم عبر دائرة تلفزيونية, فهل هذا أولاً من الثوابت؟ مع أن المرأة أصبحت تختلط مع الرجل", ويقول عن النساء " ثم إن عملهن قد يقتضي منهن السفر إلى الخارج, فهل من المعقول ألا تستطيع الواحدة منهن السفر إلا بإذن من ولي أمرها, وكل هذا غيض من فيض من الثوابت, فهل نأمل من مركز الحوار أن يراجعها ويصحح وضع المرأة بعامة في بلادنا ؟", العفة حجاب يمزقه الاختلاط, ولذا كان من هدي الإسلام المباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها, فللرجال مجتمعاتهم, وللنساء مجتمعاتهن, قال تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ), وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إياكم والدخول على النساء", وقال صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان" أخرجه الترمذي وصححه الألباني, ومعنى استشرفها أي: زينها في أعين الرجال، وإذا زينها لهم افتتنوا بها, فهي فتنة كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" متفق عليه,
وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا فرغ من تذكير الرجال أتى مصلى النساء فوعظهن, مما يدل كما قال ابن حجر: "على أن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم", ولم تكن النساء يحضرن مجلس الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع الصحابة -رضي الله عنهم-, ولذلك قالت النساء للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اجعل لنا يوماً من نفسك, فوعدهن -صلى الله عليه وسلم- يوماً يعظهن فيه, يقول صاحب كتاب (حين اعترفت أمريكا بالحقيقة): "إن أمريكا كمثال للدولة القدوة عند كثير من المغتربين تجني كل يوم مليون طفل من الزنا، ومليون حالة إجهاض لأولاد الزنا، ونسبة كبيرة جداً من بناتها يفقدن بكارتهن قبل سن الثالثة عشر".
وهنا نسأل مثقفينا من العلمانيين والعصرانيين: هل يمكن لكل هذه الجرائم أن ترتكب بعيداً عن الاختلاط ؟, وعن مشاركة المرأة للرجل حياته وعمله وأجواءه بكافة أنواعها، باسم المساواة وتنمية المجتمع وحرية الرأي والديمقراطية وحقوق الإنسان؟.
ومن صور كيدهم بالمرأة: الدعوة إلى مساواة الرجال والنساء مساواة مطلقة: كتولي المناصب السياسية والعامة بدون نظر إلى الفروق الجسدية والنفسية بينهما, ولا يخفى ما في هذه الدعوة من قفز على حقائق الشرع والواقع وظلم للمرأة وللمجتمع من ورائها, وإذا كانت العرب تقول: "السعيد من وعظ بغيره, والشقي من كان عبرة لغيره", فإنه من العجيب أن نجد بيننا من يدعونا لتطبيق أمور قد أثبت الواقع ضررها عند مبتدعيها الغربيين حيث اعترف الباحثون عندهم ومركز الدراسات الاجتماعية بخطأ وضرر الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجال والنساء بل أصبحت هذه الدعوة في الغرب دعوة مرفوضة وغدا عقلاؤهم يحذرون من مسألة المساواة, فبدأنا نسمع عن دعوات لعودة المرأة إلى البيت, وفصل الأولاد عن البنات في المدارس وغيرها من الأمور الفطرية التي ضربوا بها عرض الحائط, ثم عادوا إليها بعد أن دفعوا الثمن غالياً.
نشرت إحدى الصحف البريطانية مقالاً بعنوان (عصر المرأة الخارقة ولّى) وصفت فيه ما فعله نساء مشهورات قررن الانحياز إلى الفطرة، وتفضيل الأمومة والأنوثة على الوظائف المجزية التي تدر الملايين, حيث قررت ( فبراندا بارنيس) أن تتخلى عن وظيفتها كرئيسة تنفيذية لشركة (بيبسي كولا) وعن راتب سنوي قدره مليونا دولار، بعد أن توصلت إلى قناعة مفادها أن راحة زوجها وأولادها الثلاثة أهم من المنصب ومن ملايين الدولارات، وأن المنزل هو مكانها الطبيعي الأكثر انسجاما مع فطرتها وتكوينها, وقبل هذه كانت (بيني هاغنيس) رئيسة (كوكاكولا ) المملكة المتحدة قد اتخذت القرار نفسه، لأنها تريد أن تنجب طفلاً وتصبح أماً، ومثل ذلك فعلت (لينداكيسلي) رئيسة تحرير مجلة (هي) المعروفة بدفاعها عن دعوى خروج المرأة للعمل ومطالبتها الملحة بذلك, وكذلك نساء كثيرات يشغلن مناصب مرموقة ويتقاضين أجوراً عالية، منهن (براندا بارنيس) التي أطلقت صيحة مدوية عندما صرحت: (لم أترك العمل بسبب حاجة أبنائي لي بل بسبب حاجتي لهم), وكشف استطلاع للرأي أجرته حديثاً إحدى المؤسسات الاجتماعية الأكاديمية شمل عينات من الرجال والنساء في عشرين ولاية أمريكية عن أن ثمانين بالمائة من الأمريكيات يفضلن البقاء في البيت لرعاية الأبناء والأسرة, يقول أحد المفكرين الغربيين وهو (الدكتور سوليفان ): "إن السبب الحقيقي في جميع مفاسد أوروبا وفي انحلالها بهذه السرعة هو إهمال النساء للشؤون العائلية المنـزلية، ومزاولتهن الوظائف والأعمال اللائقة بالرجال في المصانع والمعامل والمكاتب جنباً إلى جنب", فهل ينبغي أن ندفع الثمن من أعراضنا وكرامتنا واستقرارنا وثوابتنا لكي نقتنع بمفاسد الاختلاط ومساوئه؟, ولكن:
أغلقوا الأسماع عنا وأبدوا ضدنا عقداً دفينة
وأنذرناهم الطوفان لكن أبوا إلا حمى الأسس الحصينة
فلما أن قطعنا بعض شوط إذا بالبعض يخرق في السفينة
فماذا يصنع الإنسان فيهم إذا كانت نصائحه مهينة
فلله الشكاية في غريب يرى طرق السلامة ضد دينه
إذا تأملنا في حال الدول المعاصرة بما في ذلك الدول التي تتبنى دعوة المساواة المطلقة بين الرجال والنساء, وجدنا أن الغالبية الساحقة من المناصب العليا سياسية كانت أو غيرها إنما هي بيد الرجال, فعلى أي شيء يدل ذلك إن لم يدل على أن الدعوة للمساواة قد فشلت فشلاً ذريعاً لتصادمها مع الفطرة التي فطر الله الخلق عليها ؟ لو كان في منافسة المرأة للرجل ومشاركتها له في جميع أعماله خير لها وللمجتمع من ورائها لكان ذلك مأموراً به في كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-, لكن العكس هو الصحيح, فها هي نصوص الوحيين والتي ذكرنا شيئاً منها تأمر المرأة بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة شرعية أو مباحة، وعدم مزاحمة الرجال الأجانب دون ضرورة شرعية, والخروج عما شرعه الله لنا لن نجني منه إلا الحسرة والندم ولكن بعد فوات الأوان.
والحمد لله رب العالمين
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم