عناصر الخطبة
1/منة الله على خلقه ببعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- 2/من حقوق النبي -عليه الصلاة والسلام- 3/القرآنيون والرد عليهم 4/شروط قبول العبادة.اقتباس
فلا يمكن إذاً أن نستغني عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-, ولا يمكن أن نعبد الله إلا عن طريق هذا الرسول الكريم, ولا يقبل العمل إلا بشرطين؛ أولها: الإخلاص لله, وثانيها: موافقة الرسول في عباداته, ومن يترك السنة فقد ترك شرع الله...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله رب العالمين, حمدا كثيرا مباركا فيه, يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].
إن ثاني الحقوق بعد حق الله -عز وجل- هو حق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد امتن الله -عز وجل- على البشرية ببعثة محمد -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[آل عمران: 164].
إن للنبي -صلى الله عليه وسلم- حقوقاً بعد حق الله -تعالى-؛ فأولها: الإيمان برسالته وتصديق نبوته, فتؤمن أن الله -عز وجل- أرسله للجن والإنس كافة؛ بشيراً لمن آمن بالله, ونذيرا لمن كذب به.
ومن حقوقه -عليه الصلاة والسلام-: طاعته فيما أمر, واجتناب ما نهي عنه وزجر؛ (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)[النساء: 13، 14], وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى", قالوا: يا رسول الله ومن يأبي؟! قال : "من أطاعني دخل الجنة, ومن عصاني فقد أبى"(رواه البخاري).
ومن حقوقه -عليه الصلاة والسلام-: اتخاذه قدوة في جميع الأمور, واتباع سنته الواجبة والمستحبة؛ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آل عمران: 31], فيجب السير على هديه والتزام سنته, والحذر من مخالفته, قال -صلى الله عليه وسلم-: "من رغب عن سنتي فليس مني".
من حقوقه -عليه الصلاة والسلام-: محبته أكثر من محبة النفس والأهل والأولاد والناس جميعاً؛ قال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[التوبة: 24], وفي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ، ووالدِهِ، والناسِ أجمعينَ".
ومن حقوقه -صلى الله عليه وسلم-: وجوب احترامه وتوقيره ونصرته, قال -تعالى- : (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الفتح: 9]؛ أي: تحترمونه وتقدرونه وتنصرونه, حتى إن الله -عز وجل- أمر أن لا ينادونه باسمه بل بوصفه, فالصحابة -رضي الله عنهم- لا يقولون: يا محمد, بل يقولون له: يا رسول الله, أو يا نبي الله, قال -تعالى-: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)[النور: 63].
ونهى الله -عز وجل- عن رفع الأصوات فوق صوت النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)[الحجرات: 2، 3].
ومن حقوقه -صلى الله عليه وسلم-: أن يجعلوه -عليه الصلاة والسلام- حكماً فيما يحصل من شجار وخلاف, ويرضون ويسلمون بحكمة, والرضا به وبعد مماته, فإننا نرضى بحكمه من خلال سنته وأحكامه -عليه الصلاة والسلام-.
نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا الإيمان برسالته, واتباع سنته والعمل بها, وأداء حقوقه -عليه الصلاة والسلام- على ما يرضي الله -تعالى- دون غلو فيه أو جفاء.
أقول ما سمعتم, واستغفر الله العظيم لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم.
هناك من الناس من يقول: لا داعي أن نعمل بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-, وهم يسمون بـ"القرآنيين", فيقول هؤلاء: نعمل بالقرآن الكريم ويكفي عن السنه!.
قد عصوا الله -عز وجل-؛ فإنه لا يمكن أن نعبد الله إلا عن طريق السنة, فكيف نصلي إلا عن طريق الرسول؟! فعلمنا أن صلاة الفجر اثنتين والظهر أربعاً والعصر أربعاً والمغرب ثلاثا والعشاء أربعاً, وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي", وعلمنا الزكاة كيف نزكي؟ والصوم كيف نصوم؟ والحج كيف نحج؟ والعمرة, وقال: "خذوا عني مناسككم", حيث علمه جبريل شرائع الإسلام بتوجيه من الحق -تبارك وتعالى-, ثم علم أمته.
فلا يمكن إذاً أن نستغني عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-, ولا يمكن أن نعبد الله إلا عن طريق هذا الرسول الكريم, ولا يقبل العمل إلا بشرطين؛ أولها: الإخلاص لله, وثانيها: موافقة الرسول في عباداته, ومن يترك السنة فقد ترك شرع الله -عز وجل-, ومن ترك شرع الله فقد ارتد عن دين الله.
ومن حقوقه -صلى الله عليه وسلم-: الصلاة والسلام عليه, أن نصلي عليه إذا ذكر, وقال -عليه الصلاة والسلام-: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصلى علي", ومن فضل الله -عز وجل- أن من صلى على الرسول صلاةً صلى الله عليه عشراً.
ونصلي على الرسول في التشهد الأخير, وعند دخول المسجد والخروج منه, وبعد الأذان, وعند الدعاء, وفي صلاة الجنازة, وأذكار الصباح والمساء, ويوم الجمعة وليلتها, وليعلم أن صلاة الله على محمد هو ثناؤه ومدحه له عند الملائكة في الملأ الأعلى, أما صلاتنا عليه والملائكة فهو دعاء له بالرحمة.
وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم