حركة الردة (3)

ناصر بن محمد الأحمد

2010-02-26 - 1431/03/12
عناصر الخطبة
1/ تعريف الردة 2/ تطاوُل السفهاء على حد الردة وزعمهم بمعارضته الحريات 3/ أحكام المرتد 4/ نماذج تبين التزام الصحابة والتابعين بتطبيق حكم قتل المرتد 5/ الحكمة من قتل المرتد 6/ أنواع الردة وطائفة من ألوانها 7/ أسباب الردة

اقتباس

إن الفوضى الفكرية التي يعيشها العالم المعاصر، والاضطراب الهائل في المفاهيم، والتناقض المكشوف في المعتقدات والمبادئ، كان سبباً في الإخلال بالثوابت، والتمرد على الدين والأخلاق. لقد وُجد الانسلاخ من الدين في العالم الغربي، والخروج عما استقر في الفطر السليمة، والعقول الصحيحة، وأجلب أعداء الله تعالى بخيلهم ورَجِلهم، وسعوا إلى بثِّ هذا الانحراف في بلاد المسلمين ..

 

 

 

 

أيها المسلمون: انتهَيْنا في جمعتين سابقتين من العرض التاريخي لحركة الرِّدَّة الأولى التي حصَلت، وكيف أن صدِّيقَ هذه الأمة أبا بكرٍ -رضي الله عنه- تصدَّى لها، وأوقف زحفها؛ واليوم، تموج تيَّاراتٌ من الردة ببلدان العالم الإسلامي، فكم نحن بحاجة ماسة إلى حزم الخليفة الراشد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وموقفه العظيم من المرتدين، الذي أصَرَّ فيه على حربهم حتى عادوا إلى الإسلام؛ ولكن صدق من قال: "ردَّةٌ ولا أبا بكرٍ لها!".

أيها المسلمون: من المعلوم بالضرورة في دين الإسلام أن الله تعالى أتَمَّ هذا الدين، وجعل شريعة الإسلام أكمَلَ الشرائع وأحسنَها، وقد جاء هذا الدين شاملاً لجميع جوانب الحياة البشريَّة، ولذا أوجب الله تعالى على عبادِهِ الالتزام بجميع أحكام الإسلام، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّة) [البقرة:208]؛ كما جاء هذا الدين موافقاً للفطرة السَّويَّة الصحيحة، فقال تعالى: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) [الروم:30].

فإذا كان الشخص مسْلِماً لله تعالى، والتزم بدين الله تعالى، فأبى إلا أن ينسلخ من الهدى، ويتلَبَّسَ بالضلال، فيمرق من الحق والنور إلى الباطل والظلُمات، فهذا مُرْتَدٌّ عن دين الإسلام، ناقض لعقد الإيمان، مصادم لما عليه هذا الكون الفسيح من سماء وأرض ونبات وحيوان، في الاستسلام لله تعالى والخضوع له، كما قال سبحانه: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْض) [آل عمران:83].

وإذا كانت قوانين البشر، مع ما فيها من القصور والتناقض والاضطراب، توجب مخالفتُها عند أصحابها الجزاءات والعقوبات، فكيف بمناقضة شرع الله تعالى، والانسلاخ من حكمه، وهو أفضل الأحكام على الإطلاق؟.

لقد شرع الله تعالى إقامة الحدود، ومنها حدُّ الرِّدَّة، تحقيقاً لأهمِّ مقاصد الشريعة، وهو حفظ الدين؛ وهو، سبحانه، الحكيم في شرعه، الرحيم بعباده، العليم بما يصلح أحوال خلقه في معاشهم ومعادهم.

في الآونة الأخيرة تطاول شرذمةٌ من السُّفَهاء على هذه الشريعة، فوصفوا الأحكام الشرعية المترتبة على المرتد بأنَّ فيها استبدادا وقسوةً ومناقضة للحرية الفكرية، فقام من يردُّ ذلك الإفك بضعفٍ وتأوُّل مُتَكَلَّف، وانهزامية ظاهرة، فلا الإسلامَ نصروا، ولا السفهاء كسروا!.

أيها المسلمون: الردة هي الرجوع عن الإسلام، إما باعتقاد أو قول أو فعل، فقد تكون الردة قولاً قلبياً كتكذيب الله تعالى في خبَره، أو الاعتقاد بأن خالقاً مع الله عز وجل؛ وقد تكون عملاً قلبياً، كبغض الله تعالى أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو الاتباع والاستكبار عن اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ وقد تكون الردة قولاً باللسان، كسبِّ الله تعالى، أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو الاستهزاء بدين الله تعالى؛ وقد تقع الردة بعمل ظاهر من أعمال الجوارح، كالسجود للصنم، أو إهانة المصحف.

فإذا تقرَّر مفهوم الردة، فإن من تلبّس بشيء من تلك النواقض يكون مرتداً عن دين الإسلام، فيُقتَل بسيف الشرع، فالمبيح لدمه هو الكفر بعد الإيمان، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في هذا المقام: "فإنه لو لم يقتل ذلك المرتد، لكان الداخل في الدين يخرج منه، فقتله حفظ لأهل الدين، وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص، ويمنعهم من الخروج عنه" انتهى.

وبعد أن يقتل المرتد فإنه لا يغسَّل، ولا يُصَلَّى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث، ولا يورث، بل يكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين.

لقد التزم الصحابة -رضي الله عنهم- بهذا الحكم، فعندما زار معاذ بن جبل أخاه
أبا موسى الأشعري -رضي الله عنهما- وكانا أميرين في اليمن، فإذا برجل موثَق، فقال معاذ: ما هذا؟ قال أبو موسى: كان يهودياً فأسلم ثم تهوّد، ثم قال: اجلس، فقال معاذ: لا أجلس حتى يُقتل، قضاءَ الله ورسوله، فأمر به فقتل.

ولقد قام خلفاء وملوك الإسلام في عصور مختلفة بإقامة حكم الله تعالى في المرتدين، تأسِّياً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد مرَّ بنا موقف الصِّدِّيق -رضي الله عنه- تجاه المرتدين، وقتاله لهم، وسار على ذلك بقية الخلفاء الراشدين، ومن تبعهم بإحسان.

واشتهر المهدي، الخليفة العباسي، بمتابعة الزنادقة المرتدين، حيث عيّن رجلاً يتولى أمور الزنادقة.

وقَتل عبد الملك بن مروان -رحمه الله- معبدا الجهني، لأنه أول من تكلم في القدر؛ قال الحسن البصري: "إياكم ومعبداً، فإنه ضالٌّ مضل، صلبه عبد الملك بن مروان في سنة ثمانين بدمشق ثم قتله".

وقَتل الأمير خالد بن عبد الله القسري الجعد بن درهم، لإنكاره لصفتين من صفات الله عز وجل، فعن حبيب بن أبي حبيب قال: "خطبنا خالد بن عبد الله القسري بواسط يوم الأضحى فقال: أيها الناس! ارجعوا فضَحُّوا، تقبل الله منا ومنكم، فإني مُضَحٍّ بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله -تبارك وتعالى- لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، سبحانه وتعالى عما يقوله الجعد بن درهم علواً كبيراً". ثم نزل فذبحه.

وقَتل أسلم بن أحوز الجهم بن صفوان لإنكاره لصفات الله عز وجل، متوهماً تنـزيهه بذلك، قـال الذهبي -رحمه الله-: "إن أسلم بن أحـوز قتل جهمَ بن صفـوان لإنكاره أن الله كلم موسى".

وقَتل هشام بن عبد الملك غيلان الدمشقي لإنكاره القدر، بعد أن تهدده عمر بن عبد العزيز بالقتل من قبل، ولكنه تظاهر بالتوبة.

ويُعَدُّ الحلاّج من أشهر الزنادقة الذين تمّ قتلهم بسيف الشرع دون استتابة، وقد بسط الحافظ ابن كثير –رحمه الله- الحديث عن أحوال الحلاج وصفة مقتله، فكان مما قال: "قُدِّم الحلاج فضُرِبَ ألف سوط، ثم قطعت يداه ورجلاه، وحُزَّ رأسه، وأحرقت جثته، وألقى رمادها في دجلة، ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر، ثم حمل إلى خراسان، وطِيف في تلك النواحي".

ومما يجدر ذكره أن الردة التي جاهر بها بعض زنادقة هذا العصر أشنع من ردة الحلاج! لكن، من أمِن العقوبة أساء الأدب، والله حسبنا ونعم الوكيل، ورحم الله الإمام ابن العربي عندما وصَف كفْر غلاة الشيعة بأنه كفر باردٌ لا تسخنه إلا حرارة السيف!.

أيها المسلمون: والحكمة في وجوب قتل المرتد أنه لما عرف الحق وتركَه صار مفسداً في الأرض، لا يصلح للبقاء، لأنه عضو فاسد يضر بالمجتمع، ويسيء إلى الدين؛ وقد يفتح المرتد لأعداء الأمة ثغرات للإضرار بها بما يقدمه لهم من معلومات؛ وقد تؤدي الردة إلى اضطراب المجتمع بإغراء البسطاء بالاقتداء بالمرتد حين يظفر بحماية أعداء الملة وما يغدقون عليه من رفاهية العيش؛ لذا كان من محاسن حكم الشريعة قطع رقبة المرتد.

أيها المسلمون: وأنواع الردة كثيرة، أعظمها الشرك بالله تعالى بعد إسلام، وتدخل تحت هذا صور كثيرة، من دعاء غيرِ الله من الموتى والأولياء والصالحين، أو الذبح لقبورهم، أو النذر لها، أو طلب الغوث والمدد من الموتى، كما يفعل عُباد القبور اليوم، قال الله تعالى: (إن الله لا يَغْفِرُ أن يُشْرَك به ويَغْفِرُ ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 4،116].

ومن جحَد بعض الرسل، أو بعض الكتب الإلهية، أو جحد الملائكة، فهو مرتد؛ ومن جحد البعث بعد الموت فهو مرتد.

ومن سبَّ الله تعالى، أو سب نبيه -صلى الله عليه وسلم- فهو مرتد؛ ومن جحد تحريم الزنا، أو جحد تحريم شيئ من المحرمات الظاهرة، المجمع على تحريمها، كشرب الخمر، وأكل الخنـزير فهو مرتد؛ ومن حرّم شيئاً مجمعاً على حله فهو مرتد؛ ومن استهزأ بالدين، أو سخر بوعد الله أو بوعيده، أو امتهن القرآن الكريم، أو زعم أن القرآن نُقص منه شيء أو كُتم منه شيء، فهو مرتد.

ومن جحد وجوب عبادة من العبادات الخمس الواردة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام" فهو مرتد؛ ومن سوّغ لنفسه اتِّباع غير دين الإسلام، ولو في جزئية، أو اتباع غير شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو مرتد.

ومن لم يكفّر من دان بغير الإسلام، كاليهود والنصارى والشيوعيين والملاحدة، أو شَكَّ في كفرهم، أو صحَّح مذهبهم، فهو مرتد؛ ومن ادَّعى علم الغيب فهو مرتد؛ ومن اعتقد أن هناك هدي أكمل من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أن هناك حكمٌ غيره أحسن منه فهو مرتد؛ ومن أبغض شيئاً مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وإن عمل به، فهو مرتد؛ ومن تولى وظاهر المشركين، وأعان اليهود أو النصارى على المسلمين، فهو مرتد.

ومن حكّم القوانين الوضعية بدل الشريعة الإسلامية، ورأى أنها أصلح للناس من شريعة رب العالمين، فهو مرتد؛ ومن سَبَّ الصحابة، أو أحداً منهم، كأن كانَ دينُه سبَّ أبي بكر وعمر، واقترن بسبه دعوى أن علياً إله أو نبي، فهو مرتد؛ ومن اعتنق فكر الشيوعية أو القومية العربية أو العلمانية أو الليبرالية بديلاً عن الإسلام فهو مرتد.

ومن ترك الصلاة، إما جحوداً، أو تهاوناً مع الإقرار بوجوبها، فهو مرتد، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"، ولقوله تعالى: (ما سلَكَكُم في سَقَر؟ قالوا لم نكُ مِن المُصَلِّين) [المدثر: 42ـ 43]، ولقد كثر التهاون بالصلاة، والتكاسل عنها، والأمر جد خطير.

فنسأل الله -جل وتعالى- أن يهدي ضال المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

أيها المسلمون: للردة عن الدين أسباب، منها الذكاءُ والاعتداد بالرأي، والاعتداد بالنفس والثقة المطلقة بها، ولا شك في أن العقل نعمة من الله جل وتعالى على العبد، لكن ينبغي أن يعلم العبد بأن للعقل حدودا، وأن هناك قضايا ينبغي للعبد أن لا يخوض فيها بعقله وإلاّ هلك، مثل قضايا الغيب ونحوها، فهناك من العباد من أعطاهم المولى عقولاً غير عادية، لكن هذا العقل كان سبباً في ردتهم، قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " أوتوا ذكاءً ولم يؤتوا زكاءً ".

من هؤلاء عددٌ ذكرهم الذهبي في تأريخه، "كالسهروردي" الذي كان يتوقَّد ذكاءً، وكان بارعاً في أصول الفقه، قال عنه الذهبي: "مفرط الذكاء، لم يناظر أحداً إلا أربى عليه، إلا أنه قليل الدين"، فهذا الرجل، مع ما أعطاه الله من الذكاء، إلا أن علماءَ وقتِه أفتَوا بقتله، لأن عقله أدخله في التعطيل والانحلال، فُقتل بسبب عقله وذكائه، ومات مرتداً، والعياذ بالله.

قال الإمام عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-: "من قال إنه يؤمن بعقله فقط دون الشرع فإنه يُبَيَّنُ له أن هذا كفر، فإن أصر على مقالته فهو كافر مرتد عن الإسلام، يستتاب من جهة ولاة الأمر، فإن تاب، وإلاّ قتل مرتداً".

ومن أسباب الردة الشهوات، سواءً أكانت شهوة الفرج، أو شهوة المنصب، ولكلٍّ ضحايا سقطوا فيها، وقد جمع بين الأمرين أحدُ أبناء الملك السلطان المعز التركماني حاكم مصر في القرن السادس الهجري، وكان ديّناً عاقلاً، لكن أحد أولاده تعلق قلبه بامرأة نصرانية فتزوجها، وأنجبت له أولادا تأثروا بأمهم، فعاشوا على النصرانية، ثم تنصر هو في النهاية، وسمى نفسه ميخائيل، قال الذهبي -رحمه الله- في ترجمته: "نعوذ بالله من الشقاء، فهذا بعد سلطنة مصر كفر وتعثر".

وممن ترك الحقَّ بسبب شهوة الملك والسطان "هرقل"، وقصته معروفة مشهورة، ذكرها البخاري في صحيحه، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- حيث ذكر اللقاء التي تم بين سفيان بن حرب وهرقل، حيث سأل هرقلُ عن بعض الأمور المتعلقة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، عن نسبه؟ وهل أتباعه يزيدون أم ينقصون؟ وهل يُتهم بينكم بالكذب؟ وهل يغدِر؟ ثم سأله عن الذي به يأمركم؟ فقال: يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَة، فقال هرقل في آخر كلامه: فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.

فهرقل كان يعلم صدق النبي -صلى الله عليه وسلم-، فما الذي جعله لا يتجشَّم الصعاب حتى يخلص إليه؟ ولماذا لم يسلم؟ إنها شهوة الملك، لأنه يعلم أنه بمجرد إسلامه سيفقد الحكم والسلطان.

ومن أسباب الردة أيضاً الفقر، فقد يكفر الإنسان بسبب الفقر، والذي لم يجرّب لا يمكن له أن يتصور الأمر، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ بالله من الفقر.

ومن أسباب الردة أيضاً تبني الشخص لبعض الأفكار، قد تكون البداية عبارة عن قراءات واطلاعات، ثم يبدأ بالاقتناع بهذه الأفكار، ثم يعتنقها ويعتقد بها بديلاً عن الإسلام، ثم يبدأ بالدفاع عنها وترويجها، وربما الكتابة والتأليف فيها، ولو تتبعنا أغلب من اقتنع بمبادئ العلمانية أو الحداثة أو الليبرالية فإنهم ضلوا بهذا الشكل، مطالعات وقراءات تصل إلى حد القناعة والاقتناع، ثم تصبح العلمانية أو الليبرالية الدين الجديد الذي يعتنقه بديلاً عن الإسلام، ومثلهم من اقتنع بمبادئ الشيوعية والماركسية وصاروا يعتقدون أنها أفضل من مبادئ الإسلام!.

وتأسف كثيراً عندما تطالع على صفحات المجلات والجرائد كتابات من هذا النوع تطرح الفكر العلماني، وتنادي بالحداثة، وتهاجم أصول الدين، وتزعم بأنها من الموروثات القديمة البالية التي يجب أن تستبدل بما عند الغرب، وسيأتي مزيد تفصيل عن هذه النقطة في الجمعة القادمة، إن شاء الله تعالى.

أيها المسلمون: إن الفوضى الفكرية التي يعيشها العالم المعاصر، والاضطراب الهائل في المفاهيم، والتناقض المكشوف في المعتقدات والمبادئ، كان سبباً في الإخلال بالثوابت، والتمرد على الدين والأخلاق.

لقد وُجد الانسلاخ من الدين في العالم الغربي، والخروج عما استقر في الفطر السليمة، والعقول الصحيحة، وأجلب أعداء الله تعالى بخيلهم ورَجِلهم، وسعَوا إلى بثِّ هذا الانحراف في بلاد المسلمين، وجاء أقوامٌ من هذه الأمة يتتبَّعون مسلك أولئك المنتكسين حذو القذة بالقذة، فلا عجب أن تظهر العلمانية والليبرالية في بلاد المسلمين، بعد أن ظهرت في العالم الغربي، والتي تنادي برفض ما هو قديم وثابت، بما في ذلك المعتقدات والأخلاق، وتغيير المسلّمات والحقائق الثابتة، وضرورة التحول والتطور من الأفكار القديمة إلى مواقف مستنيرة! ثم تؤصَّل هذه الردة، وتُنشر في الآفاق عبر ملاحق أدبية، ومجلات متخصصة، ومحاضرات وندوات ومهرجانات.

فالحذرَ الحذرَ مما يُنشر ويكتب ويُقال، فإن هناك من يدسُّ السم في العسل، وغالب الناس لا يميِّزون، ولا يقرؤون ما وراء السطور، ولو دقق الشخص وتأمل لرأى الردة عن الدين بعينها.

وللحديث بقية..

 

 

 

 

المرفقات

الردة (3)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات