عناصر الخطبة
1/ نخوة العرب في الجاهلية وغيرتهم على الأعراض 2/ إضاءة الإسلام لهذه الأخلاق الفاضلة تزكيةً وتهذيباً 3/ طائفة من التشريعات والوسائل للمحافظة على الأعراض 4/ بعض أسباب ووسائل الأعداء للإفساد وتضييع الأعراض 5/ استغلال أعداء الإسلام للمرأة في مخططاتهم الإفساديةاقتباس
الحجاب والجلباب دليلٌ على توقير المرأة وهيبتها؛ فإن المرأة المحجبة مهابة موقرة في مأمن من الإيذاء، وتطاول الفسَقَة، وإيذاء السفهاء، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) ..
الحمد لله الحيِيِّ السِّتِّيرِ، الذي يحب الحياء والستر، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه واستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بحراسة الفضيلة، ونهى عن الرذيلة: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء:27].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، كان أشَدَّ حياءً من العذراء، وأشدَّ غيرةً من الكتيبة الخرساء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الغيورين على دينهم وأعراضهم ومحارمهم، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [الحشر:6].
عباد الله: حراسةُ الأعراض وحمايةُ الفضيلة سجيةٌ عربيةٌ، وكريمةٌ من كرائم العرب وأخلاقهم الفاضلة، فلقد كان العرب في الجاهلية يعدُّون المرأةَ ذروةَ شرفهم، وعرضها عنوانَ مجدهم؛ ولذلك فقد تفننوا في حمايتها والمحافظة عليها، والدفاع عنها زوجةً وأماً، ابنةً وأختاً، قريبةً وجارةً، حتى يظل شرفهم سليماً من الدنس، ويبقى عرضهم بعيداً من أن ُيمس.
ولم يكن شيءٌ يثيرُ القومَ كالاعتداءِ على نسائهم أو المساسِ بهنَّ؛ ولذلك كانوا يتجشمون في الدفاع عنهن كُلَ صعبْ، ولا يضنون بأي غالٍ، لقد كانت الغيرةُ تولدُ مع القوم وكأنهم رضعوها فعلاً مع لبَان الأمهات.
بل إن العدوان على العرض يجرُّ الويلاتِ والحروب، وقد وصل العرب في الغيرة أن جاوزوا الحد، حتى كان بعضهم يئد بناته مخافة لحوق العار بهم من أجلهنَّ.
ومن نخوة العرب وغيرتهم أنه كان من عادتهم إذا وردوا الماء أن يتقدم الرجال والرعاء ثم النساء إذا صدرت كل الفرق المتقدمة، فمن تأخر عن الماء حتى تصدر النساء فهو الغاية في الذل.
وكان من مظاهر الغيرة عند العرب سترُ النساء ومنعُهنَّ من الظهور أمام الرجال، يقول الأفوه الأودي:
نقاتلُ أقوماً فنَسْبِي نساءَهُم *** ولَمْ يَرَ ذُو عِزٍّ لِنَسْوَتِنَا حِجْلَاً
على أنهم كانوا يفخرون بغَضِّ البصر عن الجارات، ويعتبرون ذلك من العفة والغيرة على الأعراض، وما أجمل قول عروة ابن الورد:
وإن جارتي ألْوَتْ رياحٌ ببيتِها *** تغافَلْتُ حتى يسترَ البيت جانبُه
وقول عنترة بن شداد:
وأغضُّ طَرفي ما بدَتْ لي جارَتي *** حتَّى يواريَ جارتي مأْوَاها
لقد كانوا بحق حراسَ أعراضٍ، وحماةَ فضيلة بصدقٍ، على الرغم من جاهليتهم الجهلاء، فجاء الإسلام العظيم بنوره الوضاء لهذه الأخلاق الفاضلة العالية مهذباً ومزكياً، فنبي الرحمة -عليه الصلاة والسلام- بعث ليتمم صالح الأخلاق، ويقوّمَ ما انحرف منها، ويسمو بها وبأمثالها.
لقد حمد الإسلام الغيرةَ، وشجع المسلمين عليها، ذلك أنها إذا تمكنت في النفوس كان المجتمع كالطود الشامخ حميةً ودفاعاً عن الأعراض، ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغيرة في رجالها، وضعت الصيانة في نسائها.
والمؤمنُ الحقُ غيورٌ بلا شطَط، يَغار على محارم الله أن تُنتهَك، وفي الحديثِ أنَّ سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال كلاماً بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دل على غيرته الشديدة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أتعجبون من غَيْرَةِ سعد، لَأَنا أغيرُ منه! والله أغير مني!"، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا أحدَ أغيرُ من الله؛ ولذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن" رواهما البخاري. ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "إن المؤمن يَغَار، والله أشد غيراً " رواه مسلم.
عباد الله: ومن أجل حراسة الأعراض أَمَرَ الإسلام بعددٍ من الأوامر والنواهي؛ ليحفظ للمجتمع طُهره ونقاءه، ويكون المجتمع المسلم نظيفاً من الآفات، سليماً من المكدرات.
فمن وسائل حفظ الأعراض وحراستها الحجاب؛ فالحجاب -عباد الله- دليل على الفضيلة، وقائد إلى الحشمة، وحماية للمجتمع من الفاحشة والرذيلة، فقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء، ولا سبيل إلى الحد منها إلا بالحجاب، والقرار في البيوت، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء" متفق عليه، وعند الإمام مسلم أنه قال: "فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن فتنة بني إسرائيل في النساء".
ولذلك فرض الله على المسلمات ستر مفاتنهن، وعدم إبداء زينتهن، يقول سبحانه تعالى: ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، إلى قوله تعالى: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31].
الحجاب والجلباب دليلٌ على توقير المرأة وهيبتها؛ فإن المرأة المحجبة مهابة موقرة في مأمن من الإيذاء، وتطاول الفسَقَة، وإيذاء السفهاء، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الأحزاب:59]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "المرأة عورةٌ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان" رواه الترمذي وإسناده حسن.
الحجابُ حصنٌ حصينٌ للمرأة يحميها من الأعين الجائعة، والقلوب المريضة؛ فالمحجبة لا تتسابق النظرات الجارحة إليها، ولا تواجه أذى الفُساق؛ لأنها حفظت أوامر الله تعالى فحَفِظَها.
ومن أجل حراسة الأعراض وحمايتها فقد حرم الإسلام الدخول على النساء لغير محارمهن، كما حرم الخلوة بهن، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والدخولَ على النساء!"، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"، والحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقاربه.
ومن أجل حراسة الأعراض حرَّمَ الإسلامُ سَفَرَ المرأة بلا محرم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجَّةً، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. فقال له: "انطلق فحُجَّ مع امرأتك" رواه البخاري. فالمحرم حارسٌ أمينٌ للمرأة، فلا خلوةَ ولا ريبةَ، وحتى الجهاد يؤمر الرجل بتأجيله من أجل أن يحج مع امرأته، فلا تسافر وحدها.
وحرم الإسلام كذلك خلوتها بالرجل الأجنبي عنها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" متفق عليه. فلا يجوز أن تختلي المرأة بالسائق في السيارة، أو البائع في المتجر، أو بالطبيب في العيادة، أو غير ذلك.
ومن وسائل حراسة الأعراضِ الحياءُ، فــــ "الحياءُ لا يأتي إلا بخير"، وفي رواية: "الحياء خيرٌ كله" متفق عليه، وجاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار" رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال -عليه الصلاة والسلام-: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري.
ومن وسائلِ حراسةِ الأعراضِ غضُّ البصَر، قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30]، وقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:31]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا علي، إن لك قصراً في الجنة، فلا تُتْبِع النظرةَ النظرة".
وقال القحطاني -رحمه الله- في نونيته:
واغضُضْ جُفونك عن ملاحظة النسا *** ومحاسنِ الأحداثِ والصبيانِ
إن الرجال الناظرين إلى النسا *** مِثْلُ الكلابِ تطوفُ باللحمان
إنْ لم تصن تلك اللحومَ أسودُها *** أُكِلَتْ بلا عِوَضٍ ولا أثْمَانِ
ومن وسائل حفظ الأعراض عدمُ الخضوع بالقول، قال تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب:32].
وتأتي التربية الإسلامية في طليعة الأسباب المهمة لحراسة الأعراض، قال تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) [القصص:25]، قال عمر -رضي الله عنه-: ليست بسلفعٍ من النساء خرَّاجة ولَّاجة؛ بل جاءت مستترة واضعة كُمَّ درعها على وجهها.
مَن لِي بتربيةِ النساءِ فإنها *** في الشرق علةُ ذلِكَ الإخفـاقِ
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعْدَدْتَـها *** أعددْتَ شعبَاً طيبَ الأعـراقِ
والرجل هو المسؤول الأول عن أهل بيته، قال -عليه الصلاة والسلام-: "كُلُّكُمْ راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته"؛ فيأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصية الله قال تعالى في شأن إسماعيل -عليه السلام-: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِلصَّـلَوةِ وَلزَّكَـوةِ وَكَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيّاً) [مريم:55]. ويحذرهم من كل فعل خاطئٍ، بالكلمة الهادفة الطيبة.
وإذا فرط الرجال في القوامة ضاعت الأعراض، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34].
فعلى الآباء والأزواج أن يحذروا من الثقة الزائدة في النساء، وإطلاق الحبل على الغارب للأغرار من الأبناء والبنات، فهي من أسباب ضياع الأعراض، قال عمر -رضي الله عنه-: النساء كلَحْمٍ على وضم إلَّا ما ذُبَّ عنه، والذابُّون عنه هم الرجال.
الخطبة الثانية:
إن مما يهدِّد الأعراضَ التقليدُ الأعمى، كتقليد الكفار والكافرات، والتشبه بالفساق والفاسقات؛ فإن ذلك قادحٌ في كمال عقيدة المسلم والمسلمة، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم"، وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها".
إن مما ابتُليَ به نساءٌ من المسلمات -وللأسف!- تلكم الثياب والتقليعات والقصات وغيرها من الأمور المنكرة والمستوردة من أعداء الملة والدين التي نزعت الحياء وهشمت العفاف.
وتشبه أحد الجنسين بالآخر جالب للعن والمقت، فحذارِ من تشبه المرأة بالرجال في الثياب وهيئة الشعر، فأبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: "لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء".
وممن يضيع الأعراض الصحبةُ السيئةُ، والمرءُ على دين خليله، والصاحب ساحب.
ومما يضيع الأعراضَ خروجُ المرأة بلا ضرورة ومن غير حاجة، وقرارُ المرأة في بيتها هو أعظم عبادة تتعبد بها لله رب العالمين، قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب:33]،
وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقرأ هذه الآية فتبكي حتى تبلَّ خمارها، ويقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: ما تقرَّبَت امرأةٌ إلى الله تعالى بأعظم من قعودها في بيتها؛ فخروج المرأة من بيتها يكون بالضوابط الشرعية، ملتزمة بحجابها وسترها وحيائها، فلا تخرج متعطرةً متطيبةً، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المرأة إذا استعطرت فمرَّتْ عَلَى القومِ لِيَجِدُوا ريحَها، فهي زانية".
ومما يُفْسِدُ الأعراض مخططات أعداء الإسلام، فلقد عرف أعداء الإسلام أن في فساد المرأة وتحللها إفساداً للمجتمع كله، وأنهم متى ما استطاعوا عبور جسر المرأة سهُلَ عليهم السيطرة على المسلمين.
يقول شياطين اليهود في بروتوكولاتهم: علينا أن نكسب المرأة، ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية. وقال آخرُ من ألَدِّ أعداء الإسلام: كأسٌ وغانيةٌ تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألفُ مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات.
ومن حينها باتت دور الأزياء وصيحات الموضة تنسج لنساء المسلمين كل ما يخدش الحياء ويفضي إلى التهتك، من الملابس الضيقة والعارية والقصيرة والمفتوحة، وأصبحت مجلات والأزياء وغيرها تملأ أسواق المسلمين، وعروض الأزياء، حتى غدت المسلمة أسيرةً لآخر الموديلات وأحدث التقليعات!.
عباد الله: ومن أسباب تضييع الأعراض القنوات الفضائية الماجنة التي قد وصلت بها الرذيلة إلى عرض الفاحشة في أقبح صورها! إعلان للفحشاء بوقاحة، وإغراق في المجون بتبجح؛ أغانٍ ساقطة، وأفلام آثمة، وسهرات فاضحة، وقصص داعرة، وملابس عارية، وعبارات مثيرة، وحركات فاجرة؛ كل ذلك يسوق الناشئة على درب التحلل والعدوان على الأعراض.
كذلك مواقع شبكة الإنترنت، وغرف الدردشة، فكم من حديث عابر، وحوار حار، مع صور غير لائقة، أسقطت الفتاة فريسة للذئاب البشرية التي تختفي خلف لوحة المفاتيح، فالتعامل مع هذه الشبكة ينبغي أن يكون بقدَرٍ وبحذر.
أيها الآباء، أيها الأولياء، أيها الأزواج: تذكروا أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى غداً، ومسؤولون عن أهليكم، ومَنْ تحت ولايتكم من النساء والذرية، قال -عليه الصلاة والسلام-: "والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته"، احذروا التبرج والسفور والاختلاط، فإنها والزنا رفيقان لا يفترقان، وصنوان لا ينفصمان غالباً.
إن من صفات المؤمن الحق غيرته على أهله، وقد ورد وعيد شديد فيمن لا يغار على أهله، فقد روى النسائي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُ لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث" وهو حديث صحيح. والديوث: هو الذي لا غيرة له على عرضه وأهله.
معشر الأولياء: إن الأعراض إذا لم تُصن بالعفاف والحصانة واحترام القيود التي شرعها الإسلام وسَنها في علاقة الجنسين فإنها ستؤكل بلا عوض ولا أثمان، وعندها لا ينفع بكاء ولا ندم، واللوم أولاً وأخيراً يقع على ولي البنت الذي ألقى الحبل على غاربه، وأرخى لابنته العنان.
أتَبكي على لُبْنَى وأنتَ قتَلْتَهَا *** لقد ذَهَبَتْ لُبْنَى فَمَا أنتَ صانعُ؟
اللهم احفظ نساء المسلمين من كيد الكائدين، وتربص المتربصين، واجعلهن هاديات مهديات، بالصحابيات مقتديات، وعن الضلال معرضات، وللكتاب والسنة مقتفيات، اللهم مَن أراد بنسائنا سوءا وفتنة ومكيدة وتبرجاً وسفوراً، اللهم فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه يا سميع الدعاء، اللهم أقِرَّ أعيينا برؤية زَرْعِ الإسلام وقد استوى على سوقه، يُعْجِبُ الزُّراع ليغيظ بهم الكفار...
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم