عناصر الخطبة
1/الإسلام يقوم على تعظيم لله ورسوله وشرعه 2/الاستهزاء بشيء من الدين ردة صريحة عن الإسلام 3/تفشي الاستهواء بالدين في أوساط بعض المسلمين ووجوب التصدي للمستهزئيناقتباس
أيها المؤمنون: إنَّ ديننا الإسلام دينٌ عظيم مبني على التعظيم؛ التعظيم لله -عزَّ وجل-، والتعظيم لشرعه، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32]، وكلما قويَ التعظيم في القلب أذعن وانقاد واستسلم وأطاع، وإذا انحلَّ القلب من التعظيم تمرَّد على هذا الدين، بل وتحوَّل عبداً ساخراً مستهزئاً متهكما. إننا لا نتصور وجود شخص في ديار الإسلام يكتب كلاماً فيه...
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمد الشاكرين، وأثني عليه ثناء الذاكرين، أحمده تبارك و-تعالى- بمحامده التي هو لها أهل، وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعظيمٍ لجنابه، وإيمانٍ بعظمته وجلاله وكبريائه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله الداعي إلى صراط الله المستقيم، ودينه القويم، صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها المؤمنون -عباد الله-: اتقوا الله -تعالى-؛ فإن في تقواه جل وعلا سعادة الدنيا، والفوز بثواب الله، والنجاة من عقابه وسخطه سبحانه.
وتقوى الله -عز وجل-: عملٌ بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء ثواب الله، وتركٌ لمعصية الله على نورٍ من الله خيفة عذاب الله.
أيها المؤمنون -عباد الله-: إنَّ ديننا الإسلام دينٌ عظيم مبني على التعظيم؛ التعظيم لله -عزَّ وجل-، والتعظيم لشرعه، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32]، وكلما قويَ التعظيم في القلب أذعن وانقاد واستسلم وأطاع، وإذا انحلَّ القلب من التعظيم تمرَّد على هذا الدين، بل وتحوَّل عبداً ساخراً مستهزئاً متهكما.
وهذا -عباد الله- يكشف لنا سرَّ الانحلال الذي يبتلى به بعض الناس ويصاب به بعض العباد.
إننا -أيها المؤمنون- لا نتصور وجود شخص في ديار الإسلام يكتب كلاماً فيه استهزاءٌ بالله -جلَّ وعلا- أو استهزاءٌ برسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو استهزاءٌ بشيءٍ من شرع الله -عز وجل-، لكن ذلك القلب إذا انحلَّ منه التعظيم لله -عز وجل- أتى بالعجائب والغرائب، فمدار صلاح الإنسان وفلاحه على صلاح قلبه وزكائه: "أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ".
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن الاستهزاء بالله أو برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو بشيءٍ من شرائع الإسلام وأحكام الدين ردةٌ عن الإسلام، وجريمةٌ عظمى، ومصيبةٌ كبرى لا تصدُر من قلبٍ مؤمن، فوجود هذا الاستهزاء دليلٌ على الكفر وذهاب الإيمان، ولهذا قال الله -تعالى- في سورة التوبة التي تسمى الفاضحة؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- فضح فيها المنافقين، وهتك أستارهم، وكشف عن مخازيهم، يقول الله -عز وجل-: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)[التوبة: 64-66].
إنَّه الإجرام الفظيع والتعدي الشنيع أن يتطاول إنسان خَلَقه الله -عز وجل- ومنَّ عليه بالسمع والبصر والفؤاد والحواس فيتلفظ لسانه تطاولاً على الله رب العباد، أو تطاولاً على شرع الله -عزَّ وجل-، أو تهكماً واستهزاءً برسوله ومصطفاه -صلى الله عليه وسلم-، أو تعدِّياً على شيءٍ من شرع الله وأحكام الله، أين عقل هذا الإنسان؟! أين فكره؟! أين وعيه؟! أين معرفته؛ إذا كان سمح للسانه أن يتلفظ بتلك الألفاظ، وأن يتعدى ويتجاوز بتلك التعديات والتجاوزات؟
لما قَفَل النبي -عليه الصلاة والسلام- من غزوة تبوك وأبلَى وأبلى الصحابة معه بلاءً عظيماً، قال أحد المنافقين في مجلس من المجالس: "ما رأينا مثل قُرَّاءنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء"، فقال رجل في المجلس: "كذبتَ؛ ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، فبلغ ذلكم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونزل بذلكم القرآن، فجاء ذلك الرجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتذر مما قال، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينظر إليه ولا يلتفت إليه ولا يزيد على أن يقول له: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)[التوبة: 65-66]، وقول الله -جل وعلا-: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فيه دليلٌ أن قائل هذه المقالة كان قبلها من أهل الإيمان فتحوَّل بمقالته تلك إلى مرتدٍّ كافر بالله -سبحانه وتعالى-، وهذا مما يوضح لنا قول النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح البخاري وغيره: "وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ".
أيها المؤمنون -عباد الله-: وفي ظل وجود مثل هذه الآفة وصدور مثل هذه الأقاويل في كلماتٍ تُكتب وألفاظٍ تسطَّر من أناسٍ هم من بني جلدتنا ومن أبناء المسلمين، وفي ديار المسلمين تتأكد المسؤولية، ويعظم الواجب في صيانة الأبناء، وحفظ النشء، وقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)[التحريم: 6].
إنه -أيها المؤمنون- خطرٌ عظيم يداهم أبناء المسلمين من هنا وهناك من خلال وسائل انفتحت على الناس فجرَّت بلاءً عظيما وشراً مستطيرا؛ يجلس الواحد من أبناء المسلمين مع ضعفٍ في العلم، وقلةٍ في الفهم، وعدم بصيرةٍ بالاعتقاد يجلس أمام قنوات فضائية مسمومة، ومواقع في الشبكة العنكبوتية موبوءة يسمع لهذا، ويقرأ لذاك، ثم مع الاستماع والقراءة يحصل مثل هذا التمرد والانحلال؛ مما يتطلب -عباد الله- منَّا أجمعين أن نحرص على صيانة أنفسنا وأبناءنا وبناتنا بتسليحهم بالاعتقاد الصحيح، والإيمان الراسخ، والصلة العظيمة بالله -تبارك وتعالى-، وأن نحذِّرهم أشد الحذر من تلك المواقع وتلك القنوات التي تبثُّ السموم، وتنشر المجون والكفر والإلحاد، يجب علينا -عباد الله- أن نتقي الله -عزَّ وجل- في أنفسنا وأهلينا وأولادنا، وأن نحرص على رعايتهم وصيانتهم من تلك الآفات العظيمة والبلايا الجسيمة.
اللهم يا ربنا ويا خالقنا ومولانا سلِّمنا يا رب العالمين، ونجِّنا من هذه الفتن، واحفظ أبناءنا وبناتنا.
اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا وجنِّبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم وأصلح لنا نيَّـاتنا وذرياتنا ولا تكِلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أيها المؤمنون: اتقوا الله -تعالى-.
يقول الله -سبحانه-: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الإسراء: 36].
أيها المؤمنون: من تذكر وقوفه بين يدي الله، وأنَّ الله -عزَّ وجل- سائله في ذلك اليوم العظيم عن سمعه وبصره وفؤاده فإن هذا التذكر ينفع العبد نفعاً عظيماً في صيانة هذه الحواس، وإبعادِها عن كلِّ ما يُسخط الله -جل وعلا- ويُغضبه، فالسمع والبصر وغيرهما من الحواس لها آفات ولها شرور، والسلامة من ذلك بالفزع إلى الله وحُسن اللجوء إليه سبحانه، وبالأخذ بالأسباب النافعات التي يكون بها صيانة هذه الحواس من كل أمرٍ يُغضب الله -جل وعلا- ويُسخطه.
أيها المؤمنون: والكيِّس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة.
وصَلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام الحث على الإكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة الجمعة ويومها.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد. وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين؛ أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم انصرهم في أرض الشام وفي كل مكان، اللهم كن لنا ولهم حافظاً ومعِينا ومسدِّداً ومؤيِّدا، اللهم كن لنا ولهم ولا تكن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسِّر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا.
اللهم اجعلنا لك ذاكرين، لك شاكرين، إليك أواهين، لك مخبتين، لك مطيعين.
اللهم تقبَّل توبتنا، واغسل حوبتنا، وثبِّت حجتنا، واهدِ قلوبنا، وسدِّد ألسنتنا، واسلُل سخيمة صدورنا.
اللهم واغفر لنا ذنبنا كله؛ دقَّه وجله، أوله وآخره، سرَّه وعلنه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم إنا نسألك حبك، وحبَّ من يحبك، وحبَّ العمل الذي يقرِّبنا إلى حبك.
اللهم زيِّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.
اللهم أصلح ذات بيننا وألِّف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].
عباد الله: أذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم