عناصر الخطبة
1/قرب رحيل شهر رمضان 2/الأعمال بالخواتيم 3/ ثلاث مكافآت ومكفرات 4/أحكام زكاة الفطر 5/سنن صلاة العيد وآدابه 6/صوم ستّ من شوال.اقتباس
فإن كنتَ تلذذتَ بساعاتٍ رَوحانيةٍ، وأجواءٍ إيمانيةٍ فلتواصلْ هذه اللذةَ بعدَ رمضانَ بقيامِ ولو دقائقَ قبلَ الفجرِ، أو قبلَ أن تنامَ، وتعوَّدْ على حزبٍ من القرآنِ، ولا تنقص عن ختمةٍ شهريةٍ... ومن كرمِ ربِنا بِنا ورحمتهِ لنا أن شرعَ لنا بعد ختامِ شهرِنا ثلاثَ مكافآتٍ ومكفراتٍ، وإنهنَّ لَعباداتٌ جليلاتٌ، يزدادُ بها إيمانُنا، ونكمِّلُ بها ما نَقَصَ من عباداتِنا...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ حمدَ الشاكرينَ، الحمدُ للهِ بالإسلامِ والإيمانِ، والحمدُ للهِ بالقرآنِ، والحمدُ للهِ على بلوغِ أكثرِ رمضانَ، والحمدُ للهِ على الصحةِ والأمانِ.
فلكَ المحامدُ والمدائحُ كلُّها *** بخواطِري وجوارحي ولساني
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ:
وعلى رسولِكَ أفضلُ الصلواتِ والتسـْ *** ـليمِ منكَ وأكملِ الرضوانِ
أما بعدُ: فيا أيُها المريدونَ رضوانَ اللهِ: هذا هو شهرُكم قد تتابعَتْ لياليهِ بإسراعٍ، وقاربَتْ رحلتهُ على الإقلاعِ؛ "وكأنَّ كبِدًا لم تَظمأْ، وكأنَّ عينًا لم تَسهرْ؛ فقد ذهبَ الظمأُ وبقيَ الأجرُ".
لكنْ لنبادِرْ آخرَ ساعاتِه قبلَ الانقضاءِ، فقد بقيَتْ منها بقيةٌ لعلها أفضلُ مما سلفَ، فاهْتَبِلْ هذه الفرصةَ السانحةَ، فلعلَكَ لا تدركُها فيما بعدُ؛ فاللهُ سمَّاها (أيَّامًا مَعْدُودَاتٍ)[البقرة: 184]، وها قد بقيَتْ منها ساعاتٌ معدوداتٌ.
فإن كنتَ تلذذتَ بساعاتٍ رَوحانيةٍ، وأجواءٍ إيمانيةٍ فلتواصلْ هذه اللذةَ بعدَ رمضانَ بقيامِ ولو دقائقَ قبلَ الفجرِ، أو قبلَ أن تنامَ، وتعوَّدْ على حزبٍ من القرآنِ، ولا تنقص عن ختمةٍ شهريةٍ.
يا أيُها المودِّعونَ لرمضانَ: من كرمِ ربِنا بِنا ورحمتهِ لنا أن شرعَ لنا بعد ختامِ شهرِنا ثلاثَ مكافآتٍ ومكفراتٍ، وإنهنَّ لَعباداتٌ جليلاتٌ، يزدادُ بها إيمانُنا، ونكمِّلُ بها ما نَقَصَ من عباداتِنا، وتتمُ بها علينا نعمةُ ربِنا. والمكافآتُ الثلاثُ هن: زكاةُ الفطرِ، وصلاةُ العيدِ، وصومُ ستٍ من شوالَ.
فأما زكاةُ الفطرِ؛ فإنه لما كان صيامُنا لا بدَ أن يعتريَه النقصُ؛ شرعَ الكريمُ الرحيمُ بنا ما يُسدِّدُ نقصَه ويكمِّلُهُ، بهذه الزكاةِ الطعاميةِ الختاميةِ، التي هي طهرةٌ للصائمِ من اللغوِ والرفثِ، وطُعمةٌ للمساكينِ. قالَ وكيعٌ -رحمهُ اللهُ-: "زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ".
وإليكمُ الآنَ سبعَ مسائلَ في زكاةِ الفطرِ:
1- مَن أدّاها اليومَ أو غداً فلا حرجَ، والأفضلُ دفعُها بعد صلاةِ فجرِ العيدِ، والمتزوجونَ حديثًا قد يَنْسَونَها فذكِّرُوهم.
2- يجوزُ أن تعطيَ الفقيرَ الواحدَ فطرتينِ، فأكثرَ.
3- لا تظنوا أنه لا يُزكَّى إلا بالأرزِ، بل يجوزُ الزكاةُ بالدقيقِ وبالمكرونةِ لأنها قوتٌ.
4- الأفضلُ أن يفرقَها بنفسهِ مع أولادهِ ليستشعِرُوا هذه الشعيرةَ العظيمةَ.
5- العاملُ لو تبرعَ كفيلُهُ عنه فلا بأسَ، ويَلزمُهُ إعلامُهُ لينويَها.
6- يجوزُ للفقيرِ الغائبِ أن يوكِّلَ مَن يَقبضُ ما يُدفَعُ له من زكاةٍ؛ ليأخذَها بعدَ العيدِ. ولذا فجمعياتُ البرِ عندَنا وكلاءُ في قبضِها عن مستحقِيها، يوزعُونَها سائرَ السنةِ.
7- إخراجُها نقوداً بدلَ الطعامِ لا يُجزئُ؛ لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"؛ أي: مردودٌ. ولا مَلامَ على الفقيرِ أن يبيعَ زكاتَه التي دفَعَها الأغنياءُ له؛ لأنهُ مَلَكَها.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلاماً على النبيِ المصطفى، أما بعدُ:
فأما المكفِّرُ والمكافأةُ الثالثةُ بعدَ رمضانَ فهيَ حضورُ صلاةِ العيدِ. فقد ذهبَ بعضُ العلماءِ أن مَن تخلفَ من الرجالِ عن صلاةِ العيدِ فهو آثمٌ؛ قالوا: لأن النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرَ النساءَ حتى الحُيَّضَ، وذواتَ الخُدورِ –الشابات الصغيرات- أن يشهَدْنَ العيدَ. والرجالُ أولَى، ولو كانت فرضَ كفايةٍ لكانَ الرجالُ قد قامُوا بها.
وإليكم سبعَ مسائلَ للعيدِ:
1- يُسنُ الأكلُ قبلَ صلاةِ العيدِ تمراتٍ وترًا.
2- يُشرعُ للنساءِ الخروجُ للمصلَّى؛ ليَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ.
3- تُسنُ مخالفةُ الطريقِ، بأن يذهبَ من طريقٍ، ويأتيَ مِن آخرَ.
4- احرصْ أن تبدأَ الناسَ بتهنئتِهِم، قبلَ أن يُهنئوكَ، ومن الحرمانِ تضييعُ فرصةِ الزياراتِ والمعايداتِ بحجةِ النومِ، والزهدُ باللقاءاتِ العائليةِ.. فإن صعُبَتِ الزيارةُ فالاتصالُ ورسائلُ الجوالِ تؤدِي المطلوبَ، وتؤنِسُ القلوبَ.
5- إظهارُ الفرحِ بالعيدِ سُنةٌ تؤجرُ عليها، فبذلكَ فلتفرحُوا.
6- من السُّنةِ اجتماعُ الناسِ على الطعامِ في العيدِ. قالَ ابنُ تيميةَ: "جمعُ الناسِ للطعامِ في العيدينِ وأيامِ التشريقِ سُنةٌ، وهو من شعائرِ الإسلامِ التي سنَّها رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
7- من البدعِ تخصيصُ زيارةِ القُبورِ يومَ العيدِ: فهذا لا أصلَ له في السُنَّة.
وصومُ ستٍ من شوال، فيه أجر عظيم؛ ففي الحديث: "مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ"(رواه مسلم)؛ فلا تفوتوا هذا الأجر العظيم.
هذا ولنكن كلَّ جمعةٍ أكثرَ صلاةً على نبيِنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنكونَ أكثرَ قُرباً منه. فقد قَالَ: "أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً"(رواهُ البيهقيُ وحسنَهُ المنذريُ وابنُ حجرٍ والألبانيُّ).
فاللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.
اللهم لك الحمدُ يا من هو للحمدِ أهلٌ، أنت أهلُ الثناءِ والمجدِ.
اللهم لك الحمدُ على بلوغِ رمضانَ إلى هذهِ الساعةِ، اللهم لك الحمدُ على الإيمانِ والأمانِ، والعافيةِ في الأبدانِ.
اللهم اقبل منا الصيام والقيام، واعفُ اللهم عن التقصيرِ والآثامِ.
اللهم اجعل خيرَ أعمالِنا آخرَها، وخيرَ أيامِنا يومَ لقاكَ.
اللهم انصرْ إخوانَنا في غزةَ على اليهودِ الغاصبينَ.
اللهم واكفِنا كيدَ مَن كادَ بنا، واحفظ أمنَنا وإيمانَنا، واحفظْ شبابَنا وبناتِنا وأعراضَنا ومجاهدِينا ومرابطِينا.
اللهم وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِهِ لما فيه عزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمينَ. اللهم اجزِهم خيراً على بذلِهم لرعيتِهم وللمسلمينَ.
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم