تهنئة حجاج بيت الله الحرام وعبرة من انقضاء الأعوام

الشيخ د أحمد بن علي الحذيفي

2024-06-28 - 1445/12/22 2024-06-29 - 1445/12/23
التصنيفات: الحج
عناصر الخطبة
1/تهنئة الحجيج بإتمام الله عليهم نعمته 2/شوق المؤمنين إلى بلاد الحرمين خير البقاع 3/وجوب مراعاة حرمة الزمان وحرمة المكان 4/التذكر والاعتبار بمضي الأيام والأعمار

اقتباس

إن المدينتين المقدستين مكة والمدينة، هما مهبط وحي الله، ومشرق شمس الرسالة، إنها الديار المبارَكة والأرض المقدَّسة، التي هبط إليها وحي الله، وحطَّتِ الرسالةُ فيها رحالَها، وألقت عصا تسيارها، حُقَّ للمسلم أن يهوي إليها فؤاده، ويطير نحوها قلبه...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، الحمد لله الذي أكمَل لنا هذا الدينَ وأتمَّه، فأسبَلَ علينا ذوائبَ المنة، وأسبغَ أثوابَ النعمةِ، أشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، اختصَّنا بصفوة رسله وجعلَنا من خير أمة، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسله للعالمين رحمة، وبعثه بالهدى والبينات والحكمة، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه بإحسان وأمه.

 

أمَّا بعدُ، معشر المؤمنين والمؤمنات: فهنيئًا لنا ولكم ما أهلَّ اللهُ من سحائب نعمائه، وما أهالَ من كثائب آلائه، طلائع نعم تغدو وتروح، وطوالع منن تأتلق وتلوح.

 

هنيئًا لحجاج بيت الله وقاصديه نعمة إتمام المناسك، وهنيئًا لولاة أمر هذه البلاد خدمة الحرمين، ورعاية الحج والناسك، فلله الحمد على سوابغ فضله وسوابقه، حمدًا نعترف بالعجز عن الوفاء بحقه، ونقر بفضل مسديه -تعالى- ومستحقه.

 

إخوةَ الإيمانِ: إن المدينتين المقدستين مكة والمدينة، هما مهبط وحي الله، ومشرق شمس الرسالة، إنها الديار المبارَكة والأرض المقدَّسة، التي هبط إليها وحي الله، وحطَّتِ الرسالةُ فيها رحالَها، وألقت عصا تسيارها، حُقَّ للمسلم أن يهوي إليها فؤاده، ويطير نحوها قلبه، قلت للقلب إذ تراءى لعيني رسم دار لهم فهاج اشتياقي

هذه دارهم وأنتَ محبٌّ *** ما احتباسُ الدموعِ في الآماقِ

حُلَّ عِقْدَ الدموع وَاحْلُلْ رُبَاها *** وَاهْجُرِ الصبرَ وارعَ حقَّ الفِرَاقِ

 

في هذه البقاع الطاهرة تُسكَب عبراتُ الأحداق، وتُكتَب عباراتُ الأشواق، فعظِّموا لهذه البقاعِ قدرَها، واعرفوا لها حرمتَها، فقد اجتمع لكم شرفُ الزمانِ وشرفُ المكانِ وشرفُ المقصدِ.

 

ألَا وإن الزمان الشريف والمكان المنيف، يعظم فيهما جزاء العمل الصالح، كما تعظم العقوبة؛ لاجتراء العبد على حرمة الزمان والمكان، كما قال تعالى وتقدس: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[الْحَجِّ: 25]، فعلق جلَّ شأنُه العقوبة بالإرادة، فكيف بالفعل، وقال -صلوات الله وسلامه عليه-: "المدينة حرم، من أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عد".

 

تقبَّل اللهُ منا ومنكم صالحَ الأعمال، وحقَّق لنا ولكم شريفَ الآمال، وبارَك لنا ولكم في الكتاب والسُّنَّة، وجعَل تقواه لنا خيرَ زاد وجُنَّة.

 

أقول ما سمعتُم، وأستغفِر اللهَ العظيمَ لي ولكم فاستغفِروه، إنه كان عفُوًّا غفورًا.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله (الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)[الْفُرْقَانِ: 62]، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، -تعالى- عمَّا يقول المبطلون علوًّا كبيرًا، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثه بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعدُ: فإن التقوى خير زاد وأوطأ مهاد وأرفع عماد، هي زينة لمن ارتدى أثوابها، وجنة لمن تدرع بها؛ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)[الْبَقَرَةِ: 197].

 

أيها المؤمنون والمؤمنات: إنَّا حين نودع موسم الحج فإنَّنا نودع معه عامًا هجريًّا ونستقبل آخَرَ؛ فهي أيام تُطوى وأيام تنشر، تدعو إلى إطلاق عنان الفكر في هذه الدنيا، والاعتبار في ماضي الزمان وآتيه، وأن الأيام مراحل ورواحل، إنما هو زمن يقبل وأيام تدبر، دهر يتصرَّم وشباب يهرم، فلا سرور دائم، ولا حزن ممتد، إنما يستفتح المؤمن عامه بتباشير التفاؤل والآمال، ويودع ما مضى من أيامه، بما استودعها من صالح النيات والأقوال والأعمال.

 

ألَا وأكثِرُوا من الصلاة والسلام، على صفوة الخلق وسيد الأنام، اللهُمَّ صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحابته الغُرّ الكرام، وعلى التابعينَ ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، ما انقضى عامٌ وتوالى إنعامٌ.

 

اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الكفرَ والكافرينَ، واجعل هذا البلد المبارك محفوظًا مصونا يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهُمَّ وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين ووليَّ عهده لما تحب وترضى، اللهُمَّ وفقهما لما فيه صلاح العباد والبلاد، ولما فيه خير الدنيا والدين يا ربَّ العالمينَ، واجزهما على ما يقدمانه من خدمة الحرمين، ورعاية قاصديهما الجزاء الأوفى.

 

اللهمَّ تقبَّلْ من الحُجَّاج حجَّهم، وصالحَ أعمالهم، ورُدَّهم لديارهم وأهليهم، بذنب مغفور، وتجارة لن تبور، اللهمَّ أصلِحْ أحوالَ المسلمينَ في كل مكان، وانصُرهم على عدوكَ وعَدُوِّهم يا قويُّ يا متينُ.

 

عبادَ اللهِ: استديموا فضل ربكم بشكره، واحفظوا نعمته باتباع أمره، والهجوا بدعائه وذكره، سبحان ربنا رب العزة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المرسَلينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

 

 

المرفقات

تهنئة حجاج بيت الله الحرام وعبرة من انقضاء الأعوام.doc

تهنئة حجاج بيت الله الحرام وعبرة من انقضاء الأعوام.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات