تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة

ناصر بن محمد الأحمد

2015-03-09 - 1436/05/18
عناصر الخطبة
1/قصة يونس -عليه السلام- والعبرة منها 2/قصة هلاك فرعون والعبرة منها 3/قصص رائعة في استغاثة الأنبياء بالله واستجابته لهم 4/قصة أصحاب الغار 5/شدة الموت وكيفية تفريج ذلك 6/حال المتعرفين والمعرضين عن الله في الآخرة

اقتباس

أيها المسلمون: إن الشدائد في طريقنا لن تخطئنا، ولن نخطئها، وإن خير ما نَلقى به هذه الشدائد معرفة الله في الرخاء، فالصحة رخاء، والشباب رخاء، والمال رخاء، والأمن رخاء، والفراغ رخاء والقوة رخاء، فهل عرفنا الله في هذا الرخاء؟ وأما الشدائد، فقد تخطئنا شدة الفقر فلا نفتقر، وقد تخطئنا شدة المرض فلا نمرض، ولكن لن تخطئنا الشدة التي لا أشد منها، هل تعلمون ما هو -يا عباد الله-؟ إنه...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: كم مضى من عمر الحياة؟ وكم سلف من العصور؟ وكم تقلب من الدهور، أمم على إثرها أمم، وأجيال تعقب أجيالاً، ورجال على إثر رجال، أحوال متباينة، وصور متغايرة، وأمور تدار، والله يخلق ما يشاء ويختار، لا معقب لحكمه، وهو شديد المِحال؟

 

لقد نطق رسولنا -صلى الله عليه وسلم- بالوحي عندما قال: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

نحفظ هذا الحديث؛ لكن تعاملنا مع الواقع والحياة فيها بعد كبير عن المعاني العظيمة التي يحملها.

 

فتأمل معي -يا عبد الله- هذه القصص والأخبار.

 

هذا نبي الله يونس بن متّى -عليه الصلاة والسلام- يسقط في لجج البحار، فيبتلعه الحوت، فيصير في ظلمة جوف الحوت، وظلمة جوف البحر، وظلمة الليل، في ظلمات ثلاث، فلا أحد يعلم مكانه، ولا أحد يسمع نداءه، ولكن يسمع نداءه من لا يخفى عليه الكلام، ويعلم مكانه من لا يغيب عنه مكان، فدعا وقال وهو على هذه الحال: (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87].

 

فسمعت الملائكة دعاءه، فقالت: صوت معروف في أرض غريبة، هذا يونس لم يزل يُرفع له عمل صالح، ودعوة مستجابة، فيجئ الجواب الإلهي له: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[الصافات: 143 - 144].

 

أتاه الجواب بالنجاة: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)[الأنبياء: 88].

 

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "ما كان ليونس صلاة في بطن الحوت، ولكن قدم عملاً صالحاً في حال الرخاء، فذكره الله في حال البلاء، وإن العمل الصالح ليرفَع صاحبه، فإذا عَثَرَ وجد متكأً".

 

وقبله قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

أيها المسلمون: وفي البحر قصص أخرى، وعبر تترى، فهذا الطاغية فرعون يدركه الغرق فيدعو بالتوحيد: (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[يونس: 90].

 

وسمعت الملائكة دعاءه، فنـزل جبريل إليه مسرعاً، هل جاءه منجداً؟

 

الجواب: لا.

 

هل جاءه مغيثاً؟

 

أيضاً: لا، وإنما نزل مسرعاً، وصار يأخذ من طين البحر، ووحَلِه ويدسه في فمه خشية أن تدركه الرحمة، وبعدها آتاه الجواب: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)[يونس: 91].

 

لقد سمعت الملائكة دعاء كلا المكروبين، ولكن فرق عظيم، فالأول: تقول فيه: "صوت معروف في أرض غريبة، هذا يونس لم يزل يُرفع له عمل صالح، ودعوة مستجابة".

 

وأما الآخر، فينـزل جبريل يدس الوحل في فمه خشية أن تدركه الرحمة، يا ترى ما الفرق بين الحالين؟ والكرب واحد؟ والصورة واحدة؟!

 

إن الفرق واضح، والبون شاسع، فرق بين من عرف الله في الرخاء ومن ضيعه، فرق بين من أطاع الله في الرخاء ومن عصاه، فيونس -عليه السلام- رخاؤه، صلاة ودعاء ودعوة، وفرعون رخاؤه، ظلم وفسق وكفر وجحود.

 

لقد صدق رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

أيها المسلمون: ولا يزال لطيف صنع الله -عز وجل- بأوليائه وعباده الصالحين يتوالى عليهم في حال الشدائد والكُرَب، يفرّج كربهم، وينفِّس شدائدهم، حيث كان لهم مع الله معاملة في الرخاء.

 

فهذا نبي الله أيوب -عليه السلام-، كان كثير المال، من سائر صنوفه وأنواعه، من العبيد والأنعام والمواشي والأراضي، وكان له أولاد كثير وأهلون، فسُلب ذلك كله، وابتلي في جسده بأنواع البلاء، لم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر بهما ربه، وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، ترعى له حقه، فضعفت حالها، وقل مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر، ثم عافها الناس لما عرفوا أنها زوجة أيوب خشية أن تعديهم، وكانت تقول له: يا أيوب لو دعوت ربك لفرّج عنك، فقال: "لقد عشت سبعين سنة صحيحاً، فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة؟".

 

ولما عافهما الناس اضطرت أن تبيع ظفائرها، فعندما علم أيوب بذلك نادى ربه: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[الأنبياء: 83].

 

فيأتيه الجواب: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)[الأنبياء: 84].

 

لقد صدق رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

ثم هذا زكريا -عليه السلام- يدخل على مريم -عليها السلام- فيجد عندها رزقا، يجد عندها فاكهة لم يأتِ أوان حصادها بعد، قال: (أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ)[آل عمران: 37].

 

ورجع زكريا وفكر ورأى، فإذا هو طاعن في السن وامرأته مع كبر السن عقيم لا تلد، ولكن الذي يرزق الشيء في غير أوانه، قادر على أن يرزقه ولداً، وإن كان طاعناً في السن، وامرأته عاقرا، قال بعض السلف: فقام من الليل فنادى ربه مناداة أسرّها عمن كان حاضراً عنده، فقال: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)[مريم: 4].

 

قال الله -تعالى-: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)[آل عمران: 38].

 

فجاءه الجواب على الفور: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً)[مريم: 7].

 

لماذا هذا؟ وكيف حصل؟!

 

لا تسل، وحسبك أن تقول: إنه عرف الله في الرخاء، فعرفه الله في حال الشدة والكرب والحاجة، وصدق رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

أيها المسلمون: وأما خبر الثلاثة من بني إسرائيل الذين قص النبي -صلى الله عليه وسلم- قصتهم، وأخبر خبرهم، فمشهورة معروفة، يوم أن آواهم المبيت إلى غار، فتدهدهت عليهم صخرة عظيمة، أغلقت عليهم فم الغار، فإذا الغار صندوق مغلق محكم الإغلاق، مقفل موثق الإقفال، إن نادوا فلن يسمع نداؤهم، وإن استنجدوا فلا أحد ينجدهم، وإن دفعوا فسواعدهم أضعف وأعجز من أن تدفع صخرة عظيمة سدت باب هذا الغار، وكانت كربة، وكانت شدة، فلم يجدوا وسيلة يتوسلون بها في هذه الشدة إلا أن يتذكروا معاملتهم في الرخاء، فدعوا الله في الشدة بصالح أعمالهم في الرخاء.

 

فدعا أولهم ببره لوالديه، يوم أتى فوجدهما نائمين، وطعامهما قدح من لبن في يده، وصبيته يتضاغون من الجوع، وكان بين خيارين إما أن يوقظ الوالدين من النوم، وإما أن يطعم الصبية! فلم يختر أياً من هذين الخيارين، ولكن اختار خياراً ثالثاً وهو أن يقف والقدح على يده، والصبية يتضاغون عند قدميه، ينتظر استيقاظ الوالدين الكبيرين، والوالدان يغطان في نوم عميق، حتى انبلج الصبح، وأسفر الفجر فاستيقظا، فبدأ بهما وأعرض عن حنان الأبوة، وقدم عليه حنان البنوة على الأبوة، فشرب أبواه، وانتظر بنوه، ثم قال: "اللهم إن كنتَ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه".

 

ثم دعا الآخر، فتوسل إلى الله بخشيته لله، ومراقبته يوم أن قدر على المعصية، وتمكن من الفاحشة، ووصل إلى أحب الناس إليه، ابنة عمه، بعد أن اشتاق إليها طويلاً وراودها كثيراً، وحاول فأعيته المحاولة، حتى إذا أمكنته الفرصة، واستطاع أن يصل إلى شهوتَه، وينال لذتَه، خاطبت فيه تلك المرأة مراقبة الله، فقالت: "اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه".

 

فارتعد القلب، واقشعر الجلد، ووجفت النفس، وتذكر مراقبة الله -تعالى- فوقه، فقام عنها، وهي أحب الناس إليه، وترك المال الذي أعطاها، وقال: "اللهم إن كنتَ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه".

 

ودعا الثالث، فتوسل بعمل صالح قرّبه، وهو الصدق والأمانة، حيث استأجر أجراء فأعطاهم أجرهم، وبقي واحد لم يأخذ أجره، فنمّاه وضارب فيه، فإذا عبيد وماشية وثمر، ثم جاء الأجير بعد زمن طويل، يقول: أعطني حقي، لقد كان يستطيع أن يقول: هذا حقك أصوعٌ من طعام، ولكنه كان أميناً غاية الأمانة، نزيهاً غاية النـزاهة، فقال: حقك ما تراه، كل هذا الرقيق، وكل هذه الماشية، كلها لك، فكانت مفاجأة لم يستوعبها عقل هذا الأجير الفقير، فقال: "اتق الله ولا تستهزئ بي" فقال: يا عبد الله إني لا أستهزئ بك، إن هذا كله لك، فاستاقه جميعاً، ولم يترك له شيئاً، فقال: "اللهم إن كنتَ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه".

 

وتنامت دعواتهم، وتنامت مناجاتهم، فإذا الشدة تُفرَج، والضيق يتسع، وإذا النور يشع من جديد، فيخرجون من الغار يمشون، لقد صدق رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

أيها المسلمون: وكما أن الله كشف عن الأفراد والمجتمعات السابقة كروب وشدائد؛ لأنهم عرفوا الله في الرخاء، فكذا يفرّج الله عن هذه الأمة أفراداً ومجتمعات كروب، وينفس عنهم شدائد، إذا عرفوه في الرخاء؛ لكن أين نحن من التعرف إلى الله في الرخاء؟!

 

ماذا قدمنا من طاعات؟ وماذا قدمنا من أعمال؟ أفراداً ومجتمعات، حال الرخاء، حتى ينفّس الله عنّا حال الشدة؟.

 

لنسأل أنفسنا: أيها أكثر عدداً الطاعات أم المعاصي؟ أيها أكثر عدداً في مجتمعاتنا المعروف أم المنكر؟

 

أيها المسلمون: أما طاف الأحزاب بالمدينة وهم عشرة آلاف، والمسلمون ثلاثة آلاف؟ وكانت شدة، فرجها الله عن قوم عرفوه في الرخاء، فأرسل الله الريح فاقتلعت الخيام، وكفأت القدور، وإذا بالجيش يرتحل من غير نزال ولا قتال.

 

أمَا نزل التتار حول دمشق فطوقوها كما يطوق اللجام رأس الفرس؟ فما خرج إليهم جيش، ولا احتشدت أمامهم حشود الجنود، ولكن أنزل الله الجليد، وكثر عليهم الثلج، وكأنما يقول لهم: (لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا)[الأحزاب: 13]؟

 

أيها المسلمون: إن الأمة اليوم تعيش شدة ما بعدها شدة، الشدة والكرب تدكها دكاً، وهي اليوم تدفع الثمن باهظاً، ثمن غفلة طويلة ونسيان لله، وطول صدود عنه، فها نحن ندعو في الشدة، وندعو في الشدة، وندعو في الشدة، ولكن لا جواب، والسبب: التفريط الطويل الذي مارسناه أفراداً ومجتمعات في الرخاء، وسنة الله -جل وتعالى- لا تتغير، ولا تتبدل، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً.

 

والسنة تقول: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

وأنت -يا عبد الله-: تمر بك شدائد وكروب، مادية ومعنوية، شدة وكرب في صحتك وجسدك، وشدة في أهلك وولدك، وشدة في مستقبلك وحياتك، وشدة في عملك ورزقك فماذا قدمت في حال الرخاء؟ وهل عرفت الله حق المعرفة كما يريد هو سبحانه في الرخاء ليعرفك في الشدة؟.

 

هل أنت مقيم على الطاعة والعبادة والاستقامة في الرخاء؟ أم أنك تقدم رجلاً وتأخر أخرى؟ وربما تتنكب الطريق أحياناً؟ فكيف تريد أن يتيسر أمورك؟ وكيف تريد أن تحل مشاكلك؟ وأنت لم تعرفك ربك في الرخاء؟!.

 

لقد صدق رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة".

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بهدي سيد المرسلين.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: إن الشدائد في طريقنا لن تخطئنا، ولن نخطئها، وإن خير ما نَلقى به هذه الشدائد معرفة الله في الرخاء، فالصحة رخاء، والشباب رخاء، والمال رخاء، والأمن رخاء، والفراغ رخاء والقوة رخاء، فهل عرفنا الله في هذا الرخاء؟.

 

وأما الشدائد، فقد تخطئنا شدة الفقر فلا نفتقر، وقد تخطئنا شدة المرض فلا نمرض، ولكن لن تخطئنا الشدة التي لا أشد منها، هل تعلمون ما هو -يا عباد الله-؟

 

إنه شدة الموت!.

 

وهل هناك شدة أقسى منه؟ وهل هناك كرب أعظم منه؟

 

ولكنها شدة تُفرج بمعرفة الله في الرخاء، وإن ربنا أكرم وأرحم وأبر من أن يخذل عبداً عند ذل ذلك المصرع، وهو قد تعرّف عليه حال الرخاء: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)[فصلت: 30 - 32].

 

أيها المسلمون: أمامنا شدة لن تخطئنا ولن نخطئها، أمامنا شدة القبر، وأمامنا شدة الحشر، وأمامنا شدة العرض، وأمامنا شدة المنقلب إما إلى جنة، وإما إلى نار، هذه شدائد نحن أحوج ما يكون إلى أن يعرفنا الله فيها.

 

إن من عرف الله في الرخاء دخل الجنة -إن شاء الله-، ويقول عند دخولها: (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)[الطور: 28].

 

أما المعرضون عن ربهم في الرخاء، فيُعرضون على النار، ويقال لهم: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ)[الأحقاف: 20].

 

فيا عبد الله: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله عليك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكرهه خيراً كثيراً، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا".

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا ...

 

 

المرفقات

إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات